جوائز نوبل 2016.. إنجازاتٌ علمية غيرت السائد

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الأربعاء، 27 أكتوبر 2021
مقالات ذات صلة
صور: تعرف على الفائزين بـ جوائز نوبل 2018
مشاهير سيمتنعون عن حضور حفل جوائز الأوسكار 2016.. والسبب؟
غياب عربي في قائمة الحاصلين على جوائز نوبل للعام 2016

"تاجر الموت قد مات"، بهذه العبارة اختصرت الصحف الفرنسية عام 1888حياة شخصٍ لم يمت حينها وهو ألفريد نوبل مخترع الديناميت، فبعد وفاة أحد أخوة ألفريد شاع النبأ أن المُتوفّى هو ألفريد نوبل، فاكتسحت الصحف الفرنسية عناوين وأقاويلٌ حوله منها "أن ألفريد نوبل جمع ثروته من اختراعاتٍ صممها ليقتل البشر"، لم يقابل نوبل الرد على ذلك بالكلام، إنما بتغيير إرادته وتفكيره، فمنح ما يقارب 94% من ثروته كجوائزٍ لأهم الإنجازات التي تغير وجه البشرية وتحمل الخير للإنسان في عدة مجالات كالطب والكيمياء والفيزياء والأدب، بالإضافة إلى جائزة لمن يبذل جهوداً ليصنع السلام في العالم. في هذا المقال سنتحدث عن الإنجازات التي حصلت على جائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء لعام 2016.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

الطوبولوجيا تفتحُ باباً كان مجهولاً وتغير السائد في الفيزياء

توصل العلماء البريطانيون ديفيد ثاولز (David Thouless) وفريدريك دانكن هالدين (Duncan Haldane) ومايكل كوسترليتز (Michael Kosterlitz) إلى اكتشاف كيفية الانتقال من مرحلة الطبوغرافية للمادة، معتمدين على علم الطبوغرافيا (فرع من الرياضيات يدرس خواص المواد التي تتغير بخطواتٍ ثابتةٍ ومحكمةٍ)، حيث أثبتوا أن التوصيلية الفائقة والميوعة الفائقة تحدث في الطبقات الرقيقة من المواد، فغيروا السائد في الفيزياء وهو أنه لا يمكن أن تحدث تغيرات في الطبقات الرقيقة من المادة، إذ أن الاضطرابات الحرارية قد تؤدي إلى تدمير النظام المتراصف في الطبقات الرقيقة كما أظهر علماء فيزياء سابقون.

بيد أن العلماء الثلاثة أثبتوا عكس ذلك مبينين أنه يمكن إحداث تغيرات في الطبقات الرقيقة لبعض المواد كتعريضها لدرجة حرارةٍ منخفضةٍ جداً أو مرتفعةٍ جداً، فبين العلماء البريطانيون أن المادة إذا تم تعريضها إلى درجة حرارة منخفضةٍ جداً سنحصل على حالة غريبة من المادة فتصبح موصلة فائقة للكهرباء وبعضها يصبح مائعاً فائقاً وتختفي منه اللزوجة. حصل العلماء الثلاثة على جائزة نوبل عن اكتشافهم هذا حيث يمكن أن يقدم الكثير من الفوائد للبشرية، إذ أظهر اكتشافهم أن المواد الطبوغرافية قد تُستخدم في الأدوات الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر كموصلات فائقة.

تاريخ جائزة نوبل للفيزياء

منحت جائزة نوبل للفيزياء أول مرة عام 1901 للألماني فيلهلم كونراد رونتغن (Roentgen (wilhelm konrad لاكتشافه الأشعة السينية، وبلغ عدد الحائزين على جائزة نوبل هذه؛ منذ عام 1901 حتى عام 2016، مائتين وأربعة عالمٍ، نذكر أن الفيزيائي الأمريكي جون باردين (John Bardeen) الوحيد الذي حصل عل جائزة نوبل للفيزياء مرتين، المرة الأولى عام 1956 لعمله على الترانزستورات، أما المرة الثانية فكانت في عام 1972، لأبحاثه في المواد فائقة التوصيل.

الآلات الجزيئية ثورةٌ في عالم الكيمياء والطاقة

منحت جائزة نوبل للكيمياء عام 2016 للعالم الفرنسي بيير سوفاج (Jean-Pierre Sauvage) والبريطاني ستودارت فريزر (Stoddart Fraser )، بالإضافة إلى الهولندي برنارد فيرنغا (Bernard Feringa)، لتصميم وتركيب الآلات الجزئية (وهي التي تتركب من عدد محدد من العناصر الجزيئية التي تستطيع أن تنتج حركةً شبه ميكانيكيةٍ وتعتمد على التقنية النانوية)، وتتمثل التقنية النانوية بإنتاج الأشياء عبر تجميع مكوناتها الصغيرة كالذرات والجزيئات.

من خلال هذا الاختراع يمكن توليد طاقة تجعل الأشياء تتحرك وهو اختراعٌ دقيقٌ وصغيرٌ جداً. جاء في البيان الصحفي لجائزة نوبل بالكيمياء لعام 2016: "عندما عرض العلماء مختلف سواعد الغزل والعجلات، لم يكونوا مدركين أنها سوف تستخدم في الغسالات والمراوح" من المرجح أن تستخدم الآلات الجزيئية في تطوير الأشياء و المواد الجديدة، وأجهزة الاستشعار ونظم تخزين الطاقة.

جائزة نوبل للكيمياء تاريخياً

منحت الجائزة في الكيمياء أول مرةٍ عام 1901 للهولندي جاكوبوس هنريكوس فان هوف (Jacobus Henricus van "t Hoff)، لاكتشافه قوانين الضغط الأسموزوي والحلول وهو ما يطلق عليه بالكيمياء التناضح، أي انتقال جزيئات الماء عبر غشاءٍ نصف نافذٍ من منطقة ذات كفاءةٍ مائيةٍ مرتفعةٍ إلى منطقة ذات كثافة مائية منخفضة.

يعتبر عالم الكيمياء البريطاني فريدريك سانجر الوحيد الحاصل على جائزة نوبل للكيمياء مرتين، الأولى عام 1958، لعمله على هيكلة البروتين، أما الجائزة الثانية فحصل عليها عام 1980 لمساهماته في تحديد تسلسل قاعدة الأحماض النووية.

خلايا الإنسان تجدد ذاتها عبر التهام مكوناتها

تلتهم الخلايا مكوناتها للتكيف مع عدة عملياتٍ فسيولوجيةٍ، كان هذا الاكتشاف الذي حصل من خلاله الياباني يوشينوري أوسومي (Yoshinori Ohsumi) لاكتشافه آليات الالتهام الذاتي للخلايا وهي من العمليات المهمة لإعادة تدوير وتكسير المكونات الخلوية. وظهر مفهوم الالتهام الذاتي للخلايا عام 1960 عندما اكتشف العلماء أن الخلايا يمكن أن تدمر محتوياتها الموجودة في الأغشية وتكّون حويصلات تشبه الكيس.

بقيت دراسة هذه العملية غير واضحة حتى بدأ يوشينوري دراساته معتمداً على خميرة الخبز فاكتشف الجينات التي تقف خلف هذه العملية موضحاً أن هذه العمليات تجري في خلايا الإنسان، فمن خلال أوسومي تبين كيف تقوم الخلايا بعملية تدوير محتواها كما يحصل في العديد من العمليات الفسيولوجية كالتكيف مع الجوع والاستجابة للعدوى.

كما أظهر أوسومي أن الطفرات في جينات الالتهام الذاتي قد تسبب الأمراض كالسرطان وأمراض الجهاز العصبي. جاء في البيان الصحفي لجائزة نوبل: "بفضل أوسومي عرفنا ما يمكن أن توفره آلية الالتهام الذاتي من الطاقة بسرعة وتساعد في تجديد مكونات الخلية، ويساعد الالتهام الذاتي في القضاء على البكتيريا والفيروسات داخل الخلايا، كما يسهم في تطور الجنين وتمايز الخلايا".

أشهر من حصل على نوبل في الطب أو علم وظائف الأعضاء

  • عالم البكتيريا الألماني إميل فون برينغ (Emil von Behring)، حصل نوبل بالطب، لتوصله إلى اكتشاف مضاد الدفتيريا (مرض تسببه البكتيريات، حيث تشكل غشاءً كاذباً حول اللوزتين والبلعوم)، وفتح بذلك باباً واسعاً لعلاج العديد من الأمراض.
  • الألماني غوتنر بلوبل (Günter Blobel)، مُنح جائزة نوبل عام 1999 لاكتشافه أن البروتينات لها إشاراتٌ جوهرية تحكم من خلالها النقل والتوطين داخل الخلية.
  • الطبيبة الصينية يويو تو (Youyou Tu)، حصلت على نوبل عام 2015 لاكتشافها علاج الملاريا، بعد الدراسات التي أجرتها على مجموعة أعشاب منها الشيح، حيث تمكنت من استخراج مادة الأرتيسيمين من الشيح. كانت الجائزة بالمشاركة مع الياباني ساتوشي أمورا (Satoshi Ōmura) والايرلندي وليام كامبل (William C. Campbell).

أخيراً.. تصميم الآلات الجزئية، اكتشاف تحول الطور في المادة، اكتشاف آليات الالتهام الذاتي، إنجازاتٌ علمية ستؤدي إلى ثوراتٍ في الوجود البشري، حيث غيرت السائد وقدمت ما يمكن أن يثمر مستقبلاً سواء على صعيد الاختراعات التكنولوجية والإلكترونية، أو على صعيد صحة الإنسان، فقد حصل كل من العلماء السابقين على نوبل بعد تجاربَ وجهودٍ تجاوزت العشرة أعوامٍ.