الهندسة المدنية
الهندسة بشكلها العام أحد فروع الرياضيات التي تدرس الأشكال كالمثلث والدائرة ومتوازي الأضلاع وغيرها، وقياسات المساحة والحجوم لهذه الأشكال.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ليتطور هذا العلم فيما بعد كي يصف العلم الذي يعتمده البناؤون في تشييد المباني ودراسة الطريقة المثلى لإقامة البناء.
وتابع تطوره ليصف عدداً كبيراً من العلوم التطبيقية التي تحتاج لأدق الحسابات مثل المعلوماتية أو الميكانيك الذي يدرس الآليات بشكلها العام.
لعل أهم فروع الهندسة الحديثة في يومنا هذا هو الهندسة المدنية، وفي مقالنا هذا سنتحدث بالتفصيل عن الهندسة المدنية ومجالات تخصصها، وسنقوم بتوضيح الفرق بينها وبين الهندسة المعمارية.
دراسة الهندسة المدنية والمجالات العملية التي تغطيها
تبدأ دراستها في المرحلة الجامعية، تقوم بدارسة تحليلية لتصميم المنشآت المدنيّة الضخمة أو الصغيرة مثل الأبنية السكنية والمنشآت الصناعية والطرق والسدود وشبكات الصرف الصحي والريّ والمطارات والموانئ وغيرها.
وبسبب هذا التنوع الهائل في المجالات التي تعمل بها الهندسة المدنية فهي تعد الأقرب والأكثر تأثيراً على واقعنا وحياتنا.
وتعتبر الهندسة المدنية أنها من فروع الهندسة الكلاسيكية، فمهما تطورت العلوم والتكنلوجيا، سنبقى نحتاج إلى منشآت سكنية وأبنية، هذا بالطبع صحيح عبر التاريخ.
ويطلق وصف "المهندس المدني" على الشخص المسؤول عن وضع التصاميم والمخططات بما يطابق الواقع والمواصفات العالمية الخاصة بالأمن والراحة، والإشراف المباشر على تنفيذها.
لمحة تاريخية عن الهندسة المدنية
من الصعب جداً تحديد نقطة في التاريخ نستطيع القول عنها أنها اللحظة التي ولدت فيها الهندسة المدنيّة، فحتى الإنسان القديم عند استخدامع لجذوع الأشجار لإغلاق مدخل الكهف حمايةً لنفسه من الحيوانات المفترسة.
يمكن اعتبارها هندسة مدنية وتطور هذا الاستعمال لبناء المنازل وغيرها.
لكن المنجزات التي قدمتها الهندسة المدنية، وبالتعاون مع الهندسة المعمارية عبر العصور القديمة لا تزال حاضرة حتى الآن.
ولعل أبرزها أهرامات الجيزة وسور الصين العظيم والعديد من الآثار التي تركتها الحضارات القديمة اليونانية والرومانية وغيرها الكثير.
قد يكون الذكر الأول في التاريخ للهندسة المدنية في أيام الإمبراطورية الرومانية، حيث كانت تصنف الهندسة لفرعين:
- الهندسة العسكرية: كانت تهتم بكل ما هو مرتبط بالأمور العسكرية مثل القلاع والحصون، إضافةً إلى تطوير الأسلحة الدفاعية في هذه الحصون، وبالطبع الهجومية في حال الغزوات.
- الهندسة المدنية: كانت تعنى بكل ما يخص الحياة المدنية للمدنييّن، أي المواطنين، مثل القصور والأماكن السكنية للمواطنين، وتعبيد الطرق وبناء الجسور لتسهيل المواصلات، كذلك بناء السدود للتغلب على جفاف الصيف وغيرها.
الاختصاصات التي تغطيها دراسة الهندسة المدنية
مع تطور العلم والحياة الاجتماعية بشكل عام أصبحت الدراسة العامة غير كافية في كل الأوقات لتلبية الاحتياجات.
فمن الصعب على شخص واحد أن يكون ملمّاً بكل التفاصيل المعقدة لكافة الأمور الهندسية المتعلقة بالبناء، مما تطلب وجود تخصصات لدراسة معمقة بشكل أفضل لهذه الأقسام الفرعية؛ وفيما يلي اختصاصات الهندسة المدنية:
- هندسة الإنشاءات: تدرس تصميم وتنفيذ المنشآت السكنية والصناعية باستخدام المواد المناسبة كالمعادن أو الخرسانات المسلحة أو حتى الخشب.
- هندسة المواصلات: تدرس تصميم وإنشاء الطرق والأنفاق وتقوم بدراسة الطريقة الأفضل للتقليل من الازدحام وتوفير معايير الأمان أثناء القيادة.
- هندسة المساحة (الطبوغرافيا): تقوم بدراسة المساحات الجغرافية الهندسية والتضاريس لتحديد مدى ملاءمتها لنوع العمل المدنيّ الذي سيقام.
- هندسة الموائع: كلمة مائع تعني أي جسم غير صلب، بالتالي السوائل والغازات، وهذه الهندسة تقوم بدراسة تأثير الموائع على المنشآت، كتأثير الرياح على ناطحة سحاب أو مدى ضغط المياه على السدود.
- هندسة الجيوتكنيك (ميكانيك التربة): يدرس هذا الاختصاص خواص التربة، الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية لتحديد الطريقة التي سيتم فيها وضع أساسات المنشأة، إضافة لدراسة ما يسمى بالمنشآت المطمورة مثل الأنفاق.
- هندسة صحيّة: يختص هذا القسم بتصميم أنظمة الصرف الصحي للمدن، إضافةً لمحطات المياه التي تزوّد المنشآت بالمياه.
- هندسة الريّ: تدرس أساليب الريّ وأنواع التحكم بالريّ في المناطق الزراعيّة، إضافة للمنشآت المائية الزراعية.
- هندسة الموانئ: يختص هذا الفرع بدراسة المنشآت البحرية كالموانئ والأرصفة البحرية وحواجز (كواسر) الأمواج، وغيرها من سبل حماية الشواطئ.
عمل المهندس المدني بعد إنهاء الدراسة والتخصص
بعد الانتهاء من الدراسة في المرحلة الجامعية، وإنهاء الاختصاص في أحد أفرع الهندسة المدنية، يكون عمل المهندس المدني بشكل عام تخطيط وتنفيذ المنشأة.
ويمكن أن يكون - بحسب الاختصاص- مسؤولاً عن أحد المهام الكثيرة التي تتطلبها المنشآت الكبيرة، ومنها:
- مهندس تصاميم إنشائية.
- القيام بالحسابات التخمينية والكلف.
- مهندس تنفيذ.
- مدير موقع بناء.
- مهندس مياه.
- مهندس طرق وجسور.
- مهندس البنية التحتية.
- إدارة المشاريع.
- حسابات الحمولات على الأبنية والجسور.
- مهندسي ضبط الجودة.
- مهندس ضبط السلامة في مواقع الإنشاء.
- مهندس تفجير.
الاختلاف بين الهندسة المدنية وهندسة العمارة
كثيراً ما يخلط الناس بين الهندستين المدنية والمعمارية، وعلى الرغم من أنهما تعملان معاً وبالتوافق، إلا أن الفروق بينهما موجودة بشكل كبير، الآن وقد أصبح هناك صورة واضحة للهندسة المدنية يمكننا شرح الفرق مع الهندسة المعمارية.
- في يومنا هذا تختص الهندسة المعمارية في تصميم المنشآت فحسب، في حين أن الهندسة المدنية تعنى بقيام منشأة آمنة وقوية.
- تهتم الهندسة المعمارية بجمالية البناء بدءاً بالشكل العام للبناء وانتهاءً بأدق التفاصيل مثل الحدائق والإضاءة وغيرها، أي أنها أقرب للفن.
- الجدير بالذكر هنا أن المهندس المعماري قد يسترسل في إبداعه عند عمله على تصميم بناء ما، ولكن قد يكون في بعض الأحيان من المستحيل أن يستطيع المهندس المدني تنفيذ وبناء هذا التصميم، هنا يظهر الفرق الأهم بين الهندستين: المعماري يهتم بالتصميم الجميل، والمدني بهتم بالتنفيذ الصحيح.
ختاما.. التطور الحضاري السكني في البناء يبدو جليلاً بالأخص بعدما تم البدء بتدريس الهندسة المدنية بشكل واضح ووضع أساسات علمية قوية تدعمها.
ومهما طال بقاء الإنسان على وجه الكرة الأرضية، فدوماً سيكون هناك احتياجات للمهندس المدني.