شاعر الطفولة سليمان العيسى
This browser does not support the video element.
من هو سليمان العيسى
هو سليمان أحمد العيسى أحد أبرز الشعراء المعاصرين في الوطن العربي. له الفضل في نشوء وتربية أجيال عديدة، بفضل أشعاره السهلة الجزلة والبسيطة، فكانت كلماته تلامس قلوب الأطفال وعقولهم، لأنها مليئة بالقيم والعواطف الهادفة إلى تنمية القدرات العقلية والفكرية للأجيال القادمة. كان الشاعر سليمان العيسى يرى أن هؤلاء الأطفال هم الأمل الكبير الواعد، من أجل بناء الوطن والمجتمع الذي تسمو إليه النفوس الراقية، فهو يعتبر الأطفال هم الخلاص الوحيد للأمة العربية للخروج نحو المستقبل المشرق.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
مولده ونشأته
ولد الشاعر سليمان العيسى في عام 1921 في قرية النعيرية غربي مدينة أنطاكية في لواء اسكندرون المحتل الذي كان في تلك الفترة لا يزال تابعًا رسميًا للجمهورية العربية السورية. وتلقى تعليمه على يد والده الشيخ أحمد العيسى، فحفظ القرآن والمعلقات وديوان المتنبي وآلاف الأبيات من الشعر، فوفر ذلك له الفرصة لكي يبدأ محاولاته الشعرية مبكرًا وهو في سن التاسعة أو العاشرة من عمره، بدأ سليمان العيسى مسيرته في كتابة الشعر في سن مبكرة من عمره حيث كتب أول قصائده ليصف حياة الفلاحين الشاقة في قريته. وكان يلقى التشجيع من أبوه الذي أنشأ كتّاباً لتعليم الأطفال في القرية، وهذا ما جعله يعيد المحاولة تكراراً ومرراً، وأخذ يجمع بعناية ما ينظمه ويكتبه، ليشكل ديواناً صغيراً. اشتهر سليمان العيسى منذ بداياته بشعره الوطني والقومي ومشاركته بقصائده في النضال ضد الانتداب الفرنسي على سوريا، كما كتب عن الشهداء والأرض والعمال والأم والربيع. وكان حلمه الكبير أن تتحد جميع الدول العربية في دولة واحدة كبيرة قوية، فقام بكتابة الكثير من الأشعار والقصائد التي تذكر الشعوب العربية بتاريخهم وأجدادهم الأبطال الذين قدموا الكثير من التضحيات وحققوا الانتصارات المذهلة التي ملأت التاريخ.
شاهد أيضاً: بدوي الجبل
درس سليمان العيسى المرحلة الابتدائية بمدينة أنطاكية، فوضعه مدير المدرسة فوراً في الصف الرابع لما وجد فيه من النبوغ وسرعة الفهم والإدراك، وعندما أصبح سليمان في الصف الخامس بدأت ثورة لواء اسكندرون تلتهب، فشارك سليمان في المظاهرات وحركات النضال التي نظمها أبناء اللواء. وعندما تم اقتطاع اللواء من جسد سورية سنة 1938م كان سليمان في المرحلة المتوسطة من دراسته، فقرر مع مجموعة من رفاقه مغادرة اللواء والاتجاه إلى حلب ومنها إلى حماة، وتابع دراسته الثانوية في مدارس مدينة حماة واللاذقية ودمشق. كما تعرض للسجن عدة مرات بسبب قصائده ومواقفه السياسية المناهضة للانتداب الفرنسي، وقد كتب قصيدة عبر فيها عن استيائه ومعاناته في السجن بعنوان (شاعر بين الجدران) في عام 1954 وتم طباعتها في بيروت.
درّس في دار المعلمين ببغداد، وكان من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية عام 1969 م. وفي عام 1967م انتقل الشاعر سليمان إلى دمشق وعمل موجهاً أول لمادة اللغة العربية في وزارة التربية بدمشق، وقدم الكثير من الخدمات للبرامج الدراسية وشارك في تأليف العديد من الكتب المدرسية. وانتقل إثر نكسة حزيران عام 1967م إلى كتابة شعر الأطفال، فقدم للأجيال مكتبة عامرة منوعة مليئة بالشعر والقصص والمسرحيات، وأطلق عليه لقب (شاعر العروبة والطفولة).
مؤلفاته وأعماله
لقد تطلع الشاعر سليمان لأن تكون أشعاره ذات آفاق تربوية، فكانت قصائده التي كتبها للأطفال والشباب تهدف إلى بناء جيل قوي متماسك يدافع عن حقوقه وأرضه، متأثراً بتجربته السياسية. ومن تلك القصائد نذكر: شاعر بين الجدران، ثائر من غفار، الدم والنجوم الخضر، رسائل مؤرقة، أزهار الضياع، أغنية في جزيرة السندباد، غنوا يا أطفال (هي مجموعة كاملة من عشرة أجزاء تضم كل الأناشيد التي كتبها الشاعر للأطفال)، وغيرها الكثير.
كما كتب العديد من المسرحيات الشعرية نذكر منها: إنسان، الإزار الجريح، المستقبل، وغيرها
وله مجموعة من الدواوين نذكر منها (ديوان الأطفال) الذي حفظ كثير من الأطفال العرب بعض قصائده. ففي هذا الديوان يخاطب الشاعر سليمان الأطفال بلغة الحب والطهر والبراءة، ونغمات الوفاء والعطاء. كما أنه حرص على استخدام الألفاظ السهلة اللطيفة الموحية الخفيفة، ذات الإيقاع السريع الذي جعل من تلك القصائد أناشيد مناسبة لغناء الصغار، كما اهتم الشاعر سليمان العيسى بالصورة الشعرية الجميلة التي يسهل ترسيخها وزرعها في ذهن الطفل، والتي استوحاها الشاعر من واقع الأطفال، ومن أحلامهم وآمالهم وآلامهم.
شاهد أيضاً: عمر أبو ريشة
وقد اهتم سليمان العيسى باليمن، فكتب الكثير من الأشعار الخاصة باليمن، التي صدرت في ديوان (اليمن في شعري) الذي ضم نصوصاً شعرية مختارة ومميزة اختارتها الدكتورة ملكة أبيض زوجة الشاعر وقامت بترجمتها إلى الفرنسية، وطبعت باللغتين العربية والفرنسية. وقد احتوى الكتاب على قسمين: يضم القسم الأول مجموعة من القصائد المختارة في 65 صفحة، ويحتوي القسم الثاني على الترجمة الفرنسية لتلك القصائد في 70 صفحة. أما كتاب (يمانيات) فهو ديوان شعري يضم أحدث ما كتبه سليمان العيسى عن اليمن، كتب في أكثر من 180 صفحة من الأبيات الشعرية تتوزع على 43 قصيدة، تكلم فيها سليمان العيسى عن الشعب اليمني وأرضه وتاريخه.
زواجه
تزوج سليمان العيسى من السيدة ملكة الأبيض وهي دكتورة في تاريخ التربية وأستاذة جامعية، وأنجب منها ثلاثة أطفال هم معن وغيلان وبادية. استمر زواجهما حتى وفاته في عام 2013 وقد عمل الشاعر سليمان العيسى مع زوجته ملكة الأبيض في ترجمة العديد من الأعمال الأدبية والتي كان أغلبها كتب أدبية جزائرية باللغة الفرنسية والإنكليزية.
شاهد أيضاً: محمد مهدي الجواهري
وفاته
توفي الشاعر الكبير شاعر الطفولة سليمان العيسى في التاسع من شهر أغسطس في عام 2013، عن عمر يناهز 92 عام في مدينة دمشق.