تقرير: عودة طالبان يهدد بحرمان النساء من حق التعليم والعمل
تقول الصحفية روث بولارد، المتخصصة في تغطية الصراعات بالشرق الأوسط، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إنه مع دخول طالبان العاصمة الأفغانية كابول (الأحد 15 أغسطس / آب 2021)، جمع المحاضرون في الجامعات طالباتهم في طقوس أشبه بالوداع النهائي. وقال المحاضرون للشابات المصدومات "قد لا نلتقي مرة أخرى". وقد تم إجلاء جميع المحاضرين، كما أُغلقت الجامعات إلى جانب المدارس والمكاتب والمحلات التجارية.
انهيار نظام التعليم
أوضحت بولارد إنها تحدثت عبر الهاتف مع عائشة خورام، إحدى الطالبات اللواتي تبددت أحلامهن في الدراسة الأكاديمية، ومثلها الآلاف. وكانت عائشة الطالبة البالغة من العمر 22 عاما تدرس في الفصل الدراسي الأخير من دراستها في العلاقات الدولية في جامعة كابول.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ومع بقاء شهرين فقط على تخرجها المفترض، تقول عائشة خورام "الآن يبدو أنني لن أتخرج أبدا". وكان موضوع البحث الذي تعكف عليه عن إصلاحات مجلس الأمن الدولي وكيف ستؤثر تلك الإصلاحات على المهام الخاصة في بلدان مثل أفغانستان. وفي هيرات، ثالث أكبر مدن البلاد، والتي سقطت في أيدي طالبان يوم الخميس الماضي، طُلب من الفتيات اللواتي كن في جامعاتهن العودة إلى منازلهن، بحسب خورام التي علقت بالقول "نظام التعليم ينهار".
عندما حكمت الحركة البلاد بين 1996 و2001، فرضت طالبان رؤيتها المتطرّفة للشريعة الإسلاميّة. فمنعت النساء من الخروج بدون محرم ومن العمل. كما منعت تعليم البنات، وكانت النساء اللواتي يُتّهمن بالزنا يتعرّضن للجلد والرجم.
عودة ازدهار البرقع
وتقول بولارد إنه مع ذلك، هناك عمل واحد يزدهر. ففي الولايات الأفغانية، يُعاد فتح محلات بيع البرقع، وأصبحت الملابس الزرقاء السميكة التي تغطي جسد المرأة من الرأس إلى أخمص القدمين (الرمز القمعي لحكم طالبان السابق)، هي الملبس الحتمي الغالي الثمن. ولكن ليس للجميع. وتقول خورام، التي كانت ممثلة للشباب الأفغاني لدى الأمم المتحدة في عام 2019 "أرى الكثير من النساء اللواتي لم تعاصرن فترة طالبان السابقة تقلن لن نلتزم بهذا اللباس القمعي". وتضيف "لا أعرف ماذا سيحدث للجيل الشاب من النساء الأفغانيات. لقد كنّ رائعات جدا، والآن تجلسن جميعا في المنازل يتساءلن عما سيحدث.
لقد شكل هذا الجيل أفغانستان الحديثة". وكل ما يمكن لمواطني أفغانستان القيام به هو الانتظار والقلق. وترددت أنباء عن إقلاع عشرات الرحلات الجوية بالمروحيات فوق كابول حيث هرعت الولايات المتحدة ودول أخرى لإجلاء مواطنيها تاركة الأفغان لمصيرهم . وتسيطر طالبان الآن على كل أفغانستان تقريبا، من الولايات إلى عواصهما والمعابر الحدودية مع معظم الدول الست المجاورة والآن، العاصمة، قبل الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية في 31 آب / أغسطس.
محاصرة النساء من كل الجهات
تتسرب التقارير من عمليات القتل الانتقامية القبيحة، والنساء اللواتي يطلب منهن مغادرة أماكن عملهن والعودة إلى منازلهن، والرجال الذين يطلب منهم إطلاق اللحى والفتيات الممنوعات من الذهاب إلى المدارس. وباتت أحلام الأفغان بمستقبل أفضل تتبخر الآن ليعودوا مباشرة إلى عهد التسعينيات. وعلى الرغم من المخاطر الحقيقية، لا يزال العديد من الأفغان يتحدثون بصراحة، حيث يتعامل بعضهم مباشرة مع المتحدثين باسم طالبان على تويتر، مثل موسكا داستاجير، المحاضر في الجامعة الأمريكية في أفغانستان ومقرها كابول.
وغرد داستاجير لسهيل شاهين عضو لجنة التفاوض في الحركة: "لقد سئم الأفغان من كونهم ضحايا. لن تختبئ النساء الأفغانيات. ولن نخاف". وأضاف أن " تركيز العالم بأسره ينصب على أفغانستان وكابول وطالبان وما يفعلونه". ومنذ اللحظة التي وافق فيها الرئيس السابق دونالد ترامب على الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، الذي تم توقيعه في 29 شباط / فبراير من العام الماضي، والذي استبعد الحكومة الأفغانية المنتخبة، كانت المشكلات قد بدأت تظهر.
وتعهدت طالبان، الحريصة اليوم على إظهار صورة أكثر اعتدالاً، بأنها إذا عادت إلى السلطة، احترام حقوق الإنسان، خصوصاً حقوق المرأة، بما يتوافق مع "القيَم الإسلاميّة". لكن في المناطق التي سيطروا عليها في الفترة الأخيرة، اتُّهم عناصر طالبان بارتكاب كثير من الفظائع، من قتل مدنيّين وقطع رؤوس وخطف مراهقات لتزويجهنّ بالقوة.
ودعت واشنطن إلى خفض أولي للقوات الأمريكية وإطلاق سراح خمسة آلاف سجين من طالبان. وفي المقابل، تعهدت طالبان بقطع علاقاتها مع جميع الإرهابيين، ومنع الأراضي الأفغانية من أن تصبح ملاذا للمسلحين، والدخول في محادثات سلام كان من المفترض أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار وإنهاء عقود من الحرب، وهذا ما سوف تؤكد صدقه الأيام المقبلة.
ح.ز/ ع.ج.م (د.ب.أ)