حمزة شكور: شيخ المنشدين الذي أثر على أذان مستمعيه
"يا من يراني في علاه ولا أراه
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يا من يجير المستجير إذا دعاه
يا من يجود على العباد بفضله
جل القدير وجل ما صنعت يداه"
توزعت رحلته بين الغناء والإنشاد والتلاوة القرآنية، فلُقب بشيخ المنشدين لصوته العذب، فأصبح منشداً في الجامع الأموي الكبير بدمشق، هذا بجانب رئاسته رابطة المنشدين في سوريا، وقيل إن في فترة رئاسته وصلت الرابطة إلى أفضل حالاتها؛ فقد طورها وانطلق بها إلى خارج حدود سوريا، فأحيت أمسيات الإنشاد الديني في العديد من الدول العربية والأجنبية، وشارك في عدة مهرجانات دولية.. إنه الشيخ حمزة شكور.
مولده ونشأته
ولد حمزة شكور في عام 1944 في حي بسيط يدعى القابون في دمشق العاصمة السورية، وكان والده مؤذناً في جامع الحي الكبير في دمشق، فكان يصطحبه معه إلى الجامع، كما أنهما كانا يترددان معاً على الزوايا الصوفية.
تعلم الأذان في العاشرة من عمره، وكان يشارك في إحياء المناسبات الاجتماعية والدينية.
تتلمذ على يد الشيخ محمد حمزة القابوني فتعلم التجويد واللغة العربية وفنون الشعر وطريقة الارتجال، ثم انتقل إلى فرقة الشيخ العلامة (سعيد فرحات)، فساهم ذلك في إثرائه بفنون الإنشاد ومدارسه وتعلم أصول الغناء والتأليف الموسيقي.
شاهد أيضاً: أشهر أدعية وتواشيح شهر رمضان الدينية
نقطة التحول في حياته
وفي عام 1983، تعاون مع (فرقة الكندي) التي أسسها الفنان الفرنسي جوليان فايس.. من هنا كانت نقطة تحول؛ حيث إنه استطاع أن ينقل هذا النوع من الموسيقى إلى أوروبا وأمريكا.
تخصصت الفرقة بالموسيقى الشعبية من منطقة الأندلس العربية، ومن تراثها قدم أغنيات تتناول موضوعات دينية ودنيوية. فكان يعتمد طريقة تقليدية في الأداء. أما شريكه فايس فقد زود الفرقة بتخت عربي، ضم آلات موسيقية عربية أصيلة مثل العود والناي والقانون بجانب آلات الإيقاع المختلفة.
استطاع فايس أن يختار أغنيات ذات إيقاعات وأنغام ثرية متعددة كانت تتيح لحمزة شكور أن يبرز من خلالها قدرته على الارتجال الموسيقي. ونجحت الفرقة في إبراز الوحدة الموسيقية للأغاني الشعبية.
أصبح من أشهر المنشدين في العالم
كان شكور يستمد فطرته الموسيقية من الطاقة الروحية التي كانت تجذب المستمعين إلى تراث الصوفية الزاهد؛ فعندما يبدأ إنشاده يذهب بالمستمعين إلى حالة شبيهة بالوجد الإلهي. أما صوته العريض القوي والعذب فقد جعله واحداً من أشهر المنشدين في العالم العربي.
لم يجد شكور قراءة النوتة الموسيقية، لكنه كان يستطيع أن يؤدي الأناشيد التي كانت نصوصها وأنغامها محفورة في ذاكرته حفرا، وكان بمقدوره أن يمثل مقابلاً لفرقة أوركسترا كاملة، وأن يملأ المكان كله بصوته القوي العذب.
أثر على أذان مستمعيه
قام الشيخ شكور بدراسة التراث الموسيقي الروحي في الإسلام، وسرعان ما أصبح مطرباً معروفاً مؤثراً على أذان مستمعيه، كما ذاعت شهرته عندما قام بتسجيل عدد كبير من الأناشيد الدينية للإذاعة.
التحق بعد ذلك الشيخ شكور برابطة المنشدين في الجامع الأموي الكبير بدمشق، وهو من أهم الأماكن المقدسة في الدول الإسلامية، وكانت الفرقة تضم أهم المنشدين مثل توفيق المنجد، وسليمان داوود.
وفي عام 2002، أصبح شكور رئيس الرابطة بعد رحيل أستاذه "سعيد فرحات"، وكان يقود فرقته في المناسبات الدينية الرسمية، وهو ما جعل شهرته تترسخ في سوريا.
تأثره بطائفة المولوية
كان الشيخ شكور متأثراً بطائفة المولوية، أو “الدراويش الراقصين”، و كان يسعى إلى الحفاظ على تراثهم ومواصلته. وقد اشتهرت هذه الجماعة برقصاتها الدينية التي تعتبر رمز التصوف الشرقي.
وكان يختار من التراث الديني أناشيد الذكر وأغاني مولد النبي وينشدها في المعتاد بصحبة جوقة موسيقية, كان إنشاده مؤثراً في النفس تأثيراً عظيماً. كان استخدامه للإيقاعات الموسيقية يتم بعبقرية فنية. وهذا ما جعل جمهور المستمعين يلتفون حوله شيئاً فشيئاً مستمتعين بحالة الوجد يسبحون في تأمل عميق.
شاهد أيضاً: أدعية وطقوس وشعائر رمضان من زمان إلى اليوم
برع في الارتجال
كان الشيخ شكور بارعاً في الارتجال، يتفنن في غناء الموشحات والمواويل والليالي، وكان من القلائل الذين أتقنوا قواعد الطرب العربي الأصيل، وكان يستطيع بحدسه الموسيقي تقديم الموشحات والأغاني التي تتلاءم مع الحالة الوجدانية التي يعيشها جمهوره، وبذلك كان يزيد حماس الجمهور ليجعله سابحاً في ملكوته.
وفاته
في الرابع من شهر فبراير عام 2009، رحل الشيخ حمزة شكور تاركاً تراثاً غنياً بعبقريته وصوته الأصيل.
والآن نستمع إلى عذوبة وأصالة الشيخ حمزة شكور.