الرياضة في العصر الفرعوني
كانت دورة الألعاب الأولمبية تقام كل أربع سنوات في اليونان منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وبقيت كذلك حتى عام 1992، حيث تم فصل الألعاب الأولمبية الصيفية عن الألعاب الأولمبية الشتوية، لتقام الدورة الأولمبية كل عامين بالتناوب، حيث تتضمن الألعاب الأولمبية العديد من ألعاب القوى واللياقة، إضافة إلى ألعاب التوازن والألعاب المائية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كما تتضمن رياضات الأفراد، ورياضات الفرق، لكن هل كنت تعلم أنَّ الفضل في ابتكار العديد من هذه الألعاب يعود إلى المصريين القدماء؟! تابعوا معنا.
الرياضة المصرية القديمة
اهتم الإنسان بالرياضة منذ القدم، حيث انعكس هذا الاهتمام من خلال ابتكار الألعاب الرياضية المتنوعة، فتعامل القدماء مع الرياضة كوسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية، إضافة إلى كونها وسيلة للترفيه، كما يعود الفضل في تنظيم دورة الألعاب الأولمبية إلى اليونانيين في القرن الثامن قبل الميلاد، وقد أخذوا معظم الرياضات عن الفينيقيين.
كما لم تكن الألعاب الأولمبية بشكلها الحالي من حيث عدد السباقات التي تقيمها، لكنها تطورت مع مرور الزمن حتى شكلها الذي نعرفه الآن، فهناك العديد من الرياضات التي تشارك في دورة الألعاب الأولمبية تعود إلى أصل فرعوني، مارسها المصريون القدماء كجزء من حياتهم الاجتماعية، ووثقوا ابتكارها من خلال الرسوم الجدارية؛ فما هي هذه الألعاب والرياضات التي ابتكرها ومارسها الفراعنة؟.
الألعاب الفردية التي مارسها الفراعنة
أحدثت الأبحاث والتنقيبات الأثرية النشيطة في مصر ثورةً تاريخية، حيث غيرت العديد من المفاهيم السائدة، وأثبتت أسبقية المصريين القدماء في التعامل مع الكثير من العلوم والفنون كالطب والتحنيط، إضافة إلى الصناعة والهندسة، ومن بين هذه الاكتشافات، تبين أنَّ المصريين القدماء ابتكروا العديد من الرياضات التي ما زلنا نمارسها حتى يومنا هذا، بشكلٍ فردي أو جماعي، لنتعرف معاً على أبرز هذه الألعاب والرياضات المصرية القديمة.
1- البولينج (Bowling)
تحدث خبر نشره موقع (ABC) عام 2007 عن الجذور المصرية للعبة البولينج، حيث تم اكتشاف قاعة يعتقد أنَّها أولى قاعات البولينج في العالم، وذلك في مدينة الفيوم المصرية، وتألفت القاعة من ممراتٍ حجريةٍ بطول أربعة أمتار وعمق 10سم وعرض 20سم، إضافة إلى عدَّة حفر تحتها جرَّة من الفخار مملوءة بالرمل الناعم، كما لاحظ فريق البحث وجود كرات حجرية ملساء مختلفة الحجم.
حيث تعتقد البروفيسورة بريسياني (Bresciani) عالمة المصريات في جامعة ميسينا (University of Messina)، أنَّ هذه اللعبة تألفت من شخصين، والأرجح أن الكرات كانت ترمى في ذات الوقت على الممر الحجري، بحيث تكون الكرة الكبيرة لمنع الكرة الصغيرة من السقوط في الحفرة، كما تتألف اللعبة من عدة جولات يكون الرابح فيها من تمكن من الوصول إلى الحفرة أكبر عدد من المرَّات، أو من استطاع منع الكرة الصغيرة من دخول الحفرة، لتكون هذه اللعبة مزيجاً بين البولينج والبلياردو، كما تضيف بريسياني:
"بحثت عن الألعاب القديمة المماثلة، بما في ذلك الألعاب الرومانية القديمة، ولم أتمكن من العثور على شيء شبيه، يبدو حقاً أنَّها (أي اللعبة) اخترعت في مصر".
كما يشير موقع (Message to Eagle) إلى أنَّ عالم الأنثروبولوجي السير فلندرز بيتري (Sir Flinders Petrie) اكتشف عدة أنواع من كرات البولينج عام 1930 في قبر صبي مصري، حيث يعود هذا القبر إلى حوالي العام 3200 قبل الميلاد، فيما يعتقد أن ممارسة هذه الرياضة في مصر القديمة تعود إلى ما قبل هذا التاريخ.
2- الصيد في مصر الفرعونية
يعتقد أنَّ ممارسة الرياضة كانت من طقوس تتويج الفراعنة المصريين، إضافة إلى وجود الرياضة في الحياة اليومية المصرية وفق ما يذكر موقع (Ancient Egypt online)، و كان الصيد البري من بين الرياضات التي مارسها الملوك أيضاً، حيث كان الفراعنة يخرجون في رحلات الصيد البري في مواكب كبيرة، مثلما كان يفعل ملوك أوروبا فيما بعد.
وقد اصطحب المصريون معهم كلاب الصيد في رحلاتهم تلك قبل خمسة آلاف عام. من جهة أخرى؛ مارس المصريون الصيد المائي للتجارة والترفيه، حيث استخدموا في ذلك عدَّة وسائل، مثل الشباكِ والسنانير والحراب.
3- الرماية بالقوس والرمح في مصر القديمة
تشير الرسومات الجدارية المصرية إلى ممارسة رياضة الرماية، وذلك باستخدام القوس والسِّهام أو رمي الرمح، كما تؤكد الرسومات أنَّ المصريين استخدموا هذه الوسائل في الرماية على أهداف ثابتة، أي أن استخدامهم للرماح والسِّهام لم يقتصر على الصيد فقط، وما تزال هذه الألعاب حاضرة في دورة الألعاب الأولمبية حتى يومنا هذا.
4- رياضات فرديَّة أخرى
إضافة إلى الرياضات التي ذكرناها؛ عرف المصرين عدَّة ألعاب رياضية أخرى، أبرزها القفز والوثب الطويل، إضافة إلى المصارعة والملاكمة، كذلك مسابقات السباحة ورفع الأثقال بواسطة أكياس الرمل، حيث يفترض أن يرفع اللاعب كيس الرمل ويبقيه مرفوعاً لفترة قصيرة، وما تزال هذه القاعدة نافذة حتى الآن في لعبة رفع الأثقال، كما يُعتقد أن المصريين القدماء أول من مارس رياضة الجمباز، وألعاب التوازن، فضلاً عن سباقات الخيول والفروسية والمبارزة.
الألعاب الجماعية عند الفراعنة
إضافة إلى الألعاب الرياضية التي يتنافس فيها شخصان فقط؛ نظَّم المصريون ألعاباً رياضية تتكون من فريقين متنافسين أو أكثر، وما زالت هذه الرياضات موجودة حتى يومنا هذا، نذكر منها:
1- الهوكي (Hockey) الفرعوني
كشفت الرسومات الجدارية في مقابر بني حسن (محافظة المنيا) عن ممارسة الفراعنة القدماء للعبة الهوكي قبل آلاف السنين (3000-5000 سنة قبل الميلاد)، حيث تصور الرسومات اللاعبين يحملون مضارب مصنوعة من سعف النخيل، كما يعتقد أن قرص الهوكي المصري كان مصنوعاً من ألياف البردي المضغوطة على شكل نصف كرة، مغطَّاة بطبقتين من الجلد.
2- سباق القوارب المصري
للإبحار في مصر أهميته الخاصة، حيث تعامل المصريون مع الملاحة النهرية والبحرية لأهداف التجارة والصيد، إضافة إلى المنافسة في الرياضة المائية، فنظَّم المصريون القدماء سباق القوارب، وهو لا يختلف عن سباق القوارب الذي يجري في الوقت الحاضر، حيث يعمل فريق من عدة أشخاص على التجذيف وفق تعليمات ربَّان المركب ين نقطتين محددتين.
3- شدُّ الحبل عند الفراعنة
لعبة شدِّ الحبل أيضاً من جذور مصرية، وهي اللعبة ذاتها المعروفة في وقتنا الحاضر، حيث يتنافس فريقان متقابلان على شدِّ الحبل، ويفوز الفريق الَّذي ينجح باجتذاب الفريق الآخر إليه بقوة الشدِّ، حيث تعتمد هذه الرياضة على التعاون والقوة الجسدية، كما تعتبر من الرياضات الحماسية.
4- ألعاب الفرق المصرية
تعتبر لعبة كرة اليد أيضاً من ألعاب مصر القديمة كما تشير الرسومات الجدارية التي تعود لأكثر من خمسة آلاف عام في سقارة المصرية، إضافة إلى الجري في سباق جماعي (ماراثون)، والجمباز الراقص أو الإيقاعي (Rhythmic Gymnastics).
5- الألعاب الذهنية في مصر القديمة
ابتكر المصريون القدماء ألعاباً ذهنية إلى جانب الألعاب الرياضية الجسدية، وأشهر هذه الألعاب تدعى سينيت (Senet)، وهي تعتمد على تحريك مجموعة من الأحجار على رقعة حجرية أو خشبية، وذلك بعدر رمي النرد (الزهر)، وقد اكتشفت نسخة من هذه اللعبة في قبر توت عنخ آمون عام 1920، إضافة إلى رسوم جدارية تصور الملكة نفرتيتي وهي تلعب هذه اللعبة، ويعتقد أن تاريخ هذه اللعبة يعود إلى ما قبل الفراعنة (حوالي 5000 ق.م).
ختاماً... مثلت اكتشافات الآثار المصرية والأبحاث المتخصصة بالمصريات نقلة نوعية في التاريخ، حيث تبين أنَّ لدى المصرين القدماء العديد من الابتكارات التي نُسبت إلى حضارات لاحقة، كما يبدو أنَّ اهتمام المصريين القدماء بالرياضة يدل على حياة مميزة كانت تعيشها مصر زمن الفراعنة.