إسماعيل ياسين: الكوميديا على الشاشة وواقع بائس
يُقال أن الضحك يولد من قلب الأحزان، والسخرية ابنة بارة للهموم. وبدو ذلك واضحا في مسيرة حياة الفنان الكوميدي إسماعيل ياسين. واحد من رواد الكوميديا في السينما العربية. رغم حياته المليئة بالمآسي.
ولد الفنان إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912 في ميدان الكسارة بمنطقة الغريب بمحافظة السويس في مصر. لأسرة ثرية معروفة بالتجارة في الذهب. توفيت والدته وهو صغير فتزوج والده من سيدة أخرىتسببت في تراكم الديون عليه وانتهى به الحال في السجن. وقرر إسماعيل أن يبتعد عن بطش زوجة أبيه ويترك السويس. لذلك انتقل إلى العاصمة القاهرة في عمر 17 عاما ليبدأ في رحلة شاقة للبحث عن عمل.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
البداية من الغناء:
على الرغم من براعة اسماعيل ياسين في التمثيل الكوميدي فلم تكن بداياته في مجال التمثيل، بل في الغناء.
فقد عمل لعدة سنوات في غناء المونولوجات التي كان يكتبها صديقه أبو السعود الإبياري. وكان يغنيها في كازينو بديعة مصابني. استمر هذا الوضع نحو 10 سنوات. قبل أن يجد أول فرصة للتمثيل السينمائي سنة 1939 في فيلم خلف الحبايب، وتفجرت من خلاله موهبته الكوميدية التي لفتت إليه الأنظار، واستمرت مسيرته السينمائية ليشارك في حوالي 500 فيلم وهو رقم لم يحققه أي ممثل آخر.
وأشهر هذه الأفلام سلسلة أفلام حملت اسمه من أشهرها اسماعيل يس في الجيش، اسماعيل يس في مستشفى المجانين، اسماعيل يس في الطيران
فرقة اسماعيل ياسين:
كما أسس ياسين فرقته المسرحية والتي حملت اسمه بالتعاون مع رفيق عمره أبو السعود الأبياري، وقدم في الفترة ما بين عامي 1954 و 1966 نحو 51 عملاً مسرحياً.
طرفة" أم كلثوم"
ومن طرائف إسماعيل ياسين الشهيرة مع كوكب الشرق المطربة أم كلثوم حيث التقاها بالصدفة وكان وقتها يقيس وزنه.
سألته أم كلثوم عن وزنه، فقال 78 كيلوجرام. فقالت له مداعبة وهل يشمل وزن فمك؟
نظرا لأنه عرف عنه اتساع حجم فمه فقابلها بدعابة مماثلة قائلا أن وزنها أيضا لا يمكن أن يشمل وزن صوتها.
إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين:
هذا عنوان فيلم شهير لاسماعيل ياسين. وهو أيضا عنوان ﻷحد فصول حياته المليئة بالمضحكات والمبكيات، فذات مرة ألقى أمام الملك فاروق نكتة لم تعجب هذا الأخير. ولكي يتم إنقاذه كتب أحد الأطباء تقريرا بأنه يعاني من مشاكل عصبية وهو ما قاده لدخول مصحة الأمراض النفسية والعصبية ليظل فيها 10 أيام كاملة.
نهاية بائسة:
مع منتصف الستينيات لم يعد الجمهور يتقبل الكوميديا التي يقدمها إسماعيل ياسين خاصة مع ظهور مدارس جديدة في الكوميديا مع نجوم جدد مثل فؤاد المهمدس وعبد المنعم مدبولي وسمير غانم وغيرهم.واضطر لإغلاق مسرحه بعد أن صار غير قادر على دفع إيجاره. هذا المسرح الذي ظل يعمل ﻷكثر من 12 عاما دون انقطاع.
انصرف عنه المخرجون والمنتجون، وهو الذي عاش نجما من نجوم الشباك. انحسر المجد وولى بلا رجعة. وتراكمت عليه الديون والضرائب حتى أنه لم يعد قادرا على دفع إيجار شقته. وأعلن إفلاسه واضطر للسفر إلى لبنان للعمل في بعض الأدوار الصغيرة. ثم عاد في نهاية أيامه إلى مصر بعد أن أرهقه مرض النقرس.
كما كانت نهايته مأساوية. فقد شهدت ليلة وفاته شجارا معتادا بينه وبين ابنه الوحيد ياسين، لكنه كان عنيفا ولم يتحمله قلب الفنان الراحل فتوقف عن الخفقان في تلك الليلة التي باتها وحيدا مكلوما ولم يطلع عليه فجر 24 مايو 1972 إلا وقد فارق الدنيا التي أضحكها كثيراً.