انتقادات لمشروع قانون أوروبي ضد إساءة استخدام الإنترنت
هل يمكن للجهود المبذولة لمكافحة العنف الجنسي ضد الأطفال أن تمهد الطريق لمراقبة غير مسبوقة في الاتحاد الأوروبي؟ يأتي هذا السؤال في قلب مناقشة محتدمة حول مشروع قانون ضد إساءة استخدام الإنترنت من الممكن أن يتبناه وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول.
ويلزم هذا القانون أن تقوم خدمات المراسلات مثل تطبيقات واتس آب (WhatsApp) أو آي ميساج (iMessage) أو سيغنال (Signal) بفحص الرسائل المرسلة داخل دول الاتحاد الأوروبي تلقائيًا بحثًا عن محتوى مسيء والإبلاغ عن المحتوى المشبوه إلى السلطات.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وفيما يقول المؤيدون لمشروع القانون الأوروبي أن هناك حاجة ماسة إلى هذا الإجراء القانوني لمعالجة الزيادة في حالات سوء المعاملة وحماية أفراد المجتمع الأكثر ضعفا، يدق المنتقدون ناقوس الخطر معتبرين أن هذا الإجراء مجرد "رقابة على المحادثات" غير فعالة وتدخلا كبيرا في خصوصية الأشخاص في الاتحاد الأوروبي.
نهاية الاتصالات المشفرة بشكل آمن عبر الإنترنت؟
وفي هذا الصدد تقول أنيا ليمان، أستاذة الأمن السيبراني في معهد "هاسو بلاتنر" في مدينة بوتسدام الألمانية: "بالطبع نحن كمجتمع متفقون على أهمية مكافحة مثل هذا المحتوى (إساءة استخدام الإنترنت). لكن لا يوجد دليل موثوق على أن الإجراءات المقترحة ستساهم في ذلك بشكل فعال."
وتعتبر ليمان واحدة من بين 344 باحثة وباحث من 34 دولة حذروا في رسالة مفتوحة من أن هذا القانون الأوروبي سيعني فعليًا نهاية الاتصالات المشفرة بشكل آمن عبر الإنترنت ويمكن أن يمهد الطريق للمراقبة الجماعية. وقالت ليمان في مقابلة مع DW: "يبدو أن مكافحة مثل هذه الجرائم تستخدم مرة أخرى كذريعة للهجوم على التشفير الآمن للاتصالات عبر الإنترنت".
المخاوف الدستورية
الخبراء القانونيون بدورهم أبدوا مخاوفهم من مشروع هذا القانون على غرار أندريه هوغ، نائب رئيس نقابة المحامين الفيدرالية التي تمثل نحو 166 ألف محامٍ في ألمانيا. ويقول هوغ "سيمثل هذا القانون تعديًا هائلًا على الحقوق الأساسية، وهو أمر لا جدال فيه بين المحامين".
وكان القانون المخطط المصادقة عليه مثيرًا للجدل إلى حد كبير منذ تقديمه لأول مرة في عام 2022. فقد تم حظر مسودتين سابقتين من قبل المعارضين بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية.
النسخة الأخيرة، التي أعدتها الرئاسة المجرية لمجلس الاتحاد الأوروبي، تحتوي على تغييرات طفيفة، "لكنها لا تلغي المشكلة الأساسية"، حسبما قال هوغ لـ DW. وهي تواصل التعدي على حقوق حماية الاتصالات والبيانات الشخصية، المنصوص عليها في المادتين السابعة والثامنة من ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية.
ويحذر هوغ من أن "هذا ينطبق أيضًا على مجالات الاتصال الحساسة بشكل خاص بين المحامي والعميل أو بين الطبيب والمريض".
المواجهة السياسية
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان مؤيدو مشروع القانون سيحصلون على الأغلبية اللازمة لإقراره في اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في 10 أكتوبر/ تشرين الأول. وإذا نجحوا، فستكون هناك محادثات مغلقة يتفاوض فيها البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي للدول الأعضاء والمفوضية الأوروبية على تفاصيل تنزيل القانون.
وإذا وجد المعارضون مثل ألمانيا ما يكفي من الدعم لمنع مشروع القرار، فمن المرجح أن يقوم الاتحاد الأوروبي بمراجعة المشروع مرة أخرى. وقد أعلنت هولندا بالفعل أنها لن تدعم المشروع بسبب مخاوف تتعلق بالحقوق الأساسية.
أعده للعربية: ع.ش