بعد استئناف العلاقات.. اليهود المغاربة يترقبون انطلاق الخط الجوي لإسرائيل
تؤكد فاني ميركي، المغربية اليهودية، أن "حقائب السفر جاهزة منذ الآن" في بيوت الكثير من المغاربة اليهود استعدادا لزيارة أقاربهم في إسرائيل بمجرد بدء الرحلات المباشرة المرتقبة بين البلدين اللذين استأنفا علاقاتهما أخيرا. وتقول فاني (76 عاما) مبتهجة وسط متجرها للملابس النسائية في الدار البيضاء: "لدي الكثير من الأقارب في إسرائيل بمن فيهم أبناء أخي الذين لم أرهم يكبرون (...). سأكون سعيدة برؤيتهم بعد رحلة تستغرق خمس ساعات فقط".
سفر متعب ومكلف
لسنوات طويلة ظل السفر من المغرب إلى إسرائيل متعبا ومكلفا بالنسبة للمغاربة اليهود الذين يرتبط أغلبهم بأقارب هاجروا إلى هناك بعد تأسيس الدولة العبرية. إذ يلزم التوقف في إحدى العواصم الأوروبية قصد الحصول على تأشيرة دخول إلى إسرائيل، قبل مواصلة الرحلة. وتضيف فاني "كانت بيننا اتصالات قليلة، لم يكن الأمر سهلا".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
لم يكن الأمر سهلا أيضا بالنسبة لحوالي 50 إلى 70 ألف سائح إسرائيلي، غالبيتهم من أصول مغربية، يزورون المملكة سنويا. لكن تطبيع العلاقات بين الدولتين سيختصر الرحلة وهو ما يثير "سعادة غامرة لدى غالبية الإسرائيليين" من أصول مغربية، كما يقول رجل الأعمال أفرهام أفيزيمير (69 عاما) من مدينة قيسارية الإسرائيلية.
"توفير الوقت والمال"
ويضيف أفرهام الذي ولد في الدار البيضاء قبل أن يرحل رفقة عائلته إلى إسرائيل "سيغير الخط المباشر أشياء كثيرة (...). سيمكننا من توفير الوقت والمال". ولم يعلن بعد عن أي جدول للرحلات أو تاريخ بدئها. ويندرج الخط المرتقب في إطار الاتفاق الثلاثي الذي وقع في 22 كانون الأول/ ديسمبر، وينص على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل من جهة واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية التي تطالب جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر باستقلالها.
وتحتفظ المغنية سوزان هاروش (67 عاما) بذكريات سيئة عن آخر رحلة لها إلى إسرائيل حيث اضطرت للانتظار 14 ساعة في أحد مطارات باريس للحصول على تأشيرة. لكنها لن تضطر للقيام بذلك بعد الآن، بفضل "هذه المعجزة التي احتفلنا بها في أجواء عائلية". وتضيف سوزان التي تحب تقديم فواكه مجففة وحلويات من المطبخ المغربي اليهودي لضيوفها "معظم أفراد عائلتي يعيشون في إسرائيل. سأكون سعيدة برؤيتهم أكثر".
"حتى جيراني المسلمين متحمسون"
ويقول بروسبير بنسيمون (72 عاما) في بهو كنيس إمها بانيم في الدار البيضاء بعد أداء صلاة المساء، إن فكرة زيارة إسرائيل تثير أيضا "حماسة أربعة من جيراني المسلمين الذين يؤكدون رغبتهم في مرافقتي في أول رحلة". ويخيم الهدوء على محيط هذا الكنيس الواقع بين مبان سكنية ويؤدي فيه سكان الحي من اليهود الصلوات الثلاث يوميا، في سكون يخرقه أحيانا الآذان الذي يرتفع من المساجد القريبة.
وفي منطقة قريبة من الحي الواقع وسط العاصمة الاقتصادية للمملكة، يتابع شبان، أغلبهم إسرائيليون من أصول مغربية، محاضرة يلقيها حاخام مغربي داخل قاعة تزين جدرانها نقوش على الطريقة المغربية في كنيس بيت إيل. ويعوّل هؤلاء أيضا على الرحلات المباشرة لتسهيل تنقلاتهم، كما يقول إيلان (34 عاما) الذي انتقل للعيش في الدار البيضاء منذ نحو عام لمتابعة دروس دينية.
لمناهضي التطبيع رأي آخر..
والحدود مغلقة حاليا في المغرب منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 في آذار/ مارس الماضي، والسفر الى المملكة ومنها مشروط بحيازة فحص سلبي للفيروس. وإذا كانت العلاقات العائلية والثقافية بين المغاربة اليهود والإسرائيليين من أصول مغربية قد سهلت استئناف العلاقات بين البلدين، فإن مناهضي التطبيع في المغرب يرون في ذلك مجرد "تبرير (...) لجريمة اقتلاع بعض المغاربة اليهود من أرضهم ليصبحوا بين عشية وضحاها جنوداً صهاينة يدافعون عن احتلال فلسطين"، على حد تعبير الناشط في حركة "بي دي إس" لمقاطعة إسرائيل سيون أسيدون، وهو الآخر يهودي مغربي.
وكان المغرب موطنا لأكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا منذ العصور القديمة، وكان يقدّر عددهم بنحو 250 ألفًا في أواخر أربعينات القرن الماضي، وكانوا يشكلون عشرة بالمئة من السكان. ولم يبق منهم حاليا سوى قرابة ثلاثة آلاف، بينما يقيم 700 ألف يهودي من أصل مغربي في اسرائيل.
وتقول فاني "لا يمكن إلا أن نفرح بأي خطوة باتجاه السلام"، مضيفة "على يهود العالم والإسرائيليين الديموقراطيين دعم قيام دولة فلسطينية"، مشيرة إلى أنها هاجرت الى إسرائيل في سن 16 قبل أن تغادرها بسبب حرب 1967. وتضيف "لم أتقبّل أن تصبح الدولة اليهودية المثالية التي آمنت بها تحتل أراضي" كان يعيش فوقها فلسطينيون.
ع.ش/ع.غ (أ ف ب)