أفلام سورية في مهرجان ألماني.. قرارات صعبة تحت نيران الحرب
دون أي تخطيط مسبق بدأت المخرجة السورية وعد الكاتب، مثل غيرها من النشطاء، في توثيق الاحتجاجات السورية بهاتفها المحمول. وقبل أن تنتبه الشابة البالغة اليوم 26 عاماً، وجدت نفسها قد انتهت إلى "لسما"، فيلمها الوثائقي الأول الذي يُعرض حالياً ضمن فعاليات مهرجان نورنبرغ الدولي لحقوق الإنسان، المُقام من الثاني حتى التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري
على مدى 95 دقيقة تطرح المخرجة الحائزة على جائزة إيمي التساؤل الأصعب الذي تتوقف على إجابته مصير الأبناء في سوريا، إذ تُظهر وعد الكاتب من خلال توثيقها للأحداث في حلب الصراع الذي يواجهه الآباء بين البقاء واستكمال المقاومة والفرار لحماية الأبنائهم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
"قدر كبير من المسؤولية"
وتوضح الكاتب في بيان لها بالقول: "استكملت حياتي، تزوجت وأنجبت طفلة، ووجدت نفسي أحاول الموازنة بين عدة أدوار مختلفة: وعد الأم، وعد الناشطة، وعد الصحفية المواطنة، ووعد المخرجة. وقد شكل كل هؤلاء القصة وأشعر الآن أن هذه النواحي المختلفة من حياتي هي ما يعطي الفيلم قوته".
وعلى الرغم من أن المخرجة المُقيمة في لندن تُهدي هذا الفيلم إلى ابنتها "سما" حتى تتعرف على هوية أبويها وما كانا يدافعان عنه، فإنها تؤكد على شعورها أحد الدوافع الرئيسية وراء هذا الفيلم هو توثيق الأحداث التي وقعت في حلب منذ عام 2012 ولمدة خمسة أعوام تجنباً لتشويهها. وتشير المخرجة السورية بالقول: "لقد شعرت بقدر كبير من المسؤولية تجاه المدينة وشعبها وأصدقائنا لأن أروي قصصهم على النحو المناسب حتى لا يقعوا في طي النسيان أو يتسنى لأحد أن يشوه الحقيقة التي مررنا بها".
وتُبين الكاتب التي كانت قد بدأت دراسة التسويق في جامعة حلب قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، أن الفيلم ليس مجرد تجربة شخصية، بل مزيج من المشاعر المختلطة وسط "جرائم بشعة ارتكبها نظام الأسد بحق أبرياء".
وتضيف بالقول: "أريد لغيري أن يفهم أنه على الرغم من أن هذه قصتي وأنها تظهر ما حدث لي ولعائلتي، فإن تجربتنا ليست عادية، فقد مر مئات الآلاف من السوريين بالشيء نفسه وما يزالون حتى يومنا هذا، لأن الديكتاتور الذي ارتكب هذه الجرائم ما يزال في السلطة ولم يزل يقتل أبرياء. إن كفاحنا من أجل العدالة اليوم على نفس القدر من الأهمية التي كان عليها منذ بدأت الثورة".
إشادة دولية
لم يكن مهرجان نورنبرغ الدولي لحقوق الإنسان هو المُضيف الأول لـ"لسما"، إذ يُعرض الفيلم حالياً في بعض دور السينما بالولايات المتحدة ولندن، وقد حصل على 22 جائزة دولية من بينها جائزة "العين الذهبية" لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان كان السينمائي، وأشادت به بعض الصحف البريطانية مثل الأوبزرفر التي قالت: "فيلم خارق، صعب لكن مشاهدته مهمة"، وكذلك التايمز التي رأت أنه "ببساطة، لم يأت مثل هذا الفيلم من قبل".
بينما ينتهي الأمر بالمخرجة السورية أن تنتقل إلى لندن مع زوجها وابنتيها، يأتي فيلم آخر يُعرض أيضاً بمهرجان نورنبرغ الدولي لحقوق الإنسان ليُظهر لنا القرارات الصعبة التي يمكن للآباء اتخاذها مع اشتداد الأزمة، التي يمكن أن تصل إلى حد إلقاء أب لابنته في البحر حماية لها في الحرب مثلما تروي أحداث فيلم "بحرنا" للمخرجة السورية-الأمريكية رنا كزكز.
المياه هي الحل
في فيلم قصير لا تتجاوز مدة عرضه 14 دقيقة، تتناول كزكز مع زميلها المخرج السوري-الفرنسي أنس خلف قصة "أب وابنة وشاطئ"، مثلما يرد في التعريف الخاص بالفيلم، إذ يُعرِّض أب سوري حياة ابنته التي لا تستطيع السباحة للخطر بإلقائها في البحر، في محاولة للخروج من وضع لا فرار منه إلَّا بالنار أو الماء.
شهدت حلب حرباً بين فصائل معارضة سورية وحكومة الأسد من منتصف 2012، حتى نجحت القوات الحكومية السورية في نهاية يوليو/ تموز 2016 في السيطرة على طريق الكاستيلو الحيوي والتلال المشرفة عليه بعد أشهر من المعارك والقصف الجوي واستمرار العمليات المدعومة بالطيران الروسي. ونجحت في عزل المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وفرض حصار حلب، بعد أن ظلت المعارضة والقوات الحكومية تتقاسم السيطرة على المدينة.
جهاد الشبيني