تأثير الصيام في رمضان على العمل
مع حلول شهر رمضان المبارك الذي يمثل تغير في كافة عادات الأشخاص الدينية والاجتماعية والغذائية يتبادر إلى الأذهان أسئلة حول إمكانية تأثير الصيام على العمل الذي يعتبر متطلب معيشي واجتماعي ضروري لاستمرار الحياة وكذلك عبادة حثّ الدين عليها.
ما هي أهم الأفكار والممارسات الخاطئة المتعلقة بتأثير الصيام على النشاط والعمل؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كثير من الأشخاص لايصومون الصيام الصحيح من الناحية الشرعية والصحية، وهذا ما يجعلهم يميلون إلى الأفكار وإجراء بعضاً من الممارسات الخاطئة. لذلك فإن الخطأ الحقيقي هو في الطريقة الخاطئة للصيام وليس بالصيام نفسه!
كثير من الأشخاص في مجتمعاتنا يبني فكرة مسبقة أن رمضان شهر الكسل ونقص إنتاجية العمل والنشاط الجسماني، وعلى هذا الأساس نجد الكثير من يعتبر أن شهر رمضان بمثابة عطلة أو شبة عطلة عن أداء مهام العمل، ويتم تنفيذ أهم المهام قبل رمضان أو تأجيلها بعد رمضان بداعي التفرغ للعبادة مع أن الدين الإسلامي هو دين عمل ويحض على إتقانه!
الأدهى من ذلك أن البعض يُنسب قلة الإنتاجية والنشاط في شهر رمضان للصيام رغم أن الصيام الصحيح بريء من هذه الادعاءات.
من خلال الأدلة العلمية... ما هو رد العلم على هذه الأفكار والممارسات؟
1- الصيام الصحيح:
- من منطلق أن معظم الأفكار والممارسات التي ذكرناها ناتجة عن عدم اتباع الطريقة الصحيحة والصحية في الصيام فإنه لابد لنا أن نتعرف أولاً على الصيام الصحيح من ناحية صحية.
- الصيام الصحيح في رمضان يشبه ما يعرف عالمياً بالصيام الطبي أو المتقطع وهو إحدى الطرق المتبعة في علاج بعض الأمراض حيث يكون فيهما امتناع عن الطعام لساعات معينة تتراوح وسطياً بين 12–16 ساعة ( وفيها يقل مستوى الغلوكوز في الدم فيقوم الجسم بتحليل الغليكوجين في الكبد إلى غلوكوز لتلبية متطلبات الجسم حيث أن هذا المخزون من الغليكوجين يكاد ينفذ بعد 12–16 من الامتناع عن الطعام)، وفي الساعات المتبقية يتم تناول الطعام الصحي المتوازن.
- إن الإفطار الصحيح هو بمثابة الصيام الصحيح فعندما يتم إدخال كميات كبيرة من الدسم والبروتينات مباشرة إلى الجسم فهذا يؤدي إلى التخمة ومشاكل هضمية وهبوط في الضغط وآلام في الرأس وإرهاق وتخزين كمية كبيرة من الشحوم التي لها أضرار على الجسم، وهذا يعني أن الصيام قد فشل من الناحية الصحية.
- يُفضل الإفطار أولاً على السكريات المعتدلة (سكريات الفواكه والعصائر وليس الحلويات) لأنه في نهاية يوم الصوم يهبط مستوى تركيز الغلوكوز في الدم ويكون قد تحلل كل المخزون من الغليكوجين الكبدي تقريباً، ويكون الجسم بحاجة إلى ما يرفع مستوى الغلوكوز في الدم ، ثم يُنصح بتناول وجبات متقطعة تحوي على كافة العناصر الغذائية من بروتينات ودسم وخضار وفواكه. وبالطبع يجب تناول كميات كافية من الماء ولكن لا يُنصح بتناولها أثناء الوجبات.
- كما أن وجبة السحور لا تقل أهمية عن وجبة الإفطار، لذلك يجب الاعتناء بها لأنها ستمد الجسم بالطاقة خلال النهار؛ فيجب التركيز مثلاً على الخبز الأسمر والحبوب الكاملة (كالأرز والبرغل والذرة) التي يستغرق هضمها وامتصاصها فترة أطول ويشعر الفرد بعدها بالشبع لفترة أطول.
2- الصيام والعمل:
• الصيام يزيد معدل الاستقلاب (الأيض) وإنتاج الطاقة:
- ذكر صاحب كتاب التداوي بالصوم (شيلتون) بعضاً من فوائد الصيام كان أهمها: تعزيز الاستقلاب والطاقة وإنتاجية العمل وطرح الفضلات والسموم وتجدد الخلايا.
- إن التجارب التي أُجريت على الإنسان وأجريت على الحيوانات في المختبر الحيوي في جامعة شيكاغو والتي نُشرت نتائجها في مجلة الأبحاث الاستقلابية قد أظهرت أن الصوم لمدة 30-40 يوماً يعطي زيادة في الاستقلاب مقدارها 5-6%، ويزيد معدل الاستقلاب في الجسم وطرح السموم المتراكمة واستبدال الأنسجة الميتة والضعيفة بأنسجة جديدة شابة وهذا ما يعيد الحيوية والنشاط للجسم.
• الصيام يزيد التركيز أثناء العمل:
- أشارت دراسات حديثة إلى أن الصيام يزيد من مستوى التركيز أثناء العمل بسبب تحسن فعالية الاستقلاب وتجدد الخلايا أثناء الصيام ومنها خلايا الدماغ، كما أن الدماغ لم يعد مشغولاً بالطعام لفترة طويلة، وأصبح أكثر قدرة على التركيز في العمل.
- زيادة الهرمون المضاد لإدرار البول طوال فترة الصيام في شهر رمضان قد يكون لـه دور هام في تحسين القدرة على التعلم وتقوية المذاكرة، وقد ثبت ذلك بالتجربة على حيوانات التجارب، فالقدرة العقلية قد تتحسن عند الصائمين بعكس ما يعتقده عامة الناس!
• العطش أثناء الصيام يزيد إنتاج الطاقة:
- أشارت دراسات إلى أن هناك علاقة بين العطش وبين تحلل الغليكوجين؛ إذ يسبب العطش إفراز جرعات من هرموني الأنجوتنسين والهرمون القابض للأوعية الدموية اللذين يساهمان في تحلل الغليكوجين في إحدى مراحل تحلله بخلايا الكبد. فكلما زاد العطش زاد إفراز هذين الهرمونين بكميات كبيرة مما يساعد في إمداد الجسم بالطاقة خصوصاً في نهاية اليوم.
• الرضا الروحي للصائم يزيد القدرة على العمل:
- دراسة مذهلة تشير إلى أن الرضا عن النفس عند الشخص الصائم والناتج عن قيامه بالعبادة يزيد القدرة على تحمل الجوع ويدفعه إلى العمل وإتقانه.
• العمل يزيد القدرة على مقاومة الصيام:
- أوضحت دراسة أن الجوع الذي قد يحس به الشخص في وقت من أوقات الصيام يمكن التخلص منه من خلال العمل حيث أنه أثناء التركيز في العمل والنشاط يزيد إفراز الهرمون الكابت للشهية.
كما يشير بعض العلماء إلى أن تناقص مخزون الغليكوجين الذي يستخدم للحصول على متطلبات الجسم من الغلوكوز خلال نهار الصيام يمكن تعويضه من خلال العمل والنشاط الذي يدفع لتحلل الدسم وإنتاج الغلوكوز والطاقة.
حالات خاصة:
1- تشير الدراسات إلى أن بعض المرضى قد يخف نشاطهم وتتأثر حالتهم الصحية، لذلك يجب أن يكون صيامهم تحت إشراف طبي.
2- أن هناك بعض الأشخاص قد ينخفض نشاطهم الجسماني والعقلي في أول ثلاثة أيام من رمضان بسبب التغير المفاجىء في نمط حياتهم ثم يعود نشاطهم بشكل أكبر مما كان عليه، والحل مع هؤلاء هو تعويد أجسامهم على الصيام بالتدريج قبل رمضان.
3- بالنسبة للمدخنين والأشخاص الذين يتناولون المنبهات بشكل مفرط يُعاملون كذلك كحالة خاصة تستدعي الإشراف الطبي ويحتاجون لنظام غذائي خاص ويُنصح أن يقللوا تدريجياً من التدخين والمنبهات قبل رمضان للتقليل من أعراض الانسحاب خلال الصيام والتي منها قلة النشاط والعمل.
الخلاصة:
إن العديد من الدراسات العلمية تشير إلى أن تأثير الصيام على العمل والنشاط هو تأثير إيجابي وليس سلبي كما يعتقد البعض، ولكن على أن يكون ذلك الصيام صياماً صحيحاً كما شرعه الدين ونصح به الأطباء؛ حينها تزداد الإنتاجية ويصبح العمل عبادة رمضانية كسائر العبادات ولا يحدث هذا التقاعس عن العمل الذي نجده في مجتمعاتنا الإسلامية للأسف بحجة الصيام. بل إن بعض الدراسات أشارت إلى إن العمل والنشاط قد يُحسن القدرة على مقاومة الصيام.
هناك حالات خاصة من الأشخاص قد يتراجع لديها العمل والنشاط أثناء الصيام تبعاً لطبيعة جسمها، ولكن يمكن التغلب على ذلك من خلال وجود الإشراف الطبي والتعود التدرجي على الصيام قبل البدء به فعلياً.
نقلاً عن: تأثير الصيام في رمضان على العمل
الصيام يطهر الجسم من السموم ويطيل العمر
كيفية التعامل مع الصوم بطريقة دقيقة ومنضبطة