البيروقراطية في ألمانيا تعرقل عمل الأطباء من سوريا وأوكرانيا

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 09 سبتمبر 2024
مقالات ذات صلة
طبيب مصري في ألمانيا يدرّب الأطباء العرب في عيادته
تصفير البيروقراطية في الإمارات .. إلغاء 2000 إجراء حكومي
هذه الأزمة تعرقل حصول الأمير هاري على الجنسية الكندية

حذّر وزير الصحة الألماني كارل لاوترباخ من نقص 50 ألف طبيب في ألمانيا خلال السنوات القليلة المقبلة. ثغرةٌ يمكن أن يساهم الأطباء اللاجئون من أوكرانيا وسوريا في تخفيفها. إذ يوجد حاليا حوالي 1.2 مليون أوكراني وقرابة مليون لاجئ سوري يعيشون في ألمانيا، مما يجعلهم أكبر مجموعتين من طالبي اللجوء في البلاد. وهناك بينهم عدد جيد من الأطباء المؤهلين تأهيلاً عالياً. ولكن العديد منهم لا يستطيعون ممارسة مهنتهم، حتى لو كانوا هنا منذ سنوات. فلماذا؟

عقبات كبيرة أمام الأشخاص الذين فروا من الحرب

حصل أوليكسي أوكراينسكي، وهو طبيب تخدير يبلغ من العمر 45 عاماً من أوديسا على شهادة الطب في ألمانيا عام 2016. ومع ذلك، فقد أدرك أن الإجراءات الخاصة باللاجئين القادمين إلى ألمانيا من أوكرانيا أصبحت أكثر صعوبة اليوم.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

ووفقًا لبحث أجرته صحيفة ”دي فيلت" اليومية، وصل أكثر من 1600 طبيب أوكراني إلى ألمانيا منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، ولم يحصل منهم سوى 187 طبيبا على ترخيص لممارسة الطب. وللمساعدة بدأ أوكراينسكي في تنظيم ندوات مجانية عبر الإنترنت. كما يدير قناة على تطبيق تيليغرام تضم 3000 مشترك يطلبون المشورة بشأن العملية الطويلة والمربكة في كثير من الأحيان.

يقول أوكراينسكي: "في ذلك الوقت، كل ما كان عليّ فعله هو ترجمة شهادتي. أما الآن فعليهم تقديم هذه المستندات الضخمة التي تشرح بالتفصيل كل جانب من جوانب تعليمهم. وحتى إذا لم تكن جامعتك في وسط منطقة حرب ويمكنك الحصول على الوثائق، فقد يستغرق الأمر ستة أشهر وتكلف ترجمتها آلاف اليوروهات. وبالنسبة للأشخاص الذين دُمرت منازلهم، ولا يملكون أي شيء، ربما سوى حقيبة سفر، فقد يكون ذلك عقبة لا يمكن التغلب عليها."

ستة عشر لائحة مختلفة في الولايات الاتحادية

ولكن حتى إذا تمت ترجمة المستندات واجتزت اختبار اللغة الألمانية، فإن الطريق إلى الممارسة أو المستشفى ليس سهلاً. ويتمثل الجزء التالي من العملية في الحصول على اعتراف بتدريبك باعتباره معادلاً لشهادة الطب الألمانية. ونظراً لاختلاف متطلبات عدد الاختبارات النظرية والخبرة العملية باختلاف البلدان، يتعين على معظم الأطباء الأجانب تعويض الاختلافات من خلال إكمال التدريب الداخلي أو اجتياز الاختبارات أو كليهما.

السياسة الصحية مسألة تخص الولايات الاتحادية الـ 16 في ألمانيا. ولكل منها معايير مختلفة يتعين على الأطباء الأجانب استيفاؤها. "معظم الأشخاص، يمكنني أن أقول حوالي 80 في المائة الموجودين على قناتي على تطبيق تيليغرام هم من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 35 و45 عاما ولديهن أطفال. وقد اضطر أزواجهن إلى البقاء في أوكرانيا لأنهم في سن التجنيد الإجباري".

ويضيف: وبالتالي "عليهن الاعتناء بالأطفال بطريقة أو بأخرى، وبنفس الوقت الاستعداد للامتحانات. أو خذ الأطباء الأكبر سنا، على سبيل المثال. لا يمكن لطبيب الأمراض الجلدية البالغ من العمر 50 عاما، والذي يمارس المهنة منذ 20 عاما ولكنه يدرس الطب منذ فترة طويلة أن يجتاز بسهولة امتحان في الطب الباطني المصمم للطلاب البالغين من العمر 22 عاما في ألمانيا". ويلاحظ طبيب التخدير: "تستغرق العملية وقتاً طويلاً، عدة أشهر أو حتى سنوات، وفي هذه الأثناء يمكنك العمل كممرض إذا كنت محظوظا، أو في سوبر ماركت أو مطعم بيتزا إذا لم تكن محظوظا".

أكبر نقابة أطباء في ألمانيا تدعو إلى الحد من البيروقراطية

كما انتقد اتحاد ماربورغر بوند (Marburger Bund)، أكبر اتحاد للأطباء في ألمانيا، نظام اعتماد الأطباء الأجانب. فالإجراءات بطيئة بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئيا إلى وجود مكتب واحد فقط لتقييم المؤهلات الطبية الأجنبية ويعاني من نقص التمويل ونقص الموظفين بشكل مؤلم. ويحتاج "مكتب تقييم المهن الصحية" (GfG) في بون إلى "المزيد من الموظفين، وتقليل البيروقراطية، والمزيد من رقمنة الإجراءات" والمزيد من التوحيد في الولايات الاتحادية الستة عشر، وفقا للمتحدث باسم ”ماربورغر بوند" هانس يورغ فريزه.

ويتابع فريزه قائلا: "حتى بعد أن يضطر الأطباء إلى تحمل فترات انتظار طويلة للحصول على موعد للفحص، وغالبا ما يتم منحهم ترخيصا لممارسة المهنة لمدة عامين فقط. يمكن أن يؤدي التأخير الطويل في إجراءات الطلب الثاني إلى أن يصبح هؤلاء الأطباء عاطلين عن العمل بعد عامين". ويحدث هذا "حتى لو كان صاحب العمل يرغب بشدة في الاحتفاظ بهم".

الدعوة إلى إجراءات موحدة

مر نبراس صبح، طبيب القلب السوري الذي يعمل في مستشفى غوتينغن الجامعي بتجربة مماثلة. ومثله مثل ماربورغر بوند، فهو يدعو إلى إجراء موحد في ألمانيا بأكملها. فالأطباء الأجانب "عليهم التقدم بطلب للحصول على ترخيص مزاولة المهنة لدى السلطات المحلية في كل ولاية اتحادية على حدة، ولكل منها لوائحها الخاصة بها. ويمكن أن تختلف هذه اللوائح بشكل كبير في ألمانيا، بدءا من الوثائق المطلوبة ونوع الترجمة والتصديق إلى طرق الموافقة المتاحة وهياكل الفحص".

لقد جاء إلى ألمانيا في عام 2016، في الوقت الذي كان فيه مئات الآلاف من السوريين يفرون من الحرب في بلدهم. ووفقا لدانييل تيرتسنباخ، مفوض الحكومة الاتحادية لدمج اللاجئين في سوق العمل، فإن 70% منهم وجدوا عملا هنا. نبراس صبح واحد منهم. وهو عضو في جمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا (SyGAAD)، التي أجرت دراسة استقصائية في شمال ألمانيا العام الماضي، كشفتت أن 30 بالمئة من المتقدمين ينتظرون سنة على الأقل للاعتراف بمؤهلاتهم.

انتكاسة بسبب المشاعر المناهضة للهجرة

كما يواجه الأطباء السوريون أيضاً ضغوطاً للحصول على تراخيص مع تصاعد الدعوات المطالبة بترحيل المزيد من اللاجئين السوريين. ففي أعقاب الهجوم المميت بالسكين الذي نفذه طالب لجوء سوري في مدينة زولينغن في أغسطس/آب 2024، صدرت دعوات من السياسيين المحافظين لوقف قبول اللاجئين السوريين تماما، كما تصاعدت الدعوات لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى سوريا، وهو أمر غير ممكن حاليا.

وعلى الرغم من أن هناك المزيد من الأطباء الذين يدخلون سوق العمل كل عام، كما أشارت تقارير وسائل الإعلام الألمانية، إلا أن ذلك لا يكفي لمواكبة التغيرات الديموغرافية. علاوة على ذلك، بدأ عدد كبير من الأطباء في العمل بدوام جزئي. فوفقا لتقرير صادر عن القناة الثانية للتلفزيون الألماني ZDF، في عام 2023 سيعمل 85 بالمئة فقط من الأطباء العامين بدوام كامل. في عام 2009 كان هذا الرقم 98 بالمئة.

”العمل بدوام كامل يعني أن الطبيب يعمل عادة 50 أو 60 ساعة في الأسبوع"، كما قال ماربورغر بوند للقناة الثانية للتلفزيون الألماني ZDF. وفقط الأطباء الذين يخفضون عقودهم إلى 70 بالمئة من الدوام الكامل قد ينتهي بهم الأمر إلى العمل لمدة 40 ساعة في الأسبوع.

كما أن الأطباء ليسوا موزعين بالتساوي في جميع أنحاء ألمانيا. فالمناطق الحضرية لديها وفرة من الأخصائيين، بينما قد يضطر الألمان في المناطق الريفية إلى السفر لمسافات طويلة وتحمل فترات انتظار طويلة لمجرد زيارة طبيب عام.

ولذلك، فإنه "من غير المقبول على الإطلاق"، على حد تعبير فريزه من نقابة ماربورغر بوند "وضع عقبات غير ضرورية في طريق الأطباء الذين درسوا خارج ألمانيا".و

أعده للعربية: م.أ.م