بدوي الجبل
من هو بدوي الجبل
إنه شاعر وسياسي سوري ولد في قرية ديفة في محافظة اللّاذقية في سوريا، وهو أحد أعلام الشعر العربي في القرن العشرين. اسمه محمد سليمان الأحمد و (بدوي الجبل) هو لقب أطلقه عليه يوسف العيسى صاحب جريدة (ألف باء) السورية في عشرينيات القرن الماضي، حيث أن اللقب هذا سيلفت انتباه القرّاء وسيتشوقون لمعرفة الشاعر الذي يكتب القصائد في الجريدة. وقد وصفه الشاعر نزار قباني بالسيف اليماني المعلق على صدر الأمة كما وصفه الشاعر محمد مهدي الجواهري بالشاعر الذي يحسب له ألف حساب بينما قال الشاعر أدونيس "بدوي الجبل آخر الشعراء الكلاسيكيين الكبار".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
شاهد أيضاً: نازك الملائكة
مولده ونشأته
ولد بدوي الجبل في عام 1903، في قرية ديفة في محافظة اللاذقية في سوريا، وكان والده الشيخ سليمان الأحمد (عضو مجمع اللغة العربية في العاصمة دمشق وشارح ديوان المكزون) تتلمذ بدوي الجبل على يدي والده فازدادت ثقافته، واطلع على أنواع العلم والمعرفة وحينما بلغ الحادية عشرة من عمره وضعه والده في مدرسة إعدادية بمدينة اللاذقية حيث سكن بدوي الجبل مع عائلة كانت موضع ثقة للأسرة.
كان والده يجعله لا يتحدث وأخوته إلّا باللغة العربية الفصحى وكان شديد الحرص على اطلاعهم على الدين والأدب وقراءة الكتب وهذا ما نمّا حب الشعر في نفس بدوي الجبل. وأشرف والد بدوي الجبل على أن يأخذ ابنه دروساً في حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والشعر العربي الكلاسيكي منذ صغره.
شاهد أيضاً: عمر أبو ريشة
أعماله الأدبية ومواقفه السياسية
كتب الأديب والشاعر الفلسطيني أكرم زعيتر "توالت قصائد بدوي الجبل ونقلتها صحف في بيروت شادية بها، والناس يتساءلون عمن يكون؟ أهو خير الدين الزركلي ؟ أم هو خليل مردم بك؟ وهما شاعرا الشام المشهوران في ذلك الوقت، إلى أن دعا صاحب الجريدة نخبة من الأدباء وأعضاء المجمع العلمي إلى احتفال قدم فيه الشاعر: بدوي الجبل، إنه (محمد سليمان الأحمد) وغلب اللقب على الاسم، حتى حل محله في البيت وخارجه، ولا أزال أذكر أنه حين ذهب القاهرة لحضور المؤتمر البرلماني العربي 1939 لأجل فلسطين وكان بدوي الجبل يتلقى لكل اجتماع أو حفلة بطاقتين إحداهما (سعادة بدوي بك الجبل) وثانيهما (سعادة النائب محمد سليمان الأحمد)".
أما فيما يخص طلب سيدة الغناء العربي أم كلثوم أن تغني قصيدة لبدوي الجبل، فيروي بعض الأدباء حكاية زيارة سيدة الغناء العربي أم كلثوم لصالون بدوي الجبل الأدبي في دمشق وذلك في مطلع الخمسينيات عندما دعيت كوكب الشرق لإحياء حفلة في مدينة دمشق، وكان من المعروف عنها حبها وعشقها وشغفها بالشعر، فكانت تتذوقه وتختار منه القصائد التي تروق لها لتغنيها، وكانت أم كلثوم قد أعجبت بقصيدة لبدوي الجبل عنوانها (شقراء) واشترطت لغناء هذه القصيدة أن تستبدل كلمة شقراء بكلمة سمراء، فاعتذر منها بدوي الجبل وقال "إذا أردت أن تغنيها فلتغنيها كما هي لأني كتبتها بفضل إلهام فتاة سويسرية شقراء" ،فرفضت أم كلثوم، وفي اليوم التالي حاولت إقناعه لكن دون جدوى ،فخرجت غاضبة وقررت ألّا تغني له أبداً.
وبعد الاحتلال الفرنسي لسوريا بعد الحرب العالمية الأولى انخرط الشاعر بدوي الجبل في السياسة وقاوم الاحتلال الفرنسي بالرغم من صغر سنه، وبسبب ملاحقة الفرنسيين له اضطر للتنقل بين مختلف البلدان العربية مثل العراق والأردن ولبنان. وبعد عودته إلى سوريا عام 1936 تمّ اعتقاله بسبب تصرفاته المعادية للاحتلال الفرنسي.
شاهد أيضاً: محمد مهدي الجواهري
وبعد قيام الوحدة بين سوريا ومصر وبسبب آرائه حول الاشتراكية والبعثية ودخوله في صراع سياسي مع الحكومة آنذاك انتقل بدوي الجبل إلى لبنان ثم تونس ثم تركيا وبعدها استقر في سويسرا. وقد هجا بدوي الجبل جمال عبد الناصر في قصيدته كافور. كتب الشاعر الراحل بدوي الجبل قصيدته (من وحي الهزيمة) فانهالت عليه المصائب والويلات حتى أنه اختطف من بعض العصابات ما أدى إلى جعله يغرق في الوحدة ويعتزل السياسة. وبعد انفصال سوريا ومصر عاد إلى بلده سوريا وقرر الابتعاد عن السياسة والتفرغ لكتابة الشعر.
من أشهر قصائده نذكر: قصيدة (إني لأشمت بالجبار) وقصيدة (أهوى الشام) وقصيدة (لبنان والغوطتان) وقصيدة (خالقة) التي غنّتها الفنانة الكبيرة فيروز، وقصيدة (من أجل الطفولة) التي أُدرجت في المناهج الدراسية السورية، وقصيدة (البلبل الغريب) وقصيدة (وفاء القبور) التي يرثي فيها ابنته جهينة ويشكو من عقوق بعض الأصدقاء. وقصيدة (حنين الغريب) وقصيدة (ابتهالات) وغيرها الكثير.
وفاته
غادر الشاعر الراحل بدوي الجبل سوريا 1956 متنقلاً بين لبنان وتركيا وتونس قبل أن يستقر في سويسرا، ثم عاد إلى سوريا 1962 وبقي فيها. وكتب بدوي الجبل بعد هزيمة حزيران 1967 قصيدته المشهورة شديدة اللهجة (من وحي الهزيمة) حيث هاجم فيها جنرالات الحكم العربي، ورداً على مواقفه السياسية، قام بعض الملثّمين، بمحاولة اغتياله عام 1968 وهو يمارس الرياضة الصباحية، فقاموا بضربه بقضيب حديدي على رأسه، ثم اختطفوه عدة أيام وأعادوه، فبقي يعاني من مشاكل وأضرار في النطق والمشي وباقي النشاطات الجسدية، حتى توفي في 19 آب عام 1981 عن عمر ناهز 78 سنة.