تعليم الأطفال السوريين اللاجئين بتركيا: واقع أليم وحلول طارئة
التعليم واحد من أكثر الحاجات إلحاحاً في ما يخص إغاثة اللاجئين من سوريا إلى تركيا. بعد أكثر من 6 سنوات من اندلاع الحرب لا تزال تواجه تركيا، التي تستضيف 3.2 مليون لاجئ سوري، تحديات فيما يخص الحيلولة دون تسرب التلاميذ السوريين من المدارس. وعلى الرغم من أن الجهود المشتركة من وزارة التربية والتعليم التركية والمفوضية الأوروبية أدت لتوسيع دائرة الدعم؛ إلا أن ما يقارب من 40% من الأطفال السوريين في سن التعليم المدرسي لا يذهبون إلى المدارس.
بالفيديو: أفضل 10 دول عربية في مستوى التعليم: هل بلدك بينها؟!
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
-
استيعاب مليون تلميذ مهمة صعبة
وتحول الصعوبات الاقتصادية وشرط التعلم باللغة التركية دون ذهاب الأطفال للمدارس، كما شكل عدم توافر الصفوف المدرسية ونقص الكادر التدريسي صعوبات إضافية في الحد من فرص بعض أطفال اللاجئين في دخول المدارس.
"استيعاب حوالي مليون طفل لاجئ في النظام التعليم هو عمل فريد من نوعه ولا يوجد مثيل له في كل العالم"، حسب ما يقول فيلكس ليغر، المساعد في الشؤون الصحية والتعليمة في "مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية" (إيكو).
وحتى تاريخ اليوم، تقول الحكومة التركية إنها أنفقت 25 مليار دولار على اللاجئين السوريين. وتعهد الاتحاد الأوروبي بدفع 3 مليارات دولار لتحسين ظروف اللاجئين في تركيا، وفق اتفاقيته بهذا الخصوص مع أنقرة. ومن بين المبادرات التي يسعى الاتحاد لدعمها بذلك المبلغ بناء 100 مدرسة وتشجيع العائلات لإرسال أطفالهم للمدرسة مقابل تلقي مبلغ مالي عن ذلك.
-
مراكز مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والهلال الأحمر التركي
في مواجهة معضلة تسرب الأطفال من المدارس، تعمل مراكز مجتمعية في "الهلال الأحمر التركي" ممولة من الاتحاد الأوروبي على سد تلك الثغرة؛ إذ تقوم بتقديم الخدمات اليومية كالإحالات الطبية والدعم النفسي-الاجتماعي ودروس مجانية باللغات العربية والتركية والإنكليزية وتدريب على استخدام الكمبيوتر ودورات في التدريب المهني ونشاطات لامنهجية أخرى.
"الأطفال جزء من هذا الجيل الضائع بسبب الحرب في سوريا. يستطيع الأطفال السوريون التكلم بالعربية، إلا أنهم أميون"، يقول رينان توركولو مدير أحد تلك المراكز في أنقرة. ويتابع أن نصف الأطفال الذين يرتادون المركز "لم يذهبوا إلى المدرسة". ويرجع أسباب ذلك إلى "العوائق اللغوية والاقتصادية والبيروقراطية".
لا ينخرط السوريون في تعلم اللغة التركية للحصول على فرص عمل ذات أجر أعلى فقط، بل ولدواعي أخرى. تقول سميرة المهندس، ذات الـ37 عاماً والأم لثلاث أطفال، إنها تعلمت التركية ليكون بمقدورها فهم والتعامل مع الطبيب التركي، الذي يعالج أحد أبنائها. يعاني الولد من الصرع بعد تلقيه ضربة على الرأس في سوريا. إلى جانب تعلم اللغة التركية ونظراً لظروفها الاقتصادية الصعبة، بدأت سميرة في تعلم مهنة الحلاقة في أحد تلك المراكز المجتمعية.
-
صعوبات الإدماج في النظام التعليمي التركي
تقدم مراكز مجتمعية أخرى في تسع مدن تركية كبرى تدريباً مهنياً وبرامج لغوية مشابهة. وبينما تُعد تلك المبادرات خطوات إيجابية على طريق إدماج السوريين في تركيا، يواجه السوريين الراغبين بمتابعة تحصيلهم العلمي الجامعي صعوبات جمة، حسب ما يرى عمر كادكوي الباحث في إلاندماج في "المؤسسة التركية للبحوث الاقتصادية" (TEPAV).
وحتى في حال تمكَّن الطلاب السوريون من ناصية اللغة التركية، لا تبدو فرص الكثير منهم في دخول الجامعة كبيرة.
يقدر عمر عدد السوريين الذين يرتادون مراكز التعليم المؤقتة بـ280 ألفاً. ويصف الباحث مستوى اللغة التركية المقدم هناك بأنه "غير كافٍ لتحضير الطلاب للدخول في المدارس العامة" ويقترح التركيز على توفير مستوى جيد من تعليم اللغة التركية قبل أي شيء آخر.
بالفيديو: تعرف على أفضل 10 جامعات في الدول العربية لعام 2017
غير أن الوصول لتلك الغاية يستلزم "التغلب على معضلات بنيوية كنقص المعلمين والمدارس"، حسب ما يفيد عمر كادكوي. في السنوات الماضية عملت وزارة التربية والتعليم التركية على معالجة مشكلة نقص الصفوف الدراسية فضلا عن إدخال نظام العمل بورديتين: صباحية ومسائية، أو حتى 3 ورديات في اليوم الواحد.
وفي سبتمبر الماضي طلبت وزارة التربية والتعليم التركية من بلديات اسطنبول إرسال الطلاب السوريين إلى المدارس الدينية لتخفيف الحمل على المدارس العامة. الأمر الذي دفع بعض المدافعين عن التعليم إلى دق نواقيس الإنذار.
دييغو كوبولو/(خ.س) -