بعد استطلاع صادم... ما مدى انتشار "الذكورة السامة"في ألمانيا؟
أظهر الاستطلاع الذي أجرته منظمة "بلان إنترناشونال" غير الحكومية أن واحدا من كل ثلاثة رجال شملهم الاستطلاع أبدوا موافقة على تعرض النساء لبعض أشكال من العنف في بعض الأحيان، فيما أقر 34٪ بأنهم يتعاملون بقسوة مع النساء أحيانا "لدفعهن إلى إظهار الاحترام".
يشار إلى أنه في مارس / آذار الماضي، شارك ألفي رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 18 و 35 عاما في استطلاع موحد عبر الإنترنت أجرته منظمة "بلان" حيال الجوانب المتعلقة بالهوية الذكورية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وبحسب الاستطلاع، فإن 48٪ من الرجال الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنهم يشعرون بالضيق عندما يكشف رجال عن مثليتهم بشكل علني فيما أشاروا إلى أن قدوتهم رجل الأعمال الأمريكي المثير للجدل إيلون ماسك والمؤثر والمدون أندرو تيت الذي يحظى بشعبية بين الشباب ممن ينجذبون إلى أفكاره شديدة الذكورية، الذي أعلن أنه يكره النساء خلال مقاطع مصورة على تطبيق "تيك توك"، ويروج لعبارات مثل "الحياة الذكورية هي الحرب".
وفي بادئ الأمر، أثار الاستطلاع ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الألمانية ثم تلى ذلك تعرضه لانتقادات شديدة حيث تساءل الكثير من رواد التواصل الاجتماعي في البلاد عن مدى مصداقيته وهل كان بمثابة "تمثلية" خاصة أنه تم إجراؤه افتراضيا مع استهداف مجموعات بارعة في استخدام الإنترنت.
وانتقد آخرون الاستطلاع بسبب عدم تضمنه أسئلة حيوية، بيد أن القضية الأكثر جوهرية التي أثارها الاستطلاع تكمن حيال هل الشباب في ألمانيا يفكرون ويتصرفون حقا بالطريقة التي يوحى بها المسح أم لا؟
ماذا تقول الإحصائيات؟
لكن اللافت هو اتفاق الخبراء على أن الاستطلاع تكتنفه بعض العيوب.
وفي ذلك، قال داغ شولبر، الخبير في منظمة Bundesforum Mنnner التي تدافع عن المساواة، "كنت أرغب في معرفة تفاصيل أكثر حيال عملية الخروج بهذا الاستطلاع. لسوء الحظ، ليس من الواضح بشكل تام كيف تم تقديم الإجابات".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "على الرغم من ذلك، فحتى لو قدم ثلث الرجال من بين ألف شملهم الاستطلاع بشكل عشوائي، إجابات مؤكدة فقد لا يكونوا جادين تماما عند القول بأنه يمكنهم تخيل ضرب شريكة حياتهم، لكن من المهم الإشارة إلى أنهم قالوا نعم بدلا من القول ‘ن الأمر غير مقبول بالمرة دون تردد".
وأشار إلى أن الإحصائيات المتعلقة بجرائم العنف تظهر أن هذا الأمر موجود وتوثقه البيانات الصادرة عن مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية في ألمانيا التي كشفت عن تعرض قرابة 143 ألف امرأة ورجل للعنف على يد الشريك الحالي أو السابق خلال عام 2021.
وأظهرت البيانات أن النساء يمثلن حوالي 80٪ من الضحايا فيما كان غالبية الجناة من الذكور.
وعند مقارنة هذه البيانات مع بيانات العام الماضي، فإن هناك بعض التحسن الطفيف، لكن عند النظر إلى معدلات السنوات الخمس الماضية، فإن الأمر يحمل تزايدا في الحالات.
"تحيزات راسخة بين الجنسين"
ورغم أن الإحصائيات المتعلقة بظاهرة "الذكورة" والتحيز المسبق أقل، إلا أنها ما زالت مقلقة إذ كشف استطلاع أجرته وكالة مناهضة التمييز التابعة للحكومة الألمانية عام 2017 عن أن حوالي 40٪ من المستطلعين قالوا إنهم انزعجوا من مظاهر المثلية الجنسية علنا.
وكشف تقرير عام 2023 لمؤشر المعايير الاجتماعية الجنسانية التابع للأمم المتحدة عن أن حوالي 90٪ ممن استطلعت آراؤهم إنهم يضمرون بعض التحيز ضد المرأة فيما لم يثق ثلثا المستطلعين في تولي النساء أدوار قيادية في الحياة السياسية.
وأظهر الاستطلاع عدم رفض واحد من كل أربعة أشخاص فكرة إقدام الرجال على ضرب النساء فيما قالت الأمم المتحدة إن البيانات تظهر أن تحيزات بين الجنسين لا تزال راسخة.
" عقارب الساعة تتأرجح إلى الخلف"
وفي ظل هذه المعطيات، طرح الخبراء تساؤلا في غاية الأهمية يتمثل في سبب عدم تحرر المجتمع من "الذكورة السامة".
وفي رده، قال شولبر إن "عقارب الساعة تتأرجح إلى الخلف وهو ما انعكس على نتائج الاستطلاع. باتت المثلية الجنسية وحياة "الكوير" بادية للعيان بشكل متزايد في الأماكن العامة دون خفاء، لذا فإن بعض الأشخاص يرون ذلك إشكالية ويشعرون بالتحدي وربما بالتهديد."
وتعني الذكورة السامة تبني بعض الأفكار والتصرفات بين الذكور ترتبط بحاجتهم إلى كبح عواطفهم وأيضا التصرف بعدوانية وسيطرة في بعض الأوقات فضلا عن محاربة أي أفكار "أنثوية".
وقد أحيت أزمات مثل حائجة كورونا في الأذهان الأدوار التقليدية لكل من الرجال والنساء إذ خلال أزمة كورونا تولت النساء مرة أخرى المزيد من أعمال الرعاية الأسرية فيما ارتفعت معدلات العنف المنزلي، بحسب تقديرات خبراء علم الاجتماع.
وأشار شولبر إلى وجود موجة رد فعل عنيفة في جميع أنحاء العالم عززت الأفكار المتصلبة والضيقة عن الجنسين، مضيفا "نحتاج إلى العمل مع الأطفال والشباب والرجال. يتعين على البلديات فهم أن تقديم المشورة للرجال يأتي في جوهر الخدمة العامة من أجل التأكد من أن الشباب عندما يواجهون مشكلة لا يلجؤون إلى الإنترنت وطلب المشورة من أشخاص مثل أندرو تيت".
ستيفاني هوبنر / م. ع