"انطلق في طريقك"- منحة للصحفيين ذوي الأصول المهاجرة بألمانيا
"شعور رائع جدًا، فالمزيد من المؤسسات الإعلامية هنا أصبحت ترانا وتدرك أهميتنا"، هكذا يصف زياد فرمان فرحته بحصوله على منحة صحفية جديدة بألمانيا، تتيح التدرب في مقر مؤسسة شبيغل، إحدى أعرق المؤسسات الإعلامية في البلاد.
ففي كانون الثاني/يناير 2024، شارك زياد، الذي قدم لاجئًا من العراق إلى ألمانيا قبل سنوات، في حفل إطلاق منحة "انطلق في طريقك" الصحفية من مؤسسة شبيغل العريقة ومؤسسة الاندماج في ألمانيا "دويتشلاند شتيفتونغ إنتيغراسيون". وفي النسخة الأولى من هذه المنحة، سيتم دعم خمسة صحفيين شباب من أصول مهاجرة من قبل مرشدين ذوي خبرة من فريق تحرير شبيغل، ضمن برنامج تدريبي شامل، كما ذكرت المؤسسة الشهيرة في بيان.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يقول زياد (30 عامًا) لمهاجر نيوز: "بالطبع أنا سعيد، ولسببين. أولًا: لأن المنحة ستمكنني من تطوير نفسي أكثر عبر توفر الدعم من محترفين، وثانيًا: لأن مؤسسات إعلامية أكثر في ألمانيا أصبحت تهتم بنا، كذوي أصول مهاجرة ومهاجرين ولاجئين، ففي كثير من الأحيان لا يتم الاهتمام بنا".
وقد أكدت شبيغل أن "خلفية البرنامج الجديد هي التمثيل غير المتكافئ للأشخاص ذوي الخلفية المهاجرة بين الصحفيين في ألمانيا"، وأوضحت: "فقط حوالي خمسة إلى عشرة بالمئة من الصحفيين (بألمانيا) لديهم تاريخ هجرة خاص بهم أو بعائلاتهم، في حين يشكل الأشخاص ذوو الأصول المهاجرة أكثر من 27 بالمائة من إجمالي السكان".
يتذكر زياد، الإيزيدي الألماني، رحلته منذ وصوله إلى ألمانيا لاجئًا في 2015 بالقول: "الفترة الأولى كانت صعبة جدًا، فقد بقيت لأشهر في مراكز الإيواء ولم يكن مسموحًا لي الذهاب إلى دورات الاندماج، بسبب عدم حصولي على الإقامة وقتها، ولذلك تعلمت أساسيات اللغة الألمانية بنفسي في المخيم لأنني لم أرد أن يضيع وقتي وعمري".
وبعد حصوله على الإقامة، شارك زياد في دورة الاندماج، وعدل شهاداته المدرسية حتى حصل على البكلوريا الألمانية. وبعدها درس علوم وفنون الإعلام في جامعة كولونيا، وبدأ بالعمل كصحفي لدى عدة مؤسسات إعلامية. كما حصل على جائزة "الهيئة الألمانية للتبادل العلمي" (DAAD) للإنجازات المتميزة للطلاب الدوليين في الجامعات الألمانية عام 2021.
منحتان بنفس الاسم: إحداهما عامة والأخرى للصحفيين
كما حظي زياد بقبوله في منحة "انطلق في طريقك" العامة، وهي إحدى أهم برامج دعم الشباب الموهوبين من ذوي الأصول المهاجرة، تم إطلاقها في 2012 من قبل مؤسسة الاندماج الألمانية "دويتشلاند شتيفتونغ إنتيغراسيون". وهي مؤسسة غير ربحية وغير حزبية مقرها في برلين، تأسست في عام 2008 من قبل جمعية ناشري المجلات الألمانية. وتحت رعاية المستشار الاتحادي، تقوم بحملة من أجل تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الأصول المهاجرة في ألمانيا.
يقول زياد: "أخبروني في المنحة العامة، عن إطلاق منحة خاصة بالصحفيين وشجعوني على التقديم إليها، ففعلت ذلك، ولحسن الحظ تم قبولي". ويمكن الاطلاع على معلومات أكثر (باللغة الألمانية) حول المنحة العامة، والأخرى الخاصة بالصحفيين عبر هذا الرابط: https://www.deutschlandstiftung.net/projekte/geh-deinen-weg-programm
ويمتد برنامج المنحة الصحفية على مدار عام واحد، يتم خلاله دعم المشاركين في تطوير مسارهم المهني. وسيكون كبار محرري شبيغل متاحين من أجل تقديم التوجيه الفردي، بحسب المؤسسة. وبالإضافة إلى الدعم الشخصي من الموجهين، يتمتع المشاركون أيضًا بفرصة إكمال التدريب في مجالات مختلفة، وكذلك التواصل المباشر مع العاملين، من المتدربين وصولًا إلى رئيس التحرير. و"لديهم أيضًا إمكانية الوصول إلى فرص التدريب في شبيغل، بالإضافة إلى الندوات وورش العمل"، كما ذكرت شبيغل.
يوضح زياد، الذي يقوم بتدريب مهني في الصحافة لدى فرع القناة الألمانية الثانية "زي دي إف" في مدينة دوسلدورف: "يتمتع برنامج المنحة بالمرونة، فأنا -مثلًا- لا أستطيع الذهاب كثيًرًا إلى مقر شبيغل في إطار المنحة. أشارك أحيانًا في ندوات وورش عمل أو أخضع لتدريبات أحتاج إليها، أو يتم مساعدتي في مشاريع أريد إنجازها أو نص أكتبه. بينما بعض زملائي الذين لا يعملون، يواظبون على الذهاب إلى شبيغل".
"يجب أن تعكس الصحافة تنوع المجتمع"
وقد أكد كريستيان فولف، الرئيس الاتحادي السابق ورئيس مجلس أمناء مؤسسة "دويتشلاند شتيفتونغ إنتغراسيون" دعمه للبرنامج، وتحدث عن تأثيره الإيجابي على المجتمع الألماني بالقول: "من أجل حل مشاكل المستقبل، يجب علينا استخدام كامل إمكاناتنا الاجتماعية. وهذا ينطبق على البرلمان () والسلطات، وكذلك على المؤسسات الإعلامية"، وأضاف: "ولهذا السبب، من المهم بالنسبة لي أن أدعم الصحفيين الشباب ذوي الأصول المهاجرة في مسارهم المهني. إن وجهات نظرهم – وليس فقط فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالهجرة – تشكل إثراءً لتكوين الآراء في بلدنا".
من جهته قال رئيس تحرير شبيغل، ديرك كوربيوفايت: "أنا مقتنع بأن هذا التشجيع للمواهب الشابة يمكن أن يعزز ويثري تقارير المؤسسات الإعلامية الألمانية، ولكنه يعزز أيضًا الثقة في وسائل الإعلام"، وتابع: "يجب أن تعكس الصحافة تنوع مجتمعنا وتنوعه إذا أرادت تحقيق العدالة فيه".
أما زياد، فيدرك جيدًا أن تطوير القدرات الشخصية هو مفتاح إتقان العمل، وهو ما يعمل عليه، كما يقول، من أجل إيصال أصوات المهمشين وعكس التنوع في المجتمع ببلد أكثر من ربع سكانه من أصول مهاجرة.
مهاجر نيوز 2024
محيي الدين حسين