الصين توجه ضربة موجعة لأمريكا عبر سلاح المعادن النادرة
في خضم الحرب التجارية المشتعلة بين بكين وواشنطن، تشتعل معركة أخرى بين البلدين تتجاوز مخاطرها مخاطر الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها كل بلد على الآخر، حيث امتدت الحرب لتشمل أوراقًا استراتيجية أكثر تأثيرًا.
ولم تكتف بكين بالرد الجمركي فحسب، بل استخدمت سلاحًا بالغ الحساسية، وهو سلاح المعادن الأرضية النادرة. أقدمت الصين مؤخرًا على فرض قيود على تصدير عدد من المعادن الحيوية، في خطوة اعتبرها المحللون بمثابة "ضربة تحت الحزام" للولايات المتحدة، وخاصة أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد بشكل واسع على تلك المواد في الصناعات الدفاعية والتكنولوجية المتقدمة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وهذا الإجراء الصيني أعاد تسليط الضوء على هشاشة سلاسل التوريد الأمريكي في هذا القطاع، وهو ما أثار قلقًا كبيرًا في دوائر القرار داخل واشنطن، مما دفع ترامب إلى إصدار تويجه عاجل لوزارة التجارة يقضي بابتكار سياسيات لتشجيع الإنتاج المحلي من المعادن النادرة، وتقليص الاعتماد على الواردات بهدف استعادة السيطرة على هذا المورد الاستراتيجي.
اقرأ أيضًا: انخفاض شحنات هواتف أبل في الصين بنسبة 9% في الربع الأول
الصين تسيطر على سوق المعادن الأرضية النادرة
تمكن قوة الصين في ورقة المعادن الأرضية أنها تملك سيطرة شبه كاملة على سلسلة القيمة الخاصة بالمعادن الأرضية النادرة، حيث تنتج الصين نحو 6% من إجمالي المعروض العالمي من هذه المعادن، وذلك وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة.
ليس هذا فحسب، بل تقوم الصين أيضًا بتقنية ومعالجة 92% من هذه المعادن، وهو ما يمنحها قوة احتكارية هائلة، ليس فقط في الإنتاج، بل أيضًا في التحكم بتدفق هذه الموارد إلى السوق العالمية.
ورغم أن العديد من الدول تملك احتياطيات من المعادن الأرضية النادرة، فإن استخراجها وتقنيتها يعدان من العمليات المكلفة والملوثة. وتحتوي معظم الخامات على عناصر مشعة، مما يفر تحديات بيئية وتكنولوجية جسيمة، جعلت دولًا مثل الاتحاد الأوروبي تتردد في الدخول في هذا المجال الحيوي بشكل جدي.
ويعود الفضل في هيمنة الصين على سوق المعادن النادرة إلى عقود من السياسات الحكومية الاستراتيجية التي استهدفت بناء قدرة إنتاجية هائلة، وتقنيات تنقية متقدمة، وإجراءات تنظيمية حازمة، فلم يكن هذا الامتياز وليد اللحظة.
اقرأ أيضًا: الصين تفضح العلامات التجارية الفاخرة وتكشف قيمتها الحقيقية
سلاح المعادن الأرضية
وفي إطار الرد الصيني الأخير، فرضت بكين قيودًا صارمة على تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، وهي في الغالب معادن ثقيلة تعد أكثر ندرة وصعوبة في المعالجة من نظيرتها الخفيفة، وبالتالية تعتبر أكثر قيمة، خاصة في الاستخدامات العسكرية.
ومنذ الرابع من أبريل، أصبح الحصول على ترخيص خاص إلزامي لأي شركة ترغب في تصدير هذه المواد من الصين، وبما أن هذه المعادن تصنف ضمن المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، يحق لبكين قانونيًا أن تقيد تصديرها استنادًا إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي تجيز تقييد تداول المواد التي قد تستخدم لأغراض عسكرية.
وفي ظل هذه التطورات، تبدو الولايات المتحدة في موقع هش، خاصة مع عدم توفر بدائل فورية يمكنها تعويض النقص المحتمل من الصين، وهو ما تؤكده تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، الذي أشار إلى أن الفراغ الصيني في هذا المجال لا يمكن ملؤه بسهولة.