الجدل يتجدد.. أزمات تطار د مسلسلات رمضان هذا العام!
ينتظر الممثلون والممثلات والمخرجون رمضان بفارغ الصبر من أجل عرض أعمالهم التليفزيونية إذ يعد هذا الشهر ذو المكانة الخاصة موسم الإنتاج الدرامي الأكبر في العالم العربي مع إنتاج عشرات مسلسلات تتراوح ما بين أعمال درامية وكوميدية وتاريخية وفي بعض الأحيان سياسية.
ورغم أن المنطقة تعاني من أزمات اقتصادية، إلا أن فاتورة تكلفة مسلسلات رمضان تقدر بمليارات الدولارات خاصة مع ارتفاع أجور الممثلين والممثلات فيما يعد شهر رمضان موسما رائعا للإعلانات التليفزيونية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وفي مقابلة مع DW، قال جو خليل، الأستاذ المساعد في الاتصالات بجامعة نورث وسترن في قطر، إن رمضان ليس "شهرا للصيام فقط وإنما أيضا وقت ذروة مشاهدة القنوات التلفزيونية".
ويتفق في هذا الرأي أحمد حياة، الأستاذ المساعد للصحافة والإعلام الإلكتروني بجامعة تينيسي الأمريكية.
وأضاف في مقابلة مع DW إنه بعد انتشار القنوات الفضائية العربية في مطلع العقد الأول من القرن الحالي، "ازدادت المنافسة على عرض البرامج والمسلسلات أمام المشاهدين في شهر رمضان بشكل كبير". بيد أن هذا الكم الكبير من الأعمال الدرامية دائما ما يثير الكثير من الجدل في الموسم الرمضاني.
قليل من السياسة المحلية
ففي مصر التي تستحوذ على نصيب الأسد في الإنتاج التلفزيوني في رمضان بالنظر إلى الكم الكبير من الأعمال الدرامية، تعرضت الكثير منها للكثير من الانتقادات خاصة المسلسلات التاريخية.
وانتقد الكثيرون من محبي الدراما التليفزيونية في مصر، الدولة العربية الأكثر إنتاجا لدراما رمضان، غياب الحديث في المسلسلات عن الوضع السياسي في البلاد أو الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تئن تحت وطأتها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.
ولم تقتصر الانتقادات للمسلسلات الرمضانية في مصر على بعدها عن السياسة والأزمات الحياتية الراهنة في البلاد، بل شمل الأمر سخرية من أخطاء وقعت فيها عدد من المسلسلات خاصة التاريخية.
فقد أثار مسلسل "رسالة الإمام" الذي يسرد سيرة الإمام الشافعي، جدلا بين الجمهور بسبب ما رآه كثيرون من أخطاء تاريخية مثل حديث بعض الممثلين باللهجة العامية فضلا عما قيل عن استخدام بطل العمل الفنان خالد النبوي الذي يؤدي دور الإمام الشافعي أبيات شعرية تعود لشاعر سوري على أساس أنها للإمام الشافعي.
"أخطاء تاريخية"
وقد دفع ذلك المراجع والمدقق اللغوي للمسلسل الدكتور أحمد عمار إلى الاعتذار فيما طالت انتقادات مماثلة مسلسل "سره الباتع" المأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب المصري الكبير يوسف إدريس.
ففي إحدى المشاهد التي تعود إلى حقبة الحملة الفرنسية في مصر التي دارت رحاها بين عامي 1798 و1801، رصد الجمهور أن الجنود الفرنسيين المشاركين في المشاهد يحملون ملامح أقرب إلى المصرية وليست فرنسية وهو الأمر الذي أثار سخرية بين رواد التواصل الاجتماعي.
كذلك تعرض مسلسل "ضرب نار" الدرامي لانتقادات بسبب الصورة النمطية عن "الصعايدة" أو أهالي صعيد مصر خلال المسلسل فيما حصل مقطع نُشر على منصات التواصل الاجتماعي لفتاة من جنوب مصر تهاجم العمل الدارمي على مشاهدات كبيرة واعجاب الكثيرين من بينهم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الذي قام بنشر المقطع على صفحته على تويتر.
"فلوجة" تثير الجدل في تونس
وفي بلدان عربية أخرى، أثارت عدد من المسلسلات الرمضانية جدلا على منصات التواصل الاجتماعي ودعوات إلى إيقاف بثها كما حدث مع مسلسل "فلوجة" الذي يُعرض على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة في تونس.
ويتناول المسلسل بعض الظواهر والسلوكيات في المدارس التونسية مثل قضية المخدرات والانحراف والعنف ودور رجال الشرطة والعلاقات العاطفية بين الطلاب والطالبات وهو ما إلى أدى إلى أن أصبح العمل الدرامي حديث الشارع التونسي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقد رفع محاميان دعوى قضائية للمطالبة بإيقاف بث المسلسل فيما طالبت نقابة قوات الأمن الداخلي بإجراء تحقيق في المسلسل بسبب أنه يصور "الأمني (رجل الشرطة) وحياته اليومية على أنها غير مستقرة ومبنية على خيانة القسم والرشوة"، على حد قولها.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، أثار مسلسل "فلوجة" تباينا في الآراء ما بين مؤيد للعمل الدارمي باعتباره يعكس الواقع الحياتي للمجتمع التونسي في المدارس ومن يعارض عرضه لأنه تشويه صورة المجتمع.
"الكاسر" يغضب عشائر العراق
وفي العراق، أثارت عدد من المسلسلات الرمضانية الجدل ودعوات لايقاف بثها مع تباين آراء رواد التواصل الاجتماعي حيال القضايا التي حاولت الدراما العراقية خلال الشهر المبارك تسليط الضوء عليها.
فعلى وقع الغضب الذي أثاره مسلسل "الكاسر" بين عشائر العراق، أفادت قناة "يو تي في" العراقية الخاصة لوكالة الصحافة الفرنسية بأن السلطات أمرتها بوقف عرض المسلسل بعد أن تسببت أولى حلقاته بارتفاع أصوات تطالب بمنعه بدعوى "إساءته" إلى العشائر.
ويتضمن المسلسل شخصيات وهمية ويتحدث عن الصراعات العشائرية وجرائم الثأر في جنوب البلاد، ويصور زعيم القبيلة على أنه محب للنساء وشخصية طاغية، الأمر الذي عده بعض العراقيين إساءة إلى أعراف العشائر العراقية وتقاليدها.
بدوره، دافع مدير العلاقات العامة في قناة "يو تي في" محمد العزاوي عن المسلسل، مؤكدا أنه لا يحمل أي "تجاوز وتم بثه بعد حصوله على جميع الموافقات الرسمية"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن القناة تلقت بعض التهديدات مجهولة المصدر.
وعلى العالم الافتراضي، تباينت آراء رواد التواصل الاجتماعي بين معارض لمسلسل بجحه أنه يضر بسمعة العشائر العراقية ومؤيد له لانه يسلط الضوء على قضايا حقيقية داخل المجتمع العراقي.
"دفعة لندن" .. أزمة بين العراق والكويت
ولم يكن "الكاسر" العمل الرمضاني الوحيد الذي يثير الجدل في العراق إذ تضمنت القائمة الدرامية مسلسل "دفعة لندن" الذي لم يتسبب في ضجة في العراق فقط وإنما تسبب في أزمة بين العراق والكويت.
يسرد المسلسل وهو إنتاج سعودي، قصة طلبة عرب يدرسون في إحدى الجامعات البريطانية في ثمانينيات القرن الماضي، لكن بمجرد عرض الحلقات الأولى جرى اتهامه بالإساءة إلى العراقيات فيما زعم البعض أن مؤلفة المسلسل الكويتية هبة مشاري حمادة "تعمدت الإساءة للعراقيات".
وعلى خلفية هذا الجدل، طالب البرلمان العراقي الحكومة ووزارتي الثقافة والخارجية بمخاطبة السفارة الكويتية لإيقاف المسلسل من أجل الحفاظ على العلاقات الطيبة بين البلدين.
في المقابل، نأت وزارة الإعلام الكويتية بنفسها عن المسلسل، مؤكدة أن العمل "لا يمت للكويت بصلة ولم يحصل على أي موافقات من الجهات الرسمية في الكويت ولم يعرض في أي منصة إعلامية في الكويت."
بدوره، قال جو خليل، الأستاذ المساعد في الاتصالات بجامعة نورث وسترن في قطر، إن الجدل حيال المسلسلات الرمضانية يعود إلى عدة أسباب، موضحا "قد تكون القرارات المتسرعة لإنتاج العمل الدرامي وراء خيارات سيئة خاصة بالمحتوى".
وأضاف أنه مع "تطور الثقافات والمجتمعات العربية، فإن الخيارات الإبداعية وأذواق الناس تتغير مما يجعل من الصعب تلبية أذواق الجمهور دون إثارة الجدل أو حتى توجيه الإهانة للبعض."
"ابتسم أيها الجنرال" .. "سيرة عائلة الأسد"؟
ولم تكن الدراما السورية غائبة في الموسم الرمضاني الحالي إذ كانت حاضرة بشكل كبير فيما حظى مسلسل "ابتسم أيها الجنرال" بشهرة حتى قبل عرضه بسبب الجدل الذي أثاره.
يقف وراء العمل الكاتب السوري سامر رضوان الذي يُعرف بأعماله الدرامية الجرئية ومثيرة للجدل، لكن شهرة المسلسل جاءت عقب التكهنات بأنه سيتناول سيرة عائلة الأسد، رغم نفي الجهة المنتجة أن يكون هدف المسلسل توثيق مرحلة ما من تاريخ سوريا.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كان لمسلسل أصداء كبيرة وجدال بين المعارضين للحكومة السورية والمؤيدين لها إلا أن اللافت حصول على العمل على دعم كبير من نشطاء سوريون وعرب.
كاثرين شاير / محمد فرحان