الأعمال الخيرية يمكن أن تكون ربحية أيضاً‎

  • بواسطة: ومضة تاريخ النشر: الخميس، 02 أبريل 2015 | آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
محمد عبد العزيز الراجحي.. صاحب أوقاف الخير مسيرته وأبرز أعماله الخيرية
بالصور: بابا نويل في شوارع مدريد من أجل الأعمال الخيرية
وارن بافيت يتبرع بـ 5.3 مليار دولار للأعمال الخيرية

إنّ أعمال الخير، التي تُعرف بشكلٍ شائع أكثر باسم المسؤولية الاجتماعية للشركات، موجودةٌ منذ عقود. ولكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعيّ في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، ازدادت أهمّية الشفافية بشأن القيام بالأعمال الخيرية.

بدءاً من الشركات العالمية العملاقة وحتّى الشركات الناشئة، يبحث قطاع الشركات عن طرقٍ مبتَكرةٍ للمساهمة في قضايا خيّرة. وفي الواقع، تزداد أهمية الجسور بين القطاعَيْن "الهادف للربح" و"غير الهادف للربح/الخيريّ."

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

وعلى خطٍّ مُوازٍ، يوجد نوعٌ جديدٌ من الشركات الناشئة التي بدأَت تلقى قبولاً في الشرق الأوسط، وهي من نوع الشركات الخيرية التي تبغي الربح charitable for-profit.

و"ذا سايمنيس بروجكت" The Sameness Project، أي مشروع التماثل، التي تتّخذ من الإمارات العربية المتّحدة مركزاً لها، هي من أبرز المؤسَّسات في هذا المجال.

في حديثها مع "ومضة"، قالت مديرة المشروع، فيونا هيفر، "نحن فريقٌ صغيرٌ من المبدعين الاجتماعيين. نهدف إلى تحويل القضايا الاجتماعية السلبية إلى قضايا إيجابية من خلال حلولٍ مبتكَرة. ففي دبي على سبيل المثال، إنّ قضايا متعلّقة بالعمل والطبقة الاجتماعية والانقسامات بحسب الجنسية، تؤذي قلب المجتمع."

"نحن نقدم علاجاً للّامبالاة. نحن من ندفعك للنهوض صباح يوم السبت ومصافحة الجنديّ المجهول الذي يعبّد الطرقات التي تقود عليها. نحن من ندفعك لإلقاء التحية على جارك الذي انتقل لتوّه إلى المدينة، بعيداً آلاف الكيلومترات عن أسرته. نحن المنصّة الإلكترونية التي تتيح لك رؤية لحظات ‘تَماثٌل‘ في جميع أنحاء العالم."

مخاوف مشتركة

انطلق "ذا سايمنيس بروجكت" عام 2011 بعدما زارَت المؤسِّسة لينا نحّاس بلدها فلسطين شخصياً. وبعد ولادة طفلها الأوّل، "توسّعت آفاق نحاس إلى ما هو أبعد من محنة شعبها لتشمل محنة البشر جميعهم." وبعد عودتها إلى الإمارات العربية المتّحدة، استقالت من منصبها كمديرة العمليات في شركة "يو جوف سيراج" YouGovSiraj وأسَّست منظّمتها الخاصّة.

والآن، بعد ثلاث سنوات ونصف، باتت المجموعة تضمّ هيفر وزميلاً آخر يعمل بدوامٍ كاملٍ، يُدعى جوني كينو، فيما تعمل نحاس وزميلٌ آخر لها بدوامٍ جزئي. ومن أبرز مبادرات المشروع، نذكر "المياه للعمال" Water for Workers حيث يوزّع الفريق والمتطوّعون قناني المياه لعمّال البناء؛ بينما مبادرة "نحن ندعمك" We’ve Got Your Back تعلّم العمّال عن أهمّية تمرينات الليونة لتجنّب مشاكل آلام الظهر. ومن المثير للاهتمام أنّه بحسب هيفر، لم يواجه الفريق أيّ صعوبات عند الحاجة إلى إنشاء المفهوم.

وتتابع قائلةً، "لم نواجه تحدّياتٍ عند إنشاء الشركة، لكنّ التحدّي الذي واجهناه كان من حيث تثقيف الناس والشركات بشأن ما نقوم به وكيفية قيامنا بذلك."

"هذه المنطقة معتادةٌ كثيراً على الأعمال خيرية، ونحن نؤيّد تواجد مكانٍ مخصّص لذلك، ولكننا نشكّل مفهوماً جديداً: نصنع الخير عبر شرائح المجتمع كلها، وليس فقط بين أواسط المحرومين، ونحضّر المحتوى الإبداعيّ على مستوى قطاع الإعلانات، كما أنّنا نعمل كشركةٍ تبغي الربح لتعزيز استدامة مشروعنا."

الاستثمار في الخير

سُجِّل المشروع في دائرة التنمية الاقتصادية باعتباره شركة استشارات إدارية، وهو متخصّص في أنشطة تشمل تصميم وتسويق وتنفيذ مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات على أرض الواقع. وعن هذا الأمر، تقول هيفر إنّ العثور على رأس المال للشركة الناشئة لم يشكّل تحدياً، بما أنّ الشركات في جميع أنحاء المنطقة حريصةٌ على الاستثمار للوفاء ببرامجها الخاصّة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات.

وتضيف أنّه "على غرار أيّ شركة، نملك مكتباً وراتباً وضمانات، بالإضافة إلى أننّا نحتاج إلى تسويق أنفسنا والاستثمار في مشاريع جديدة ومتابعة نموّنا. نموذج الاستثمار خاصّتنا غير شبيهٍ بأيّ نموذج في المنطقة، ويُدعى ‘ذا كولّكتف‘ The Collective أي ‘الجماعيّ‘، وهو بالأساس صندوق استثماري لصنع الخير.

كما تشرح بالقول، "نحن نبحث عن شركاتٍ تشاركنا وجهة نظرنا فتدفع رسوم عضويةٍ سنوية رمزيةٍ لكي نضمن استمرارية ‘ذا سايمنيس بروجكت‘ ونحقّق النجاح والخير في المجتمع. فذلك سوف ينجز أهداف التسويق الخاصّة بهذه الشركات وجداول أعمالها لناحية المسؤولية الاجتماعية والموارد البشرية، وذلك لأنّ موظفيها يستطيعون المشاركة على مستوياتٍ عدّة ويستطيعون توسيع مشاركتهم عبر قنوات وسائل التواصل الاجتماعي، ما يضمن ظهور هذه الشركات على أنها أصيلة ومتعاونة من خلال دعمها لطرف ثالث."

تتعدّد الفرص المتاحة أمام الفريق في الوقت الحاليّ، ففي الشهر الماضي تمّ إدراجه على القائمة النهائية لتقديم الفكرة في نهائيات الخليج للبرنامج العالمي لريادة الأعمال، "ذو فنتشر" The Venture. ومع أنّ الفريق لم يبلغ مرحلة النهائيات في الولايات المتّحدة (كان المركز من نصيب "داميي" Dumye)، إلّا أنّه ثمة أمور عدّة أخرى بانتظار "ذا سايمنيس بروجكت".

"لقد اختتمنا مؤخراً أعمال ‘نحن ندعمك‘، ونحن الآن نعمل على ‘إعادة إطلاق الفنّ‘ Restart the Art (في الصورة أعلاه)، وهو مشروع يهدف إلى تحويل حافلتين باللون الأبيض تُستعملان لنقل العمّال، إلى أعمال فنية متنقّلة... لتسردا قصصَ من يستقلّونهما كما وقصص فنّاني دبي الذين ساهموا في إتمام الأعمال الفنية. بعد ذلك، سنعمل على ‘مياه للعمال‘ لمدّة أربعة أشهر في فصل الصيف، وعلى بعض المشاريع الملفتة، من هنا حتى نهاية العام لكنّها لا تزال طيّ الكتمان." وفقاً لما تقوله هيفر.

أين يرى لينا وفيونا وشركاؤهما أنفسهم بعد خمس سنواتٍ إذاً؟

تجيب هيفر قائلةً، "نهدف إلى تحقيق الاستدامة الكاملة وتحقيق الأرباح. نرغب أيضاً في أن تتكرّر المشاريع على مستوى عالمي، وكذلك أن يتمّ إنتاج فيلم للمشروع ومجموعة كتب تحت اسم ‘الكوكب غير وحيد إلى هذا الحدّ‘ Not So Lonely Planet لمدنٍ مختلفة حول العالم حيث يتبيّن التماثل بينها."

"نحن نهدف إلى تذكير الناس بأنّ الجميع يتشاركون قصصهم. نشترك جميعنا بالآلام عينها، والفرح والسعادة والحزن والحبّ."