باحثون يرصدون أبعد نجم مسجل باستخدام تلسكوب عادي
أوضح باحثون أمريكيون أنهم تمكنوا من رصد نجم أزرق لم يكن ممكناً مشاهدته، مؤكدين أنّ النجم الأزرق، الذي أطلقوا عليه اسم "إيكاروس"، يسطع على بعد 9 مليارات سنة ضوئية من الأرض.
وأشار الباحثون تحت إشراف باتريك كيلي من جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي في دراستهم التي نشروا نتائجها الاثنين (الثاني من أبريل 2018) في مجلة "نيتشر أسترونومي" لأبحاث الفلك، إلى أنهم استطاعوا تقوية ضوء النجم المكتشف باستخدام ما يعرف بعدسة الجاذبية. وأوضح كيلي أن "هذا النجم يقع على مسافة أبعد 100 مرة على الأقل من أبعد نجم يمكن أن ندرسه".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ويمكن عادة رصد نجوم بمفردها على بعد نحو 100 مليون (أي 0.1 مليار) سنة ضوئية باستخدام أفضل التلسكوبات المتوفرة حالياً. وتنصهر نجوم المجرات الأبعد إلى وميض لبني ولا يمكن التعرف على نجوم على مسافة أبعد من ذلك إلا عند وقوع انفجارات نجم مستعر أعظم، حيث يومض خلالها النجم الآفل بشكل واضح وكأنه مجرة كاملة. كما أن من الممكن رؤية الوميض الإجمالي للنجوم النيترونية المنصهرة على مسافات أبعد من ذلك.
وكان هناك حدث كوني ساعد الباحثين صدفة في هذا الكشف، حيث إنه ووفقاً لنظرية الجاذبية العامة التي عرضها ألبرت آينشتاين، فإنّ كتلة كبيرة تتسبب في تقوس الفضاء. وبهذه الطريقة يمكن لهذه الكتلة حزم أشعة مصدر الضوء الذي خلفها كما تفعل العدسة "وهذه العدسات مثل تلسكوبات كونية مذهلة"، حسبما أوضح أليكس فيليبنكو، المشارك في الدراسة من جامعة كاليفورنيا.
ويستغل علماء الفضاء عدسات الجاذبية هذه على سبيل المثال لمراقبة الأجرام الموجودة خلف تكتلات المجرات. وبينما يمكن لعدسات الجاذبية أن تقوّي ضوء الأجرام الموجودة خلف كتل المجرات عدة عشرات من المرات كما تفعل كتل المجرات نفسها، فإنّ بعض النجوم يمكن أن يكون لها بمفردها تأثير مثل العدسة، مما يجعلها قادرة على تعزيز الضوء عدة آلاف المرات عن قوته الأصلية، لكن شريطة أن يكون النجم الموجود في الخلفية والنجم المكبر والراصد على خط واحد تماماً بالنسبة للأرض، وهذا بالضبط ما رصده الباحثون تحت إشراف كيلي باستخدام تلسكوب "هابل" الفضائي، حيث تلألأ نجم "إيكاروس" في نفس اللحظة التي مر أمامه فيها نجم يشبه شمسنا في مجرة على بعد خمسة مليارات سنة ضوئية وعزز ضوء النجم الأزرق العملاق 2000 مرة.
عن ذلك قال فليبينكو: "نرى لأول مرة نجماً واحداً عادياً. ليس نجما مستعراً أعظم وليس انتشاراً جماعياً للأشعة على بعد تسعة مليارات سنة ضوئية". ويتوقع عالم الفلك الأمريكي أنّ هذه التركيبة من العوامل التي تجتمع مع بعضها بمحض الصدفة تحدث بشكل أكثر تكراراً مما كان العلماء يعتقدون حتى الآن، وأن ذلك يفتح الباب أمام إمكانية دراسة نجوم بمفردها بعيدة جداً عن الأرض وتقع في الكون الناشئ، لأنّ النظر إلى أعماق الكون يعني دائماً أيضاً نظرة للخلف في الزمان، وذلك بسبب طول الوقت الذي يقطعه الضوء قبل أن يصل إلينا.
وفي الوقت ذاته، يمكن من خلال أعمال الرصد هذه دراسة عدسة الجاذبية نفسها، حيث يمكن على سبيل المثال اختبار توزيع المواد المظلمة العادية والغامضة. يشار إلى أنّ المواد المظلمة موجودة في الكون بواقع أكثر خمس مرات من شكل المادة المعهود لنا، إلا أن هناك غموضاً تاماً بشأن المادة المكوّنة لها، حيث أنها لا تشع ولا تبتلع الضوء ولا تظهر إلا من خلال قوة جاذبيتها. كما استطاع الباحثون من خلال ما رصدوه من حقائق استبعاد نظرية أن المادة المظلمة هي في الأصل ثقوب سوداء تقع داخل تكتلات من المجرات.
م.م/ ي.أ (د ب أ)