"تجار البشر لديهم سجون في ليبيا والنساء يتعرضن للاغتصاب"

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 03 يونيو 2019

أمضى يان-فيليب شولتس عدة سنوات مراسلاً لمؤسسة DW الإعلامية في جنوب الصحراء الكبرى. يسلط الضوء في كتابه الجديد "الإتجار بالبشر: بزنس الهجرة والعبودية الحديثة" على ظاهرة الإتجار بالبشر من أفريقيا إلى أوروبا وكيف أصبحت صناعة قائمة بحد ذاتها. وخلص شولتز إلى أن تلك الصناعة قد تطورت في السنوات الأخيرة، ولا يعزوها إلى الاستثمار الأوروبي في ضبط الحدود أمنياً والعلاقات التجارية الاستغلالية بين الشركات الأوروبية والنخب الأفريقية الفاسدة فقط، بل إلى التواطؤ الأوروبي مع النظم القمعية في القارة السمراء أيضا.

مهاجر نيوز: التقيت في السنوات الخمسة الأخيرة بالكثير من المهاجرين المتجهين صوب أوروبا وببعض من عاد أدراجه بعد تعرضه للاستغلال من عصابات التهريب. ما هي التجارب التي حدثك عنها العائدون؟

يان-فيليب شولتز: تحدثوا عن إساءات رهيبة في الصحراء، في مراكز الاعتقال في الجنوب الليبي. وفي تلك المنطقة يوجد العديد من السجون الخاصة التي تديرها شبكات التهريب. والتقيت مهاجرين كانوا محتجزين فيها وبدت عليها آثار الحروق والجروح العميقة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

تعرضت الكثير من النساء للاغتصاب والاستغلال الجنسي. وسمعت قصصاً عن نساء تم عرضهن للبيع بالمزاد العلني في أحد السجون الخاصة تلك في جنوبي ليبيا. وانتهى المطاف بتلك النسوة المبيعات إلى الدعارة، إما في ليبيا أو في أوروبا.

هل يعلم المهاجرون عن المخاطر التي تنتظرهم؟



-صعقت لمدى المعرفة المتواضعة لديهم. البعض لم يكن لديه أدنى فكرة عن المسافة إلى أوروبا، وماذا يعني قطع الصحراء الكبرى.

يحاول بعض العائدين وقد خاب أملهم من المهربين، نصح من يود سلوك الطريق نفسه. إلا أن الكثيرين لا يصغون ولا يتعظونمن عبر غيرهم، وذلك إما لسذاجتهم أو لمدى جهلهم بالمخاطر وحجمها. ولكن ما صعقني أكثر هو الرغبة بالمحاولة بالرغم من المخاطر، معتقدين أن الحظ سيحالفهم ولن يواجهوا نفس المصير.

يلعب الدين والمعتقد دوراً كبيراً هنا، سواء أكان مسيحياً أو مسلماً. يقولون إنهم يضعون أنفسهم بين يدي الله وهو من سيحميهم. لسوء الحظ، ينتهي بهم الأمر بين يدي تجار البشر.

هل تساعد هنا حملات التوعية؟ ألا يوجد معلومات كافية بهذا الخصوص؟

-هناك حملات توعية عديدة من منظمات دولية ووسائل إعلام. ولكن لا يجب أن ننسى أن من عانى من الاستغلال من العائدين لا يريد التحدث عن تجربته. ويعود ذلك للشعور بالخجل أو المعاناة من اضطرابات ما بعد الأزمة النفسية. كما لا يحب البعض أن يراه معارفه وأهله فاشلاً، فينشر على وسائل التواصل عن أنهم بخير وهو عكس الحقيقة.

البعض يبدأ رحلته مع مهرب، قد يكون جاراً له. في أي مرحلة من الرحلة يبدأ الاستغلال؟

-الكثيرون، وخاصة في أفريقيا الغربية وأفريقيا الوسطى، يسافرون على مراحل. يستقلون حافلة إلى مناطق كأغاديز في النيجر حيث لا يحتاج المرء لتأشيرة دخول. بعد ذلك لا يعرف المهاجرون الطريق وحدهم فيقعون في يد المهربين الذين يتقاضون منهم مبالغ مالية لقاء وعود بإيصالهم للبحر الأبيض المتوسط. المهربون بدورهم يقومون بتسليمهم لتجار البشر ويتقاضون لقاء ذلك مبالغ مالية من عصابات الإتجار بالبشر. ومن هنا نرى أن المهربين يحققون أرباحاً مضاعفة. عصابات الإتجار بالبشر تسيطر على مساحات واسعة وتدير سجونها الخاصة.

ماذا يحدث بعد الاعتقال في تلك السجون؟

-ينتهي المطاف بالآلاف في السجون الخاصة بعصابات الإتجار بالبشر. على الغالب يتم الاتصال بعائلات المعتقلين في محاولة لابتزازهم والحصول على فدية. يتم تعذيب المعتقلين، بينما يتفاوض المتاجرون بالبشر مع عائلاتهم هاتفياً بحيث يتم سماع صراخ المعتقلين. سمعت قصصاً رهيبة عن أنواع مختلفة من طرق التعذيب.

في كتابك، تتحدث عن إتجار ممنهج بالنساء لغرض الدعارة. ما مشاهداتك على الأرض؟

-بالنسبة للنساء، تبدأ المأساة في بلدهن الأصلي حيث ينشط المتاجرون بالبشر بشكل مباشر. وهذا هو الحال في نيجيريا على وجه الخصوص. يلجأ المتاجرون إلى طقوس دينية لخداع النساء وتقديم الوعود بتأمين إيصالهن إلى أوروبا بالمجان. وفي الطريق يخضعن لمراقبة لصيقة أكثر من الرجال الذين يسافرون على مراحل.

وحال الوصول إلى أوروبا يجبرن على ممارسة الدعارة بموجب عقد "عبودية" يتوجب على النساء بمقتضاها كسب 40 ألف يورو من عملهن بالدعارة حتى يحصلن على حريتهن.

تلك التجارة مورست على مدار عقود، ولكن كانت تديرها مجموعات صغيرة. اليوم أصبحت هذه التجارة أكثر تنظيماً ووحشية وتديرها شبكات مافيا كـ Black Axe.

وماذا عن الاستغلال الجنسي للرجال؟

-أعتقد أن القضية أكبر مما نعتقد. بيد أن الحديث عنها من المحرمات. تحدثت مع العديد من المهاجرين الذكور الذين لمحوا إلى مثل تلك الممارسات مرة بعد مرة.

لو بحث المهاجرون عن مساعدة في دول المرور، ما هي احتمالية تلقيهم مساعدة من السلطات المحلية؟

من الصعب التعميم، لكن أعتقد أنه يمكن القول إن هناك فساد كبير والسلطات المحلية تعلم ما يجري وتجمع المال من عصابات الإتجار بالبشر. كما يستفيدون من المهاجرين عن طريق الرشاوى. في مرات كثيرة يكون التورط في المستويات العليا من السلطة. معظم دول العبور صحراوية، ما يعني أن الحكومة لا سلطة لها ويسود الفراغ القانوني.

تتدخل المنظمة الدولية للهجرة كثيراً بشكل فعال. بيد أنها ليست وحدة شرطة ولا حول ولا قوة لها عند مواجهة الميلشيات المسلحة.

في كتابك، تحلل البناء السياسي وراء بزنس الهجرة. إحدى اطروحاتك تقول إن أوروبا متورطة على عدة مستويات. فسر لنا ذلك باختصار!

المسألة معقدة ولها عدة مستويات. التواطؤ كلمة كبيرة، بيد أن أوروبا ساهمت في المشكلة بعدة طرق منها: الاتفاقيات التجارية غير العادلة مع الدول الأفريقية والدعم للمزارعين الأوروبيين، ما ساهم في المزيد من إفقار نظرائهم الأفارقة. يضاف إلى ما سبق تعامل الشركات الأوروبية مع النخب الفاسدة لاستغلال موارد أفريقيا الغنية. أوروبا لم تفعل ما يجب فعله لتنأى بنفسها عن تلك النخب.

كما أن أوروبا منافقة في ملف الهجرة؛ من جهة ترحب وتؤكد على حق اللجوء، ومن جهة أخرى تفعل ما بوسعها لمنع وصول المهاجرين إليها كالبنى التحتية عالية التكنولوجية على الحدود.

بالطبع النخب الأفريقية يجب أن تتحمل مسؤولية خلق فرص أكثر لمواطنيها. ويتعين عليها أيضاً التعاون في استعادة مواطنيها وعدم تركهم وقد تقطعت بهم السبل في غياهب منظومة اللجوء الأوروبية.

أجرت الحوار: شارلوته هاوسوفدل
ترجمة: خالد سلامة - مهاجر نيوز