جنون العظمة: مرض أم عرض؟
جنون العظمة مصطلح تاريخي مشتق من كلمة إغريقية(ميغالومانيا)
وهو ما يسمى بالإنجليزية بال (Megalomania) وتعني وسواس العظمة، لوصف حالة من مبالغة الإنسان بوصفه لذاته. فيصبح معتقداً اعتقاداً كاملاً أنه يمتلك قدرات استثنائية ومميزات تجعله أفضل ممن حوله.
يعيش المرء مشاعر اضطهاد من قبل الآخرين، وبأن السبب الحقيقي لاضطهاده من قبلهم هو كونه شخصاً عظيم للغاية، ويرى أن جميع من حوله تتمحور أحاديثهم وأفكارهم عنه هو.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولكن من الضرورة أن نفرق بين هذه الحالة وبين الهلوسات التي يمكن أن تظهر نتيجة أسباب شتى كتدخين الحشيش أو تعاطي زمرة البنزوديازبينات، فهي غير مرتبطة بها وهي حالة متفردة عن الاهلاسات تماماً، فالمصاب بجنون العظمة يبدو كلامه منطقياً ومقنعاً. فهو شخص عذب الحديث ومبادر بالحوار.
كما أنه يجب تمييز هذا الاضطراب عن اضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الشخصية النرجسية مرض قائم بحد ذاته، ويتميز مريضه بمميزات عدة كالابتزاز العاطفي والاستمتاع بشعور القوة، وقد يكون من ضمن تظاهرات الشخصية النرجسية عرض مثل جنون العظمة.
السبب الدقيق لهذا التظاهر غير معروف، لكن الإحصائيات تبين نسباً أعلى عند الذكور أكثر من الإناث. لا نستطيع القول إن جنون العظمة هو مرض بحد ذاته، وقد يكون تعبير (عَرَض) غير دقيق بوصفه لهذه الحالة. فهو طيف أو تظاهر من تظاهرات الفصام أو جزء من اضطراب في الشخصية أو مرض عقلي، وكما قلنا سابقا الأسباب العلمية ليست واضحة تماماً، لكننا نستطيع القول أن هذه العوامل تشكل أرضاً خصبة لظهوره:
1-قلة النوم:
طبعاً اضطراب بسيط في النوم لليالي معدودة لا يسبب اضطراباً كهذا، لكن تبدأ الخسائر عند الاضطراب المستمر لفترة طويلة. فعندها يبدأ تشويش الذهن، واضطرابات التفكير والتخيلات الوهمية.
2-الإجهاد:
الإجهاد الفكري على المدى الطويل، وحتى الإجهاد الجسدي يمكن أن يسبب هكذا نتيجة، وليس بالضرورة أن يكون الإجهاد سلبياً كالمرض مثلاً، بل يمكن للإجهاد الناتج عن المناسبات السعيدة أن يتسبب بأفكار كهذه.
3-الاضطرابات النفسية:
كاضطراب الشخصية بجنون العظمة، الفصام- كما ذكرنا-، اضطراب ثنائي القطب، أو غيرهم من الأمراض النفسية التي قد تتظاهر بجنون العظمة.
4-الزهايمر:
الذي قد يسبب بالمراحل المتقدمة نتيجة الاضطراب العقلي أن يجعل المرء يظن أن من حوله يتآمرون عليه، أو أنهم لا يحبونه، أو أنه يستحق أكثر مما يقدمون له من عطاء.
5-الكحول والمخدرات:
قد تسبب العديد من المواد المخدرة أعراض كجنون العظمة عند استخدامها المديد. كما أن الكحولية المفرطة على فترات طويلة الأمد قد تسبب هكذا أعراض.
ماذا عن العلاج؟
في الحقيقة كون هذه الحالة ليست مرضاً بحد ذاته أو تناذراً، فلا يمكننا القول أنه يوجد علاج لجنون العظمة أو لا.
فعلاج هذه الحالة مرتبط بالمسبب، ففي حال كان المسبب اضطراباً نفسياً، فإن علاجه سيكون فعالاً بعلاج جنون العظمة، أو الإقلاع عن تعاطي المواد المسببة لهكذا تظاهر.
ولكن على صعيد آخر، ومع تطور الطب النفسي بالعقود الأخيرة، يمكننا القول أن العلاج الكلامي والنفسي لأنواع تظاهرات كجنون العظمة أصبح ممكناً وله خط علاج واضح نوعاً.
وفي الخلاصة نجد أن الاضطرابات النفسية على العموم هي مواضيع شائكة، ولكن بقدر أهمية إدراك وجودها ومتابعتها، يجب التنويه على أهمية عدم تداولها وإطلاقها كأحكام على الأشخاص دون أرضية علمية كافية.
فكثيراً ما نسمع عن شخص يُنعت من الناس بأنه مصاب بجنون العظمة، وذلك فقط بسبب ثقته بنفسه الزائدة.
لذلك عليك عدم إهمال مثل هذه النوعية من الاضطرابات، ولكن يمكنك متابعتها والتأكد من صحتك النفسية والعقلية بإشراف أخصائي حصراً. فالمرض النفسي هو بقدر أهمية المرض الجسدي، ويجب معاملته بذات الجدية والحذر.
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!