العمال النيباليون يتوجهون إلى أوروبا بدلاً من آسيا والخليج
كان ناريندرا بهاتاراي من منطقة بانشثار في نيبال كاتبًا وشاعرًا ومخرجًا طموحًا. في عام 2007، قرر الانتقال إلى قطر بحثًا عن فرص أفضل، حيث دفع مبلغًا كبيرًا لوكيله للحصول على وظيفة سائق براتب مرتفع نسبيًا. لكن عند وصوله إلى قطر، فوجئ بأنه أُجبر على العمل كعامل بناء بدلاً من ذلك. كان من المفترض أن يتقاضى راتبًا قدره 900 ريال قطري (حوالي 247 دولارًا أمريكيًا في ذلك الوقت)، لكنه في النهاية لم يحصل سوى على 600 ريال.
قال بهاتاراي لـ DW "كنت أحلم بتوفير حياة أفضل لعائلتي، لكنني انتهيت ضحية للاستغلال في العمل." اضطر إلى العمل باجتهاد كبير لسداد ديونه على مدى سنوات، ثم عاد إلى نيبال ليستأنف شغفه بالشعر وصناعة الأفلام، ولكنه استمر في رحلة البحث عن عمل يكسبه الكثير من المال.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في عام 2019، أثناء حضوره عرض فيلم في البرتغال، اكتشف إمكانية التقدم للحصول على الإقامة والعمل بشكل قانوني في إحدى دول الاتحاد الأوروبي، فقرر البقاء. وقال لـ DW: "الإقامة الطويلة الأمد في أوروبا تعني لي ولأسرتي أمانًا مستقبليًا."
البرتغال تبدأ استقبال المهاجرين في أواخر عام 2010
وفقًا لدراسة أوروبية بعنوان "إعادة التفكير في نهج هجرة العمالة: دراسة حالة البرتغال"، شهدت الفترة بين عامي 2019 و2024 زيادة ملحوظة في عدد العمال النيباليين في أوروبا. تصدرت رومانيا القائمة بزيادة قدرها 640٪، بينما تضاعف العدد بأكثر من الضعف في عدة دول أوروبيةأخرى. كان ناريندرا بهاتاراي واحدًا من مئات النيباليين الذين حصلوا على وظائف في البرتغال في عام 2019. تشير البيانات الرسمية من حكومة نيبال إلى أن عدد الأشخاص الذين حصلوا على تصاريح عمل في البرتغال ارتفع من 25 في عام 2018 إلى 461 في العام التالي. وذلك بسبب الحاجة المتزايدة في البرتغال لعمالة بمستويات مهارة أقل في مجالات مثل الزراعة والسياحة.
ما الذي يجعل أوروبا أكثر جاذبية للعمال من الخارج؟
رغم زيادة عدد العمال النيباليين في دول مثل الكويت، يلاحظ الخبراء تغيرًا في أنماط هجرة العمالة النيبالية. يتجنب العديد من العمال الوجهات التقليدية في آسيا ودول الخليج العربي، ويختارون الآن الانتقال إلى دول الاتحاد الأوروبي مثل بولندا ورومانيا والبرتغال ومالطا والمجر وكرواتيا، وغيرها. يُعزى هذا التحول إلى الفرص الأفضل وسهولة الوصول إلى الوظائف في الخارج.
قال عالم الاجتماع تيكارام جوتام لـ DW: "في مجتمعنا الادخار من أجل المستقبل ممكن. ومع توفر بدائل متعددة للمهاجرين بفضل العولمة، فإنهم يختارون وجهات توفر لهم فرصًا أكبر للكسب." ومع ذلك، هناك أيضًا مسألة الهيبة والضغوط الاجتماعية. يقول ديباك جوتام، الذي يعمل كحارس أمن في دبي منذ عقد من الزمن، إنه رغم قدرته على إرسال جزء من راتبه إلى وطنه، إلا أنه يُنظر إليه بازدراء لعدم عمله في أوروبا.
أسباب مغادرة العمال الشباب من نيبال
وفقًا للصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، ساهمت التحويلات المالية من العمال المهاجرين بنسبة تصل إلى 26.6% من الناتج المحلي الإجمالي لنيبال، ما يعادل حوالي 11 مليار دولار في عام 2023. يعاني سوق العمل في نيبال، التي تقع في منطقة الهيمالايا، من مشاكل مثل الاضطرابات السياسية وغياب خطط توظيف شاملة وضعف إدارة الموارد البشرية. بالمقابل، تتمتع البلاد بمرونة ملحوظة في النظام السياسي والتعليم والتكنولوجيا.
توضح خبيرة العمل مينا بوديل أن هذه العوامل جعلت النيباليين أكثر انفتاحًا على العالم ورفعت من توقعاتهم من الحكومة لتحسين ظروفهم المعيشية والخدمات المقدمة لهم. وتضيف: "يتمتع النيباليون بوعي عالمي متقدم، لكنهم يجدون صعوبة في مقارنة تجاربهم العالمية بما هو متاح لهم في نيبال."
في السنوات الأخيرة، رفعت دول مثل ماليزيا ودول الخليج سقف العمالة المهاجرة، مما دفع أصحاب العمل للبحث عن قوى عاملة ماهرة، وأجبر العمال ذوي المهارات المحدودة على البحث عن بدائل. في الوقت نفسه، خففت العديد من الدول الأوروبية قوانين الهجرة، مما يسهل على العمال الأجانب الحصول على تأشيرات، خاصة في قطاعات مثل الزراعة والتدبير المنزلي ومجال الخدمات الفندقية والبناء.
تحقيق حلم الحياة الأفضل في أوروبا
بدأت ألمانيا مؤخرًا في تعديل قانون الهجرة الماهرة، حيث قدمت مفهوم "بطاقة الفرصة" لمواطني الدول الثالثة الباحثين عن عمل. بيجاي ليمبو، الذي انتقل من قطر إلى مالطا، يحلم بالعثور على وظيفة في ألمانيا ويعمل على تطوير مهاراته وتعلم اللغة لتلبية متطلبات تصريح الإقامة. ومع ذلك، حذر من أن "عمل المهاجرين لا يكون دائمًا مضمونا."
تُعد البرتغال، حيث استقر الكاتب النيبالي ناريندرا بهاتاراي، مثالًا في هذا السياق. فقد فرضت التعديلات القانونية الأخيرة مزيدًا من العقبات أمام المهاجرين الراغبين في العمل والاستقرار في البلاد. ومع ذلك، يشير بهاتاراي إلى أنه "راضٍ نفسياوماليًا" عن حياته في البرتغال، مما أتاح له استعادة شغفه بالكتابة. وأضاف: "أعتقد أنني جئت إلى أوروبا في الوقت المناسب."
أعدته للعربية: ندى فاروق