حقوقيون من بلدان عربية.. محامون مع وقف التنفيذ في ألمانيا
وصلوا عن طريق الهجرة أو اللجوء إلى ألمانيا، حيث القوانين تختلف كليا عن البلدان التي حصلوا منها على شهاداتهم في نفس التخصص. بعضهم يصطدم بالواقع ويختار البحث عن عمل في مجال آخر، فيما يصر آخرون على سلك طرق أخرى منها البحث عن تعديل شهاداتهم والالتحاق بالجامعات الألمانية. وهو الطريق الذي اختار أن يسلكه أيضاً، معاذ من تونس الذي يعيش في ألمانيا منذ ثلاث سنوات.
درس معاذ السنوات الأولى بتونس في جامعة قرطاج، ومن ثم عن طريق برنامج التبادل الطلابي بين تونس و المغرب توجه الطالب التونسي إلى المغرب و تحصل من هناك على الإجازة والماستر في القانون.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
حاجز "متين" أمام الحقوقيين
وعن الصعوبات التي واجته خلال محاولاته وضع موطئ قدم له في ألمانيا، عن طريق تعديل شهادته الجامعية أو الالتحاق بأحد برامج الماستر للحقوق، تحدث معاذ لـ DW عربية عن ذلك قائلاً:" من أهم المشاكل التي واجهتها منذ قدومي إلى المانيا هو عدم وجود مسطرة او اجراءات محددةً للقيام بالمعادلة أو الاعتراف، ومن أسباب ذلك أن أصحاب شهادات الحقوق لا يندرجون ضمن المهن الغير المنظمة".
وأضاف معاذ :" على الرغم من أن هنالك قائمة محددة بالجامعات المعترف بها في المانيا إلا ان ذلك ليس له قيمة. حتى أنني حاولت التسجيل بالعديد من برامج الماستر في القانون، ولم أتوصل بالرد من أي منها لحد الآن. هنالك فقط برنامج ماستر مخصص لحاملي شهادات القانون من خارج ألمانيا يتطلب مستوى عالي من اللغة الألمانية C1".
الخيارات للاعتراف المهني بالقبول في التدريب بالمجال الحقوقي في ألمانياغير متاحة للخرجين من دول العالم الثالث وفق النظام القضاء الألماني( DRiG) أو القانون المنظم لنشاط المحامين الأوروبيين في ألمانيا (EuRAG). هنا لا يمكن مزاولة مهنة المحاماة إلا من خلال الحصول على درجة جديدة في القانون من خلال اجتياز ما يعرف بـ "امتحان الدولة" في ألمانيا. وهذا طريق لا تسلكه سوى القلة القليلة من المهاجرين واللاجئين من بلدان عربية بسبب طول سنوات الدراسة وصعوبة لغة القانون الألماني.
وهذا ما تدل عليه تجرية اللاجئ السوري، السيد عدنان سرسب، الذي تمكن من الحصول عل اعتراف "إداري" بحمله درجة جامعية في الحقوق، لكن حاجز اللغة كان "عاليا" كما يقول في حديثه لـ DW عربية، مضيفا: "هذه المهنة بالأخص تحتاج للغة ألمانية متقنة".
لحظة الاصطدام بالواقع!
مع موجة اللاجئين وصل العديد من المحامين والقضاة السوريين إلى ألمانيا، ومنهم السيد عدنان سرسب عام 2016 والذي يعمل حاليا في محطة وقود بعد 15 عاماَ قضاها في ممارسة مهنة المحاماة في بلده سوريا. ويؤكد عدنان على أن "اللغة تأتى في المرتبة الأولى على رأس قائمة الصعوبات وتليها العلاقات الاجتماعية و كذلك الوضع المادي المستقر إلى حين أن ينتشر اسم المحامي".
بعد حصوله على شهادة اللغة الألمانية في مستوى C1، تدرب اللاجئ السوري بأحد مكاتب المحاماة بمدينة فرانكفورت، وخلفت هذه التجربة تأثيراً بالغاً على نفسيته، كما ذكر: "الحقيقة انصدمت و مرضت و أدركت أنه من المستحيل أن يسعفني العمر للعمل بشهادتي، ولهذا عدلت عن الفكرة من الأساس". ويرى عدنان أن" المصطلحات القانونية كثيرة و صعبة ولا يستطيع المرء الإلمام بها حتى لو خصص الوقت وحاول حفظها عن ظهر قلب. لا نستطيع فهم روح اللغة الالمانية، إذ لكل لغة كلام ظاهر وكذلك معنى ضمني يفهمه فقط أهلها". وشبه ذلك بـ "قراءة رواية ألمانية وفهم جزء كبير من كلماتها، لكن دون المعنى العام".
يتعامل يان كروس، مدير مركز العلاقات الدولية في كلية الحقوق في كولونيا (ZIB)، مع طلاب من أصل غير ألماني ومشكلاتهم بشكل يومي. وعن الصعوبات التي عادة ما تواجه الطلبة الأجانب في دراسة الحقوق في ألمانيا، قال في حوار له نقلاً عن المجلة الألمانية المتخصصة في دراسة الحقوق iurratio: "الطالب الأجنبي يجد نفسه تحت ضغط مختلف تماماًً عن الضغط الذي قد يتشكل لدى المتحدث الأصلي للغة الألمانية. فحل أسئلة اختبار قانوني في ألمانيا يتطلب مهارات لغوية جيدة للغاية حتى يتمكن الطالب من التعامل مع ضغط الوقت والكم الهائل من المواد الدراسية. إن عدم التمكن من اللغة يؤدي إلى إهدار الوقت وصعوبة التعامل مع حل القضايا القانونية الألمانية".
ويشير كروس إلى أن "معظم هؤلاء الطلبة يعانون من مشاكل في أسلوب التفكير وصعوبة في حل القضية القانونية. مع ذلك لا يقصد كثيرون مكاتب الاستشارة إلا في منتصف الفصل الأول أو بداية الفصل الدراسي الثاني".
فرص أخرى للاندماج
الإحجام عن طلب المساعدة مرتفع على ما يبدو، وفق كروس الذي يضيف بالقول: "نحاول التغلب عل هذه المشكلة أيضاً من خلال فعاليات الترحيب والمعلومات غير الرسمية التي يقدمها موظفينا من الطلاب. أعتقد أننا نقوم بذلك بشكل جيد حتى الآن. وبهذه الطريقة، يمكن للطلاب الأجانب أن يدركوا أننا نعرف المشكلات التي يواجهونها وأنهم بالتالي مرحب بهم دائماً للاتصال بنا".
من الأشخاص الذين حققوا تقدما نحو هدفهم، وأصروا على الاندماج في سوق العمل في ألمانيا، اللاجئ السوري، تامر شامي. فقد عمل شامي في مهنة المحاماة في سوريا من عام 2009 إلى عام 2017. وتمكن بعد ذلك من تعديل شهادته الجامعية والاعتراف بها.
راسل العديد من المحامين للتدريب لديهم، لكنه لم يحصل على الرد الإيجابي وتيقن وقتها أن الطريق مازال صعباً أمامه وأنه يلزمه شهادة جامعية ألمانية في القانون أو من أي بلد آخر من الإتحاد الأوروبي. وعن تجربته وإصراره على الإندماج في البلد المضيف قال في حديثه لـ DW عربية: "القوانين السورية والعربية بشكل عام بعيدة كل البعد عن القوانين الألمانية والأوروبية. ولهذا اتجهت بعد ذلك إلى التخصص والتدريب في مجال المساعدة الإجتماعية. وأنجزت تقدماً جيداً بهذا المجال".
من خلال تجربته ينصح شامي اللاجئين و المهاجرين الذين يحلمون شهادات في الحقوق من بلدانهم، ويرغبون في الاندماج بما يعرف بـ "تبديل المسار المهني" في ألمانيا الذي لا يتطلب من الشخص ثلاث سنوات مثل التدريب العادي. ويرى فيه فرصة للمحامين القادمين من بلدان عربية، خاصة لمن وصلوا وهم في أعمار متقدمة ولا يستطيعون البدء بدراسة القانون من الصفر".
بدائل للعمل في القانون
إذا كنت مهاجرا أو لاجئا في ألمانيا و تحمل درجة علمية في تخصص الحقوق من إحدى البلدان العربية أو المصنفة ضمن ما يعرف بـ "الدول الثالثة"، لا يمكن الاعتراف بشهادتك أو درجتك العلمية في الحقوق، وبالتالي الالتحاق بسوق العمل من خلال ذلك. ولكن بدلاً من ذلك يمكن أن يحصل المتقدم على شهادة " إعتراف إداري"، توثق حصوله على درجة علمية جامعية. وللمزيد من المعلومات، ينصح بزيارة موقع المكتب المركزي للتعليم الأجنبي (ZAB)، وهو مكتب مركزي متخصص في تقييم المؤهلات الأجنبية في ألمانيا. وتشمل هذه المؤهلات المدرسية والمهنية وكذلك الجامعية.
يتمتع المحامون من البلدان الثالثة بفرصة العمل في المجال القانوني الخاص ببلدهم الذي تدربوا فيه أو شغل وظيفة أخرى مرتبطة بمؤهلاتهم. بدائل لا يعلم عنها كثير من المهتمين بالعمل في مهن لها صلة بالقوانين في ألمانيا.
أحد هذه البدائل هو التخصص في تقديم الاستشارات القانونية وفق قانون الخدمات القانونية (RDG)، على سبيل المثال: مستشار أو مساعد باحث في السياسة الدولية، في المنظمات غير الحكومية، وفي المؤسسات التجارية أو مكاتب المحاماة.
إذا كنت ترغب في تقديم خدمات قانونية في مجال القانون الأجنبي في ألمانيا بشهادتك الأجنبية، يمكنك التسجيل لدى محكمة المقاطعة المحلية أو المحكمة الإقليمية للعمل في وظيفة مزود خدمة قانونية. للمزيد من المعلومات ينصح بزيارة الموقع الإلكتروني الخاص بتقديم الاستشارة حول الدراسة والعمل في جميع أنحاء ألمانيا.
من جهة أخرى يمكن ممارسة مهن أخرى لها صلة بالقوانين ولا تتطلب إمتلاك مؤهلات مهنية محددة.على سبيل المثال، يمكن للخريج التقدم بطلب إلى شركة من أجل شغل منصب في قسم الشؤون القانونية للشركة.