الألمانية إيريس كنوبلوخ.. أول رئيسة لمهرجان "كان"
بدأت الألمانية إيريس كنوبلوخ ولايتها كرئيسة جديدة لمجلس إدارة مهرجان كان السينمائي، لتصبح بذلك أيضاً أول امرأة تشغل المنصب الأعلى في أشهر وأهم مهرجان سينمائي في العالم.
تأتي كنوبلوخ خلفاً لبيير ليسكور، الصحفي والمدير التنفيذي السابق في التلفزيون الفرنسي، والذي تولى رئاسة المهرجان في عام 2015. وسيتنحى ليسكور البالغ من العمر 76 عاماً بعد انتهاء نسخة هذا العام، وهي النسخة الـ 75 من المهرجان الممتد إلى الـ28 من الشهر الجاري.
أول رئيس غير فرنسي للمهرجان
وتعد كنوبلوخ شخصية رائدة على أكثر من صعيد. فهي لن تكون فقط أول رئيسة للمهرجان، ولكن أيضاً أول "أجنبية" تدير الحدث السينمائي الأكثر قيمة في فرنسا وأحد أهم المهرجانات الفنية في العالم.
يذكر أن مهرجان برلين السينمائي يتولى إدارته اثنين من غير الألمان وهما المدير الفني كارلو شاتريان (إيطالي)، والمديرة التنفيذية مارييت ريسنبيك (هولندية)، لكن وجود مديرة ألمانية للمهرجان الفرنسي يعد أمراً ثورياً.
خبرة عميقة ورؤية مختلفة
كنوبلوخ هي ابنة شارلوت كنوبلوخ، أحد الناجيات من الهولوكوست ورئيسة سابقة للمجلس المركزي لليهود في ألمانيا. درست إيريس القانون في ميونيخ ونيويورك قبل أن تقضي 25 عامًا في مناصب تنفيذية مختلفة داخل استوديو الأفلام الأمريكي وارنر براذرز، بما في ذلك 15 عاماً كرئيس لمجموعة وارنر براذرز فرنسا، لتتولى فيما بعد إدارة عمليات الاستوديو في فرنسا وألمانيا والنمسا وسويسرا.
في فرنسا، لعبت كنوبلوخ دوراً رئيسياً عام 2011 في الضغط على إدارة مهرجان كان لقبول فيلم "الفنان" على قائمة الأفلام المرشحة للجوائز، وهو من كتابة وإخراج ميشيل هازانافيسيوس .
اعتقد الكثيرون - لا سيما في الساحة السينمائية الفرنسية - أن الفيلم الصامت بالأبيض والأسود كان من نوعية الأفلام التي يصعب عليها الدخول إلى حلبة المنافسة في المهرجان الدولي، لكن في النهاية انتصرت وجهة نظر كنوبلوخ وتمت الموافقة على عرض الفيلم.
في ذلك العام، شهدت تذاكر حضور فيلم "الفنان" إقبالاً غير عادياً. وخلال تلك الدورة فاز بطل الفيلم - النجم الفرنسي جان دوجاردان - بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان. وحظي الفيلم بإشادة جعلته ينافس على الكثير من الجوائز الدولية، كان آخرها في حفل توزيع جوائز الأوسكار 2011 حيث فاز بخمس جوائز منها جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل مخرج.
داخلياً، حقق الفيلم نجاحاً جماهيراً منقطع النظير وتصدر شباك التذاكر الفرنسي لفترة طويلة، أما عالمياً فقد نجح في جمع أكثر من 130 مليون دولار (124 مليون يورو). وفي هذه الدورة، يعود المخرج هازانافيسيوس إلى "كان"، عبر فيلم كوميدي بعنوان "القطع الأخير Final Cut".
سحر هوليوود .. على سجادة كان الحمراء
قد تكون غزيرة كنوبلوخ الفنية وعلاقاتها السابقة بهوليوود - استقالت من استوديوهات وارنرز الصيف الماضي - مصدرًا رئيسياً لمهرجان كان، خاصة بعد أن كافحت لفترة طويلة في محاولة موازنة طابع المهرجان الفني كواجهة عالمية للفن والسينما الطليعية، إلى جانب الدفع بالأفلام الأمريكية وكبار النجوم الأمريكيين للسير على السجادة الحمراء الشهيرة للمهرجان، وجذب كافة وسائل الإعلام العالمية لتغطية الحدث، إلى جانب التغطية المكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي من كافة الأطياف.
يمكن القول إن مهرجان البندقية السينمائي، الذي شهد العام الماضي العرض الأول لفيلم الخيال العلمي الملحمي "كثيب Dune" من إنتاج ستوديوهات ورانر، كان أحد أهم الأسباب التي دفعت كنوبلوخ للاستفادة من سحر هوليوود في المهرجان الفرنسي، خاصة بعد أن اجتمعت حشود غفيرة من الجماهير لتحية نجمي الفيلم الشابين تيموثي شالاميت وزندايا.
في هذا العام، يشهد مهرجان كان حضور فيلمين أمريكيين كبيرين الأول هما الجزء الثاني من فيلم "توب غان 2: مافريك" الذي طال انتظاره، من بطولة توم كروز، وفيلم "ألفيس" لباز لورمان وهو سيرة ذاتية للنجم الراحل إلفيس بريسلي ويظهر فيه النجم الكبير توم هانكس في شخصية مدير بريسلي الزئبقي العقيد توم باركر.
ومع دخول الأفلام الأمريكية الهوليودية إلى ساحة منافسات "كان" على يدي كنوبلوخ، يتوقع أن يصبح الأمر حدثًا منتظماً.
مخاوف من تضارب المصالح
عندما تتولى منصب الرئيس، لن يصبح بإمكان كنوبلوخ اختيار تشكيلة أفلام مهرجان فهي مهمة سوف تعود إلى المدير الفني والمفوض العام تييري فريمو.
لكن وكرئيسة للمهرجان، ستعمل كنوبلوخ على الموازنة بين مطالب فريمو الفنية ورعاة المهرجان الذين يرغبون في الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب والتألق واللحظات المميزة التي تسجلها عدسات المصورين.
وهناك دور آخر أيضاً لدى كنوبلوخ. فعندما استقالت من استوديوهات وارنر العام الماضي - قبل اندماج الشركة مع عملاق التلفزيون ديسكفري Discovery - أطلقت كنوبلوخ شركة I2PO للاستثمار الإعلامي بقيمة 250 مليون يورو (260 مليون دولار)، إلى جانب شركة Artemis للاستثمار بدعم من رجل الأعمال الفرنسي فرانسوا هنري بينولت.
وبينولت هو زوج نجمة هوليوود سلمى حايك، وهو أيضاً المالك لعملاق السلع الفاخرة كرينغ Kering، أحد الرعاة الرسميين لمهرجان كان. ويعتقد الكثيرون أن اسمي بينولت وكرينغ كانا من العوامل الأساسية في إقناع مجلس إدارة مهرجان كان بالتصويت لصالح تولي كنوبلوخ لهذا المنصب الرفيع.
أثارت اتصالات كنوبلوخ مع الشركات قلقاً في أوساط صناعة السينما الفرنسية، حيث رأى البعض نوعاً من تضارب المصالح بين وجود رئيسة للمهرجان تعمل في الوقت نفسه كأحد كبار المستثمرين في شركات الأفلام. لكن كنوبلوخ تعهدت بأن شركة I2PO لن تستثمر في أي شركة أفلام لها علاقة بالمهرجان.
وبغض النظر عن هذه المخاوف ، يتفق النقاد والمعجبون على أن إيريس كنوبلوخ ستجلب معها معرفة عميقة بقطاع صناعة الأفلام بأكمله.
وبصفتها أول رئيسة لمهرجان كان، قد تكون أكثر من مؤهلة للإعداد لأهم مهرجان سينمائي في العالم من خلال منصب قد تستمر فيه لفترة طويلة.
سكوت روكسبوروغ/ع.ح.