ستانيسلاف بتروف ضابط روسي منع حربا نووية مع أمريكا وتم تسريحه من العمل
في عام 1983 كان ضابطاً روسي يدعى ستانيسلاف بتروف على موعد مع التاريخ عندما منع ما توقعه المحللون وقتها بأنه احتمال اندلاع حربا نووية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والآن مع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ يوم الخميس 24 فبراير الجاري، فهل نجد من يمتلك القدرة على وقف النزاع الذي أثر على جميع أنحاء العالم سياسيا واقتصاديا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
روسيا تغزو أوكرانيا في 2022
بدأت الأزمة الروسية الأوكرانية مع اعتراف روسيا بجمهورية دونيتسك وجمهورية لوغانسك في أوكرانيا، وبعدها دخلت القوات المسلحة الروسية إلى منطقة دونباس في شرق أوكرانيا في 21 فبراير، ويوم 24 فبراير، بعد خطابٍ أعلن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عملية عسكرية بهدف «تجريد أوكرانيا من السلاح وإزالة أثر النازية منها»، بدأ القصف على مواقع في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك مناطق في العاصمة كييف.
ووضع الرئيس الروسي قوات الردع النووي في بلاده في حالة تأهب قصوى وسط رد فعل عالمي متزايد ضد الغزو، ورد الرئيس الأمريكي جو بايدن على هجوم الأسبوع الماضي، بالإعلان عن عدد من العقوبات التي تم فرضها على البنوك الروسية والديون السيادية للبلاد وعلى بوتين ووزير الخارجية "سيرجي لافروف".
من هو ستانيسلاف بتروف؟
ولد ستانيسلاف يفجرافوفيتش بتروف، في مدينة فلاديفوستوك، بروسيا عام 1939 وعمل في قوات الدفاع الجوي السوفيتية حتى تقاعده أو بالأدق تسريحه من الخدمة.
كيف منع ستانيسلاف بتروف حرب عالمية نووية؟
في 26 سبتمبر، 1983، بعد 3 أسابيع من إسقاط الجيش السوفيتي لإحدى طائرات الخطوط الجوية، كان بتروف ضابط المناوبة في مركز قيادة تابع لمنظومة "أوكا" للإنذار المبكر، وأطلق النظام إشارة تحذير من 5 صواريخ أمريكية موجهة للأراضي الروسية.
دراسة ستانيسلاف بتروف جعلته يتوخى الحذر ويفكر قبل إطلاق نظام التحذير الروسي الذي كان سيؤدي إلى هجوم نووي روسي على الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وبالفعل اتضح أن الإنذار كان كاذبا ونظام التحذير المبكر المرتبط بالأقمار الصناعية كان قد تعطل.
خلفية الأزمة بين روسيا وأمريكا
في سبتمبر 1983 قام الطيران السوفيتي عن طريق الخطأ بتفجير طائرة كورية مدنية، بسبب الاعتقاد بأنها طائرة عسكرية تهاج الأراضي السوفيتية ونتج عن القصف قتل 269 مدنيا منهم أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، مما أدى لتفجير الوضع بين روسيا وأمريكا وسط توقعات بهجمات انتقامية من الولايات المتحدة، وبالفعل كان الإنذار الكاذب الذي منعه ستانيسلاف بتروف.
لماذا لم يضغط ستانيسلاف بتروف على الزر النووي؟
قال ستانيسلاف بتروف إن الجهاز كان يعطى إنذارا بانطلاق 5 صواريخ من أمريكا باتجاه الاتحاد السوفيتي، وكان دوره هو الضغط على الزر الأحمر ليدشن حربا عالمية، وكان بتروف هو الضابط الوحيد من أفراد فريقه الذي تلقى تعليما مدنيا وسط مجموعة من العسكريين الذين كانوا سيضغطون الزر الأحمر لو كانوا في موقعه.
واعتقد ستانيسلاف بتروف أنه من الصعب أن تكتفي الولايات المتحدة بخمسة صواريخ في هجوم واحد فقط وأن الهجوم يجب أن يكون شاملا واستباقيا لذا اعتقد أن نظام الإنذار قد تعطل وقرر مراجعة معلومات الرادار بدقة أكبر، ولكنه لم يجد دليلا واضحا على وجود خلل مما يعني أنه يجب عليه الضغط على زر رد الفعل.
وقال بتروف: "لمدة 15 ثانية، كنا في حالة صدمة، ولقد كنا بحاجة أن نفهم، ماذا بعد؟"، ليتخذ قراره المصيري بأن لا يضغط على الزر رد الفعل باتباع حدسه وتخميناته ذات الخلفية المدنية، وبالفعل كان الإنذار كاذبا وأنقذ بتروف العالم من حرب نووية.
وكشفت التحقيقات الروسية أن قمرا صناعيا روسيا رصد ضوء الشمس المنعكس على بعض السحب، وأشار بالخطأ إلى أنه محركات لصواريخ باليستية عابرة للقارات.
كيف تم اكتشاف حكاية ستانيسلاف بتروف؟
قال ستانيسلاف بتروف إنه بعد أيام من الواقعة صدر قرار رسمي بتسريحه من الخدمة، ولكنه لم يتحدث عن الواقعة لمدة 10 سنوات بسبب اعتقاده أن الأمر مضر بسمعة الجيش السوفييتي، ولكن نشرت القصة في الصحف، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
كيف تلقى العالم حكاية ستانيسلاف بتروف؟
بعد انتشار حكاية الحرب النووية التي لم تقع تم منح ستانيسلاف بتروف عددا من الجوائز العالمية، رغم أنه لا يعتبر ما قام به عملا بطوليا، وقال: "تلك كانت وظيفتي، لقد كانوا محظوظين لأنني كنت في تلك الدورية دون غيري من الزملاء."
الجوائز التي حصل عليها ستانيسلاف بتروف
منحت جمعية مواطني العالم في سان فرانسيسكو، جائزتها للمواطن العالمي إلى ستانيسلاف بتروف، كما تم تكريمه في اجتماع في الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، وحصل على جائزة دريسدن للسلام في ألمانيا عام 2013، وجائزة الإعلام الألماني لعام 2011، وتم تكريمه بعد وفاته في نيويورك بجائزة مستقبل الحياة.
حياة بتروف بعد تركه الخدمة في الجيش
بعد تسريحه من الخدمة التحق ستانيسلاف بتروف بوظيفة في معهد الأبحاث، الذي قام بتطوير نظام الإنذار المبكر في الاتحاد السوفيتي، وتقاعد بعدها لرعاية زوجته التي أصيبت بالسرطان، وتوفي بيتروف في 19 مايو 2017 بسبب الالتهاب الرئوي الوريدي، عن عمر يناهر 77 عاما.
جانب أخر لقصة ستانيسلاف بتروف
هناك من يرى أن ما قام به ستانيسلاف بتروف، لم يمنع حربا نووية وأن قرار الردع النووي يحتاج لإجراءات معقدة، حيث قال بافوت بودفيغ، أحد خبراء الشأن النووي الروسي لموقع "بيزنس إنسايدر"، إن ما فعله بتروف كان شجاعاً، لكن ليس من المؤكد أنه منع حرباً نووية، حيث توجد درجات وظيفية أخرى أعلى من ستانيسلاف بتروف في البرنامج النووي للاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.
وأضاف بودفيغ: "كان الإجراء السوفيتي المتبع في هذا الوقت هو عدم إطلاق الإنذار، وإنما الانتظار والمراقبة، مع إرسال أمر تمهيدي للقوات النووية للاستعداد، وبالفعل كان قرار بتروف صائبا ويستحق الإشادة لكن توقعات حدوث حرب نووية قد تكون مستبعدة".