الطريقة التي تتنفس بها قد تجعلك قلقًا.. تعرّف على كيفية حدوث هذا
يُطلق التنفس سلسلة من التغيرات الجسدية في الجسم التي تُعزز إما التوتر أو الاسترخاء. قد تتنفس بالطريقة الخاطئة التي تجعلك قلقًا أو تُسبب لك المزيد من القلق، فقط تابع قراءة السطور التالية لمعرفة تأثير الطريقة التي تتنفس بها على إصابتك بالقلق.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
هل يمكن للتنفس فقط أن يُحدث فرقًا؟
في كتابه الجديد "التنفس: العلم الجديد لفن ضائع" يناقش الصحفي جيمس نيستور فكرة أن البشر المعاصرين أصبحوا سيئين للغاية في هذا العمل الأساسي للحياة. ألا وهو التنفس، نتنفس من خلال أفواهنا وفي صدورنا، ونفعل ذلك بسرعة كبيرة. حتى أن هناك ظاهرة تسمى "انقطاع النفس عبر البريد الإلكتروني" ، حيث يتنفس موظفو المكاتب المتعددة المهام بشكل غير منتظم وسطحي، أو حتى أنهم يحبسوا أنفاسهم، لمدة نصف دقيقة أو أكثر أثناء التصاقهم بحواسبهم.
إلى جانب كل المشاكل الصحية المُقلقة التي قد يسببها هذا الشكل من التنفس، قد يكون لعجزنا عن التنفس بطريقة صحيحة عواقب كبيرة أخرى، مثل: المساهمة في الإصابة بالقلق ومشاكل الصحة العقلية الأخرى.
تقول إليسا إيبل، الأستاذة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو: "إن المعدل والعمق اللذين نتنفسهما هما عاملان محددان كبيران لحالتنا العقلية".
إيبل وباحثون آخرون يستكشفون مدى قدرة تقنيات التنفس على مساعدة الأشخاص العصبيين على درء القلق. ما توصلوا إليه هو أن التنفس، الذي هو أمر نقوم به طوال الوقت على أي حال، يمكن أن يكون مفتاحًا مهملاً لإيجاد المزيد من الهدوء والسلام.
كيف يمكن للتنفس أن يُهدئنا؟
نحاول غالبًا ترويض القلق من خلال تغيير أفكارنا، فنقوم بالتشكيك في أسوأ السيناريوهات التي تدور في رؤوسنا، أو مقاطعة الاجترار بنوع من الإلهاء، أو حتى طلب العلاج من المختصين.
لكن التنفس يُقدّم أسلوبًا مختلفًا، فيتجاوز التنفس تعقيدات العقل ويستهدف الجسم مباشرة. بدلًا من محاولة حمل نفسك بعيدًا عن الشعور بالقلق، يمكنك أن تفعل شيئًا ماديًا أكثر، مثل: التنفس ببطء أو بسرعة، بإيقاع معين، أو من خلال فتحة الأنف. وأحيانًا تجد الراحة الفورية عند القيام بهذا.
في دراسة أُجريت عام 2017، طُلب من الأشخاص القلقين للغاية أخذ دورة تدريبية في استرخاء التنفس البطني. كانوا يمارسون التنفس البطني، أو التنفس من البطن، مرتين في اليوم في المنزل. ينطوي هذا على التنفس بعمق في البطن بدلاً من التنفس بعمق في الصدر. بعد ثمانية أسابيع، أبلغ المبحوثين عن شعورهم بقلق أقل مقارنة بالمجموعة التي لم تتلق التدريب. كما أظهروا علامات جسدية على انخفاض القلق، مثل: انخفاض معدل ضربات القلب. لذلك، قد تساعدك ممارسة التنفس المنتظم على الشعور بالهدوء في حياتك اليومية.
تُشير دراسات أخرى إلى أن التركيز على تنفسك في لحظات الإجهاد النفسي الحاد قد يكون مفيدًا أيضًا، في دراسة قديمة نُشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، أحضر الباحثون المشاركين إلى المختبر وأخبروهم أنهم سيصابون بصدمات كهربائية. مارس بعض المشاركين التنفس ببطء قبل الصدمات، التي لم يتم إعطاؤها مطلقًا في الواقع، بينما ركز آخرون على التنفس بمعدل طبيعي أو لم ينظموا تنفسهم على الإطلاق.
أظهرت الدراسة أن المبحوثين الذين قاموا بالتنفس البطيء، بمعدل ثمانية أنفاس في الدقيقة أبلغوا عن الشعور بقلق أقل أثناء توقع الألم؛ كما أظهروا أيضًا قلقًا أقل على المستوى البدني. وهو ما تم قياسه من خلال العرق وتدفق الدم إلى الأصابع.
تابعت دراسة أخرى هذا البحث واختبرت ثلاثة نظم تنفس مختلفة: الشهيق السريع مع الزفير البطيء، استنشاق بطيء مع زفير سريع؛ أو الاستنشاق والزفير بوتيرة متساوية. هنا، كان الاستنشاق السريع مع الزفير البطيء هو الأكثر فعالية في تخفيف كل من تجربة القلق الجسدية والعقلية.
سلبيات التنفس السريع
تقول إيبل: "إذا كنا نتنفس بشكل سطحي وسريع، فإن ذلك يتسبب في خلل بنظامنا العصبي فنشعر بالتوتر والقلق. إذا كنا نتنفس ببطء، فهذا في الواقع يؤدي إلى استجابة مضادة للتوتر."
يمكن أن يكون التنفس السريع مُحفزًا للأشخاص الذين يعانون من القلق، مما يتسبب في وخز الأطراف والدوار الذي غالبًا ما يصاحب نوبات الهلع. ولكن هذه المعرفة هي نقطة هامة، فعندما تتنفس بسرعة وتبدأ في الشعور بالأعراض التي ترتبط عادةً بالقلق، فقد تساعدك تلك المعرفة على إعادة تفسير هذه الأعراض بطريقة أقل تهديدًا، مما يجعلك تُصبح أقل قلقًا لأن لديك سببًا واضحًا ومفهومًا لما تُعانيه من أعراض.
مثلًا نحن لا ننزعج من ارتفاع معدل ضربات القلب أثناء التمرين، لأننا نفهم السبب جيدًا وهو بسيط وليس مُقلق بالنسبة لنا. وإذا كان بإمكانك ربط القلق بعادات التنفس الخاطئة، فهذا يعني أنه يمكنك تغيير طريقة تنفسك وربما ترى بعض التحسن.
كيف تتنفس بشكل أفضل؟
إذا كنت ترغب في ممارسة التنفس من أجل الحصول صحة عقلية وجسدية أفضل، فهناك تقنيات لا حصر لها يمكنك تجربتها. على الرغم من أنه لا ينبغي اعتبار هذه العلاجات بديلاً عن العلاج أو علاجًا للقلق الشديد، إلا أنها يمكن أن تكون أداة مجانية وبسيطة للإغاثة قصيرة المدى والفوائد طويلة المدى.
في دراسة أُجريت عام 2015 كتب رافيندر جيرات وزملاؤه من الباحثين: "يمكن استخدام تقنيات التنفس كعلاجات أولية وتكميلية للتوتر والقلق".
العديد من التقنيات التي تم بحثها رسميًا مستمدة من براناياما، تنفس اليوجا الذي يعود تاريخه إلى الهند القديمة، ومنها:
- التنفس العميق مع الحلق الضيق، مما يخلق صوتًا يشبه المحيط.
- التنفس القوي ويتمثل في الشهيق والزفير بقوة.
- التنفس البديل من الأنف، يتم خلاله استنشاق الهواء في إحدى فتحتي الأنف وزفيره من خلال الأخرى، وأحيانًا مع حبس النفس.
- التنفس بالتوقيت، خلاله تستنشق لمدة أربع ثوان، وتنتظر لمدة أربعة ثوان، ثم تزفر لمدة أربعة ثوان، قم تنتظر لمُدّة أربعة ثوان قبل أن تعود وتُكرر الأمر.