القرارات المهنية.. ما هي وكيف يُمكنك اتخاذ قرارات مهنية جيدة؟
تعرّف على بعض النصائح التي تُمكنك من اتخاذ قرارات مهنية جيدة
عندما كنا أطفالًا، غالبًا ما كُنّا نُسأل عن المهنة التي نريد العمل بها عندما نكبر. مع تقدمنا في السن، تحولت طموحات طفولتنا إلى خيارات أكثر واقعية واستنارة بناء على عالم العمل المتغير باستمرار من حولنا. تابع قراءة السطور التالية للتعرّف أكثر على القرارات المهنية وأهميتها.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هي القرارات المهنية؟
يُقصد بالقرارات المهنية أي قرار تتخذه يتعلق بمهنتك أو بوظيفتك، بدءًا من اختيار المهنة التي ترغب العمل بها، ووصولًا إلى القرارات التي ستتخذها لتتطور وتنمو في هذه المهنة. بشكل عام، يُنظر إلى اتخاذ القرار المهني على أنه عملية تستلزم تحديد البدائل، وجمع المعلومات، وموازنة الخيارات، ثم اختيار خيار واحد، وتنفيذ البديل عند الاحتياج إليه.
في حين أن هذه العملية الأساسية تبدو مباشرة إلى حد ما، فقد لوحظ أن الأفراد يختلفون بشكل كبير في كيفية اتخاذهم لقراراتهم المهنية. وهكذا تم تطوير أساليب اتخاذ القرار المهني لوصف مجموعة متنوعة من الطرق التي يتعامل بها الأفراد مع مواقف القرارات المهنية. أدت هذه الاختلافات الملحوظة في صنع القرار الوظيفي إلى عدد من التصنيفات لأساليب اتخاذ القرار الوظيفي.
من التصنيفات التي وضعها الباحثون لكيفية اتخاذ القرار المهني ما يلي: المنطقية وتعني التقييم الموضوعي والاختيار؛ التردد ويتضمن هذا النمط المماطلة أو تأجيل اتخاذ القرار؛ البديهية وتعني الاختيارات التي تستند إلى شعور داخلي بالصواب أو بالحتمية؛ العاطفية وهي اختيارات تستند إلى تفضيلات أو مشاعر ذاتية؛ كذلك يوجد نمط اللا تفكير وهو يشتمل على القليل من الاعتبار الموضوعي، كما قد يحدث في قرار روتيني أو في بديل يتم اختياره باندفاع؛ يوجد أيضًا نمط التوافق وهو نمط سلبي يتم الاختيار فيه على أساس توقعات الآخرين أو التوقعات المفروضة على الذات. بالطبع بعض هذه الأنماط قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات مهنية كارثية تُسبب لصاحبها الكثير من المشكلات والأضرار.
يمكن أن يؤدي فهم كيفية عمل عملية اتخاذ القرار المهني إلى التخلص من بعض التوتر المُلازم لهذه العملية. لاتخاذ قرار مهني فعّال فإن هذه العملية يجب أن تتضمن التوضيح الداخلي وهو عملية تقييم ذاتي، والتي قد تشمل التفكير في رغباتك واهتماماتك وقدراتك وشخصيتك من حيث صلتها باتخاذ القرار المهني. أما الجانب الثاني فهو مراعاة العوامل الأخرى، حيث قد يؤثر الأشخاص والعوامل الأخرى على اتجاه حياتك المهنية. قد تشمل الأمثلة الأسرة، والشركاء، والأصدقاء؛ وكذلك المواقف المالية، أو الأدوار الحياتية.
أهمية القرارات المهنية
مع التحول السريع للتكنولوجيا في كل صناعة، يمر سوق العمل بقدر هائل من التغيير. وهذا هو ما يجعل اختيارك للوظيفة أكثر أهمية من أي وقت مضى. من جوانب أهمية القرارات المهنية الآن أن بعض الوظائف تتجه نحو الانقراض، حيث تهيمن الأتمتة الآن على واقعنا بأشكال متعددة، بدءًا من عمليات الدفع الذاتي وبرامج خدمة العملاء وحتى الروبوتات التي تقوم بالتوظيف. بينما تهدف هذه التطورات إلى تحسين وتبسيط حياتنا، فإنها تفرض أيضًا تهديدًا على بعض العمال من البشر، الذين كان يتم تكليفهم سابقًا بهذه الوظائف. مع بدء تقنية الذكاء الاصطناعي في استبدال العمال في العديد من الصناعات والقطاعات، يُعدّ اختيار مهنة لا تقع في مرمى نيران الثورة التكنولوجية أمرًا حيويًا؛ يجب أن تفكر في التأثير المحتمل الذي يمكن أن تحدثه التكنولوجيا على صناعتك.
تُشير التقديرات إلى أن نسبة كبيرة من العمال سيحتاجون إلى تبديل الصناعات واكتساب مهارات جديدة ليظلوا قابلين للتوظيف في المستقبل. قد يعني وجود البصيرة واتخاذ خطوات استباقية في وقت مبكر من رحلتك المهنية أنك ستجد نفسك تعمل جنبًا إلى جنب مع التقنيات الناشئة بدلاً من استبدالك بها.
من المتوقع أن تشهد الوظائف في مجالات الرعاية الصحية والتكنولوجيا والهندسة والتعليم والأعمال نموًا هائلاً، وذلك لأنه بينما ستؤدي أتمتة الوظائف إلى انقراض مسارات وظيفية معينة، فإنها ستؤدي أيضًا إلى إنشاء وظائف جديدة تمامًا ستكون ضرورية في هذا الاقتصاد المدفوع بالتكنولوجيا.
بعيدًا عن مستقبل العمل وحتمية الأتمتة، هناك اعتبار مهم آخر عند اختيار مهنة وهو الارتفاع المطرد في الرسوم الدراسية، مما يجعل التعليم العالي أقل سهولة.
إن الاختلاف الصارخ في متوسط الدخل بين خريجي الجامعات وحاملي الدبلومات المتوسطة، فضلاً عن معدل البطالة المرتفع الذي لوحظ في المجموعة الأخيرة، يجعل الحصول على شهادة جامعية مؤهلًا أساسيًا في سوق العمل اليوم، على الرغم من التكلفة المتزايدة للحصول على واحدة. شهادتك هي استثمار طويل الأجل، ومع ارتفاع تكلفة التعليم العالي، فإن معرفة المسار الوظيفي الذي ترغب في متابعته سيسمح لك بالعمل للحصول على درجة من شأنها أن تساعدك في الحصول على وظيفة في الصناعة التي تريدها.
كذلك فإن القرارات المهنية الجيدة تمهد الطريق للأمن الاقتصادي، حيث تعتبر إمكانية كسب المهنة من الاعتبارات الرئيسية لمعظم الناس عند اتخاذ قرار بشأن مهنة مناسبة. يعني اختيار المهنة المناسبة أنك ستكون قادرًا على التمتع بالأمن الاقتصادي، وهو عامل يلعب دورًا رئيسيًا في رفاهيتنا بشكل عام. وجدت الدراسات أن الأمن الاقتصادي مرتبط بالرفاهية الشخصية والرضا العام، سواء في حياتك المهنية أو الشخصية. لذلك، فإن الوظيفة التي يمكن أن تمنحك الاستقرار المالي يمكن أن يكون لها أيضًا تأثير مباشر على سعادتك وازدهارك.
نصائح لاتخاذ قرارات مهنية جيدة
الآن، هل تريد اتخاذ قرارات مهنية جيدة؟ يُمكنك الاستعانة بالنصائح التالية.
- التقييم الذاتي: قم أولاً بتقييم اهتماماتك وقيمك وشخصيتك لتطوير فهم لمهاراتك التقنية والقابلة للتحويل. ضع في اعتبارك العوامل التي قد تؤثر على بحثك، مثل التفضيلات الجغرافية أو ثقافة المؤسسات في مدينتك أو التوازن بين العمل والحياة. كن على علم بأن التقييمات لا يمكنها تحديد هويتك أو إخبارك بما يجب عليك فعله. بدلاً من ذلك، فإن الاختبارات والتقييمات تقترح فقط مجالات لمزيد من الاستكشاف ويمنحونك مكانًا لبدء البحث. هناك أربعة مكونات أساسية للتقييم الذاتي، هي:
- المهارات: العديد من المهارات قابلة للنقل، بمعنى أنه يمكن استخدامها عبر مجموعة واسعة من الصناعات والمجالات الوظيفية. على سبيل المثال، يتم تقييم مهارات التواصل الفعّال في جميع الأدوار، مما يجعلها قابلة للنقل بشكل كبير. من المهم أن تأخذ الوقت الكافي لتحديد مهاراتك وكيف يمكن أن تتلائم مع الخيارات المهنية.
- الاهتمامات: قد تتغير اهتماماتك تزيد معارفك وخبراتك الجديدة. يُعدّ التفكير في اهتماماتك، جنبًا إلى جنب مع مهاراتك وشخصيتك وقيمك، خطوة مهمة في عملية التقييم الذاتي. للتعرّف بدقة أكثر على اهتماماتك يُمكنك توجيه هذه الأسئلة لنفسك: ما هي الأنشطة التي تنجذب إليها؟ ما الذي يروق لك بشأن هذه الأنشطة؟ ما هي القضايا التي تهمك؟ ما الأشياء التي تجعلك تشعر وكأنك أسعد الناس في الحياة؟ ما هي الفصول الدراسية التي كانت مفضلة لديك وما الذي أثار إعجابك بشأن هذه الفصول؟
- الشخصية: تؤثر خصائصك الشخصية الفريدة على أفكارك وسلوكياتك وقراراتك وكيفية تفاعلك مع العالم. قد تكون الوظيفة المثالية لشخص ما خاطئة تمامًا بالنسبة لشخص آخر. يتوقف ذلك على الطبيعة الشخصية لكل منهم. مثلًا: ما مقدار التفاعل مع الآخرين الذي تحتاجه في عملك؟ هل تفضل التخيل والإبداع، أم تستمتع بالتعامل مع الأمور العملية والتفاصيل والعمل القابل للقياس؟
- القيم: يعد اتخاذ خيارات تتفق مع قيمك مكونًا أساسيًا للرضا الوظيفي. خذ وقتك في تحديد ما تعنيه قيمك بالنسبة لك. على سبيل المثال، غالبًا ما يُستشهد بالرغبة في إحداث فرق كقيمة مرتبطة بالوظيفة، ولكن قد يبدو ذلك مختلفًا بالنسبة لكل شخص.
- تحديد الخيارات والبحث عنها: هنا يجب معرفة أنه هناك الآلاف من الوظائف والمزيد منها التي تم إنشاؤها مع تطور الصناعات. استكشف مجموعة الخيارات الوظيفية ولا تقصر نفسك على الاختيار من الوظائف التي تعرفها فقط. تعلم بقدر ما تستطيع عن أرباب العمل في مجالات اهتمامك والاتجاهات في الصناعة التي تريد العمل بها. انغمس في المنشورات والمواقع الإلكترونية والموارد التي يستخدمها المحترفون في هذا المجال. سيساعدك هذا في تطوير قائمة بأصحاب العمل المستهدفين وإعدادك للتواصل وإجراء المقابلات الناجحة معهم.
- التقييم وتحديد الأولويات: الخطوة التالية هي التفكير. من المهم الخضوع لفحص واقعي لكل مجال وظيفي تستكشفه، ووزن الإيجابيات والسلبيات الخاصة به، وتقييم مدى توافقه مع من أنت وما تريد. يُمكنك استخدام الأسئلة التالية لمساعدتك: ما هو رد فعلك الأولي على المجال الوظيفي بعد بحثك؟ ما الذي أعجبك في هذا المجال؟ ما الذي لم يروق لك في المجال؟ ضع قائمة بالإيجابيات والسلبيات. ما المهارات أو المعرفة أو الخبرة التي ستحتاجها لتكون قادرًا على المنافسة عند الدخول في هذا المجال؟ هل أنت مهتم بما يكفي بالمجال لتطوير هذه المهارات أو المعرفة؟ إذا وجدت بعد البحث أن المجال الوظيفي ليس مناسبًا لك، فلا بأس بذلك. بعد كل شيء، الهدف من كل هذا هو مساعدتك على توضيح ما يناسبك.
- الاختيار واتخاذ الإجراءات اللازمة: حان الوقت الآن لتجربة هذه الخيارات المهنية واكتساب بعض الخبرة. لا تخلو هذه الخطوة من بعض القلق والتوتر، لكن، هل سبق لك أن شعرت برهبة المسرح عند المشاركة في تقديم عرض؟ هذه المشاعر هي رد فعل طبيعي للأحداث المجهدة في بيئتك. وبالمثل، يصبح بعض الناس قلقين أو مرتبكين عند التفكير في القرارات المهنية التي يجب عليهم اتخاذها أو القيام بإجراءات عملية لتنفيذها.