بولغري تعرض أول مجموعاتها من العطور الرجالية الفاخرة
-
1 / 8
تزيح بولغري الستار عن مجموعتها الجديدة المكرسة للرجال ضمن سلسلة مجموعات عطور لو جيم Le Gemme؛ لتفتح بذلك فصلاً "ثورياً" جديداً في سجل حكاية صانع المجوهرات الروماني. وقد كان مقدراً أصلاً لدار بولغري، سيدة الأحجار الكريمة الملونة، أنها ستجوب يوماً ما كل طرق العالم، لا بحثاً عن التناغمات الخفية بين الأحجار النفيسة وبين العطور فحسب، بل وكشف أسرارها أيضاً. وعلى هذا، فقد رأت أول مجموعة من سلسلة عطور لو جيم للنساء النور عام 2014 في احتفاء "عطري" بأربعة من الأحجار النفيسة التي صارت مجتمعة تشكل رمزاً من رموز صائغ المجوهرات الروماني. وهكذا، فإن رحلة بولغري المزدوجة عبر عالمي الأحجار الكريمة والعطور قد أعادت الروح لعالم خرافي من المغامرات على امتداد الطرق الشهيرة وعبر أصقاع تعج بالأساطير، ابتداءً بحوض البحر المتوسط وليس انتهاءً بالشرق الأقصى. وبإصدارها مجموعة عطور لو جيم الرجالية، فإن بولغري إنما ترسم خارطة عصرية جداً لمملكة الرجولة التي نصبَّت رجل القرن الحادي والعشرين ولي عهد لها.
طريق جواهر بولغري
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
منذ أمد ليس بالقصير، ورثت بولغري هذا الولع الشديد بالأحجار الكريمة والبحث عنها، وبالأساطير التي تقترن بها، وبأساليب تقطيعها وصقلها. وكان سيد صنّاع العطور والمجوهرات قد ألقى بمرساة منابع إلهامه ومهاراته الإبداعية في صلب هذه الذاكرة العريقة التي يعاود زيارتها اليوم ليستحضرها في مجموعته من العطور الرجالية الفاخرة، التي تأتي أشبه بأربعة "مجلدات" من موسوعة "مدمجة" تغازل حاستي اللمس والشم وتستشرف مسالك المعرفة والجمال.
وبفضل خصائصه التي اتسمت بالقدسية وبالإثارة الحسية، فقد انتقى السلطان سليمان العظيم حجر الغارنيت دليلاً على حبه للأنثى التي اختارها زوجة له. فقد سلب توهج قطرات الحجر الذهبية اللون لب بطل فتوحات القرن السادس عشر العظيم، الذي كان عظيماً أيضاً في رفعة ذوقه وولعه بقيم الجمال والحب. وكان هذا السلطان مدركاً تماماً أن حجر الغارنيت، الذي قدمه الإله هاديس Hades [شقيق كبير الآلهة زيوس Zeus] هدية للإلهة بيرسيفوني Persephone [ابنة الإلهة ديميتر Demeter]، يرمز إلى الخلود في الميثولوجيا الإغريقية. ولعل عبارة "كل شيء في أفضل حالاته" تمثل خير وصف لهذا المحارب الذي كان مولعاً إلى حد كبير بكل أشكال الفنون وأساليبها، وقاد إمبراطورتيه إلى عصرها الذهبي الذي ازدهرت فيه هذه الفنون، كالأدب والعمارة والتجارة والصناعات الدقيقة. وهو لذلك صار يعرف في الغرب اليوم باسم "سليمان العظيم".
وتكريماً لهذا البطل وقوة شخصيته قامت بولغري بابتكار عطر غارانات الذي يحمل ضمناً اسم حجر الغارنيت الأحمر النفيس الذي استوحي منه هذا العطر. ولكي يتوهج بضيائه، يتعين صقل هذا الحجر في عملية مماثلة للتجربة المطوّلة التي ينبغي للإنسان اجتيازها استعداداً لامتلاك القدرة على ضبط النفس والتحكم بها ولإنضاج مواهبه وملكاته وتنميتها.
يختصر لون الحجر الأسود الغامض جميع السمات والخصائص التي نُسبت، وما تزال تُنسب، لحجر العقيق الأسود الكريم (أحد نوعيات العقيق الأبيض) منذ العصور المبكرة. ويستحضر أسمه في الذاكرة اسم خلقيدون Chalcedon، الميناء القديم الذي كان يطل على بحر مرمرة في آسيا الصغرى (تركيا) والذي أشتهر كأحد أكبر مراكز تجارة الأحجار الكريمة في بدايات العصور الكلاسيكية الغابرة. أما لونه فيفصح بجلاء عن الطاقة الأولية الكامنة فيه. وقد آمن قدماء المصريين بأن هذا حجر العقيق الأسود يعينهم على الانتقال من هذا الشاطئ إلى ذاك؛ من عالم مرئي إلى آخر خفي. وهو، إلى جانب ذلك، الحجر المفضل لدى أوزيريس [أو عزيريس] Osiris، إله الموتى والانبعاث في الوقت عينه، وأصبح في وقت من الأوقات رمزاً للخصوبة الذكورية، ووجد ما يجسده في طمي نهر النيل الأسود اللون.
وطاقته التي تكمن في تباين الضوء والظل تتناغم كثيراً وبشكل خاص مع نارام-سين Naram-Sin، أحد أشهر قادة الإمبراطورية الأكدية الفاتحين، وأول آلهة بلاد ما بين النهرين الذي أُرتقي به إلى مصاف الألوهية، بصفته إله القمر، في مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد. هذه الشخصية الاستثنائية تحولت إلى أسطورة؛ وعندذاك، نصّبَ نارام-سين نفسه "ملكاً على الجهات الأربعة"، أي العالم المعروف وقتئذِ برمته، ورسم لنفسه سيماء الإمبراطور. فكانت هذه هي المرة الأولى التي تبدت فيها للعيان في بلاد ما بين النهرين مطامع بسط الهيمنة على العالم بأسره. وحين ارتدى تاجاً ذي قرنين، وكان هذا حتى ذلك الوقت حكراً على الآلهة، حرص على أن يسبغ على نفسه صفة الذات الإلهية.
وقد جاء ابتكار عطر أونيخ Onekh تكريماً لعصر الأناقة والذوق الرفيع الذهبي هذا، الذي "خاطبت" فيه العطور قلوب الرجال وتستحضر – من بين ما تستحضر– معالم الغموض، والإثارة الحسية، والعمق، والرفاهية. وعبر نوتاته الجريئة الشديدة التأثير، يكاد هذا العطر أن يكون أكسير حياة، وهو بذلك إنما يجسد بشكل مطلق روحية بولغري في أفضل حالاتها.
قوة تأثير "المسلّة"
وتكريماً لهذا العطر، طلبت بولغري من شركة أتيلير أوي Atelier Oï تصميم وإنتاج قارورة كعمل نحتي شبيه بالمسلّة ويعبر بالرموز عن الكثير من المعاني والإيحاءات. هذه القارورة الجديدة تستحضر بطريقة نابضة بالحيوية مشاهد المغامرات والفتوحات، وتعيد إلى الذاكرة صور عالم من تذكارات النصر والتعويذات الطلسمية كما يصفها مؤرخون عظام مثل هيرودوت Herodotus أو بليني Pliny.