اكتشاف محيط سائل تحت سطحه.. فهل الحياة ممكنة على المريخ؟
كشفت بيانات كانت قد أرسلتها مركبة "إنسايت" التابعة لوكالة "ناسا"، عن وجود محيط أو خزان كبير من الماء السائل تحت سطح المريخ. وكان قد جرى إطلاق المركبة عام 2018 في مهمة لتسجيل النشاط الزلزالي على الكوكب الأحمر، لكن سرعان ما كشف البيانات ان الحياة قد تكون ممكنة على المريخ.
وتقدم البيانات الجديدة دليلا جديدا على أن المياه على سطح الكوكب الأحمر لم تتبخر عندما فقد الكوكب غلافه الجوي قبل مليارات السنين أو ربما كانت هذه المياه محبوسة في القمم الجليدية القطبية. ورغم ذلك، فقد قال العلماء إن الوصول إلى هذه المياه يعد بالأمر المستحيل من الناحية العملية.
وكشفت المركبة "إنسايت" عن المياه التي جرى اكتشافها ليست على السطح وإنما يتم توزيعها في الشقوق الصغيرة على عمق لا يقل عن 11 كيلومترا تحت سطح قشرة الكوكب.
وذهبت تقديرات قام بها باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إلى أن هذا الخزان الكبير يحتوي على مياه سائلة متسربة عبر الصخور تكفي لإنشاء محيطات على سطح الكوكب بعمق يصل إلى كيلومترين. وفي ضوء عجز البشر عن اختراع آلة قادرة على الوصول إلى هذا العمق على سطح الأرض، فإنه هناك أمل ضئيل في تحقيق هذا الإنجاز على المريخ.
ماذا بعد؟
وفي ظل غياب هذه التكنولوجيا اللازمة للشروع في أعمال حفر عميقة تحت سطح المريخ، قال علماء إنهم قاموا بتحليل البيانات التي أرسلتها المركبة "إنسايت" لفهم تركيبة قشرة الكوكب والمواد الموجودة داخلها.
وكانت "إنسايت" قد جمعت هذه البيانات خلال مهمتها التي استمرت أربع سنوات، وانتهت في ديسمبر/كانون الأول عام 2022. وكان الشق اللافت في الاهتمام أن هذه البيانات تحتوي على تسجيلات لما يسمى بـ "النشاط الزلزالي للمريخ" وتأثيرات النيازك التي تتسبب في نشوب حركة على سطح الكوكب.
وسجلت المركبة سرعة هذه الموجات الزلزالية، فيما استعان الباحثون بنماذج من فيزياء الصخور لحساب خصائص قشرة المريخ عند حدوث موجات سريعة.
وفي ذلك، قال فاشان رايت، عالم الجيوفيزياء الذي أشرف على البحث، إن الهدف "يتمثل في ربط ما يوجد داخل الصخور بسرعة الصوت. فكلما كانت الصخرة أكثر كثافة، كلما زادت سرعة الصوت. وإذا أضفت بعض الماء السائل، فسوف ترتفع السرعة. وإذا قمت بتكسيرها، ستنخفض السرعة."
وتشير بيانات التي أرسلتها المركبة "إنسايت" إلى أن المياه التي كانت موجودة على المريخ في الماضي، كانت تتحرك تحت السطح لتشكل طبقة مياه جوفية، تشبه إلى حد كبير المياه الجوفية على الأرض.
وفي ذلك، قال رايت إن هذه الدراسة "توفر لنا أجوبة على كم كبير من الأسئلة التي تتعلق بالكوكب الأحمر خاصة أنها تعطينا أدلة حول دورة المياه التي لم يسبق للبشر الوقوف على حقيقتها".
الماء سر الحياة
وليس اكتشاف المركبة "إنسايت" لوجود ماء سائل على المريخ الأول من نوعه. ففي عام 2022، استعان باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتكس"، بمركبة لدراسة رواسب الملح الموجودة على سطح الكوكب حيث قدروا أن المياه كانت موجودة قبل ملياري سنة.
وقد أشارت دراسات سابقة إلى احتمالية وجود مياه سائلة تحت السطح المتجمد، لكن تحقيقا حديثا دحض هذه النتائج باعتبارها انها لم تكن سوى تفسير خاطئ لقياسات الرادار.
وكانت دراسات قامت بها وكالة ناسا قبل عقد من الزمن قد ذهبت إلى إمكانية تدفق الماء على سطح الكوكب فيما يعد الأمر مثيرا للاهتمام خاصة وأن العلماء لا يزالون يحاولون العثور على دليل يثبت وجود حياة على المريخ.
وعلى غرار الأرض، فإن الماء السائل يعد عنصرا أساسيا لوجود حياة من الأساس.
وفي ذلك، قال رايت "يبدو أن الماء ضروري للحياة. ما نعرفه عن الحياة والمياه في الأعماق هو أنه داخل أعماق الأرض توجد حياة رغم أن ظروف البيئة في العمق تعد أصعب من ظروف البيئة على السطح. لكن إذا جرى العثور على مياه في الأعماق، فهذا لا يعني حتمية وجود حياة، لكن احتمالية ذلك قائمة".
أعده للعربية: محمد فرحان
نشرت الدراسة في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم
https://doi.org/10.1073/pnas.2409983121