السفينة وقتل الطفل.. ملهمات من قصة موسى والخضر
تعتبر قصة موسى ‑عليه السلام- مع الخضر من أهم النماذج الدالة على طلب العلم؛ فعلى الرغم من أن موسى ‑عليه السلام- كان نبيا ورسولا من الله ‑تعالى- إلى بني إسرائيل، ولكنه لم يكتفِ بما تعلمه حتى أصبح نبيا، وكان حريصا على طلب العلم ممن أخبره الله ‑تعالى- أنه أغزر منه علما وأكثر منه معرفة.. تعرف على قصة موسى والخضر.
خروج موسى عليه السلام للقاء الخضر
- في أحد الأيام قام موسى ‑عليه السلام- يخطب في بني إسرائيل؛ فسأله بنو إسرائيل عن أكثر أهل الأرض علما، فأجابهم موسى ‑عليه السلام- بأنه هو أعلم أهل الأرض، فعاتبه الله ‑تعالى- لقوله ذلك بدون إرجاع الفضل لله ‑تعالى- وحده، ولأنه أخطأ في ذلك؛ لوجود رجل صالح أعلم منه في مجمع البحرين يدعى الخضر.
- عندما علم موسى ‑عليه السلام- بأمر الخضر؛ سأل ربه عن كيفية الوصول إليه ليتعلم منه، فأمره الله ‑تعالى- بالذهاب إلى مجمع البحرين وأن يأخذ حُوتًا معه، وعندما يفقد الحوت في طريقه سيكون الخضر في المكان الذي فقد فيه الحوت، فخرج موسى ‑عليه السلام- كما أمره ربه وأخد معه فتاه يوشع بن نون، وأخذ معه الحوت.
- وعندما وصل موسى ‑عليه السلام- وفتاه إلى صخرة كبيرة، غلبهما النعاس؛ فانطلق الحوت من مكانه إلى البحر وهما نائمان، وعندما استيقظ موسى وفتاه تابعا سيرهما ولم يلاحظا بأن الحوت قد اختفى، حتى إذا شعر موسى بالجوع وطلب من الفتى أن يحضر لهما الغداء، في تلك اللحظة أدرك يوشع أنه نسي الحوت عند الصخرة.
- لما أخبر يوشع سيدنا موسى ‑عليه السلام- أن الشيطان قد أنساه الحوت عندما غلبهما النعاس بجوار الصخرة، علم موسى أن هذا المكان هو مكان وجود الخضر كما أخبره الله تعالى، فعاد موسى ‑عليه السلام- إلى مكان الصخرة وبحث عن الخضر حتى وجده.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصة موسى عليه السلام والخضر
- لما قابل موسى عليه السلام الخضر وأخبره عن نفسه، أخبره الخضر بأن الله ‑تعالى- قد أتاه من العلم ما لا ينبغي أن يعلمه موسى عليه السلام؛ فطلب منه موسى ‑عليه السلام- أن يعلمه مما علمه الله تعالى، ولكن الخضر أخبر موسى أنه لن يستطيع الصبر على مصاحبته والتعلم منه.
- أصر موسى على الخضر بأن يصاحبه ويتعلم منه، وتعهد له بأنه لن يعصي له أمرا أثناء مصاحبته، وعدم السؤال عن أي شيء يفعله الخضر مهما كان غريبا حتى يفسره الخضر من تلقاء نفسه، فوافق الخضر على أن يعلمه وبدأت رحلتهما معا.
- أراد موسى والخضر أن يعبرا البحر فركبا سفينة، فقام الخضر بثقب السفينة بدون توضيح السبب، فغضب منه موسى ‑عليه السلام- وعاتبه على ما فعل؛ لأن هذا الثقب يمكن أن يؤدي إلى غرق السفينة ومن فيها، فأجابه الخضر بأنه قد أخبره من قبل أنه لن يستطيع الصبر على مصاحبته، فاعتذر منه موسى عليه السلام.
- وفي الطريق قابل موسى والخضر بعض الفتيان يلعبون، فاختطف الخضر أحدهم وقتله، فعاتبه موسى بغضب شديد على ما فعل، وأنه قتل نفسا بدون ذنب، ولكن الخضر أجابه كما أجابه أول مرة، وذكره بالعهد الذي بينهما. وأخبره أنه إن سأله مرة أخرى فسيفترقان ولن يكملا الطريق معا!
- عندما وصل موسى والخضر إلى قرية طلبا من أهلها الطعام، فلم يجبهما أحد، فوجد الخضر جدارا مائلا يكاد أن يقع فقام بإصلاحه؛ فقال له موسى لو أنك أخذت أجرا على ما فعلت لكان خيرا لنا، فقال له الخضر هذه نهاية طريقنا معا وسأخبرك بتفسير ما فعلته أثناء رحلتنا.
- فسر الخضر ثقبه للسفينة بأن السفينة كانت لبعض المساكين وكان هناك ملك ظالم في البحر يأخذ السفن الجيدة ويظلم أهلها ويترك السفن المَعِيبة، وقال إن الفتى الذي قتله كان كافرا عنيدا عاقا بوالديه، فقتله حتى يبدلهما الله ‑تعالى- بولد صالح.
- وأما الجدار الذي أصلحه الخضر في القرية فكان تحته كنز لولدين يتيمين، وكان أبوهما رجل صالح؛ فأصلحه الخضر حتى لا ينهار الجدار ويكتشف أهل القرية كنز الولدين، وإنما يظل الجدار قائما حتى يكبر الولدان ويجدان الكنز عندما يبلغان سن الرشد فيستطيعان أخذه والتصرف فيه، وذلك رحمة من الله باليتيمين.
موسى والخضر في القرآن الكريم
قال تعالى: «وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)» سورة الكهف.