الانتخابات الأوروبية..الشباب وأسباب التوجه نحو اليمين المتطرف

  • بواسطة: DWW تاريخ النشر: الجمعة، 07 يونيو 2024
مقالات ذات صلة
كعك الانتخابات .. أحد أقدم عادات الانتخابات الأمريكية
بعدما ضرب الخليج.. الطقس المتطرف خطر يهدد العالم
رسمياً: منع صحيح البخاري ووضعه ضمن الكتب المتطرفة في روسيا

آلان أرنيرا، شاب فرنسي يعيش في العاصمة البلجيكية بروكسيل، يبلغ من العمر 23 عامًا. يبدو أنه ينتمي لنسبة الـ 33 بالمائة من مواطنيه الفرنسيين الداعمين لليمين المتطرف وفقًا لاستطلاعات الرأي، إذ يخطط أرنيرا للتصويت لحزب التجمع الوطني (RN) اليميني المتطرف، بقيادة عضو البرلمان الأوروبي جوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 عامًا.

يقول الشاب الذي ينحدر من أصول مهاجرة في تصريح لـ DW: "أساندهم لأنهم يولون مصلحة فرنسا الأولوية والأهمية القصوى". كما يتفق آلان مع أفكار الحزب اليميني الداعية لـ "حدود محروسة"، والتي من شأنها أن تحد من حركة المهاجرين داخل منطقة شنغن، وتفعيل التفتيش على الحدود البرية لفرنسا.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

وسبب انزياح أرنيرا إلى هذه الأفكار، أنه صار يشعر حسب تعبيره، بأن هناك زيادة حادة في عدد المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق يقول: " صرنا نعاني من مشاكل عديدة في فرنسا، مثل البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة".

لكن في حي مولنبيك وسط العاصمة بروكسيل، يسود على ما يبدو رأي مختلف تماما عما يتبناه آلان بخصوص انتخابات البرلمان الأوروبي، فالجالية العربية هناك أظهرت وعيا كبيراً بمخاطر صعود الأحزاب اليمينية على المجتمع البلجيكي. محمد، مهاجر مغربي يعيش في بروكسل أيضا، يرى في اصطفاف الشباب من أصول مهاجرة إلى جانب اليمين المتطرف "أمراً خطيراً". ويقول محمد في تصريحات لـ DW إن "على الأجانب أن يختاروا بحذر من يدعمون خلال الانتخابات، وأن يدعموا مرشحي أحزاب تدافع عن مصالحهم، وأن يلتفوا حول أحزاب لن تقصيهم أو تغيبهم أو تتخذ مواقف عنصرية ضدهم".

وعبرت سيدة أخرى من أصول مغاربية عن رأيها لـ DW قائلة "سوف أصوت يوم 9 يونيو، لصالح مرشح يدعم مصلحة المهاجرين وتواجدهم، ومستقبل أبنائنا في بلجيكا، هذا واجب للوقوف في وجه اليمين المتطرف".

قلب الطاولة في وجه الخضر!

في الانتخابات الأوروبية السابقة عام 2019، أدى إقبال الشباب المتزايد على دعم الخضر في مختلف البلدان الأوروبية إلى فوزهم بعدد قياسي من المقاعد في البرلمان الأوروبي، بلغ 74 مقعدًا. صحيح كتلة الخضر ما زالت تحظى بشعبية بين الناخبين الشباب خلال هذه الانتخابات، لكن من المتوقع أن يتكبد الخضر خسائر كبيرة، حيث من المتوقع أن يحصلوا على 41 مقعدًا فقط من بين 720 داخل البرلمان الأوروبي.

إن تصويت الشباب الأوروبي يمكن أن يتسم خلال هذه الانتخابات بالراديكالية اليمينية في بعض المناطق الأوروبية. إذ أظهر استطلاع حديث لـ Ipsos أن 34 بالمائة من الفرنسيين تحت سن الثلاثين الذين ينوون التصويت سيختارون زعيم حزب التجمع الشعبي اليميني بارديللا. وكانت الخيارات التالية الأكثر شعبية هي اليسار الفرنسي (14 بالمائة)، والحزب الاشتراكي الوسطي اليساري (12بالمائة) والخضر (11 بالمائة).

ويُظهر تحليل بيانات استطلاعات الرأي دعمًا قويًا ومتزايدًا بين الشباب لأحزاب يمينية مماثلة في أوروبا، مثل VOX في إسبانيا، وChega في البرتغال، و"فلامس بلانغ" في بلجيكا وحزب "الفينز" في فنلندا.

لكن للكثير من الأوروبيين من أصول مهاجرة رأي آخر، رغم شعورهم بخطر اليمين المتطرف المتصاعد. ومن بينهم عبد الغاني بلحلومي، مرشح لانتخابات البرلمان الأوروبي في بروكسل، وهو من أصول مغربية، قال في تصريحات لـ DW "ثمة أحزاب ديموقراطية تشجع الشباب على المشاركة في العملية السياسية عبر التصويت، لقطع الطريق على الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تشكل خطرا على الديموقراطية في أوروبا".

وأضاف بلحومي بأن "الحلول تكمن أولا في زيادة الوعي السياسي لدى الأوروبيين من أصول مهاجرة، وهذا دور الأحزاب والمؤسسات التأطيرية وأولها الأحزاب". وفي سياق متصل قال: "بقدر ما زادت مشاركة المواطنين الذين لهم الحق في التصويت من كل الخلفيات العرقية، بقدر ما قَلت فرص اليمين المتطرف في أوروبا، والعكس صحيح".

ويرى بلحلومي، أن إقدامه على الترشح لانتخابات البرلمان الأوروبي هو محاولة منه "لتمثيل فئة عريضة من المجتمع البلجيكي والأوروبي، أي الأوروبيين من خلفية أجنبية، في مؤسسة تقر قوانين تمس حياتهم اليومية، وتسير شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر". ودعى المتحدث إلى "تصويت مكثف من هذه الفئة لصالح الأحزاب الديموقراطية".

"الأمر تجاوز كبار السن الغاضبين"

جوس دي فود، باحث هولندي، عاش تغير السلوك الواضح لدى الناخبين لصالح اليمين المتطرف في بلده. يقول "بعد عام 2016، أي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان هناك نقاش محتدم حول اليمين المتطرف أو الشعبوية اليمينية كظاهرة مرتبطة بكبار السن الغاضبين. من جهتي كنت أقول أن الأمر كان مبالغًا فيه، رغم أن هناك ارتباطاً بين هذه المواضيع".

العديد من الشباب الهولنديين، خاصة ممن لم يتحملوا موجة الغلاء التي شهدتها أمستردام، انزاحوا إلى حزب الحرية المناهض للإسلام والهجرة بوضوح، الذي تصدر الاستطلاعات بين الناخبين الشباب الهولنديين في انتخابات البرلمان العام الماضي، حسب جوس.

"قوة هذه الأحزاب بين الشباب لا تعني بالضرورة أن أفكارها أكثر انتشارًا وشعبية بين جيل الشباب بأكمله". والسبب يمكن أن يكون أيضًا أن الناخبين الشباب أكثر تقلبًا، في حين يبقى الناخبون الأكبر سنًا مع الأحزاب التقليدية"، يقول دي فود.

إن القول بوجود موجة من الشباب الداعمين لليمين المتطرف مبالغ فيه، حسب رودريك ريكر، أستاذ بجامعة رادبود في هولندا، وهي سردية كاذبة تصوغها وسائل الإعلام. ويضيف قائلا "هذا القول لا يتطابق مع نتائج دراسة تُظهر أن هذا الجيل أكثر تقدمية من الأجيال السابقة. الشباب عمومًا أكثر ميلًا للأحزاب الخضراء واليسارية، مع وجود ناخبين شباب داعمين لليمين. هذه ليست المرة الأولى في الذاكرة الحية التي يكون فيها دعم الشباب لليمين المتطرف مرتفعًا".

ما أشار إليه كل من ريكر ودي فود بشكل بارز هو أن القضايا الثقافية أصبحت أكثر استقطابًا لهذا الجيل الذي يلج سوق العمل. حسب دي فود فإن "كبار السن الأوروبيين، نشأوا في وقت كان فيه الدين أو المحور اليساري-اليميني مرتبط بالقضايا الاقتصادية، بينما نشأ الشباب في فترة تمحورت النقاشات الأساسية فيها حول الهجرة، العولمة، سياسات التنوع"، شرح دي فود.

"يبدو العالم أكثر سواداً"

قال أرنيرا إن تصويته المخطط لحزب RN كان سببه عدم شعوره بالأمان "أنا شخص يبلغ من العمر 23 عامًا، وصار العالم يبدو لي مكانًا مظلمًا، وهو قاس على المستوى المادي". لكنه لا يرى نفسه في الوقت ذاته شخصاً سيستمر بالتصويت لحزب RN، الذي تأسس باسم الجبهة الوطنية في السبعينيات على يد السياسي المعادي للسامية والعنصري، جان ماري لوبان".

ولا يغير من حقيقة الحزب النهج الأكثر اعتدالاً الذي تتبعه ابنة المؤسس مارين لوبان، التي سلمت قيادة الحزب لبارديلا، ومن المتوقع أن تطلق حملة انتخابية جديدة في عام 2027، وهنا يعترف أرنيرا بأن بعض سياسيي حزب RN يشعرونه بعدم الارتياح. ويستشهد الشاب في هذا الصدد بمثال عضو البرلمان الأوروبي تييري مارياني، الذي يتبنى آراء موالية للروس بشدة.

يرى أرنيرا أن تصويته احتجاجي، يأمل أن يقدم بارديلا "علاجًا صادمًا" للاتحاد الأوروبي، مبرزاً أنه متأكد من تغيير اختياره في فترة قادمة.