حملة أوروبية لمكافحة خطاب الكراهية وتفنيد الأكاذيب حول المهاجرين
خطاب الكراهية ضد الأجانب ليس جديداً على أوروبا، بيد أن الجديد هو سرعة تلقي الكثيرين له. قبل حوالي أسبوعين من الانتخابات الأوروبية، لفت زعماء ومسؤولين عالميين النظر إلى خطورة الكراهية والتعصب الأعمى في الخطاب. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصفها بأنها "السم الموجه لأي شخص يمكن أن نعتبره الآخر".
"
المذابح الكبرى تبدأ باللغة
"
لا تعريف واحد لخطاب الكراهية. حسب "مجلس أوروبا"، فإن خطاب الكراهية "يشمل كل أشكال التعبير التي تنشر وتحرض وتبرر الكراهية العرقية أو كراهية الأجانب أو معاداة السامية أو الأشكال الأخرى للكراهية القائمة على عدم القبول بالآخر والتي تشمل هنا القومية المبينة على العنف والمركزية العرقية ومعاداة الأقليات والمهاجرين وذوي الأصول المهاجرة".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أظهر التاريخ أن خطاب الكراهية والجرائم ضد الأجانب مترابطان. مستشار الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، أداما دينج، قال مؤخراً في جنيف إن "الهولوكوست النازي سُبق بخطاب الكراهية وجرائم الكراهية". وحدث نفس الشيء في راوندا عام 1994، حيث تم نعت المنحدرين من العرق التوسي بـ "الأفاعي". ويضيف المسؤول الأممي: "بدأ الأمر على تلك الشاكلة وما نشهده اليوم أمر قريب جداً لما حدث. المذابح الكبرى تبدأ بأفعال صغيرة وباللغة".
أتاح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للخطاب التحريضي وصولا أكبر للجمهور. يقول منسق الاتصال في "مجلس كويكر للشؤون الأوروبية"، مارتن لينج: "استخدام اسم مستعار جعل التعليقات أكثر عدوانية ما أسفر عن تبعات عنيفة ضد المهاجرين". وأظهرت دراسة ألمانية وجود علاقة بين التعليقات المعادية للمهاجرين على الفيسبوك والاعتداءات ضد الأجانب كالهجمات على نُزل اللاجئين والنساء المرتديات رموزاً دينية.
الحظر هو الحل؟
تظهر الإحصائيات الأوروبية عن المهاجرين أن أعمال التمييز العنصري تزداد باضطراد. وكنتيجة لذلك اتخذت بعض الحكومات خطوات لتشديد القوانين والتشريعات وقامت بعض المؤسسات بتشديد الإجراءات وقواعد السلوك لمكافحة خطاب الكراهية.
ومرة أخرى يأتي دور الإنترنت. متابعة التعليقات وحذفها يتطلب موارد ضخمة لا قدرة للكثير من المؤسسات عليها. كما أن اللوغارتيمات (الخوارزميات) غير متطورة بما فيه الكفاية لتقوم بنفسها بفلترة التعليقات المسيئة والعنصرية، وخاصة عندما يصعب التميز بين النقد المشروع لسياسة الهجرة وخطاب الكراهية الذي يستهدف المهاجرين.
كما يساور البعض القلق من أن القيام بأي خطوات لمواجهة خطاب الكراهية، له مخاطر على حرية التعبير. ما يعني أن هذه الخطوات ربما تكون منافية للديمقراطية ويمكن استخدامها كذريعة لإسكات الأصوات المنتقدة.
حملة لتفنيد الأساطير
"حذف تعليق عنصري لا يجعل صاحبه أقل عنصرية، ولكن الدخول في نقاش معه بطريقة بناءة هو السبيل لتغير رأيه"، يقول مارتن لينج. وانطلاقاً من وجهة النظر تلك، أطلق "مجلس كويكر للشؤون الأوروبية" الحملة الإلكترونية #chooserespect "اختر الاحترام". تهدف هذه الحملة إلى تبدد الأساطير المتعلقة بالمهاجرين وتزود الناس بأدوات لتطوير سرديات مضادة لتلك الأساطير. يرى لينج أنه لا بد من الانخراط مع الناس عبر الإنترنت كما في العالم الحقيقي، وذلك لكسب ما دعاه "المعركة الأخلاقية".
وتستهدف حملة "اختر الاحترام" مستخدمي وسائل التواصل، مستخدمة لغة بسيطة لتفنيد مقولات وادعاءات العنصريين. وتزود الحملة المستخدمين بتقارير وبيانات من مؤسسات ومصادر تتمتع بالمصداقية كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. كما يقوم حساب تويتر الخاص بالحملة بالرد على تغريدات مرشحي الانتخابات الأوروبية المقبلة بطريقة مؤدبة ومنطقية.
هل ستؤتي أكلها؟
يقول "مجلس كويكر للشؤون الأوروبية" أن الحملة نجحت في السويد، حيث قام الألاف من أعضاء المجموعة الافتراضية بالرد على التعليقات العنصرية وخطاب الكراهية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي بالحقائق والأرقام.
ولكن يبقى السؤال: هل بوسع الحقائق والأرقام منافسة التعليقات المشحونة عاطفياً؟ مارتن لينج يجيب على ذلك: "دروس السياسة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة على مدار الخمس سنوات الماضية أظهرت أن الحقائق تحدث فرقاً"، مشدداً على أن إصلاح ما يفسده العنصريون أمر جوهري لمستقبل الديمقراطية.
ترمي الحملة للحيلولة دون وصول مرشحين معادين للأجانب للبرلمان الأوروبي. النتيجة ستكشف عن نفسها بعد أقل من أسبوعين. بيد أن مارتن لينج واثق من أن الحملة وصلت لشريحة كبيرة من الناس بحيث أحدثت فرقاً لا يستهان به في طريقة تفكيرهم.
ماريون ماكغريغور/ خ.س
المصدر: