سوريا بعد عام من الزلزال .. الوضع لا يزال كارثيا

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: الثلاثاء، 06 فبراير 2024
مقالات ذات صلة
أصالة تعلن تبرعها لضحايا زلزال سوريا المدمر
الهلال يعلن التبرع لضحايا زلزال سوريا وتركيا
أكثر من 20 ألف قتيل إثر الزلزال المدمر في تركيا وسوريا

يصعب على الأم السورية مريم أبو عتبان تصديق أن عاما قد مر على زلزال السادس من فبراير/شباط عام 2023، الذي أثر كثيرا على حياتها؛ إذ مازالت الساعات الأولى للكارثة عالقة في الأذهان.

وفي مقابلة مع DW، قالت مريم ذات الـ42 ربيعا، والتي تعيش في بلدة جنديرس الصغيرة في شمال غربي سوريا: "بمجرد شروق شمس ذاك اليوم، اكتشفت أن نصف عائلتي قد مات. نحن نعيش الآن داخل خيمة على بعد أمتار قليلة من المكان الذي توفي فيه اثنان من أطفالي تحت أنقاض منزلنا".

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

وأضافت الأم الثكلى التي اغرورقت عيونها بالدموع: "رغب زوجي في الرحيل عن هذا المكان، لكني رفضت. فحيثما توجهنا، ستبقى صور أطفالنا أمام أعيننا".

وبحسب الأمم المتحدة، لقي ما لا يقل عن 6000 سوري حتفهم في الزلزال، لكن منظمات أخرى قدرت الحصيلة بأكثر من 8000 ضحية، فيما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وفاة أكثر من 10 آلاف.

الأسد واستغلال الكارثة

وتزامنت كارثة الزلزال مع استمرار الأزمة في سوريا، فبعد قرابة 13 عاما على بدئها، ها هي البلاد قد انقسمت إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام المدعوم من روسيا وإيران وميليشيات حليفة، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة جماعات معارضة: ميليشيات كردية وأخرى إسلامية تحظى بدعم أمريكي أو تركي.

وقد ساعدت حالة الانقسام السياسي الذي تئن تحت وطأتها سوريا في ترسيخ مكانة الأسد كزعيم للبلاد، إذ أصر لعدة أيام عقب كارثة الزلزال على ضرورة مرور كافة المساعدات الإنسانية حتى إلى مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد، عبر دمشق، بما في ذلك المساعدات الأممية والعربية أو الغربية.

نقص التمويل

ورغم ذلك، لم يتحسن الوضع قرب الحدود السورية-التركية حيث مازال الوضع "مدمرا" بحسب وصف مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية، جوليان بارنز ديسي.

وفي مقابلة مع DW، قال "بدلا من أن يطرأ أي تحسن على الوضع، سقطت سوريا من الاهتمام العالمي حيث نعاصر الآن نقصا حادا في التمويل."

بدورها، قالت هبة زيادين، باحثة أولى في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، إن الأزمات الإنسانية والاقتصادية في سوريا "تفاقمت بعد عام على الزلزال".

وأضافت في حديثها إلى DW أن العديد من المباني المتضررة مازالت على "حالها، فيما يأتي ذلك بالتزامن مع تضاءل التمويل المخصص لوكالات الأمم المتحدة رغم اعتماد الكثير من السكان بشكل شبه كامل على المساعدات من أجل البقاء".

ويبدو أن حديث هبة يتوافق مع معاناة الأب عبد الرزاق خالد الذي يعيش في جنديرس والذي فقد عشرة من أفراد أسرته بسبب الزلزال، فضلا عن تدمير منزله.

وبنبرة يعتصرها الأسى، قال عبد الرزاق "انقلبت حياتي رأسا على عقب. لم أتمكن من الحصول على خيمة، لذا اضطررت إلى اقتراض المال لشراء واحدة ولم يعوضني أحد حتى الآن".

وفي مقابلة مع DW، قال نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، ديفيد كاردن، إن نسبة التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية الخاصة بسوريا العام الماضي بلغت 38% "ما يمثل الانخفاض الأكبر منذ بداية الأزمة في عام 2011".

وأضاف "لقد تم إحراز تقدم منذ وقوع الزلازل، لكن خطة الاستجابة تعاني من نقص كبير في التمويل، ولا يمكننا فعل الكثير لأن الموارد ضئيلة. مازال يشعر السوريون بالتداعيات طويلة المدى لكارثة الزلازل بالإضافة إلى الأعمال العدائية النشطة والتدهور الاقتصادي وتفاقم أزمة نقص الغذاء".

وقد صنف برنامج الأغذية العالمي سوريا من بين الدول العشر الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم حيث يعاني حوالي 12.9 مليون سوري - أي أكثر من نصف السكان - من الجوع.

ورغم ذلك، أعلن برنامج الأغذية العالمي في يناير/كانون الثاني الماضي اعتزامه وقف مساعداته الغذائية في سوريا بسبب "أزمة نقص التمويل".

وقال بارنز ديسي إن معظم السوريين "يحاولون البقاء على قيد الحياة خاصة مع استمرار انهيار الدولة بما في ذلك عدم قدرة الحكومة على تقديم أي خدمات ذات مغزى أو تضاؤل احتمالات حدوث تحسن".

""
ولا تعد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في أحسن حال إذ أنها تعاني كحال مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد من وضع متدهور.

وهذا ما تشرحه وفاء مصطفى، الزميلة غير المقيمة في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن، إن الوضع في سوريا بعد عام على كارثة الزلزال أصبح"سيئا".

وتضيف، في حديثها مع DW: "ربما يكون الأمر عائدا بشكل مباشر إلى كارثة الزلزال، وربما لا، ولكنه بالتأكيد مرتبط بالتطورات السياسية ما بعد الزلزال".

ونتيجة للزلزال، عرضت العديد من الدول العربية حتى التي قطعت علاقاتها مع نظام الأسد عقب عام 2011، إرسال مساعدات إنسانية في خطوة مهدت الطريق أمام عودة سوريا إلى الجامعة العربية في مايو / أيار الماضي.

وبحسب التقديرات، فقد أدى قمع الاحتحاجات والحرب التي دخلت فيها البلاد بعدها إلى مقتل ما بين نصف مليون و650 ألف شخص، مع اتهام قوات الأسد بتنفيذ هجمات باستخدام قنابل حارقة بشكل متعمد، مع تقارير عن اختفاء الآلاف في سجون البلاد سيئة السمعة.

وفي هذا السياق، قال بارنز ديسي إن الوضع الحالي "يعطي الأسد فرصة للحفاظ على منصبه دون تعرضه للكثير من الضغوط حيث لا يوجد من يثير الاهتمام السياسي أو يقدم التمويل. انسلت جميع القضايا المرتبطة بالأزمة السورية من أيدينا".

وترى وفاء مصطفى أن "بشار الأسد لا يزال يتمتع بسياسة الإفلات من العقاب، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بمحاسبته على الجرائم التي حدثت في الماضي وإنما أيضا على الجرائم التي مازالت تُرتكب في مناطق سيطرته. ما تبقى من سوريا يحمل في طياته دلالة واضحة على الإفلات من العقاب الذي يتمتع به نظام الأسد، لكنه يكشف أيضا عن نظام عالمي مازال يخذل السوريين".

أعده للعربية: محمد فرحان