الداعية الإسلامي الدكتور عدنان ابراهيم
بعد ابتكار أجهزة التسجيل ثم الكاميرات وأخيراً الإنترنت أصبح بالإمكان أن نطلق مصطلح (الإعلام الإسلامي)، حيث استجاب الدعاة المسلمون إلى ضرورات العصر الحديث فأنشأوا تياراً إعلامياً إسلامياً بات من أكثر التيارات الإعلامية تأثيراً بالعامة الذين يستقون الفتاوى وأصول الدين من اليوتيوب والفيس بوك، كما أنَّ أسماءً كثيرة ظهرت ثم غابت لقلة حيلتها وضعف حجتها، إلَّا أن بعض الدعاة المعاصرين تمكنوا من تثبيت أقدامهم والاستمرار رغم الازدحام؛ فحجزوا مكانهم في قائمة المؤثرين بالرأي العام الإسلامي، منهم الدكتور عدنان إبراهيم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
من هو الدكتور عدنان إبراهيم؟
ولد الدكتور إبراهيم في معسكر النصيرات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزَّة الفلسطيني عام 1966، ودرس في مدارس وكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في المخيم حتى المرحلة الثانوية، وكان اهتمامه بالعلوم المختلفة خاصة الشعرية منها قد ظهر عليه منذ الصغر، فبدأت محاولاته في التأليف والتحقيق منذ أن كان طفلاً لم يتجاوز عامه الرابع عشر.
الطبيب عدنان إبراهيم
انتقل الدكتور عدنان إبراهيم من غزَّة إلى يوغسلافيا لدراسة الطب، لكنه اضطر إلى مغادرتها بعد أن اندلعت الحرب اليوغسلافية في مطلع التسعينات، والتي استمرت حوالي عشر سنوات أدَّت إلى تفكك يوغسلافيا الاتحادية، فاتجه عدنان إبراهيم إلى النمسا وحصل على جنسيتها، ومنها قرر الالتحاق بكلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية في لبنان ليتخرج منها بمرتبة الشرف، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم الإسلامية ثم درجة الدكتوراه في فلسفة الدراسات الإسلامية من جامعة فيينا.
مؤلفات الدكتور عدنان إبراهيم وأعماله
كان الدكتور عدنان إبراهيم مهتماً بالعلوم الشرعية منذ الصغر، كما كان حافظاً للقرآن الكريم وحصل على المرتبة الأولى في التجويد على مستوى قارة أوروبا عام 1995، وكان في هذه الأثناء مدرِّساً في الأكاديمية الإسلامية إلى أن أسس مع مجموعة من زملائه جمعية لقاء الحضارات عام 2000 وترأسها.
من جهة أخرى استطاع الدكتور إبراهيم أن يجتذب جمهوراً كبيراً من خلال مؤلفاته ودروسه المصورة والمنشورة عبر قناته على اليوتيوب إضافة إلى البرامج التلفزيونية التي قدمها، لكنه أيضاً واجه هجوماً شرساً من دعاة وشيوخ ينتمون إلى تيار مختلف، حيث يصنَّف الدكتور عدنان إبراهيم مع المجددين الإسلاميين ما جعله يصطدم بشيوخ السلفية والتيار الإسلامي الأكثر تشدداً.
أهم مؤلفات ودروس عدنان إبراهيم
قدم الدكتور عدنان إبراهيم العديد من السلاسل التعليمية المصورة والمكتوبة، إضافة إلى المؤلفات المطبوعة، كان أبرزها:
- كتاب وسلسلة مطرقة البرهان وزجاج الإلحاد.
- كتاب وسلسلة نظرية التطور.
- سلسلة معاوية في الميزان.
- سلسلة مبادئ الفلسفة.
- سلسلة البيِّنات والشبهات.
- سلسلة الصحابة وعدالتهم.
- سلسلة التعريف بمباحث الفلسفة.
أبرز البرامج التلفزيونية التي قدمها عدنان إبراهيم
- برنامج هو الله، على شاشة روتانا خليجية.
- برنامج رحمة للعالمين، على قناة روتانا مصرية.
- ليطمئن قلبي، على قناة روتانا خليجية.
- وبرنامج آفاق، أيضاً عبر روتانا خليجية.
- إضافة إلى العديد من اللقاءات التلفزيونية.
طرح الدكتور عدنان إبراهيم آراءه بجرأة كبيرة
بعد تأسيس جمعية لقاء الحضارات التي يرأسها الدكتور عدنان ابراهيم تم تشييد مسجد الشورى في فيينا الذي أصبح مكاناً لدروس عدنان إبراهيم، وتعتبر الدروس التي ألقاها ويلقيها عدنان إبراهيم في مسجد الشورى من أكثر الدروس الدينية انتشاراً عبر اليوتيوب، ما ساهم بشكل كبير في انتشار أفكاره وإحداث الجدل حول آرائه، لنجد مئات المقاطع التي خصصت للردِّ على عدنان إبراهيم في العديد من القضايا، فضلاً عن المقاطع المصورة التي خصصها هو للردِّ على بعض الفتاوى أو الآراء.
عموماً؛ يُنظر إلى الدكتور عدنان ابراهيم على أنَّه من المجددين والمطورين للخطاب الإسلامي، كما يعتبر من محاربي التزمت والتعصب الأعمى على حساب العقل والمنطق، فإذا غضينا النظر عن تفاصيل الآراء والأفكار نجد أنَّ الصراع بين عدنان إبراهيم والتيار الأكثر تشدداً ما هو إلَّا الخلاف القديم نفسه بين التيارات الإسلامية المتزمتة والتيارات العقلية التي تطالب بتحكيم العقل في أمور الاجتهاد إضافة إلى نقد التراث الديني، كما ينظر البعض إلى عدنان إبراهيم أنَّه مدافعٌ عن الشيعة ومهاجم للسُّنَّة، سنحاول معاً بيان أبرز آرائه.
ملاحظة: ننقل لكم آراء الدكتور عدنان إبراهيم كما وردت في مقابلاته ودروسه ومن خلال موقعه الرسمي، ولا يتبنى موقع بابونج هذه الآراء ولا يتخذ منها أي موقف، كما لا يتبنى الموقع الآراء أو الردود التي قد ترد عليها.
قضية السُّنَّة والشيعة عند عدنان إبراهيم
ينفي الدكتور إبراهيم في أكثر من موضع تغيير مذهبه من المذهب السُّني إلى المذهب الشيعي (التشيُّع)، لكنه في نفس الوقت يرفض رفضاً قاطعاً التيارات التي تحاول إخراج المذهب الشيعي من الإسلام أو اعتبار الشيعة خارجين عن الملة، حيث يؤكد الدكتور إبراهيم في لقائه عبر قناة تن المصرية أن ما هو مشترك بين الشيعة والسُّنَّة من أركان الإسلام والإيمان يحول دون تكفير فئة على حساب أخرى.
رأي عدنان إبراهيم بالصحوة الدينية
يرى الدكتور عدنان إبراهيم أن العالم الإسلامي شهد مظاهراً كثيرة للصحوة الدينية خلال العقود القليلة الماضية، لكن هذه الصحوة انحرفت إلى اتجاهات ظاهرية، وابتعدت عن جوهر الدين وأدَّت إلى انهيار أخلاقي، كما أدَّى التمسك بالمظاهر إلى توسيع الفجوة بين المذاهب والفرق الإسلامية وتضييق أفق الجماعات التي تنتمي حقيقةً كلُّها إلى الإسلام.
أما عن كيفية تجديد الخطاب الديني لتفادي أخطار التزمت والانغلاق يرى عدنان إبراهيم "أنَّ العالم الإسلامي لا يحتاج إلى فتاوى يستدرك بها خطأ هنا أو يرقع بها خلل هناك، بل يحتاج إلى ثورة روحية وثورة فكرية يتصدى لها كبار العلماء وكبار المؤسسات الدينية".
عدنان إبراهيم ورأيه في بعض الشخصيات
تعتبر آراء الدكتور عدنان إبراهيم في بعض الشخصيات المشهورة آراء استثنائية، كما هو رأيه في الدكتور نصر حامد أبو زيد الذي اتهم بالردَّة والكفر لتأويله النصوص الدينية في مؤلفاته تأويلاً مختلفاً عما هو متعارف عليه، ما أدى إلى ملاحقته في القضاء المصري وإصدار حكم بتطليقه من زوجته بما أنَّه مرتد عن دينه، لكن عدنان إبراهيم أبدى استياءه من الطريقة التي تعامل بها معارضو أبو زيد وقال: "إنَّ الحجَّة تقرع بالحجَّة والفكرة لا بد من مقابلتها بالفكرة وليس بالتكفير وإهدار الدم"، كما أكد أنَّ أبو زيد أصاب في بعض الأمور وأخطأ في أخرى.
عدنان إبراهيم وفرج فودة
لم يختلف رأي عدنان إبراهيم باغتيال المفكر المصري فرج فودة عن رأيه بقضية نصر حامد أبو زيد، حيث يعتبر أن فرج فودة لم تكن أبحاثه عميقة أو علمية ولم يكن خلافه شرعياً بقدر ما كان خلافاً على علاقة الدين بالدولة، ولم يكن من الصائب إهدار دمه وقتله.
عدنان إبراهيم وشيوخ السلفية
يقول عدنان إبراهيم في مقابلته المذكورة سابقاً ما نصه:
"أحترم كل علماء الإسلام وكل الدعاة، لكنني لا أشعر أن عقليتي قريبة من التيار السلفي كما يُعرف، أكنُّ لهم الخير وأحترمهم لكني لا أشعر أنَّني قريب، فمقاربتي تختلف عن مقاربتهم وهو اختلاف في فهم الدين..."
رأي عدنان إبراهيم بالمناضل الأممي تشي جيفارا
يقدم الدكتور عدنان إبراهيم رأياً فريداً في قضية تشي جيفارا، حيث لجأ بعض علماء الدين إلى مهاجمة ظاهرة تشي جيفارا باعتبار أنَّه لم يكن مؤمناً وكان من أتباع ماركس، لكن الدكتور إبراهيم يدافع عن القيمة الأخلاقية التي يمثلها تشي جيفارا ويقول أنَّ "تشي جيفارا آمن بالله دون أن يعرف"، حيث يعتبر إبراهيم أن ما قام به تشي لا يمكن أن يقوم به إلا رجلٌ مؤمن وعلى خلق.
تعرض الدكتور عدنان إبراهيم لانتقادات كثيرة بسبب آرائه
لم يخف الدكتور عدنان إبراهيم من طرحه آرائه مهما كانت غريبة أو جريئة، لكنَّ بعض هذه الآراء أثارت زوبعة من الجدل بينه وبين شيوخ آخرين، خاصةً ما يتعلق بانتقاده للخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، وبعض ما قاله عن التراث الديني الإسلامي وإعادة النظر في صحة الأحاديث النبوية الشريفة، نورد لكم بعض آراء الدعاة والشيوخ بعدنان إبراهيم ولا نتبنى أيَّاً منها.
هيئة كبار العلماء المسلمين وعدنان إبراهيم
على خلفية نفيه لتحريم الموسيقى والمعازف حذَّرت هيئة العلماء المسلمين عبر تويتر من ضلالة الدكتور عدنان إبراهيم، وقد تناقلت الصحف والمواقع الإلكترونية هذا الخبر ومنها جريدة الرياض.
الشيخ محمد العريفي
الشيخ محمد العريفي اعتبر عبر لقاء في قناة الرسالة أنَّ عدنان إبراهيم لديه أخطاء كبيرة وطرحه غير لائق، خاصة فيما يتعلق بموضوع الصحابة ومهاجمة الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، كما قال أنَّ عدنان إبراهيم موالي لإيران ومبغض للسعودية وآل سعود.
الدكتور طارق سويدان وعدنان إبراهيم
"الدكتور عدنان إبراهيم عالم لا يشق له غبار، أختلف معه في بعض القضايا لكن نستفيد بما لديه من علم، وهو من أعمق الناس وصاحب حجَّة وبرهان ولو ناظره معارضوه لن يصمدوا أمامه خمس دقائق، وأنا لا أؤيده في موقفه من معاوية بن أبي سفيان والصحابة..."
الشيخ سلمان العودة
يرى الشيخ سلمان العودة أن عدنان ابراهيم له وعليه، حيث يمكن الاستفادة من قوة حجته وأسلوبه في دحض بعض الشكوك لدى المتشككين، لكنه أخفق في مواضع أخرى خاصة في مواضيع الصحابة والصوفية.
ختاماً... كما يبدو فقد اتفقت أغلب الآراء على قوة أسلوب الدكتور عدنان إبراهيم وبلاغة لسانه، لكن في نفس الوقت ما زال الصراع قائماً وربما يبقى بين أقطاب الإعلام الإسلامي بمفهومه الحديث، ويبقى العقل حكماً بين الخطأ والصواب، ويظلُّ التعقل في الخطأ والصواب هو طريق المؤمن إلى الثواب أو العقاب، ومنه قوله تعالى في كتابه العزيز في الآية العاشرة من سورة الملك: "وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ".