الخوارزمي أهم علماء الرياضيات العرب
كيف اكتسب الخوارزمي لقبه؟
هل كان الخوارزمي مسلماً منذ البداية؟
إسهامات الخوارزمي في المجالات المختلفة
أشهر مؤلفات الخوارزمي
لا شك أن العرب المسلمين كانوا أصحاب علمٍ، حيث برز الكثير من العلماء العرب الذين كان لهم أثر كبير على تطوير البشرية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كما كان هؤلاء العلماء منهلاً للكثير من المجالات العلمية حتى بدأ علماء الغرب بالاستفادة من خبراتهم ونقلها إلى بلدانهم.
ومن هؤلاء العلماء "الخوارزمي" صاحب الفضل الكبير في تطوير الرياضيات إلى الشكل الذي نعرفه في يومنا هذا، فمن هو الخوارزمي؟ وماذا تعرف عنه؟ كل ما تريد معرفته عن الخوارزمي وأكثر في هذا المقال.
الخوارزمي.. اكتسب لقبه من مدينة خوارزم الأوزباكستانية حيث ولد
لا يوجد الكثير من المعلومات المؤكدة عن حياة الخوارزمي، كما أنه لا يوجد دليل يؤكد تاريخ ولادته ومماته إلا أن الشائع والمتداول عن هذا العالم المسلم أنه ولد في خوارزم عام 164ه أو 781م.
واكتسب الخوارزمي لقبه من نسبه لمدينة خوارزم الأوزبكية، كما يطلق عليه البعض اسم محمد بن موسى الخوارزمي القرطبلّي نسبة إلى قرية قرطبلّ في ضواحي بغداد.
تقول الروايات أن الخوارزمي وأسرته انتقلوا من مدينة خوارزم الأوزبكية في إقليم خراسان أو كما تعرف اليوم "خيوا" في جمهورية أوزبكستان إلى مدينة بغداد في العراق.
حيث أعجب بذكائه الخليفة العباسي آنذاك "المأمون" وقرَّبه من مجلسه وسلمه إدارة بيت الحكمة، حيث قام الخوارزمي بمعظم أبحاثه ودراساته بين عامي 813م و833م ونشرها باللغة العربية التي كانت لغة العلم في ذلك الوقت.
كما عهد إليه الخليفة بمكتبة قصر الخلافة وأُوكلت إليه مهمة جمع الكتب اليونانية وترجمتها، فاستفاد الخوارزمي من بحور العلم التي كان يستطيع الوصول إليها.
لتوسيع معرفته بالرياضيات والفلك والجغرافيا وكذلك التاريخ، وكما كان تاريخ ولادته الدقيق غير مؤكد كذلك كان الأمر مع تاريخ وفاته، حيث يقال أنه توفي في عام 232ه أو 847م في مدينة بغداد بالعراق.
هل كان الخوارزمي مسلماً منذ البداية؟
كثيرة هي الإشاعات حول ديانة الخوارزمي، حيث كل جهة دينية تحاول نسب الخوارزمي إليها، إذ تقول الإشاعات أن الخوارزمي في بداية حياته وحتى بعد انتقاله إلى بغداد كان يعتنق الديانة الزرداشتية القديمة وذلك بسبب أصوله الفارسي.
حيث كان ذلك طبيعياً جداً في تلك الفترة، كما يقول البعض إن الخوارزمي من أصول مسيحية أرثوذكسية، لكن القصة الأكثر رجحاناً والمتداولة بشكل رئيسي عن ديانة الخوارزمي.
أنه كان يعتنق الإسلام أو على الأقل اعتنقه بعد انتقاله إلى بغداد حيث كان يبدأ كتاباته بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم)، وهذا ما قطع الشك باليقين في نهاية الأمر.
إسهامات الخوارزمي في المجالات المختلفة
كان للخوارزمي أثر كبير على تطور الكثير من العلوم، حيث ترك إسهامات كثيرة مهمة ومفصلية في بعض الأحيان في الكثير من العلوم المهمة التي بالتأكيد لانزال نستخدمها في يومنا هذا.
فما هي إسهامات هذا العالم العربي؟ لنتعرف عليها سويةً:
1. مساهمات الخوارزمي في علم الجبر
كان الفضل للخوارزمي في وضع علم الجبر وفصله عن علم الحساب، حيث يعد الخوارزمي الأب الروحي لعلم الجبر إذ قام العالم الرياضي الخوارزمي بتأليف (الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة).
ويعتبر علم الجبر الذي بدأه هو الأساس المتين لعلم الجبر الذي يدرس حالياً في كل مدارس وجامعات العالم.
حيث قدم الخوارزمي طرقاً شاملةً لحل معادلات الدرجة الثانية، كما قام بوضع 6 أشكال قياسية لمعادلات الدرجة الثانية وهي:
- الترابيع تساوي الجذور (ax2 = bx).
- الترابيع تساوي عدد (ax2 = c).
- الجذور تساوي عدد (bx = c).
- الترابيع والجذور تساوي عدد (ax2 + bx = c).
- الترابيع والعدد تساوي الجذور (ax2 + c = bx).
- الجذور والعدد تساوي الترابيع (bx + c = ax2).
وكانت هذه المعادلات أساس اختراع الطرق الحديثة والمتنوعة لحل معادلات كثيرات الحدود، وقام الخوارزمي بتوضيح معنى الجبر والمقابلة.
حيث أوضح أن عملية الجبر تعني التخلص من الواحدات والجذور والتربيعات السالبة من معادلة ما، فعلى سبيل المثال: (x2 = 40x − 4x2) يمكن اختصارها لتصبح ( 5x2 =40x).
في حين أن المقابلة تعني جلب نفس الكميات لنفس النوع للجانب الآخر من المعادلة وعلى سبيل المثال (x2 + 14 = x + 5) يمكن أن تصبح ( x2 + 9 =x).
2. الخوارزمي وعلم الحساب
للأسف النسخة العربية لإنجاز الخوارزمي في هذا المجال مفقودة في حين أن النسخة اللاتينية منها لا تزال موجودة، حيث تبدأ كل المخطوطات اللاتينية المترجمة عن مخطوطات الخوارزمي بكلمتين (Dixit Algorizmi).
التي تعني "هكذا قال الخوارزمي"، وعنوان النسخة اللاتينية من كتاب الخوارزمي هو (Algorizmi Algoritmi De Numero Indorum)، التي تعني "الفن الهندي في الحساب للخوارزمي".
لكن من المعتقد أن الاسم الأصلي للكتاب كان "كتاب الجمع والطرح وفقاً للحساب الهندي"، كان العمل الأهم للخوارزمي في مجال الحساب هو إدخال الأرقام العربية بحسب نظام الترقيم الهندي والذي يحوي النظام العشري.
ويعد الخوارزمي أول من أدخل الصفر للأعداد، فكانت هذه الخطوة الرئيسية لإنشاء النظام العشري.
3. الخوارزمي في علم الفلك
قام الخوارزمي بتأليف عمل مؤلف من 37 فصلاً تتكلم عن الحسابات الفلكية، و 116 جدولاً متعلقاً بالتقويم والبيانات الفلكية، بالإضافة لجدول لقيم جيب الزاوية.
واحتوى العمل على الكثير من الجداول لحركة الأرض والقمر وخمسة كواكب أخرى كانت معروفة في ذلك الوقت،حيث كان هذا العمل أساساً لعلم الفلك الحالي الذي ترجم للغة اللاتينية.
وبعد فقدان النسخة العربية من العمل لايزال يوجد 4 مخطوطات لاتينية مترجمة من العمل وموزعة على المكتبة العامة في مدينة شارتر في فرنسا، ومكتبة مازارين في مدينة باريس في فرنسا.
وفي مكتبة ناسيونال في مدينة مدريد في إسبانيا، وفي مكتبة بودليايان في مدينة أوكسفورد في المملكة المتحدة.
وقام الخوارزمي ببناء المزولات الهندية والإغريقية (أداة لتحديد الوقت أثناء النهار في تلك الأيام)، كما اخترع الخوارزمي الكثير من الأدوات الفلكية الهامة الأخرى.
4. إسهاماته في علم الجغرافيا
من أشهر أعمال الخوارزمي في الجغرافيا كتاب "صورة الأرض" وكتاب "عن ظهور الأرض"، يتحدث الكتاب الثاني عن أكثر من 2400 منطقة ومدينة وموقع وتضريس.
للأسف لا يوجد إلا نسخة واحدة من كتاب "صورة الأرض" أو كما يعرف اسمه الكامل "مظهر الأرض، ومدنها، والجبال والبحار، وجميع الجزر والأنهار". وتوجد هذه النسخة الوحيدة اليوم في مكتبة جامعة ستراسبورغ في فرنسا، أما النسخة اللاتينية من الكتاب فتوجد في المكتبة الوطنية في مدينة مدريد في إسبانبا.
ويبدأ الكتاب بتعداد خطوط الطول ودوائر العرض لتحديد المناخ، حدد فيه الخوارزمي خط الطول الرئيسي للعالم القديم.
حيث أشار لموقعه شرقي البحر المتوسط وبالتحديد 10 إلى 13 درجة شرق مدينة الاسكندرية في مصر و 70 درجة غرب بغداد بالعراق.
5. أعمال ومؤلفات أخرى للخوارزمي
قام الخوارزمي بالكثير من الإنجازات في مجال علم المثلثات كوضع الدوال (التوابع) المثلثية وتطويرها وتحديد قيم جيب الزوايا، وساعد بوضع تقويم لليهود من خلال كتابه "رسالة في استخراج تاريخ اليهود".
كما يوجد العديد من المؤلفات والمخطوطات التي يعتقد أن بعضها يعود للخوارزمي، في حين أن بعضها الآخر تم التأكد من أنها نتاج الخوارزمي في مدينة برلين في ألمانيا ومدينة اسطنبول في تركيا ومدينة القاهرة في مصر.
ومدينة باريس في فرنسا، حيث تتضمن مخطوطة في اسطنبول شرحاً عن الساعات الشمسية وطرق تحديد اتجاه مكة المكرمة باستخدام علم الفلك.
كما ألَّف الخوارزمي كتابين عن بناء واستخدام "الاسطرلاب" (جهاز فلكي لتحديد مواقع الأجرام والكواكب في أوقات محددة، استخدمت لاحقاً بعد تطويرها كساعات جيب للعلماء).
لكن للأسف كلا الكتابين مفقودين في يومنا هذا، وساهم الخوارزمي في حل المشاكل الاقتصادية المتعلقة بالتوازن التجاري والميراث.
كما كان النظام العشري الذي وضعه والأرقام التي أدخلها البديل عن نظام الأرقام الروماني المعقد، حيث استخدم الزوايا لتحديد الأرقام فرسم الأرقام العربية كما توضح الصورة؛ لتدل على عدد الزوايا التي يملكها شكل كل رقم.
أشهر مؤلفات الخوارزمي
ألف الخوارزمي الكثير من المؤلفات في العديد من المجالات كالجبر والحساب والجغرافيا والفلك وغيرها، وفيما يلي قائمة بأهم مؤلفات العالم المسلم "الخوارزمي":
- كتاب الجبر والمقابلة: في هذا الكتاب جعل الجبر علماً خاصاً وفصله عن الحساب، واعتمد العلماء لاحقاً على هذا الكتاب وعلى عمل الخوارزمي بجعل الجبر علماً مستقلاً، تمت ترجمة هذا الكتاب إلى اليونانية؛ مما سمح بدخول علم الجبر إلى الغرب.
- كتاب الجمع والطرح وفقاً للحساب الهندي: وضع في هذا الكتاب طرق الجمع والطرح الهندية، كما أدخل الصفر إلى الأرقام واعتمد النظام العشري.
- كتاب في علم الفلك: يشرح فيه الحسابات الفلكية والتقويم الفلكي ويدرس فيه حركة الأرض والقمر وخمسة كواكب أخرى.
- كتاب "صورة الأرض" الجغرافي.
- كتاب "مظهر الأرض" أو " مظهر الأرض، ومدنها، والجبال والبحار، وجميع الجزر والأنهار": وضع فيه أكثر من 2400 مدينة وموقع وتضريس مع الشرح.
- رسالة في استخراج تاريخ اليهود.
- كتابان عن صناعة واستخدام الاسطرلاب.
- كتاب الوصايا.
- كتاب زيج الخوارزمي الأول والثاني.
- رسالة ذكر فيها طريقة جديدة لإثبات نظرية فيثاغورس مستعملاً في طريقته مثلثاً قائم الزاوية ومتساوي الساقين.
- كتاب الجمع والتفريق.
لا يوجد معلومات كافية عن الكتب السابقة إذ أن معظمها مفقود أو غير صالح للقراءة بعد مرور كل هذه المدة الزمنية عليه، كما أنه يوجد الكثير أيضاً من الكتب والمؤلفات الأخرى التي لم نذكرها لعدم معرفة أسمائها.
لكنها تدور حول مواضيع الكتب السابقة نفسها مع شرح تفصيلي أكثر أو أفكار إضافية، ومن الجدير بالذكر أن معظم مؤلفات الخوارزمي ومعظم نتاجه العلمي كان بين عامي 813 و 833م في دار الحكمة في قصر الخليفة العباسي "المأمون".
في النهاية.. كان الخوارزمي ولايزال أحد أهم وأشهر العلماء العرب المسلمين الذين لا يمكننا إنكار إنجازاتهم العلمية وأثرها الإيجابي في تطورها للوصول إلى شكلها الحالي.
حيث لا تزال مؤلفات الخوارزمي تُدرس من قبل العلماء والباحثين لاكتشاف ما غاب عنهم سابقاً للاستفادة من معلومات الخوارزمي.
ولايزال فضل الخوارزمي حاضراً في المناهج المدرسية في الوطن العربي والعالم أجمع حيث يدرس علم الجبر كعلم مستقل، فكل التقدير والاحترام للعالم الذي رفع رأس العرب والمسلمين بإنجازاته العلمية في الكثير من المجالات.