جلال الدين الرومي
من هو جلال الدين الرومي
جلال الدين الرومي هو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي. إنه أديب وفقيه حنفي ومنظر وقانوني صوفي. أصوله فارسيه وعرف بالرومي كونه قضى حياته في الأناضول (بلاد الروم) عند الروم السلاجقة (تركيا حالياً). ويعتبر من أبرز علماء التصوف الفلسفي في التاريخ الإسلامي وأكثرهم تأثيراً على مر العصور. وصفه الكثيرون بأنه ذو رؤية شكلت رسالة عالمية خاطبت كافة حضارات العالم باعتبارها مصدر إلهام لكل البشر باختلاف أديانهم وأوطانهم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
مولده ونشأته
ولد جلال الدين الرومي في 6 ربيع الأول سنة 604هـ الموافق 30 سبتمبر/أيلول 1207م في مدينة بلخ في أفغانستان، نشأ في أسرة علمية تربطها مصاهرة بالأسرة الحاكمة في الدولة الخوارزمية، وكان والده أحد علماء المذهب الفقهي الحنفي، وقد لُقب لمكانته العلمية وجرأته وقوته في قول الحق في وجه الأمراء الظلمة بـسلطان العلماء. استقر الرومي مع والده في قونية سنة 623 هـ في عهد دولة السلاجقة الأتراك.
توفي والد جلال الدين الرومي في مدينة قونية 628هـ فأخذ هو على عاتقه رغم صغر سنه، القيام بمسؤولياته في الفتوى والوعـظ، ثم رغب في نهل المزيد من العلوم فرحل عام 630هـ إلى الشام وقضى أعواماً متنقلاً بين حلب ودمشق، حيث تزود فيهما بالكثير من العلوم والمعارف. ثم عاد إلى مدينته قونية بعد أن أقر له شيوخه بالنبوغ والاطلاع الواسع بفضل ثقافته العربية والفارسية الواسعة المتنوعة.
شاهد أيضاً: محمد مهدي الجواهري
مؤلفاته
دخل جلال الدين الرومي تاريخ التصوف من أوسع أبوابه فكان أحد أهم المتصوفين العظماء في التاريخ الإسلامي، وأنشأ أتباعه من بعده مستفيدين من تراثه في تركيا طريقة صوفية عُرفت بـالمولوية، واشتهرت بعده بطقوس الرقص الدائري حول النفس، وجاء اسمها اشتقاقا من اللقب الذي أطلقه الأتراك عليه وهو (مولانا جلال الدين الرومي) أو (مولانا) باختصار. وقد انتشرت هذه الطريقة لاحقا في مختلف أصقاع العالم الاسلامي.
كما أسس الرومي (المذهب المثنوي) في الشعر الذي كان أبرز تجلياته ديوانه الشعري المعروف (مثنوي معنوي) المعروف بأنه أكبر مرجع تصوفي باللغة الفارسية، فقد كتب فيه جلال الدين الرومي مئات الآلاف من أبيات الشعر عن العشق الإلهي من منظور صوفي، وعن العديد من القضايا في الفلسفة التي أخذ على أصحابها أهمية المبالغة في تقدير الحواس وتقديس العقل.
تحظى أشعاره الصوفية بشهرة واسعة في العالم أجمع بعد أن لقيت استحساناً وانبهاراً من المسلمين وغير المسلمين، الذين قاموا بترجمة مؤلفاته لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، التي نال الرومي فيها صفة الشاعر ذي الأعمال الأكثر مبيعا عام 2014.
تعرف جلال الدين الرومي في سنة 642هـ (1244م) إلى شيخ فارسي يدعى شمس الدين التبريزي، فكان لقاؤه به نقطة تحول في مسار حياته ولحظة إعادة ميلاد لفكره وسلوكه، إذ دخل على يديه في زمرة أرباب التصوف فبدأ ينظم الشعر الصوفي، وقطع كل صلة له بتلامذته وبالناس وقلل من مجالسته مع أهل العلوم الظاهرة واتجه إلى العلوم الباطنية، حسب أحد كُتاب سيرته.
شاهد أيضاً: جبران خليل جبران
ترك الرومي عدة مؤلفات ما بين الشعر والنثر، تناول فيها العديد من المسائل الصوفية والفلسفية والأدبية، فمن أشعاره نذكر ديوان (شمس الدين التبريزي) الذي يحتوي على ألف بيت شعري سجل فيها ذكرياته مع أستاذه الأثير لديه التبريزي، و(الرباعيات) التي يبلغ عددها 1959 رباعية، (الرباعيات وهي منظومة أحصاها العالم الإيراني المعاصر بديع الزمان فوزانفر، كما وردت في طبعة إسطنبول، فوجد أنها تبلغ 1659 رباعية، أي 3318 بيتاً). وديوان (المثنوي) الذي يعرف بـديوان (مثنوي مولوي) الذي يتضمن أكثر من 26 ألف بيت شعر فارسي، وتتجلى في هذا الديوان شخصية جلال الدين الرومي الفكرية المتصوفة.
ومن مؤلفاته المنثورة نذكر كتاب (فيه ما فيه) المتضمن دروسا ألقاها في مجالسه العلمية وإجابات عن أسئلة وجهت إليه في مناسبات مختلفة، و(مكاتيب) الذي يتضمن رسائله إلى معارفه ومحبيه، و(مجالس سبعة) وهو يضم مجموعة من المواعظ والحكم.
وتعد رواية (قواعد العشق الأربعون) من أبرز الأدلة على تأثير جلال الدين الرومي في الثقافة الحديثة والمعاصرة، حيث أنها واحدة من أبرز وأشهر الروايات الحديثة التي استمدت أحداثها من السيرة الذاتية لجلال الدين الرومي، للكاتبة التركية أليف شافاق، وصدرت الرواية عام 2010، وحققت نجاحاً مدوياً حيث وصل عدد النسخ المبيعة منها في تركيا إلى أكثر من مليون نسخة، وفي الأعوام التالية تم ترجمة الرواية إلى العديد من اللغات العالمية، وتصدرت الرواية قوائم الكتب الأكثر مبيعاً في العديد من الدول حول العالم. (كتاب قواعد العشق الأربعون للكاتبة التركية الشهيرة أليف شافاق، ولدت أليف شافاق في استراسبورغ، فرنسا، العام ١٩٧١. وقد حازت على جوائز أدبية عديدة، وتعد روايتها هذه من أكثر الروايات التركية قراءة حول العالم. تتناول رواية (قواعد العشق الأربعون) مواضع العشق والحب بين الشرق والغرب، والماضي والحاضر، والروحي والدنيوي، كل ذلك من خلال رواية قصة جلال الدين الرومي وشمس التبريزي).
قيل عن جلال الدين إنه تأثر بشمس التبريزي ومحي الدين ابن عربي وعبدالقادر الجيلاني، وبطلب من تلامذته ومحبيه وضع الرومي أفكاره ومبادئه في كتاب سماه (المثنوي) الذي شمل على قصص يومية في حياة الرومي وإرشادات قرآنية وحكم من خبرته.
من أقوال وحكم جلال الدين الرومي
- الحب الذي لا يهتم إلا بالجمال الجسدي ليس حباً حقيقياً.
- أيهما أصدق في الطاعة؟ من أطاع الملك في الغيب أم من أطاعه في الحضور؟
- ربما تكون الأذنان هما القطنتين اللتين تحجبانك عن السمع!
- العاشق لا يعرف اليأس أبداً. وللقلب المغرم كل الأشياء ممكنة.
- لا تجزع من جرحك، وإلّا فكيف للنور أن يتسلل إلى باطنك.
- ليس التفاهم باللغات ولكن بالأحاسيس.
- يا أخي أنت مجرد فكر وما بقي منك عظام وجلد.
- بالأمس كنت ذكياً فأردت أن أغيّر العالم. اليوم أنا حكيم ولذلك سأغير نفسي.
- تعلمت التفكير. بعدها تعلمت التفكير داخل قوالب. بعدها تعلمت أن التفكير الصحيح هو التفكير من خلال تحطيم القوالب.
- إذا كنت مثل القشة لا مبدأ لك تميل مع كل نسمة فإنك لن تعدّل قشةً حتى ولو صرت جبلاً. فالمرحلة المأزومة تدلّ على فرسانها من المدّعين المنافقين والمهتزين مع كلّ ريح.
- قد تجد الحب في كل الأديان. لكن الحب نفسه لا دين له.
- أيها الفم، إنك فوهة الجحيم.
- ليس العاشق مسلماً أو مسيحياً، أو جزءاً من أي عقيدة، دين العشق لا مذهب له لتؤمن به أو لا تؤمن.
- إن الرجل اللئيم يسرق لغة الدراويش ليتلو على البسطاء أسطورة منها يخدعهم بها.
- الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينيه أما ذاك الذي يحب بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبداً.
شاهد أيضاً: بدر شاكر السيّاب
وفاته
توفي جلال الدين الرومي في مدينة قونية التركية في 5 جمادى الأخيرة سنة 672هـ الموافق 17 ديسمبر/كانون الأول 1273، متأثرا بحمى أصابته، عن عمر ناهز 67 عاما.
وخلال الفترة بين 7 و17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام تنطلق في مدينة قونية التركية فعاليات الاحتفال بذكرى ليلة وفاة جلال الدين الرومي التي يطلق عليها بالفارسية (شبِ عروس) أي (ليلة العرس). سُميت هذه الليلة بليلة العرس باعتبارها الليلة التي التقى فيها جلال الدين الرومي بربه، بالحبيب.