النفط يعود للارتفاع بعد تكبده خسائر بسبب التضخم
اتجهت العقود الآجلة للنفط إلى الارتفاع مُجدداً أول أمس الخميس، بعد أن تكبدت خسائر في اليوم السابق بسبب ارتفاع عائدات السندات والدولار الأمريكي كنتيجة لبيانات التضخم، وسط مخاوف مُتزايدة من احتمال إطلاق النفط الخام من الاحتياطي البترولي الإستراتيجي.
الانخفاض الذي حدث للنفط الخام يوم الأربعاء كسر سلسلة مكاسب استمرت ثلاثة أيام، بعد أن أظهر مؤشر أسعار المستهلك لشهر أكتوبر الماضي قفزة سنوية بنسبة 6.2%، وهو أعلى معدل تضخم وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ ما يقرب من 31 عاماً.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ضغوط عالمية يتعرض لها النفط
يتعرض النفط لضغوط عالمية خاصة بعد تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن على إعطاء أولوية قصوى لعكس التضخم واستهداف الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة على وجه الخصوص، لتحقيق هذا كلف بايدن هيئتين بمناقشة سبل خفض تكاليف الطاقة ووقف التلاعب بالسوق في قطاع الطاقة، وقال إن أحد الإجراءات المُحتملة سيكون حتما الإفراج عن احتياطيات النفط الاستراتيجية.
خلال تقرير شهري صدر الخميس الماضي، تركت منظمة البلدان المُصدرة للبترول (أوبك) توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2022 دون تغيير عند 4.2 مليون برميل يومياً، لكنها قلصت توقعاتها للنمو هذا العام بنحو 160 ألف برميل إلى 5.7 مليون برميل يومياً.
توقعات سابقة متفائلة لأسعار النفط في نهاية العام الجاري
يشهد الطلب العالمي على النفط انتعاشاً قوياً، وهو ما جعل بنك الاستثمار الأمريكي غولدمان ساكس يتنبأ بأن أسعار خام "برنت" القياسي العالمي قد يتجاوز توقعاته لنهاية العام البالغة 90 دولاراً للبرميل.
أضاف البنك أنه يتوقع أن يصل الطلب على النفط قريباً إلى مستويات ما قبل انتشار جائحة فيروس كورونا المُستجد، كوفيد-19، عند حوالي 100 مليون برميل يومياً مع تعافي الاستهلاك في آسيا بعد انتشار سلالة دلتا.
من ناحية أخرى، ارتفع سهم شركة النفط في المملكة العربية السعودية "أرامكو"، خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الماضي، على خلفية صعود أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، ما رفع قيمة الشركة السعودية السوقية إلى 2 تريليون دولار.
بهذه القيمة السوقية، تحتل شركة النفط السعودية المركز الثالث في تصنيف الشركات العالمية من حيث القيمة السوقية وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ. يأتي في المركز الأول من التصنيف شركة الإلكترونيات الأمريكية "أبل"، وتبلغ القيمة السوقية لها 2.35 تريليون دولار، أي أن أرامكو يفصلها عن أبل نحو 350 مليار دولار.
أما المركز الثاني فكان من نصيب شركة مايكروسوفت الأمريكية، والتي بلغت قيمتها السوقية نحو 2.18 تريليون دولار.
رؤية السعودية 2030 ومصادر الطاقة
يُذكر أن وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، كان قد أكد خلال مشاركته في منتدى أسبوع الطاقة الروسي، أن المملكة لديها رقم قياسي في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، كما أنها قد أحرزت تقدماً فيما يخص تحول مزيج الطاقة.
أكد وزير الطاقة أن المملكة قد سجلت نجاحاً في احتجاز الغاز والميثان، فضلاً عن الاستفادة منه في توليد الكهرباء وتشغيل محطات تحلية المياه، لافتاً إلى أن المملكة تدرجت من استخدام الغاز المرافق إلى الغاز المستقل ثم الغاز الصخري. ولفت إلى أن الغاز الصخري سيُستخدم لإنتاج 50% من إجمالي الطاقة الكهربائية، والـ 50% الأخرى ستكون من الطاقة المتجددة، مؤكدًا أن المملكة ستصبح المنتج الأكثر كفاءة وفاعلية لكل مصادر الطاقة بحلول 2030.
خلال لقاء تليفزيوني سابق بثه التليفزيون الرسمي السعودي وعدد من أهم شبكات التلفاز السعودية العربية، أجاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز عن سؤال "ماذا لو استمرت السعودية دولة نفطية؟".
أجاب سموه قائلاً: "النفط بلا شك خدم المملكة العربية السعودية بشكل كبير جداً، حجم الدخل والنمو الذي حققه النفط، كان أكبر بكثير من احتياجاتنا في ذاك الوقت، في الثلاثينيات والأربعينيات، فكان حجم الفائض من الدخل ومن النمو الاقتصادي أكثر مما كُنا نطمح عليه بمئات المرات.
فولد انطباع بأن النفط سوف يتكفل بكل احتياجاتنا في المملكة العربية السعودية، ذاك الوقت كان سكان المملكة العربية السعودية ثلاثة ملايين نسمة، مع مرور الزمن حجم النمو السكاني ازداد بشكل ضخم للغاية من مليون مليونين ثلاثة ملايين نسمة إلى تقريباً 20 مليون سعودي، فأصبح النفط يادوب يغطي الاحتياجات، وطريقة الحياة اللي تعودنا عليها من الستينيات وطالع".
أشار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى خطورة أن يعتمد اقتصاد المملكة العربية السعودية بشكل رئيسي على النفط قائلاً: "يُجابه النفط في الأربعين أو الخمسين سنة القادمة تحديات، مثل: قلّة استخدامه، وقد تكون أسعاره أقل، فعلى المنظور البعيد قد يُصبح هناك خلل في الوضع الاقتصادي بالمملكة العربية السعودية، مما قد يؤدي إلى تبعات اقتصادية ومالية على مستوى الفرد والوطن لا تُحمد عُقباها".
تحدث ولي العهد، عن أوجه النمو الاقتصادي المُمكنة بخلاف النفط، قائلاً: "هناك فرص كثيرة جداً في المملكة العربية السعودية في قطاعات مُختلفة غير القطاع النفطي، في التعدين، في السياحة، في الخدمات، في اللوجستيات، في الاستثمر، إلى آخره. فرص ضخمة جداً، حتى لو كان في عندنا مشكلة في الجانب النفطي، يمكن النمو في قطاعات أخرى، هذه الدافعية الرئيسية لعمل رؤية المملكة 2030 لكي نُزيل التحديات التي تواجهنا، ولكي نستغل الفرص الغير مُستغلة، ونستمر في الازدهار والنمو وننافس في كل الجبهات".
كذلك، خلال تصريح صحافي سابق نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس" قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز: "بصفتنا منتجاً عالمياً رائداً للنفط ندرك تماماً نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة".