أعراض الاحتباس الحراري على كوكب الأرض
عبر التاريخ عانت الكرة الأرضية العديد من التغيرات المناخية، فخلال عمرها الذي يزيد على 4.5 مليار عام حدثت العديد من الكوارث الطبيعية؛ الكوكب الملتهب المملوء بالمواد المنصهرة، والكوكب الأبيض المغطى بالثلوج. توالت العديد من الكائنات والأصناف طوال الحياة على كوكبنا الصغير، ومع كل حقبة كانت تنفي الطبيعة مجموعة كاملة من الأصناف إلى الانقراض.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
رغم وحشية ما تبدو عليه كرتنا الزرقاء، إلا أن هذه التغيرات التي تكلمنا عنها سابقاً حدثت على مدى الملايين من السنين، وبسبب قصر الفترة التي بدأ فيها الانسان بتسجيل التغيرات التي تحصل، فقد ظننا أن الأرض وصلت لحالة من الاستقرار بشكل مناسب لمعيشتنا عليها، إلا أنها تتابع رحلتها في تغيير مناخها كنتيجة طبيعية للأحداث الكونية والبيولوجية التي تحصل على سطحها، لكن الانسان لا شك يساهم بشكل كبير في تسريع حدوث هذه الكوارث، ويبدو أن رد فعل الكرة الأرضية علينا هو ما نسميه اليوم بالاحتباس الحراري.
تعريف ظاهرة الإحتباس الحراري
الاحتباس الحراري: ظاهرة تحصل على سطح الكرة الأرضية، تزداد فيها درجات الحرارة للكوكب كنتيجة بسبب زيادة الغازات الدفيئة (Greenhouse Gases) بشكل عام؛ مما يؤدي لحصول كوارث طبيعية عديدة سنتحدث عنها في المقال.
الغازات الدفيئة: هي الغازات التي تقوم بحفظ الحرارة بشكل جيد، وهي موجودة في الطبيعة بشكل وفير، منها غاز الميثان وأول أوكسيد الكربون؛ وجود هذه الغازات في الغلاف الجوي للكرة الأرضية هو السبب الرئيسي باحتفاظها بالحرارة التي تحصل عليها من الشمس.
من الجدير بالذكر أن الغازات الدفيئة وبالأخص الميثان وأول أوكسيد الكربون وصلت لأعلى نسب لها منذ 420 ألف عام، ويعود ذلك بشكل أساسي للثورة الصناعية التي استخدمت الفحم والوقود الأحفوري بشكل أساسي كمصدر طاقة لها.
كيف تحتفظ الأرض بحرارتها، وما المشكلة في ارتفاع درجة الحرارة؟
كما نعلم فإن المصدر الأساسي طاقة كوكبنا هو الأشعة الشمسية؛ تسقط الأشعة الشمسية على الكرة الأرضية فتمتص قسم من الحرارة وتقوم بعكس القسم الآخر خارج الأرض إلى الفضاء، لكن وجود الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي يسمح بالاحتفاظ ببعض من هذه الحرارة المنعكسة ضمن الجو المحيط في الأرض فترتفع درجة حرارة سطح الأرض.
يمكن تشبيه هذه العملية بحافظ الحرارة (الترمس) الذي نستعمله للحفاظ على حرارة القهوة أو الشاي لتبقى ساخنة لفترات طويلة من الزمن، حيث أن الوعاء يمنع خروج الحرارة كلها من داخله، وبشكل مشابه ولكن بكمية أقل بكثير تقوم الغازات الدفيئة بحفظ الحرارة.
لكن ما المشكلة بارتفاع درجات الحرارة؟.. فبشكل يومي تتغير درجات الحرارة بين النهار والليل بما يزيد عن 20 درجة في بعض الأحوال، خلال المقال سنذكر بعض الأرقام التي تظهر مدى تغير درجة حرارة الأرض، وهذه الأرقام هي معدلات وسطية خلال فترات طويلة من الزمن، رغم أنها تبدو ضئيلة إلا أن لها أثر كبير على المناخ الكلي للكوكب.
رغم إصرار الكثير من الناس وبالأخص السياسيين في الولايات المتحدة الأمريكية وشركات النفط الكبرى حول العالم بعدم وجود أي دليل فعلي على حدوث الاحتباس الحراري -لأنه يضر بمصالحهم الاقتصادية- إلا أننا سنقدم في هذا المقال العديد من الأدلة التي تجزم بشكل نهائي هذا النقاش.
علامات ونتائج الاحتباس الحراري
1- ذوبان الجليد في القطبين
من خلال مراقبة العلماء لمساحة المناطق الجليدية على مدى أعوام، لوحظ انخفاض كبير في المساحات المتجمدة بمعدل يصل لـ 9% خلال عشر سنوات، ومن المرجح أن هذه النسبة ستزداد مع ازدياد الغازات الدفيئة في الجو. قد يتساءل البعض ما المشكلة في ذوبان الثلوج، ذلك سيفتح مساحات جديدة للسكن!.
المشكلة هنا أن المياه الثلجية التي تذوب هي مياه عذبة، بالتالي ستطفو على أعلى المسطحات المائية كالمحيطات وغيرها، ذلك سيسبب بطء التيارات المائية القادمة من شمال المحيط الأطلسي. وبغياب الدفء سيزداد البرد، ستكثر العواصف وسيرتفع منسوب مياه البحر ويسبب الدمار لمنظومات بيئية كاملة.
2- إرتفاع منسوب مياه البحر منذ العام 1900
لوحظ ارتفاع في منسوب مياه البحر يتراوح بين 1 ملم الى 2.5 ملم خلال العام الواحد، وإحدى الدراسات تقول أن الارتفاع وصل ل 3.5 مم من بداية القرن الثامن ع��ر فقط؛ والسبب الرئيسي هو ذوبان الجبال الجلدية، إضافة لتمدد مياه البحر نتيجة الحرارة.
رغم أن هذه الأرقام تبدو ضئيلة إلا أنها تضع العديد من المدن الساحلية في خطر. رغم صعوبة تقدير التغير في منسوب مياه البحر، إلا أن البعض يتوقع ارتفاعه بما يتراوح بين 0.8م إلى 2م في العام 2100، وفي تقديرات أخرى قد يصل لـ 7 أمتار.. وهي كمية كافية لإغراق مدينة لندن بالكامل.
3- غاز الميثان (الميتان)
هو إحدى المركبات العضوية للكربون الذي هو بدوره من أهم الغازات الدفيئة، إلا أن الميثان قادر على حصر درجات الحرارة داخل الغلاف الجوي بكيمات أكبر بكثير، إضافة لذلك فإن كميات كبيرة من غاز الميثان محصورة ضمن مناطق ثلجية باسم هيدرات الميثان والتي ستتحرر عند ذوبان الثلوج.
بإضافة هذا العامل الجديد إلى الغازات الموجودة أصلا في الغلاف الجوي والانبعاثات المسؤول عنها الإنسان، ستزداد الحرارة؛ بالتالي يرتفع منسوب المياه وتصيب الأرض العديد من الكوارث الطبيعية، كما أنها قد تسبب انقراض تصل نسبته مابين 20% الى 50% من الحيوانات حول الكوكب.
4- العواصف ترتبط بشكل أساسي بسرعة تبخر الماء
مع ارتفاع درجات الحرارة يتوقع العلماء زيادة تصل لـ 2 درجة مئوية في حرارة مياه المحيطات خلال القرن القادم؛ الأمر الذي سيدفع العواصف والأعاصير لأن تكون ذات قوة أكبر ولمدة أطول مع رياح أشد. لكن ما علاقة الأعاصير بحرارة المحيط؟
ترتبط العواصف بشكل أساسي بسرعة تبخر المياه من المحيطات، فيقوم البخار بنقل الحرارة من المحيط إلى الغلاف الجوي، مسببة بذلك رياحاً قوية ينتهي بها المطاف لتكون أعاصير.
5- الجفاف وموجات الحر
تعرّف موجات الحر عادةّ بأنها مدة تتراوح بين عدّة أيام الى أسابيع من الحرّ غير المعتاد. ففي العقود الثلاث المنصرمة كان هناك ازدياد في موجات الحر نتيجة للحرارة المرتفعة التي تمتصها الأرض خلال الليل، موجات الحر ستسبب موت المحاصيل الزراعية وبالتالي نقص في الغذاء والصحة العامة بشكل عام.
على الرغم من أن موجات الحر قليلة نسبياً لما سيحصل في المستقبل، إلا أنها سببت وفيات أكثر من العواصف والبرق والأعاصير والهزات الأرضية مجتمعةً. ويتنبأ العلماء بازدياد يتراوح بين 3 الى 5 درجات مئوية خلال المئة عام القادمة.
ختاماً.. لا بد لنا من الاعتراف بالتغيرات المناخية التي تحصل، والتي لا شك أن للإنسان يد في تسريعها بشكل دراماتيكي، فأقل ما يمكننا فعله هو محاولة التقليل من انبعاث الغازات الدفيئة عن طريق استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الشمس أو الرياح وغيرها، في محاولة أخيرة لإعادة الاستقرار للنظام البيئي قبل فوات الأوان، كما يمكنك من خلال هذا الموقع أن تجد أرقام مباشرة ومتغيرة تتعلق بمناخ الكرة الأرضية.