"بنى جسورا وكان قريبا دائما" - ثناء إسلامي على البابا فرنسيس

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ ساعة
مقالات ذات صلة
البابا فرنسيس حزين وغاضب لهذا السبب!
تعرفوا على برنامج زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى الإمارات
بماذا وصف البابا فرنسيس زيارته إلى الإمارات؟

البابا فرنسيس، الذي توفي في (الحادي والعشرين من أبريل / نيسان 2025) ، واصل عمله حتى اللحظات الأخيرة. ويُعتقد أن آخر زائر من ألمانيا استقبله قبل إقامته في المستشفى التي استمرت ثمانية وثلاثين يوماً (من الرابع عشر من فبراير/ شباط إلى الثالث والعشرين من آذار/ مارس) في الفاتيكان، كان عبد الصمد اليزيدي. وهو رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.

وينشط اليزيدي في مجال الحوار بين الأديان داخل ألمانيا وعلى المستوى الدولي، وقد سبق أن التقى رأس الكنيسة الكاثوليكية في البحرين في (تشرين الثاني/ نوفمبر 2022)، وكذلك عدة مرات في الفاتيكان. وفي حديثه مع DW استعرض اليزيدي ذكرياته عن آخر لقاء جمعه بالبابا.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

DW : سيد اليزيدي، يُحتمل أن تكون آخر ألماني التقى بالبابا فرنسيس في العاشر من شباط، وأمضى معه بعض الوقت. كيف تمّ ذلك؟

عبد الصمد اليزيدي: اللقاء الذي استغرق نحو خمس وعشرين دقيقة جرى في إطار وفد تابع لـ "أمال" (AMMALE)، وهو ائتلاف يضم منظمات وشخصيات مسلمة على المستوى الأوروبي، وأنا نائب رئيسه والمكلف بالحوار بين الأديان. كان حوارًا عميقًا وغنيًّا بالمضامين مع البابا فرنسيس. تحدّثنا عن ضرورة تعميق الحوار الإسلاميّ المسيحيّ على المستوى المؤسّسي. وفي هذا السياق، طُرحت أيضًا فكرة تنظيم مؤتمر حواريّ سنويّ بالتعاون بين الفاتيكان والمنظّمات الإسلاميّة في أوروبا.

في ذلك اليوم، كان البابا فرنسيس متوعّكًا. هل شعرتم بذلك؟

نعم، فقد كانت حالته الجسدية الضعيفة واضحة للعيان. بدا عليه الإرهاق الشديد، وكان يتنفس بصعوبة ويتحدث بصوت خافت – لكنّه كان حاضر الذهن بالكامل. وعندما شكرتُه على قبوله اللقاء رغم وضعه الصحيّ المتدهور، أجابني مبتسمًا: "الأعشاب الضارّة لا تموت".

ثم طلب مني بجدّية بالغة: "ادعُ لي". هذه الكلمات انغرست عميقًا في قلبي. لم يخطر ببالي في تلك اللحظة أنّها ستكون آخر مرّة ألتقي فيها بهذه الشخصية العظيمة. لقد كان لقاءً مفعمًا بالدفء وبالروح الفكاهية وبالعمق الروحي.

لقد التقيتم بالبابا أربع أو خمس مرات. كيف كنتم تتحدثون مع البابا؟ وكيف كان يتحدث هو إليكم؟

كان البابا فرنسيس في كل لقاء إنسانًا بكل ما للكلمة من معنى. كان ودودًا ولم يكن يومًا متحفّظًا أو متباعدًا. خلال لقاءاته بالناس كان يتعامل معهم على قدم المساواة – بغض النظر عن ديانتهم أو أصلهم. كانت محادثاتنا منفتحة وخصوصية وتحمل دومًا رسالةً مشتركة قوامها الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.

كان يذكّر في أحاديثه كثيرًا بمسؤوليتنا الخاصة وبالدور النموذجي الذي ينبغي أن يؤديه رجال الدين. لن أنسى أبدًا تواضعه وقوّته الداخلية.

هل هو انطباع خاطئ؟ أم أنّ البابا فرنسيس التقى وفودًا مسلمة بشكل أكثر مما كان يُعلَن عنه علنًا؟

لا، الانطباع ليس خاطئًا. في الواقع، كان يلتقي بانتظام بوفود مسلمة، وغالبًا بعيدًا عن الأضواء. بالنسبة له، لم يكن الحوار بين الأديان مجرّد إيماءة رمزية، بل كان تعبيرًا عن إيمانه العميق بالمسؤولية المشتركة للأديان في سبيل السلام. كثير من هذه اللقاءات جرت بعيدًا عن الاهتمام الإعلامي – وكان في ذلك مصدر صدقها وأصالتها.

كيف تقيّمون تطوّر الحوار الإسلاميّ الكاثوليكي خلال سنوات بابوية البابا فرنسيس؟

لقد تعمّق بشكل مستدام. فالبابا فرنسيس بنى جسورًا، حيث كانت هناك فجوات في السابق. وكان التوقيع عام 2019 على "الوثيقة المشتركة للأخوّة الإنسانية" مع شيخ الأزهر نقطة تحوّل في تاريخ الحوار بين الأديان – ليس فقط من الناحية الرمزية، بل على المستوى المؤسسي أيضًا.

وفي شباط/ فبراير من عام 2022، في ذكرى توقيع هذه الوثيقة التاريخية، خصّصنا – وكنت آنذاك المتحدث باسم المجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا – لقاءنا الرئيسي مع مؤتمر الأساقفة الألمان، برئاسة المطران برترام ماير، بالكامل لهذا النص. بعد عام، سافر المطران ماير وأنا إلى أبو ظبي في ذكرى توقيع الوثيقة. وقد ترأس المطران ماير، من بين أمور أخرى، قدّاسًا كاثوليكيًا في هذه المدينة العربية الكبرى، حضره أكثر من ثلاثة آلاف مؤمن.

عبد الصمد اليزيدي هو رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا (ZMD) منذ شباط/ فبراير 2025. وكان قبل ذلك لعدّة سنوات الأمين العام للمجلس. ينشط اليزيدي منذ سنوات طويلة في مجال الحوار بين الأديان. وهو من مواليد ولاية هيسن، ويؤكّد دائمًا على تجذّر المسلمين في المجتمع الألماني.

أجرى المقابلة: كريستوف شتراك

أعده للعربية: عباس الخشالي/ تحرير: صلاح شرارة