أشهر قصائد المديح النبوي في الشّعر العربي
This browser does not support the video element.
تعتبر المدائح النبوية، فرعاً مستقلاً من فروع الشعر، كما أن لهذا الفرع مصطلحاته الخاصة، واستعاراته الفريدة، وقد برز هذا المذهب الشعري، مع فجر الإسلام، في حياة النبي محمدٍ (ص)، وبعد وفاته.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فكان حسان بن ثابت، شاعر النبي، الذي نظم الشعر ممجداً الإسلام، هاجياً أعدائه، كما رثا الرسول عليه الصلاة والسلام، بقصيدةٍ بديعة.
يعتبر رسول الإسلام محمد (ص) من أكثر الشخصيات تأثيراً في التاريخ
هو محمد بن عبد الله (ص)، أمُّه آمنة بنت وهب، وجدُّه عبد المطلب، من سادة قرش، ولد رسول الله (ص) في ربيع الأول، حيث تختلف المذاهب حول التاريخ الدقيق لولادته.
كما ولد النبي (ص) في عام الفيل، العام الذي شهد حادثة هجوم الأحباش بقيادة أبرهة الأشرم لتدمير الكعبة، فكان مولد النبي عليه الصلاة والسلام بعد حوالي خمسين يوماً من الحادثة، أي في العشرين أو الثاني والعشرين من شهر نيسان/أبريل عام 571 ميلادي.
الوحي والدعوة
نزل الوحي على النبي محمد (ص) في غار حراء، عندما بلغ الأربعين من عمره، أي حوالي سنة 610 ميلادية، في يوم من شهر رمضان، الموافق لشهر آب/ أغسطس في تلك السنة.
ونزلت أولى آيات القرآن الكريم (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق) إلى نهاية السورة، فبدأ الرسول (ص) بنشر دعوته سراً، ثم جهراً، فأسلم المقربون منه أولاً، خديجة زوجته، وأبو بكرٍ الصديق، وعلي ابن أبي طالب.
إضافة إلى زيد بن حارثة، وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم توسعت رقعة انتشار الإسلام، فاشتد عود المسلمين، وازداد تنظيمهم، فصار لهم جيشٌ يذود عنهم، ويمنع عنهم الأذى، كما خاضوا معارك كثيرة مع قريش، كان النصر حليفهم فيها، عدا غزوة أُحد، في العام الثالث للهجرة.
نشيد أهل المدينة المنورة من أول المديح
وللمسلمين هجرتين، الأولى إلى الحبشة في السنة الثامنة للدعوة، على رأسهم عثمان بن عفان (رض)، ولم يكن رسول الله (ص) معهم، أما الثانية، إلى المدينة المنورة.
حيث وصل إليها الرسول (ص) في السنة الأولى للهجرة، الموافقة لعام 622 لميلاد عيسى المسيح عليه السلام، بعد أن سبقه أغلب المسلمين إليها.
وكانت فيها أولى المدائح النبوية المعروفة، التي لا يعرف لها تاريخ دقيق، أو شاعر بعينه، بل تعتبر نشيد أهل المدينة، في استقبال الرسول (ص):
طَلعَ البدرُ علينا من ثنياتِ الوداع
وجبَ الشكرُ علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوثُ فينا جِئتَ بالأمرِ المُطاع
جِئتَ شرَّفتَ المدينة مرحباً يا خيرَ داع
كان حسان بن ثابت من كبار شعراء المديح قبل الإسلام
هو حسان بن ثابت الأنصاري، شاعر عربي ذائع الصيت قبل إسلامه، أسلم في الستين من عمره، بعد هجرة الرسول (ص) إلى المدينة، وكان مشهوراً بقصائده في مديح الغساسنة.
ومنها قوله فيهم (بيضُ الوجوهِ كريمةٌ أحسابُهمْ شمَ الأنوف مِنَ الطرازِ الأولِ)، لكنه بعد إسلامه، انصرف للذود عن الإسلام، وعن نبي الله محمد (ص)،.
فنظم عدة قصائد في مدح الرسول (ص)، كما رثاه بعد وفاته، أما حسان؛ فقد توفاه الله في عهد الخليفة الأموي، معاوية بن أبي سفيان، سنة 54هـ، عن عمر يناهز مائة وخمس عشرة عاماً.
من قصائد حسان بن ثابت في مدح الرسول (ص)
وأحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني وأجملُ منكَ لَمْ تَلِدِ النّساءُ
خُلقتَ مبرئاً مِنْ كـــلِّ عيبٍ كــــــأنكَ قدْ خلـــقتَ كـــما تــشــاءُ
ومنها أيضاً
أَغـــرّ علـــــــــيــــــهِ للــــنـــــبـــــوةِ خــــــــاتمٌ مـِنَ اللهِ مَـــشـــهـــــــودٌ يـــــلـــوحُ ويَشــــــهـــــــــدُ
وضَمَّ الإلهُ اسمَ النبي إلى اسمهِ إذا قالَ في الخمسِ المؤذنِ أَشهدُ
وشَقَ لــهُ مِــنْ اســمهِ ليــــُجلَّهُ فـذو الــــعرشِ محــــــمودٌ وهَـــــذا مــــحـــــمدُ
نَبي أتــانـــا بَــــــعــدَ يـــأسٍ وفـــترةٍ مِنَ الرُّسل والأوثانُ في الأرضِ تُـــعـبــــــــدُ
فأمْسى سِراجًا مُستَنيرًا وهَـــــاديـــاً يَلــــوحُ كمـــــا لاحَ الصَقــــــيلُ المـــهــنـــدُ
وأنـــــذَرَنـــا نـــاراً وبــَشَّـــر جـــــنــــةً وعلــــَّمَــنـــا الإســـــــــلامَ، فـــالله نــــحــــــمــــــــدُ
كما رثا حساب بن ثابت رسول الله قائلا
ما بَالُ عَينِكَ لا تَنَامُ كأنّمَا كُحِلَتْ مآقِيها بكُحْلِ الأرْمَدِ
جزعاً على المهديّ أصبحَ ثاوياً يا خيرَ من وطئَ الحَصى لا تَبعدِ
جنبي يقيكَ التربَ لَهفي لَيتَني غُيّبْتُ قَبْلكَ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ
بأبي وأمّْي مَنْ شَهدتُ وفاتهُ في يومِ الاثنينِ النبيُّ المهتدي
فَظَلِلْتُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُتَبَلِّداً يا لهْفَ نفسي لَيْتَني لم أُولَدِ
أأُقِيمُ بَعدَكَ بالمدينَةِ بَيْنَهُمْ؟ يا لَيْتَني صُبّحْتُ سمَّ الأسْوَدِ
أوْ حلّ أمرُ اللهِ فينا عاجلاً في روحةٍ منْ يومنا أو في غدِ
فتقومُ ساعتُنا، فنلقى طَيباً مَحضَاً ضَرَائِبُهُ كَريمَ المَحْتِدِ
يَا بِكْرَ آمِنَةَ المُبَارَكِ ذِكْرهُ وَلدَتْكَ مُحْصَنةً بِسعْدِ الأسعُدِ
نُوراً أضَاءَ على البَرِيّةِ كلِّها مَنْ يُهْدِ للنّورِ المُبَارَكِ يَهْتَدِ
يا ربّ! فاجْمَعنا فمَاً ونَبِيَّنَا في جَنّةٍ تَثْني عُيُونَ الحُسّدِ
في جَنّةِ الفِرْدَوْسِ واكتُبْها لَنَا يا ذا الجلالِ وذا العُلا والسؤدُدِ
واللَّهِ أسْمَعُ ما بَقِيتُ بهالِكٍ إلا بكيتُ على النبيّ محمدِ
يا ويحَ أنصارِ النبيِّ ورهطهِ بَعْدَ المغَيَّبِ في سَوَاءِ المَلْحَدِ
ضاقتْ بالأنصارِ البلادُ فأصبحتْ سوداً وجوههمُ كلونِ الإثمدِ
وَلَقَدْ وَلَدْنَاهُ، وَفِينَا قَبْرُهُ وفضولُ نعمتهِ بنا لمْ يجحدِ
وَاللَّهُ أكْرَمَنا بِهِ وَهَدَى بِهِ أنْصَارَهُ في كُلّ سَاعَةِ مَشْهَدِ
صَلّى الإلهُ وَمَنْ يَحُفُّ بِعَرْشِهِ والطيبونَ على المباركِ أحمدِ
مفردات:
بقيع الغرقد: منطقة بجوار قبر الرسول (ص) دفن فيها أغلب الصحابة وأمهات المؤمنين.
قصائد البردة في مدح الرسول (ص)
بردة كعبٍ بن زهير
البردة، هي الرداء، أو العباءة، حيث أطلق هذا الاسم أولاً على لامية كعبٍ بن زهير، أما كعب فولد قبل الإسلام، ولما جاء نبي الله محمدٌ (ص)، هجاه كعب، وهجا الإسلام، لكنه فيما بعد، ندم؛ فاسلم.
وعندما وصل إلى رسول الله (ص)، وقد نظمَ قصيدةً فيها الاعتذار، والمديح، فخلع النبي (ص) على كعبٍ بردته، هكذا سميت القصيدة بالبردة النبوية، والقصيدة على ثلاثة أقسام
أولها غزل وشوق (بانتْ سُعادُ فَقلْبي اليَومَ مَتْبولُ مُتيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ)، وثانيها وصف لناقة كعب، التي حملته إلى النبي (ص)، وآخرها مدح محمدٍ (ص)، واعتذار منه، وتوددٌ إليه، وهي من أبرز
شعر المديح النبوي في الأدب العربي، ونورد قسمها الأخير، حيث يقول كعب:
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ إنَّـــك يا ابْنَ أبـــي سُلْــــــــمَى لَمَقْــــتـــــولُ
وقــــالَ كــــلُّ خَلـــيــــلٍ كُـنْـتُ آملـــهُ لا أُلْـــهِيــَنَّــــكَ إنِّـــي عــَنْــكَ مَـشْـغــــــــولُ
فَــــقــــُلْـــتُ خَلُّــوا سَبــيــلِي لاَ أبا لَكُمُ فَكُلُّ ما قَـــدَّرَ الرَّحْمنُ مَــفْعـــــولُ
كُلُّ ابْــنِ أُنْثَى وإنْ طـــالَتْ سَلامَتُهُ يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَــحْــمــــولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُــولَ اللهِ أَوْعَــدَني والعَــفْــوُ عَــنْــدَ رَسُــولِ اللهِ مَـــــــأْمُــولُ
وقَــــدْ أَتَيــْتُ رَسُــولَ اللهِ مُعْتــَذِراً والــعُــذْرُ عِــنْــــدَ رَسُـــولِ اللهِ مَقْـبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيــلُ
لا تَــــأْخُـــذَنِّي بِأَقْـــــوالِ الوُشاة ولَمْ أُذْنِبْ وقَـــدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقـــــاويــــــلُ
لَـــقَــــدْ أقْـــومُ مَقامـــاً لـو يَــقومُ بِــه أرَى وأَسْمَـــعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَـــظَــــــلَّ يِــرْعُـــدُ إلاَّ أنْ يـــــكـــونَ لَـــهُ مــــِنَ الَّرسُــــولِ بِإِذْنِ اللهِ تَـــــنْــويــلُ
حَـــتَّى وَضَـــعْـــتُ يَمــيــني لا أُنازِعُــــهُ في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القـِيـلُ
لَـــــذاكَ أَهْــــــيــــــَبُ عِـــــنْــــدي إذْ أُكَلِّمُهُ وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَـــسْؤولُ
أما أشهر أبياتها، حين يقول
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في فِتْيَةٍ مِنْ قُريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كشفٌ عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ
بردة البوصيري (الكواكبُ الدرية في مدحِ خير البَرَية)
ومن شعر المديح النبوي في الأدب العربي بردة البوصيري، وهي البردة الثانية، كتبها شرف الدين بن محمد البوصيري، المولود في مصر، بداية القرن السابع الهجري، الثالث عشر الميلادي، حيث اشتهِر البوصيري بمديح النبي (ص).
فكانت أشهر مدائحه؛ البردة النبوية، المعروفة أيضاً باسم (الكواكب الدرية في مدح خير البرية)، حيث تقع القصيدة في 167 بيتاً من الشعر، موزعةً على عشرة أجزاء، هي:
- في الغزل وشكوى الغرام، ومنه قوله: (لولا الهَوى لمْ تُرِقْ دمعاً على طللٍ ولا أرِقْتَ لذكرِ البانِ والعَلمِ)
- في التحذير من هوى النفس، ومنه قوله: (فإن أمَّارتي ما اتعظتْ مِنْ جهلها بنذيرِ الشيبِ والهَرمِ)
- في مدح النبي (ص)، ومنه قوله: (فمبلغُ العِلْمِ فيه أنَّه بَشرٌ وأنَّه خيرُ خلقِ اللهِ كلِّهمِ)
- في مولده (ص)، منه قوله: (أبانَ مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ يا طيبَ مفتَتَحٍ منه يا طيبَ مختَتَمِ)
- في معجزات النبي (ص)، فقال البوصيري: (جاءتْ إليهِ الأشجارُ ساجدةً تمشي إليهِ على ساقٍ بلا قَدمِ)
- في شرف القرآن ومدحه، ومنه: (محكماتٍ فما تُبقينَ مِنْ شبهٍ لذي شقاقٍ وما تبغينَ مِنْ حَكَمِ)
- في إسراء النبي ومعراجه: (لما دعا الله داعينا لطاعتهِ بأكرمِ الرُّسلِ كنا أكرمَ الأمَمِ)
- في جهاد النبي (ص)، ومنه: (تَمْضي اللَّيالي ولا يَدرونَ عِدَّتها ما لمْ تكُنْ من ليالي الأشُهرِ الحُرُمِ)
- في التوسل والشفاعة: (إنْ لَمْ يكُنْ في مَعَادي آخذاً بيدي فضلاً، وإلا قُلْ يا زَلَّة القَدمِ)
- في المناجاة وعرض الحاجات، ومنه قوله: (يا نَفسُ لا تَقْنطي مِنْ زَلَّةٍ عَظُمتْ إنَّ الكبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ)
أما أشهر أبيات البردة للبوصيري هي
مُحمَّدٌ سيِّدُ الكونينِ والثقليــنِ والفريقينِ من عُرْبٍ ومِنْ عَجمِ
نبيُّنا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبرَّ في قولِ (لا) مِنهُ ولا نَعَمِ
هو الحَبيبُ الذي تُرجَى شفاعَتُهُ لكلِّ هولٍ مِن الأهوالِ مقتَحمِ
دعا إلى الله فالمُستمسِكونَ بهِ مُستمسِكون بحبلٍ غيرِ منفَصِمِ
فاقَ النبيّينَ في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولمْ يُدانوهُ في علْمٍ ولا كرَمِ
وكلُّهمْ مِن رَسولِ الله مُلتمسٌ غرفاً من البَحرِ أو رَشفاً من الدِّيَمِ
وواقِفونَ لديهِ عندَ حدِّهمِ مِن نقطةِ العِلْمِ أو مِن شكلةِ الحِكَمِ
فهوَ الَذي تَمَ معناهُ وصورَتُهُ ثُمَّ اصطفاهُ حَبيباً بارئُ النَّسّمِ
مُنزَّهٌ عَن شريكٍ في محاسنهِ فجوهَرُ الحُسنِ فيهِ غيرُ مُنقَسْمِ
وانْسُبْ إلى ذَاتِهِ ما شِئتَ مِن شرفٍ وانسبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ من عِظَمِ
فإنَّ فَضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطقٌ بِفَمِ
نهج البردة لأمير الشعراء أحمد بيك شوقي
تأثر أمير الشعراء أحمد شوقي (1868-1932) بقصيدة البردة للبوصيري، فكتب قصيدة على نهجها، اسمها نهج البردة، كما غنتها السيدة أم كلثوم، ولحنها السنباطي، ومن أبياتها:
لَـمّـــــا رَآهُ بَحـيـرى قــالَ نَـعـرِفُـهُ بِمـا حَفِظنــــــــا مِـنَ الأَسمـاءِ وَالسِـيَـمِ
سائِل حِراءَ وَروحَ القُـدسِ هَـل عَلِمـا مَصــــــــونَ سِـرٍّ عَــنِ الإِدراكِ مُنكَـتِـمِ؟
كَـم جيئَـةٍ وَذَهــــــــــابٍ شُـرِّفَـت بِهِـمـا بَطحــــاءُ مَكَّـةَ فـي الإِصبـاحِ والغَسَـمِ
وَوَحشَــــــــةٍ لِاِبـنِ عَبـدِ اللَـهِ بينَهُـمـا أَشهى مِنَ الأُنـسِ بِالأَحسـابِ وَالحَشَـمِ
يُسامِـرُ الوَحـــــــيَ فيهـا قَبـلَ مَهبِـطِـهِ وَمَـن يُبَشِّـر بِسيمـى الخَيــــــــرِ يَتَّـسِـمِ
لمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقـونَ مِـن ظَمَـئ فاضَـت يَـــــــداهُ مِـنَ التَسنيـمِ بِالسَـنَـمِ
وَظَلَّلَـتـهُ فَـصـارَت تَستَـظِـلُّ بِــهِ غَمـامَةٌ جَذَبَتـهـا خـيـرَةُ الـدِيَـمِ
مَحَـبَّـةٌ لِـرَسـولِ الـلَـهِ أُشرِبَهـا قَعائِـدُ الدَيـرِ وَالرُهبـانُ فـي القِـمَــــــمِ
قصائد المديح النبوي المغربي
اهتم المغرب العربي بقصائد المدح النبوي والتي شملت عدة أغراض وموضوعات منها نصوص عن التوسليات والاستشفاعيات والتصليات والمولديات وغيرها، ومن هذه القصائد التالي:
القصيدة الشقراطيسية
هي قصيدة نظمها عبد الله بن يحيى الشقراطيسي لتوزري وعدد أبياتها 133 بيتًا، ومن أبياتها:
الحمد لله منا باعـــث الرســــــــــل هدى بأحمد مــــنَّا أحمد السبــــل
خير البرية من بدو ومن حضـــــــر و أكرم الخلق من حاف و منتـعــل
توراة موسى أتت عنه فصدقــــــها إنجيل عيسى بحق غير مفتعـــــل
أخبار أحبار أهــل الكــتب قد وردت عمَّا رأوا ورووا في الأعصر الأول
ضاءت لمولده الآفاق اتصلــــــــت بُـشرى الهواتف في الإشراق والطفل
وصرح كسرى تداعى من قـواعــــده فانقض منكســـــر الأرجاء ذا مَيَــــل
ونار فارس لم توقد وما خمــــــــدت مُذ ألف عام ونهر القوم لم يســـــــل ِ
خـــرت لبعثته الأوثان وانعثــــــــت ثواقب الشهـــــب ترمي الجنَّ بالشُعل
ومنطــــق الذئب بالتصديق معجـــزة مع الذراع ونطـــق العير والجمـــــل
وفي دعائك بالأشـــجار حيث أتــت تمشي بأمـــرك في أغصـــــانها الذل
القصيدة المنفرجة
هي قصيدة نظمها الشاعر يوسف بن محمد التوزري والمعروف باسم "ابن النحوي" وبلغ عدد أبياتها 48 بيتًا ومن أبياتها:
إِشتدّي أزمةُ تنفرجي قد آذَنَ لَيلُكِ بالبَلَجِ
وظلام الليل له سُرُجٌ حتى يغشاه أبو السُّرُج
وسحاب الخير له مطرٌ فإذا جاء الإبَّانُ تَجِي
وفوائد مولانا جُمَلٌ لسُروج الأنفسِ و المُهَجِ
ولها أَرَجٌ مُحْيٍ أبدا فَاقْصِد مَحْيَا ذَاكَ الأرَجِ
فَلَرُبَّتَمَا فَاضَ المَحْيَا بِبُحورِ المَوْجِ من اللُّجَجِ
قصائد صوفية في مدح الرسول
تميزت القصائد الصوفي في مدح الرسول بالغلو في المدح ومنح الرسول صلى الله عليه وسلم أوصافًا لا يجب أن يتصف بها، ومن هذه القصائد ما قاله الشاعر ابن نباتة المصري:
لولاه ما كان أرضٌ لا ولا أفق ولا زمان ولا خلق ولا جيل
ولا مناسك فيها للهدى شهب ولا ديار بها للوحي تنزيل
وما قاله ابن عربي في مدح الرسول:
إذا اشتد شوقي هام قلبي بذكره وإن رمت قربًا من حبيبي تقرُّبا
فيبدو فأفنى ثم أحيا به له ويسعدني حتى ألذ وأطربا
وما قاله الشاعر محمد البكري في وصف النبي:
قبضة النور من قديم أرتنا في جميع الشؤون قبضًا وبسطا
وهي أصلٌ لكل أصل تبدى بسطت فضلها على الكون بسطا
وهي وتر قد أظهرت عدد الشفع بعلم فجل حصرًا وضبطا
ولدت شكلها فأنتج شكلا بشريًّا أقام للعدل قسطا
وهو عبد قد حررته لديها بيديها وكم أفاد وأعطى
جائزة كتارا لشاعر الرسول (ص)
أعلنت مؤسسة الحي الثقافي-كتارا، الكائنة في دولة قطر، عن فتح باب الترشح أمام الشعراء، لنيل لقب شاعر الرسول، ابتداء من دورتها الأولى، التي بدأ الترشح لها عام 2015.
وانتهت دورتها الأولى عام 2016، ومن بين القصائد الفائزة في المسابقة، كانت قصيدة (النبي) للشاعر العماني الشاب جمال بن عبد الله الملا، نورد بعضاً من أبياتها:
سوادُ عينيكَ، ليلُ العارفينَ سرّوا به فغابوا.. أضاعوا الدَربَ والبلدا
أتوا إلى البِئرِ مشدوهينَ وارتحلوا وأشعَّلوا في الغيابِ القلبَ والكبدا
كلُّ الطرائقِ تفضي في حقيقتها لَهُ وإنْ قد تبدَّت في للورى قددا
وافيتُ بابكَ حيث الأرضُ متعبةٌ أقول شعراً كثيراً فيكَ مُجتهدا
فلستُ كعباً وإنْ بانت سعادُ وإن أبقتني اليومَ متبولاً بها سَهدا
ولا الذي أشرقتْ شعراً كواكبهُ دريةً لم يسعها في الفضاءِ مدى
ختاماً... عاش النبي محمد (ص) حتى أواخر شهر صفر عام 11هـ، الموافق لعام 632ميلادي، فتوفاه الله، بعد أن أدى رسالته للمسلمين، والعالمين.
وقد اعتاد العرب أنْ يكون آخر المديح هو الرثاء، لكن المديح النبوي لم يتوقف بوفاة النبي (ص)، ورثائه، بل استمر في كلِّ عصر، لأن أثره (عليه الصلاة والسلام) لم يتوقف مع وفاته، وغياب جسده عنا.