العمدة صلاح منصور.. استشهد نجله في حرب أكتوبر فوزع الحلوى ومات فقيرا
"الليلة يا عمدة.. هو حبكت الليلة"... بمجرد أن تسمع لقب العمدة يأتي إلى ذهنك أحد أروع من قدم شخصية العمدة في السينما المصرية وهو صلاح منصور أو العمدة عتمان، ورغم أنه ارتبط في الأذهاب بصورة الممثل صاحب أدوار الشر إلا أن حياته كانت مليئة بالمآسي، استشهد نجله في حرب أكتوبر عام 1973، وتوفي الثاني بضمور في العضلات ولفظ أنفاسه الأخيرة وهو لم يعد يملك أي شيء..
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
نشأة صلاح منصور
ولد في شبين القناطر 17 مارس 1923، ومنذ صغره كان يلتحق بمسرح المدرس، عشق التمثيل وقرر استكمال الدراسة فيه، ثم عملا محررا في صحيفة "روزاليوسف" لعلها تكون بوابته للفن، أعلن معهد التمثيل عن فتح باب القبول لأول دفعاته، فسارع بالالتحاق بها، وكان زميلا لكل من فريد شوقي وشكري سرحان، وفي أثناء دراسته جاءته أول أدواره في السينما وكان دوراً صغيراً في فيلم "غرام وانتقام" عام 1944 مع يوسف وهبي وأسمهان.
وتخرج من المعهد عام 1947، وخطر إليه فكره بأن يكون فرقة مع زملاء دفعته، فعرض عليهم الأمر، وبالفعل أساسوا مع فرق بالمسرح الحر عام 1954.
صلاح منصور والزوجة الثانية
بدأ صلاح منصور دخول عالم السينما والتليفزيون ليصل عدد أعماله ما يتجاوز 100 عمل، ولكن يظل دور العمدة إحدى العلامات الفارقة في مسيرته، فمن منا ينسى الحوار الشهير بينه وبين الفنانة سناء منصور "الليلة يا عمدة.. هي حبكة الليلة"... أحد أبرز الأدوار في حياة الراحل صلاح منصور فارتبط اسمه في الذاكرة بشخصية العمدة بعد الدور الرائع الذي قدمه في فيلمه الزوجة الثانية مع المخرج الرائع صلاح أبو سيف.
كانت بداية علاقة صلاح منصور وصلاح أبو سيف عام 1960 من خلال فيلم بداية ونهاية، فمع نجاحه في دور سليمان البقال، أمام الفنانة سناء منصور، ليختار هذا الثنائي الرائع لأداء أحد أروع أفلام السينما المصرية الزوجة الثانية.
ولكن هذا الدور الرائع وضع صلاح منصور في دائرة أدوار الشر، وظل لسنوات في هذه الدائرة، لذلك بعد سنوات وفي خلال عام 1968 قرر صلاح أبو سيف انتزاعه من تلك المنطقة وعرض عليه دوره في فيلم القضية 68 مع الفنان حسن يوسف وميرفت أمين، وفي هذا الفيلم لعب "منصور" دور شخص طيب يساعد الناس ويحل المشكلات.
أفلام صلاح منصور
صحيح أن فيلم الزوجة الثانية هو إحدى العلامات الفارقة في تاريخ صلاح منصور إلا أن لديه قائمة كبيرة تتجاوز الـ100 عمل فني، منها فيلم "لن أعترف"، "الشيطان الصغير"، "العصفور"، "هارب من الأيام" ، "أرملة وثلاث بنات"، و"أنف وعيون ثلاث" وكان أخر أفلامه "ابن مين في المجتمع" عام 1979. وفي التليفزيون قدم عدد من المسلسلات منها الحب لا ينتهي، لعبة المصير، أفواه وأرانب، وأحلام الفتى الطائر. بالإضافة إلى مجموعة من أروع المسرحيات منها الناس اللي تحت، شيء في صدري وحاجة تلخبط.
صلاح منصور والشيخ مصطفى إسماعيل
كان صلاح منصور من محبي الشيخ مصطفى إسماعيل، كان يصطحب صديقه شكري سرحان، ليذهبا لسماعه في قصر عابدين كل ليلة طوال شهر رمضان، وكان "منصور" يحرص على أن يجلس في الصف الأول أمام الشيخ مباشرة. ووصل حد الهوس بصلاح منصور أنه كان يهاتف الشيخ مصطفى إسماعيل يوميا حتى يعلم أين يقرأ فيذهب خلفه لسماعه، وفي إحدى المرات علم أنه ذاهب إلى عزاء، فاتصل بصديقه شكري سرحان واصطحبه معه، وطوال قرأه الشيخ مصطفى كان "منصور" مندمجا، وأخذ يدندن بصوت مرتفع " يا سلام" ، "الله عليك يا سيدي".
ومع إندماج "منصور" جاء أحد أقارب المتوفين، وحاول طرده من العزاء، قائلا له إنه عزاء أخان متوفين في حادث سيارة بينما أنت "مجلل ومصهلل"، فإذا بصلاح منصور يرد عليه بطريقة كوميدية، "رميت في صميم الفؤاد بسهم" وهو ما أثار غضب الرجل ليصمم على مغادرته المعزى، ولكن في ذلك الوقت تدخل الشيخ مصطفى إسماعيل وصمم على أنه إذا غادر سيغادر معه، فبقي "منصور" رغما عن أصحاب العزاء.
صلاح منصور وابنه الشهيد
كان نجل الفنان صلاح منصور أحد شهداء حرب أكتوبر 1973، وحينما علم بنبأ استشهاد ابنه نزل للشارع ووزع الحلوى قائلا لهم "أنا أبو الشهيد... ابني شهيد"
وبعد انتهاء الحرب وأثناء تكريم الرئيس الراحل أنور السادات لأسر الشهداء، عانق "منصور" الرئيس السادات وبكي، معلنا تبرعه بمكافأة ومعاش نجله من أجل إعادة تسليح الجيش المصري.
صلاح منصور وابنه الأصغر
كان لدي صلاح منصور طفل أخر ابنه الأصغر "هشام" ولكن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة أًيب في ضمور بكل أعضائه، وكان دائم السفر به إلى العاصمة البريطانية لندن حتى أنفق كل أمواله عليه، بعدها تقدم بطلب للعلاج على نفقة الدولة، فتم الموافقة لمدة 3 شهور فقط، ولكن تصادف وجود الرئيس السادات في لندن ومقابلة الجالية المصرية هناك، فطلب منه الموافقة على مد مدة العلاج وحصل على موافقة كتابية، ولكن بعد عشر سنوات من رحلته في العلاج توفي نجله في لندن بعد قيامه بعملية جراحية.
وكانت وفاة "هشام" بداية لنهاية والده، فهاجمته الأمراض فأصيب بتليف الكبد، وسرطان الرئة.
تكريمات صلاح منصور
تم تكريم صلاح منصور وحصل على عدد من الجوائز كان أولها في بداياته عام 1954 حينما فاز بجائزة أحسن ممثل إذاعي في مسابقة لإذاعة صوت العرب.
كما حصل دوره في فيلم "لن أعترف" على جائزة السينما عام 1963، وفي عيد الفن عام 1966 تم منحه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وفي عيد الفن 1978 حصل على جائزة الدولة التقديرية من أكاديمية الفنون.
وفاة صلاح منصور
حاصر المرض صلاح منصور بعد وفاة نجله الأصغر، ودخل مستشفى العجوزة ليرحل عن عالمنا يوم 19 يناير 1979، وعمره 56 عاما. وكانت وصية صلاح منصور لزوجته ونجله مجدي أن لا يبكوا لانه كان يكره أن يرى الدموع في أعينهم.
وبعد أن أنفق "منصور" كل أمواله على علاج نجله لم يترك أي شيء لأسرته فاضطرت زوجته بالتقدم لطلب معاش استثنائي من الرئيس الراحل أنور السادات، فوافق لهم تقديرا لما قدمه زوجها للفن.