تاريخ شبكة الانترنت، تطورها وآثارها العالمية

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الخميس، 01 أغسطس 2024

This browser does not support the video element.

مقالات ذات صلة
تشارلز داروين.. عالم التاريخ الطبيعي صاحب نظرية التطور
تاريخ الملابس وصناعتها ومراحل تطورها عبر التاريخ
الصين تطور شبكة اتصالات الجيل السادس ‎6G

الإنترنت، نظام عالمي من الشبكات الحاسوبية المتصلة تبادلياً، والتي تستخدم ما يسمى ب"حزمة بروتوكولات الإنترنت" (TCP/IP) لتصل مليارات الأجهزة حول العالم، فالإنترنت شبكة من ملايين الشبكات الخاصة والعامة والأكاديمية والتجارية والحكومية المتراوحة في حجمها ومداها من المحلية للعالمية حتى، تتصل ببعضها البعض عبر تشكيلة كبيرة من الإلكترونيات سواء اللاسلكية منها أو الكوابل الضوئية.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

 

برتوكولات وطرق الوصول ونقل البيانات عبر شبكة الإنترنت

تقدم الشبكة العالمية عدداً كبيراً جداً من الخدمات المتنوعة، التي تصنف تبعاً للفئة التي تتبع لها، وهذه الفئات مختلفة وفقاً لبروتوكول المشاركة الذي تعتمده، وأهمها:

شبكة بعرض العالم (World Wide Web) أو اختصاراً (WWW)

مع أن هذا المصطلح يستخدم كثيراً بنفس معنى الإنترنت، فهو مختلف عنه فعلياً، فالشبكة بعرض العالم (WWW) جزء من الإنترنت فقط، وهو الأكثر استخداماً بين بلايين الأشخاص حول العالم بشكل دائم، حيث يحوي المواقع الإلكترونية (لذلك تبدأ العناوين عادة ب WWW)، كما أنه يستخدم بروتوكول نقل النصوص التشعبية (Hypertext Transfer Protocol) الذي يسمى اختصاراً (HTTP).

تقريباً جميع المواقع الإلكترونية (عدا تلك الخاصة بالشبكة المظلمة) موجودة على ال"ويب"، إضافة لكونه مستخدماً من قبل العديد من التطبيقات التي لا تستخدم المتصفحات مثل: (Instagram) و (Snapchat) وسواها، يمكن الوصول للويب عن طريق برمجيات تسمى "متصفحات" مثل: (Google Chrome) و (Mozilla Firefox) و (Microsoft Internet Explorer) وسواها، حيث تطلب الوصول للمواقع عن طريق "معرّفات الموارد الموحدة" (Uniform Resource Identifiers) أو اختصاراً (URI)، وتدعم لغة ترميز النصوص التشعبية (Hypertext Markup Lnguage) أو اختصاراً (HTML).

شبكة التواصل عبر الانترنت

بدأ نشاط التواصل عبر الإنترنت بشكل مبكر قبل الويب حتى، حيث كان البريد الإلكتروني هو البداية باستخدام "بروتوكول الوصول للرسائل عبر الإنترنت" (Internet Message Access Protocol) اختصاراً (IMAP) أو بروتوكول مكتب البريد من الجيل الثالث (Post Office Protocol 3) اختصاراً (POP3).

كان الوصول للبريد الإلكتروني يتم عن طريق تطبيقات مخصصة لذلك في بدايات الإنترنت مثل: Outlook Express الخاص بـ Microsoft و Thunderbird الذي نشأ في بيئة Linux. اليوم يمكن الوصول للبريد الإلكتروني عن طريق الويب عبر تسجيل الدخول إلى الصفحة الخاصة بمزودي خدمة البريد الإلكتروني مثل Gmail التابع لعملاق البحث Google و Hotmail التابع ل Microsoft.

بالإضافة للبريد الإلكتروني، تُشمل الخدمات الهاتفية ضمن هذا القسم حيث تستخدم بروتوكول نقل الصوت عبر الإنترنت (Voice-over-Internet Protocol) اختصاراً (VoIP)، لتقديم خدمات تضاهي خدمات الهاتف التقليدية وكثيراً ما تتفوق عليها خصوصاً في مجال السعر الذي يكون مجانياً أو شبه مجاني، كان Skype (الذي استحوذت عليه Microsoft لاحقاً) أحد أول رواد هذه التقنية، لتتبعه بعدها العديد من الشركات ويصبح الاتصال الصوتي متوفراً عبر العديد من التطبيقات مثل: (Whatsapp و Viber و Facebook Messenger).

شبكة نقل البيانات

أبرز أمثلة نقل البيانات هي تحميلها أو رفعها كملفات، عن طريق بروتوكول نقل الملفات (File Transfer Protocol) اختصاراً (FTP) أو عن طريق شبكات الند للند (Peer to Peer Networks) اختصاراً (P2P) التي تستخدم عادة عند تحميل ملفات باستخدام وكلاء Torrent أو كمرفقات للبريد الإلكتروني، وتستخدم تقنيات نقل الملفات اليوم بشكل أساسي للبث المباشر (Live Streaming)، كما في مواقع الفيديو مثل: Youtube أو مواقع البث التي انتشرت مؤخراً ك Netflex و Hulo.

 

تاريخ الشبكة العالمية (Internet)، البداية والانتشار

يمكن القول أن البحث في مجال الإنترنت بدأ منذ ستينات القرن العشرين مع بدء أبحاث تحويل الحزم حينها، فمن نهاية الستينات حتى بداية السبعينات كان البحث في مجال تحويل الحزم كما في شبكات (CYCLADES و NPL Network و ARPANET) التي كانت الأبرز، حيث استخدمت عدة بروتوكولات للعمل وسمحت بضم الشبكات مع بعضها، لعل أول تطوير في هذا المجال بدأ مع ربط شبكتي جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس (University of California, Los Angeles) ومدرسة هنري سامويلي للهندسة والعلوم التطبيقية (Henry Samueli School of Engineering and Applied Sciences) بنظام NLS الخاص بمنظمة SRI العالمية عام 1969. مع بداية السبعينات ظهرت هذه الشبكات في أوروبا، وبحلول عام 1973 بدأت الشبكات الدولية بالظهور.

بحلول عام 1982 كان قد تم اعتماد حزمة بروتوكولات الإنترنت (TCP/IP) بشكل موحد مما سيسهل دمج الشبكات ووصلها لاحقاً، أما التطوير اللاحق أتى عام 1986 مع السماح للباحثين بالوصول إلى مواقع الكومبيوترات الخارقة (وهي أجهزة كومبيوتر بقدرات معالجة وتخزين كبيرة جداً تستخدم للأبحاث وتحتاج طاقة كبيرة جداً بالإضافة لحجمها الهائل). كان هذا الوصول أولاً بسرعة لا تتجاوز 56 kbit/S لتتصاعد لاحقاً إلى 1.5 Mbit/S ومن ثم 45 Mbit/S.

بدأت شبكة الإنترنت بالانتقال للحيز التجاري مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات لتصبح مفتوحة تماماً دون قيود على الجزء التجاري بحلول عام 1995 وحل NSFNet. حيث انتشر الإنترنت التجاري إلى أوروبا أواسط وأواخر الثمانينات ووصل آسيا بين أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، فكانت الاتصالات العالمية ما تزال تعتمد اتصال الأقمار الصناعية ذات السرعات المنخفضة، ولتبدأ شبكة الويب بعدها بحلول نهاية عام 1990 مع إصدار النسخ الأولى من بروتوكول نقل النص التشعبي (HTTP) ولغة ترميز النص التشعبي (HTML)، إضافة لأول المتصفحات (الذي كان يحوي أداة تعديل ل HTML ودعماً لبروتوكول نقل الملفات FTP).

لاحقاً منذ عام 1995 حتى الآن استمرت شبكة الإنترنت بالنمو المتزايد محدثة تغيرات كثيرة ابتداءً من السماح بالتواصل المباشر عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل الفورية وصولاً إلى شبكات التواصل الاجتماعي اليوم، ترافق ذلك مع تزايد مستمر بالسرعات سمح بالوصول لسرعات تصل حتى 10 Gbit/S وأكثر.

ووفقاً لاتحاد الاتصالات الدولية، فقد نمت نسبة مستخدمي الإنترنت من 16% من عدد البشر الإجمالي تقريباً عام 2005 حتى 30% عام 2010 و 40% عام 2014. رافق ذلك ازدياد نسبة المعلومات التي يتم تداولها عبر الإنترنت، فبينما تم تداول أقل من 1% من البيانات عبر الإنترنت عام 1993، وصلت هذه النسبة حتى 97% عام 2007 مما يجعل الإنترنت -بلا منازع- المكان الأساسي لنقل وتبادل المعلومات اليوم.

 

تأثير الانترنت على حياتنا

سمحت شبكة الإنترنت بأنواع جديدة من التواصل والتفاعل الاجتماعي بشكل غيّر وجه العلاقات الاجتماعية ووجه الحضارة البشرية بشكل كبير جداً، فمع اتصال الإنترنت عالي السرعة انتقل العالم تدريجياً نحو اندماج ثقافي أكبر وأكبر.
يمكن تصنيف التأثيرات التي أحدثتها شبكة الإنترنت وفق ما يلي:

ارتفاع متزايد في عدد مستخدمي الانترنت

نما عدد مستخدمي الإنترنت عبر الوقت بشكل مضطرد، فالعدد ازداد من حوالي 394 مليون مستخدم عام 2000 إلى 1.86 بليون مستخدم عام 2009، وبحلول عام 2010 كان يجري بليون عملية بحث على محرك البحث Google يومياً بالإضافة لوجود حوالي 300 مليون قارئ يومي للمدونات وأكثر من بليوني عرض لفيديو على موقع Youtube (مع العلم أن موقع بث الفيديو الذي هو الأكبر في العالم يتبع لعملاق البحث Google).

بالوصول لعام 2014 كان مستخدمو الإنترنت حول العالم قد تخطو 43% من إجمالي السكان، لكن معظم المستخدمين ما زالوا من الدول المتقدمة، فبينما يتم استخدام الإنترنت في الدول المتقدمة من قبل 78% من الأشخاص، وصلت النسبة إلى 30% فقط في الدول النامية عام 2014.

بطبيعة الحال فاللغة المسيطرة هي الإنجليزية بلا منازع، ف 27% من مستخدمي الإنترنت يستخدمونها كلغة أساسية و 55% من المواقع صفحاتها باللغة الإنجليزية. ربما يعود ذلك إلى مصدر الإنترنت (كونها أتت من الولايات المتحدة)، لكن الاحتمال الأكبر أن الأمر يعود ببساطة لسيطرة اللغة الإنجليزية على الساحة العالمية وتربعها على عرش أقوى اللغات في العالم.

تطور طرق ووسائل استخدام الانترنت

عند بداية الإنترنت ولفترة ممتدة من الزمن كان الوصول للإنترنت محصوراً بالمؤسسات خصوصاً العلمية منها، ومع الانتقال للإنترنت التجاري بقيت الحواسيب مسيطرة على استخدام الإنترنت حتى اختراع الهواتف الذكية. حيث كانت الهواتف الذكية نقلة كبيرة في عالم الإنترنت بحيث سمحت بالوصول للشبكة من أي مكان ومن أماكن متعددة، وأصبحت بعدها الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية ونظارات الواقع المعزز والواقع الافتراضي وحتى مشغلات الألعاب (مثل: Sony Playstation و Microsoft Xbox وغيرها) والشاشات الذكية قادرة على الاتصال بالشبكة بسبل متعددة، بداية من الاتصال عن طريق ال ADSL وصولاً للاتصال عن طريق الشبكات الخليوية من خلال GPRS الخاصة بالجيل الثاني من شبكات المحمول حتى تقنية LTE الخاصة بالجيل الرابع التي أصبحت متاحة في السنوات الأخيرة.

ظهور شبكات التواصل الاجتماعي

العديد من المستخدمين يبحثون في الإنترنت عن الأخبار وأحوال الطقس والرياضة وحتى حجز الرحلات وتخطيط الأحداث وسواها، لكن مع الأعوام الأخيرة تصاعد استخدام الشبكات الاجتماعية بشكل كبير جداً بحيث أصبح موقع Facebook الشهير ثاني أكثر موقع يتلقى زيارات (بعد عملاق البحث Google). بالإضافة لذلك فقد ازدادت هيمنة التواصل المباشر عبر الإنترنت باستخدام التراسل المباشر أو مكالمات الصوت والفيديو مؤخراً، فتطبيق Whatsapp الشهير تخطى حاجز بليون مستخدم فعال في شباط/فبراير 2016 ليكون أكثر تطبيقات التراسل شعبية.

هذا النمو المضطرد للتواصل الاجتماعي خلق مخاوف كبيرة مؤخراً، سواء كمخاوف على المعلومات الشخصية أو كونه يسهل عمل المتلصصين ويجعل "سرقة الهوية" أقل عناء حتى، إضافة للمخاوف التي تتعلق بالأطفال والمستخدمين تحت السن القانوني الذين قد يسهل خداعهم واستدراجهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

العمل من خلال شبكة الانترنت

مع انتشار الإنترنت وازدياد عدد المستخدمين أصبحت العديد من الشركات تنتقل للحيز الإلكتروني، فالإنترنت يتيح منصة ممتازة للبيع كما أنه منصة الأخبار المفضلة حالياً ومناسب بشدة للصحف والمؤسسات الإعلامية، بعد ذلك انتقل الأمر إلى شركات تعتمد الإنترنت كواجهة كلية لعملها، فعدا عن عمالقة الشبكات الاجتماعية، تدير شركات مثل eBay و Amazon أعمالها بالكامل على الشبكة العالمية، كما تعتمد الكثير من الشركات الناشئة خصوصاً في عالم التقنية على الإنترنت كمنصة ترويج وبيع لبضائعها حتى.

العمل السياسي الالكتروني

مع صعود المنتديات الخاصة بالنقاش وشبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها نسب متزايدة من البشر، أصبح العمل السياسي أمراً ممكناً بشكل إلكتروني، فالحملات الانتخابية للمرشحين للمناصب الحكومية أصبحت تعير جانباً كبيراً للعمل الإلكتروني اليوم، كما أن التنظيم والتواصل على الإنترنت أصبح يسمح للناس من وجهات نظر سياسية متقاربة التنسيق والعمل بشكل فعال أكثر لتمرير تشريعات توافق تطلعاتهم أو لتحقيق ضغوط سياسية لتلبية حاجاتهم.

العمل الخيري والانساني من خلال الانترنت

انتشار الشبكة العالمية المتزايد في الدول النامية أصبح يسمح بنقل الأوضاع السيئة للناس خلال الأزمات والكوارث بشكل فعال أكثر، هذا الأمر ساهم في جعل جمع التبرعات والعمل الخيري أمراً أسهل بكثير من السابق، فالجمعيات الخيرية أصبحت قادرة على توفير نفقات هائلة باتباع العمل الإلكتروني بدلاً من افتتاح مراكز تقوم بنشر قضاياها المطروحة بالشكل التقليدي، كما أن ازدياد استخدام الصرافة الإلكترونية وسهولة تحويل المال زاد من سهولة التبرع للجمعيات الخيرية.

في النهاية... أصبحت شبكة الإنترنت اليوم جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، وتحمل معها الكثير من التقدم الذي يُتوقع منه أن يسهل حياتنا المستقبلية بشكل كبير جداً، وربما حتى أن يسهم في حل النزاعات والاضطرابات الاجتماعية عن طريق تعريف الناس على الثقافات الأخرى والإسهام الفعال في التبادل أو حتى الدمج الثقافي.