"السِكّين "وسلاح سلمان رشدي للدفاع عن حرية الكلمة
كانت أمنية سلمان رشدي أن يترك وراءه كل ما يتعلق بالحماية الشخصية والرقابة التي كانت ترافقه، بما في ذلك الحواجز التي تفصله عن الجمهور. ولكن اضطر إلى التراجع عن هذه الأمنية من جديد بعد الحادث المروع في 12 أغسطس/آب 2022، عندما تعرض لهجوم بالسكين في نيويورك وكاد أن يفقد حياته. وذلك بعد مرور 33 عاماً على صدور الفتوى من زعيم الثورة الإيرانية آنذاك، آية الله الخميني، الذي أدان رواية رشدي "آيات شيطانية" واعتبرها تجديفاً في الدين. "ها أنت هنا"، هكذا فكر رشدي، وهو يكتب في كتابه الجديد "السكين"، مضيفاً "إنك أنت حقاً."
قبل ظهوره على منصة المسرح الألماني بدعوة من المهرجان الدولي للأدب في برلين، التقى رشدي، بسرية تامة، بالمستشار الألماني أولاف شولتس، ولاحقاً بالرئيس الاتحادي فرانك فالتر شتاينماير، الذي أعرب عن احترامه العميق لرشدي، "لأنه لا يزال مدافعًا متحمسًا عن الديمقراطية والحرية."
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
المقاومة بالحب والفكاهة
حضر ما يقارب 600 شخص اللقاء في برلين الخميس 16 مايو/ آيار، حيث قدم سلمان رشدي نفسه بصورة حية. كانت الإعلانات تشير إلى أن الفعالية ستتضمن قراءة ونقاش حول كتابه الأخير بعنوان "سكين: تأملات بعد محاولة القتل". وفي ترحيب حار من الجمهور، قال رشدي: "أنا سعيد بوجودي هنا، حتى لو كنت غير قادر على رؤيتكم بوضوح". نظرا لأن الكاتب فقد عينًا الاعتداء عليه ورؤيته في العين الأخرى ضعيفة نوعا ما. سرعان ما اتضح لدى الجمهور أن رشدي لم يفقد روح الفكاهة.
يصف رشدي كيف عاش محنة التعرض للهجوم، والأيام التي تلت ذلك، حيث كافح الأطباء من أجل حياته. لم يفقد فقط عينًا، بل أصيبت كذلك بعض أعضائه، وقطعت بعض الأوردة. كان يتنفس بواسطة جهاز التنفس الصناعي، وفي البداية لم يكن من الواضح ما إذا كان سيبقى على قيد الحياة وفي أي حالة سيعود. وكيف قاتل من أجل العودة إلى الحياة بعد ذلك.
ومع الكثير من قوة الإرادة - ومع الكثير من الحب، لا يتعب رشدي أبدًا من التأكيد على ذلك. حب أخته وأبنائه، ولكن قبل كل شيء حب زوجته راشيل إليزا غريفيث، وهي شاعرة وفنانة، والتي ترافقه أيضًا في جولة القراءة هذه.
بعد أسابيع قضاها في المستشفى بعد الحاثة، وبعد عمليات مؤلمة وجلسات تأهيل، أخذ رشدي في التحسن تدريجياً. ويدرك أنه يجب عليه الكتابة مجددًا. الكتابة كعلاج. هذا يتضمن تذكر التعرض للهجوم، والتصالح مع الألم والإصابات الخاصة به، ولكن أيضًا التعامل مع الجاني.
يعطي رشدي للجاني لقب "A" على غرار الرموز التي تعطى للجناة، ويقول إنه كان يفكر بداية في مقابلته. ولكن بعد قراءته أن الشاب لم يكن يعرف حتى كتابه، بل شاهد فقط بعض مقاطع الفيديو المحرضة على يوتيوب، تراجع عن ذلك. وقال للجمهور في برلين مازحا: "لو كنت قد ابتكرت شخصية روائية مثل هذا الشاب في روايتي، لقال لي الناشر أنها شخصية غير مقنعة وغير قابلة للتصديق".
اللغة سلاح رشدي
"سكين" هو كتاب مؤثر عن البقاء على قيد الحياة بعد محاولة قتل. إنها أيضا محاولة سلمان رشدي لاستعادة السيطرة على حياته، والرد على هجوم السكين بوسائله الخاصة - بالسلاح الوحيد الذي يعرفه، سلاح اللغة، كما يقول في برلين. وبهذا السلاح يواصل الكفاح من أجل حرية الكلمة والأدب.
احتفى الجمهور في برلين بسلمان رشدي لقوته وروح الدعابة التي يتمتع بها، رسالته المهمة أيضا. وإذا كان هناك شيء واضحًا في ذلك المساء، فإنه الثمن الفظيع الذي يدفعه رشدي مقابل ذلك.
وُلد سلمان رشدي عام 1947 لأبوين مسلمين في مومباي (بومباي) الهندية. في عام 1989، أصدر الزعيم الإيراني آية الله خميني فتوى بقتله بسبب روايته "آيات الشياطين"؛ عاش رشدي لسنوات تحت حماية الشرطة في أماكن مختلفة. في صيف عام 2022، حاول إسلاموي شاب الاعتداء عليه بسكين. يُعتبر رشدي اليوم مدافعا متحمسًا عنحرية الرأي والتعبير.
الكاتبة: زابينه كيزيلباخ
أعده للعربية: علاء جمعة