توهم اهتزاز الهاتف.. وأغرب الظواهر النفسية
الدماغ البشري هو أكثر الأعضاء تعقيدًا وتشابُكا، ويظل حتى هذه اللحظة وبالرغم من التطوّر التكنولوجي محل دراسات متعمقة لدراسة ألغازه التي لم تكتشف إلى الآن.
عبر التاريخ، واجه الإنسان تحديات عدّة خلال محاولة تفسيره للأحاسيس التي يشعُر بها أثناء تعرضه للمواقف المختلفة في يومه العادي، والتي حاول وصفها بأنها ظواهر نفسية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
والحقيقة هي أن هنالك بعض المشاعر والأحاسيس التي لا يُمكن تعريفها بشكل واضح ومحدد، فما هي إلا «حيل دماغية»، قد لا تعرف لها اسما، لكن بالتأكيد قد اختبرت إحداها في يوم ما.
متلازمة الاهتزاز
الاهتزاز الوهمي هو شعور ينتاب بعض الأشخاص بأن هاتفهم يهتز حتى وإن لم يحدُث ذلك، وتأتي هذه المتلازمة لتضرب الفرد عادةً بسبب إدمانه لاستخدام المحمول، ويعتقد أن هذا الاضطراب يبدأ في التكوّن بعدما يمتلك الشخص هاتفًا محمولا بحوالي الشهر، ويقترح أن السبب هو الخلط الذي يحدث داخل القشرة الدماغية ما بين اهتزاز المحمول والمدخلات الحسّية الأخرى، ويرى العلماء أن هذه المشكلة التي اختبرها 9 من كل 10 طلاب أمريكيين طبقًا لدراسة أعدتها الباحثة ميشيل داروين، لا تشكل خطرًا حقيقيًا على صحتهم كما يمكن أيضًا علاجها.
ووفقًا لتجربة أخرى، كان الحل في أن تتوقف هذه الحالة تمامًا عن الحدوث في أن يستبدل الشخص وضع الاهتزاز وتحويله إلى نغمة مسموعة، وحقق هذا التغيير نسبة نجاح تجاوزت الـ70% مع الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب.
الإشباع الدلالي
هل شعرت في مرة أن تكرار كلمة ما بعينها أمامك جعل وقعها يفقد معناه؟ هذه الظاهرة تُعرف بـ«الإشباع الدلالي»، وهو حالة نفسية تجعل الفرد يفتقد إحساسه الذاتي بمعاني بعض الكلمات بسبب كثرة إعادتها على مسامعه.
في أطروحة ليون جاكوبوفيتس لرسالة الدكتوراه الخاصة به، صاغ عبارة الإشباع الدلالي على أنها عبارة عن شكل من أشكال التثبيط التفاعلي حيث تستهلك خلايا الدماغ طاقة متزايدة لتكرار الكلمة أو نطقها أو حتى سماعها، وعندما تتكرر الكلمة بشكل دوري، يتوقف الدماغ عن التعامل معها ككلمة بل تصبح مجرّد صوت لا أكثر.
على الجانب الآخر، قد يكون للإشباع الإيجابي أثر إيجابي على حياة من يعانون من ذكريات سيئة أو مشاعر سلبية، بنفس منطق تكرار الكلمات التي تؤرقهم حتى تتحول إلى مجرد أصوات وليست أفكارا كاملة.
نتوء الذكريات
هذه الظاهرة أشبه بالنوستالجيا أو الحنين للماضي، حيث يبدأ من يتعرّض لها ‑خاصةً كبار السن- في تذكُّر الأحداث التي حدثت من 16 إلى 25 عاما.
طبقًا لدراسات علمية، فعادةً يميل البشر لتذكر أحداث فترة مراهقة بشكل أفضل من أي فترة أخرى، وهذه لسبب منطقي، لأن نتوء الذكريات هو سلسلة من الأحداث الانتقائية، التي حدثت في وقت متوقع من حياة الفرد، بالبديهي أن خلال فترة المراهقة، يختبر الفرد الكثير من المشاعر للمرة الأولى مثل الحُب الأول، امتلاكك لسيارة جديدة، أو حتى ندمك بشكل حقيقي على فرصة لم تسع لأجلها بالشكل المثالي، ولأن هذه الذكريات خاصة جدًا، ستجدها ملتصقة بأذهاننا لا تفارقها تنتظر فقط أن يتم استدعاؤها.
تأثير دانينغ- كروجر
في فترة ما بحياة أي فرد، قد يختبر التعامل مع شخص يمتلك قدرًا ضخمًا من الغرور والتفاخر بالنفس، على الرغم من كونه جاهلا بما يدعي إتقانه، وعلى النقيض تمامًا فمن هم أكثر حكمة، تنتابهم حالات من الشك حول قدراتهم دائمًا، فكيف يحدُث ذلك؟
الحقيقة أن الفصيل الثاني هم البشر العاديون، لأن الإنسان في العموم يجب أن يتشكك في قدراته دائمًا ليستزيد من العلم والبحث بالتالي يتحول لشخص أفضل، أما بالنسبة للفئة الأولى، فكانت هي محل بحث العالمين ديفيد دانينغ وجاستين كروجر، الذين صاغوا هذا المصطلح، وعرّفوه بأنه انحياز معرفي يفشل خلاله الأشخاص غير الأكفاء في إدراك عدم كفاءتهم، بل إنهم يشعرون بالثقة زيفًا.
في دراسة استقصائية، تقبّل 39% فقط من العينة التي تم أخذها من مجموعة من الموظفين النقد الذي تعرضوا له بمهام عملهم، كما كانوا قادرين على تفهم أسباب هذا الانتقاد والسعي إلى معالجته، في حين أن نسبة الـ61% المتبقية أبدت انزعاجًا من الانتقاد ‑حتى ولو كان صحيحا وفي محله- وهو ما يُعرف علميًا بوهم التفوّق، وهي حالة يتخيل بسببها الفرد أنه الأفضل على الإطلاق دون أن يشعُر بأنه توجد أي احتمالية تنفي هذا التخيُّل.