حج النساء بدون مَحرم أشبه بـ"حلم ومعجزة"
حققت الباكستانية الثلاثينية بشرى شاه أخيرا "حلم الطفولة" بالذهاب للحج، مستفيدة من قرار جديد للسلطات السعودية يسمح لجميع النساء بأداء الفريضة دون وجود مرافق ذكر أو ما يعرف بـ"محرم".
واستفادت بشرى شاه علي (35 عاماً) وغيرها من الشابات من قرار لوزارة الحج والعمرة الشهر الماضي يسمح للنساء من كافة الأعمار بالذهاب للحج دون محرم، بشرط الذهاب في مجموعة مع نساء أخريات.
ويندرج القرار ضمن سلسلة إصلاحات اجتماعية يقودها الحاكم الفعلي للبلاد، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يسعى لتغيير الصورة المتزمتة للمملكة وتنويع اقتصادها المرتهن بالنفط.
ومنذ وصوله للحكم في 2017، سمح للنساء بقيادة السيارات والسفر خارج البلاد دون محرم، لكنّه واجه انتقادات متعلقة بقمع معارضيه، خاصة الناشطات الحقوقيات.
الحلم يصبح حقيقة
وقالت شاه لوكالة فرانس برس وهي تعد أغراضها في منزلها في مدينة جدة الساحلية في غرب المملكة "الأمر أشبه بحلم بات حقيقة. حلم طفولتي كان فقط أنّ أذهب للحج"
وبالنسبة لشاه فإن الذهاب للحج مع زوجها وطفلهما الصغير كان سيعد إلهاء عن "التركيز بشكل كامل في العبادات".
لكن لم يكن بوسعها الذهاب وحدها، إذ لم يكن يسمح لمن هنّ دون الخامسة والأربعين بأداء الحج بمفردهن.
وفور علمها بالقرار قدّمت على الفور طلباً، لتأتيها بعد أيام رسالة قبولها للحج، ضمن 60 ألف حاج من المقيمين في السعودية الملقحين ضد كوفيد-19، اختيروا وفق نظام تدقيق إلكتروني، من أصل 558 ألف متقدم.
وأضافت بسعادة وهي ترتدي عباءة بيضاء تغطي كامل الجسد باستثناء وجهها: "كثير من النساء سيذهبن معي أيضاً. أنا فخورة جداً بأننا أصبحنا مستقلات الآن ولسنا بحاجة إلى وجود محرم"، قبل أن تقبّل طفلها وتودع زوجها.
وقال مسؤول سعودي إنّ النساء يشكلن نحو 40 بالمئة من عديد الحجاج المشاركين هذا العام في المناسك التي تنظّم بشكل محدود للعام الثاني على التوالي جرّاء تفشي وباء كوفيد-19.
ويقتصر الحج هذا العام على المقيمين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاما والذين تلقوا جرعتي لقاح، ويستثني الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة.
وقال زوجها علي مرتضى (38 عاما) "قمت بتشجيعها بقوة على أداء الحج بمفردها" بعدما قررت السلطات عدم السماح للأطفال بالمشاركة. وأضاف الأب الذي قرر البقاء مع ابنه "لذا قررنا أن على أحدنا الذهاب... شجعتها هي فربما في العام المقبل تكون حاملا".
ومن غير الواضح متى رفعت السلطات تحديدا قيود الحج على النساء، فيما قالت بعض النساء إنّ بعض شركات السفر امتنعت عن السماح لنساء بالسفر للحج بدوم محرم.
ونشرت بعض الشركات تنويهات بعدم استقبالها نساء دون محرم، بحسب مراسلة فرانس برس في الرياض، في خطوة توضح أن الإصلاحات الاجتماعية المتسارعة تلقى نوعا من المعارضة في المملكة المحافظة بشدة منذ عقود.
وكانت المملكة تشترط وجود مرافق ذكر يسمى محرم (أب أو أخ أو زوج أو ابن) للراغبات في الحج والعمرة ممن هن دون سن 45 عاماً.
الأمر الذي منع آلاف المسلمات في أرجاء العالم من الحج والعمرة لسنوات، ومن بينهن المصرية مروة شاكر المقيمة في الرياض.
بكت حين تم اختيارها
وقالت شاكر (42 عاماً)، وهي موظفة في منظمة دولية تسافر للحج مع ثلاث من صديقاتها، إنّ "الحج بدون محرم هو أمر من المعجزات". وحاولت الأم لثلاثة أطفال مرات عدة الحج قبل الجائحة لكنها عجزت بسبب أداء زوجها الحج خلال آخر خمس سنوات، وهو ما يمنعه من مرافقتها حسب القواعد المعمول بها.
وتابعت مروة التي قالت إنها بكت حين تم اختيارها "أشعر بفرحة وسعادة كبيرة... ربنا ناداني (إلى بيته) رغم كافة المعوقات".
ومن غير الواضح أيضا إذا كان القرار سيطبق على النساء الآتيات من خارج المملكة، مع فتح الحج والعمرة للمسلمين من حول العالم لاحقا.
وبالنسبة للباكستانية البريطانية صدف غفور (40 عاما)، وهي أم لثلاثة أطفال، كان قرار السفر دون محرم "خيارها الوحيد" لأداء الحج.
وقالت الطبيبة التي تفرغت لرعاية أبنائها "لم يكن باستطاعتنا ترك الأطفال وحدهم"، وهو ما كان يمنعها من أداء الحج. ومع صدور القرار المفاجئ، اختار زوجها البقاء مع أبنائهما ليتسنى لها تحقيق حلمها بالحج.
وقالت المرأة التي تسافر مع جارتها "لم يكن من السهل اتخاذ قرار الذهاب بمفردي، لكن (...) انتهزنا هذه الفرصة باعتبارها نعمة" من الله.
ر.ض (أ ف ب)