تير ستيغن.. الوريث الشرعي لنوير في حراسة مرمى الماكينات؟
كان رد فعل مارك أندريه تير ستيغن على إعلان مانويل نوير اعتزاله كالعادة مهذبًا ومليئًا بالاحترام. كتب اللاعب البالغ من العمر 32 عامًا على إنستغرام: ”بطل العالم إلى الأبد وأسطورة في كرة القدم الألمانية". كما نشر صورة لنوير وهو يحمل كأس العالم في ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو. بالإضافة إلى التقدير الذي لا شك فيه، ربما شعر تير ستيغن بالارتياح أيضًا.
فعلى مدار سنوات، تحمل الحارس المعتاد لنادي برشلونة دور الحارس الثاني في المرمى الألماني دون تذمر. وحتى عندما قرر مدرب المنتخب الألماني يوليان ناغلسمان مؤخرًا أن يكون نوير هو الحارس رقم واحد في بطولة يورو 2024 التي استضافتها ألمانيا على أرضها، لم يحتج تير ستيغن. والآن يجب أن تتم ترقية الحارس الثاني الأبدي أخيرًا إلى حارس مرمى أساسي ويمكنه أن يأمل في الاستمتاع بمسيرة مماثلة في المنتخب الوطني كما كان في كرة القدم على مستوى الأندية.
البدايات في مونشنغلادباخ
هناك شهد تير ستيغن صعودًا سريعًا: بعد 13 عامًا في فرق الناشئين في بوروسيا مونشنغلادباخ وقع ابن مدينة مونشنغلادباخ أول عقد احترافي له في عام 2009 وهو في سن 17 عامًا. وبعد عامين جعله المدرب آنذاك لوسيان فافر اللاعب رقم واحد في الفريق الأول.
وحافظ على مكانته كحارس أساسي للفريق حتى رحيله عن النادي في صيف 2014. حتى أن فافر وصف تير ستيغن بعد ذلك ببضع سنوات بأنه حارس مرمى من الطراز العالمي، وقال: ”إنه حارس مرمى متميز، يمكنك أن ترى ذلك في أول حصة تدريبية له. إذا لم ترى ذلك، فأنت أعمى".
ودع نادي مونشنغلادباخ وجماهيره بالدموع منتقلا إلى نادي برشلونة الكبير. لعب أسطورة حراسة المرمى في برشلونة والمدير الرياضي آنذاك أندوني زوبيزاريتا دورًا رئيسيًا في هذه الصفقة. قال تير ستيغن: ”لقد شرح لي ما يعنيه أن أكون حارس مرمى برشلونة، وتاريخ النادي وما يتوقعونه مني". وأضاف: ”لقد أقنعني - بالكلمات والعاطفة".
كان من المفترض في الواقع أن يحل لاعب غلادباخ السابق محل الحارس الأساسي المغادر فيكتور فالديس في البارسا، لكن الأمور سارت في البداية بشكل مختلف، حيث تعاقد الفريق الكتالوني مع التشيلي كلاوديو برافو في مركز حراسة المرمى في نفس الوقت الذي تعاقد فيه مع الدولي الألماني. وفي حين شارك برافو أساسيًا في جميع مباريات الدوري، لم يُسمح لتير ستيغن باللعب إلا في دوري أبطال أوروبا والكأس. وبالتالي كان الالتزام مع برشلونة على حافة الفشل مرة أخرى.
تير ستيغن: ”لقد فكرت في الانتقال"
قال تير ستيغن لمجلة ”كلوب ديل ديبورتيستا": ”لن أنكر أنه كانت هناك لحظات فكرت فيها في التغيير وبحثت عن حلول". ومع ذلك، لم يفعل ذلك وكوفئ على صبره: بعد عامين حصل صاحب الـ24 عامًا آنذاك على ثقة النادي وأصبح الحارس الأول الجديد، بينما انتقل برافو إلى مانشستر سيتي.
في هذه الأثناء فاز تير ستيغن مع برشلونة بخمس بطولات إسبانية وخمسة كؤوس إسبانية وكأس العالم للأندية ولقب دوري أبطال أوروبا. في شهر مايو لعب أيضًا مباراته رقم 411 مع برشلونة، متفوقًا على زوبيزاريتا (410 مباراة). فقط فيكتور فالديس (535) يتفوق على اللاعب الألماني في تاريخ برشلونة. كما تم اختياره أفضل لاعب في إسبانيا في موسم 2022/23 وحصل على شارة قيادة الفريق في برشلونة رسمياً منذ أيام قليلة.
الرقم اثنان الأبدي للمنتخب الوطني
على النقيض من ذلك، كانت الأمور متعثرة إلى حد ما مع المنتخب الوطني منذ البداية. فقد ظهر ابن مدينة مونشنغلادباخ لأول مرة مع المنتخب الألماني قبل بطولة أوروبا 2012، بعد عيد ميلاده العشرين بفترة وجيزة. وكان المدرب الوطني في ذلك الوقت، يواخيم لوف قد رشحه للتشكيلة المؤقتة للمنتخب الألماني الأول لبطولة أوروبا في بولندا وأوكرانيا. ومع ذلك، لم يكن ظهور تير ستيغن لأول مرة في التشكيلة الأساسية للمنتخب الألماني الأول وفقًا للخطة الموضوعة. في 26 مايو/ أيار 2012 تعرض لهزيمة ساحقة 5-3 أمام سويسرا في بازل.
وأعقب ذلك الهزيمة أمام الأرجنتين بنتيجة 3-1 والخسارة أمام الولايات المتحدة الأمريكية بنتيجة 4-3، بما في ذلك هدف في مرماه. بعد ثلاث مباريات دولية، استقبلت شباكه اثني عشر هدفاً وارتكب العديد من الأخطاء. ونتيجة لذلك، لم ينضم تير ستيغن إلى تشكيلة بطولة أوروبا 2012.
كما تم استبعاده أيضًا من كأس العالم 2014، حيث أصبح رون روبرت تسييلر وروبرت فايدنفلر بطلاً للعالم إلى جانب مانويل نوير.
بعد ذلك، شق تير ستيغن طريقه إلى المنتخب وشارك في جميع البطولات الكبرى باستثناء بطولة أوروبا 2021 (إصابة في الركبة). لكن لم يكن هناك من سبيل لتجاوز نوير. يورو 2016، كأس العالم 2018، كأس العالم 2022، كأس الأمم الأوروبية 2024: كانت الصورة نفسها دائماً. على الرغم من تعرضه للإصابة لفترات طويلة من قبل، إلا أن نوير حافظ على حراسة مرمى المنتخب الألماني. وكان على تير ستيغن أن يكتفي بمكان على مقاعد البدلاء.
بدا أن وقت تير ستيغن قد حان عندما عانى المنتخب الألماني من خروج كارثي من الدور التمهيدي لكأس العالم 2022 في قطر وتعرض الحارس الأساسي مانويل نوير لكسر في الساق والشظية أثناء التزلج أثناء عطلته اللاحقة.
وهكذا أصبح تير ستيغن الحارس الأول للمنتخب وظل في التشكيلة الأساسية لمدة عام ونصف تقريبًا. ثم عبّر عن طموحاته في الفريق الألماني علنًا: ”في الوقت الحالي، أنا الحارس رقم واحد، وطموحي أن أبقى كذلك"، كما قال في مقابلة مع صحيفة ”زود دويتشه تسايتونغ".
هل تم تجاوز مبدأ الأداء؟
لكن الأمور سارت بشكل مختلف مرة أخرى: فقد اختار ناغلسمان مرة أخرى نوير الذي ارتكب عدة أخطاء مع فريقه بايرن ميونيخ والمنتخب أيضا ولم يمكن بأي حال من الأحوال محط إجماع كحارس أساسي لخوض بطولة أوروبا 2024 على أرضه. لكن مدرب المنتخب الألماني كان له رأي آخر بتثبيت نوير كحارس أساسي للمنتخب قبل البطولة القارية.
كان ذلك صفعة أخرى على وجه تير ستيغن الذي أظهر نضجا وروعة تجاه قرار ناغلسمان. ومع ذلك فقد رأى بعض المشجعين والخبراء أن "مبدأ الأداء" قد تم تجاوزه في هذا الاختيار.
وقال حارس المرمى العالمي السابق أوليفر كان أيضًا عن تير ستيغن لصحيفة "بيلد" الألمانية: ”ادعاءاته غير مبررة". ”إنه يؤدي باستمرار، ولم تكن البطولات القليلة الماضية للمنتخب الوطني ناجحة، كما أن مانويل نوير لا يبدو مستقرًا في الوقت الحالي".
إفساح الطريق أمام ”حارس المرمى العالمي"
الآن يفسح اعتزال نوير الطريق أمام مارك أندريه تير ستيغن ليكون الحارس الأول الجديد في المرمى الألماني، ولا يوجد أي شك في ذلك. صحيفة ”سبورت" الإسبانية على سبيل المثال، نشرت بالفعل عنوانًا رئيسيًا: ”أخيرًا، تير ستيغن يصبح الحارس الأساسي لألمانيا". كما أثنى ناغلسمان والمدير الرياضي للاتحاد الألماني لكرة القدم رودي فولر على الحارس البالغ من العمر 32 عامًا وأجمعوا على وصفه بأنه ”حارس مرمى من الطراز العالمي".
كما يرى لوتار ماتيوس صاحب الأرقام القياسية الدولية أن تير ستيغن هو الحارس الأول في المنتخب الوطني بأثر فوري. وقال لوكالة الأنباء الألمانية: ”انتظر مارك-أندريه تير ستيغن بما فيه الكفاية". ”استنادًا إلى أدائه، فهو يستحق أن يتولى المسؤولية كحارس أساسي بعد اعتزال مانويل نوير".