أجمل أشعار نزار قباني وأجمل كلمات وقصائد الحب
أفضل أشعار نزار قباني وما قاله عن الحب
This browser does not support the video element.
مجرد أن نذكر القصائد الرومانسية وشِعر الحبِّ لا بد أن يكون اسم الشاعر السوري الراحل نزار قباني من أول الأسماء التي ستقفز إلى الذاكرة، حيث استطاع نزار قباني أن يتربع على عرش قصيدة الحب والغزل لعقود طويلة وحتَّى يومنا هذا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كما ساهمت القصائد التي تم تلحينها وغناؤها في تثبيت اسم شاعرنا كشاعرٍ للحبِّ، فقد غنَّى له عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة وماجدة الرومي، كما كانت العلاقة الأبرز بين كلمات نزار قباني والأغنية من خلال ما قدمه كاظم الساهر الذي يعتبر أكثر من لحَّن وغنَّى من كلمات الشاعر نزار قباني.
على الرغم من تنوع مواضيعه الشعرية إلا أنَّه اشتهر كشاعرٍ للحبِّ والغَزَل
نزار قباني هو واحد من ألمع شعراء العصر الحديث، وقد اشتهر بقصائد الغزل والحب على الرغم من التنوع الكبير في موضوعات قصائده، لكن جرأته في تشكيل القصيدة و تناول الغزل والحبِّ جعلت من وصف شاعر الحب أو شاعر الرومانسية وصفاً ملتصقاً باسم نزار قباني.
مقالات ذات علاقة
بدأ نزار قباني حياته الشعرية مع الغزل والحب من خلال ديوان قالت لي السمراء
نشر الشاعر السوري الراحل نزار قباني ديوانه الأول عام 1944 في دمشق، وكان آنذاك طالباً في كلية القانون ولم يتجاوز عامه الحادي والعشرين.
لكن ديوانه "قالت لي السمراء" كان له أثر كبير في نفوس القراء والنقاد والمتابعين، فقد استخدم نزار قباني نمطاً فريداً من الغزل الذي اتهم بالفحش والخلاعة، ومن أبيات هذا الديوان:
سَمراءُ صُبِّي نهدَك الأسمرَ في دنيا فَمِي
نَهداكِ نـَبعا لذَّة حَمراءَ تُشعِلُ لي دَمي
مُتمرّدان على السَّماءِ على القميصِ المُنعَّمِ
صَنمانِ عَاجيَّانِ قدْ مَاجا بِبحرٍ مُضرمِ
صنمان، إنِّي أعبدُ الأصنامَ رغمَ تأثُّمي
وعلى الرغم من اتهام نزار قباني ببعث قصائد الفحش إلَّا أنَّ ديوانه لم يخلو من الغزل العذري كقوله:
أحبُّكِ لا أدري حدودَ محبَّتي، طِباعي أعاصيرٌ وعاطفتي سَيلُ
وأعرِفُ أنيَّ مُتعبٌ يا صَديقَتي، وأعرفُ أنيَّ أهوجٌ؛ أنَّني طِفلُ
أحبُّ بأعصابي، أحبُّ بريشي، أحبُّ بكلِّي، لا اعتدالٌ ولا عقلُ
أنا الحبُّ عندي جِدَّةٌ وتّطرُّفٌ وتكسيرُ أبعادٍ .. ونارٌ لها أُكلُ
وتحطيمُ أسوارِ الثَّواني بلمحةٍ وفتح سماءٍ كلُّها أعينٌ شُهلُ
وتخطيطُ أكوان، وتعميرُ أنجمٍ ورسم زمانٍ ماله... ماله شَكلُ
كذلك رائعة نزار قباني "أنا محرومة":
لا أمُّه لانتْ ولا أمِّي وحبُّه ينامُ في عَظمي
إن خبَّأت أمِّي بصندوقِها شالي؛ فلي شَالٌ مِن الغَيمِ
أو أوصدوا الشّبَّاكَ كَي لا أرَى، فتحتُ شباكاً مِن الوَهمِ
ما أشفقَ النَّاس على حبِّنا وأشفقتْ مساند الكَرمِ
أحبُّ عطرَ الجُرح من أجله فهل تراهم عطـَّروا هَمَّي
أما بذرنا الرَّصد والميجانا هناكَ في جنينَةِ النَّجمِ
قوافل الأقمار مِن رسمِهِ وما تَبقـَّى كلُّهُ رَسمِي
وقبلنا لا شالٌ شالَ، ولا أدركَ خَصرٌ نِعمةَ الضَّمِّ
مِن فضلنا، مِن بعض أفضالِنا أنَّا اخترعنا عالم الحلم.
ساهمت البلبلة التي أثارتها قصائد نزار قباني الغزلية في انتشار شِعره سريعاً
استطاع ديوان نزار قباني الأول أن يحقق شهرة واسعة لصاحبه، حيث تنبأ المعجبون بالديوان بولادة شاعر كبير، كما هاجمه معارضوه بعنف لاعتناقه الغزل الفاحش كمذهب شعري، وفي الحالتين كان ذلك من مصلحة نزار قباني الشاعر الشاب، ويعد هذا الديون من أشهر أشعار نزار قباني.
ثمَّ جاء الديوان الثاني لنزار قباني بعنوان (طفولة نهد) ولم يتغير الوضع كثيراً عن الديوان الأول، ومن قصائد ديوانه الثاني وتحت عنوان حلمة:
تهزهزي وثوري يا خصلةَ الحَريرِ
يا مَبسمَ العصفورِ، يا أرجوحَةَ العَبيرِ
يا حرف نارٍ سابحاً في بركتي عُطورِ
يا كلمةً مهموسةً مكتوبةً بنورِ
سمراءُ بل حمراءُ، بل لونها شعوري
(...)
يا حبَّة الرمانِ جني والعبي ودوري
ومزقي الحريرَ يا حبيبةَ الحريرِ
ومن ذات الديوان قصيدة نزار قباني التي حملت عنوان مصلوبة النهدين:
مصلوبةَ النهدين يا لي مِنهما تركا الردا وتَسلَّقا أضلاعي
لا تحسني بي الظنَّ، أنتِ صغيرةٌ، والليلُ يلهبُ أحمرَ الأطماعِ
رُدَّي مآزركِ التريكةَ واربطي متمرَّداً متبدِّلَ الأوضاعِ
لا تتركي المصلوبَ يخفقُ رأسهُ في الريح فهي كئيبة الإيقاعِ
يا طفلةَ الشفتين لا تتهورَّي طبعُ الزوابع فيه بعضُ طِباعي
ومنه قول القباني أيضاً:
ويقالُ عن سَاقيكِ أنَّهما في العُري مزرعتانِ للفُلِّ
ويقالُ: أشرطةُ الحريرِ هُما ويقالُ : أنبوبانِ من طَلِّ
ويقال: شلالانِ من ذهبٍ في جوربٍ كالصُّبحِ مُبتلِّ
هربَ الرداءُ وراء رُكبتها فنعمتُ في ماءٍ وفي ظلِّ
وركضتُ فوقَ الياسمينِ فمِن حقلٍ ربيعيٍّ إلى حقلِ
تغير الشكل والأسلوب في قصيدة الحبِّ عند نزار قباني
كان نزار قباني فعلياً متمسِّكاً بشكل القصيدة العامودية إلى حد بعيد، وقد درس أصول اللغة العربية وتتلمذ على يد الشاعر السوري خليل مردم بيك الذي كتب كلمات النشيد الوطني السوري، لكن أشعار نزار قباني تمرد فيها فيما بعد على القالب الخليلي للبحور العربية وبدأ بكتابة قصائد التفعيلة.
كما أن طريقة نزار قباني في تناول موضوعات الحب والغزل اختلفت مع تقدمه في السن وازدياد خبرته في الحياة والشِعر، فضلاً عن تعرضه للعديد من المصائب على الصعيد الشخصي وتعرضه لخيبات كبيرة على الصعيد العام.
ويمكن أن نتتبع هذا التغير في قصائد نزار قباني في قصيدة الحبِّ من خلال ديوان قصائد متوحشة عام 1970 على سبيل المثال:
أحبِّيني بلا عُقدٍ وضيعي في خطوطِ يَدي
أحبِّيني لأسبوعٍ، لأيامٍ، لساعاتٍ، فلستُ أنا الذي يَهتمُ بالأبدِ
أنا تشرينُ شهرُ الرِّيحِ والأمطارِ والبردِ
أنا تشرين فانسحِقي كصَاعقةٍ على جَسدي
أحبِّيني بكلِّ توحُّشِ التترِ
بكلِّ حرارةِ الأدغالِ، كلِّ شراسةِ المطرِ
ولا تبقي ولا تذري
ولا تتحضري أبداً، فقد سقطت على شفتيك كلُّ حضارةِ الحَضرِ
أحبِّيني كزلزالٍ، كموتٍ غير منتظرِ
وخلِّي نهدَكِ المعجونَ بالكبريتِ والشَّررِ
يهاجمني كذئبٍ جائعٍ خَطرِ
وينهشني ويضربني، كما الأمطارُ تضربُ سَاحلَ الجَزْرِ..
أنا رجلٌ بلا قدرٍ، فكوني أنتِ لي قَدري
وأبقيني على نَهديكِ مِثل النَّقشِ في الحَجرِ
كذلك يمكن أن نلاحظ هذا التبدل في أسلوب قصائد نزار قباني في قصيدة الحزن من الديوان ذاته، وكان الشاعر آنذاك في أوج علاقته مع زوجته بلقيس الراوي:
علَّمني حبُّكِ كيفَ أهيمُ على وَجهِي ساعات
بَحثاً عَن شَعرٍ غَجريٍ تحسِدهُ كلُّ الغَجريات
بحثاً عن وجهٍ، عن صوتٍ هو كلُّ الأوجهِ والأصوات
أدخلني حبُّكِ سَيدتي مدنَ الأحزانْ
وأنا من قبلكِ لمْ أدخلْ مدنَ الأحزانْ
لم أعرف أبداً أنَّ الدَّمعَ هو الإنسانْ
أنَّ الإنسانَ بلا حُزنٍ ذِكرى إنسانْ
علَّمني حبُّكِ أنْ أتصرَّفَ كالصِبيانْ
أنْ أرسمَ وجهكِ بالطبشورِ على الحِيطانْ
وعلى أشرِعةِ الصَّيادينَ، على الأجراسِ، على الصُّلبانْ
علَّمني حبُّكِ كيف الحُبُّ يغيرُ خارطةَ الأزمانْ
علَّمني أني حين أحبُّ تكفُّ الأرضُ عن الدَّورانْ
علَّمني حبُّكِ أشياءُ ما كانتْ أبداً في الحُسبانْ
فقرأتُ أقاصيصَ الأطفالِ، دخلتُ قصورَ ملوكِ الجَانْ
وحلمتُ بأنْ تتزوَجَني بنتُ السُّلطانْ
تلكَ العيناها أصفى مِن ماءِ الخُلجانْ
تلكَ الشفتاها أشهى من زهر الرمانْ
وحلمتُ بأنِّي أخطفها مثل الفرسانْ
وحلمتُ بأني أهديها أطواقَ اللؤلؤِ والمرجانْ
علَّمني حبُّكِ يا سيدتي، ما الهذيانْ
علَّمني كيف يمرُّ العمرُ ولا تأتي بنتُ السُّلطانْ
نزار قباني والرسم بالكلمات
كما يمكن أن نلاحظ بشكل دقيق تعاظم اللغة العاطفية لدى نزار قباني على حساب لغة الغزل الجسدي في ديوانه الرسم بالكلمات الصادر عام1966، ومنها قصيدة أحلى خبر:
كتبتُ أحبُّكِ فوقَ جدارِ القمرْ
أحبُّكِ جداً، كما لم يحبَّكِ يوماً بَشرْ
ألم تقرئيها بخطِّ يَدي فوقَ سُورِ القمرْ
وفوقَ كراسي الحَديقةِ، فوقَ جُذوعِ الشَّجرْ
وفوقَ السَّنابلِ فوقَ الجَداولِ فوقَ الثَّمرْ
وفوقَ الكواكِبِ تَمسحُ عنَها غُبارَ السَّفرْ
حفرتُ أحبُّكِ فوقَ عقيقِ السَّحرْ
حفرتُ حدودَ السَّماءِ، حفرتُ الحَجرْ
ألم تقرئيها؟!
على أوراقِ الزهرْ، على الجسرِ والنَّهرِ والمنحَدرْ
على صَدفاتِ البِحارِ على قَطراتِ المطرْ
ألم تلمحيها؟!
على كلِّ غُصنٍ وكلِّ حصاةٍ وكلِّ حجرْ
كتبتُ على دَفترِ الشَّمسِ أحلى خبرْ
أحبُّكِ جداً، فليتك كنتِ قرأتِ الخبرْ
لكن نزار قباني لم يتخل عن أمجاده النسوية على الرغم من هذا التغيير في أسلوبه الغزلي، فظلت البطولات الجنسية حاضرة في قصائده ومنها قصيدة الرسم بالكلمات والتي تعتبر من أحلى قصائد نزار قباني:
لا تطلبي مِني حِسابَ حَياتِي، إنَّ الحديثَ يَطولُ مَولاتِي
كلُّ العصورِ أنا بِها فكأنَّما عمري ملايينٌ مِنَ السَّنواتِ
تعبتْ مِن السَّفرِ الطَّويلِ حَقائبي، وتعبتُ مِن خيلي ومِن غزواتي
لمْ يبقَ نَهدٌ أَبيضٌ أو أَسودٌ إلَّا زرعتُ بأرضِهِ راياتي
لمْ تبقَ زاويةٌ بجسمِ جميلةٍ إلَّا ومرَّتْ فوقها عرباتي
فصَّلتُ مِن جِلدِ النِّساءِ عَباءةً، وبنيتُ أهراماً مِن الحَلماتِ
وكتبتُ شعراً لا يشابه سِحرهُ إلَّا كلامَ اللهِ في التوراةِ.
ويلخص نزار قباني تجربته في مديح النساء من خلال قصيدته خمسون عاماً في مديح النساء:
ومِن عَادتي أنْ أكونَ سَفيراً لكلِّ النِّساء وشَاعِرَ كلِّ الفصولْ
وأكتبُ فيهنَّ شِعراً ونَثراً فتكبرُ أحداقُهنَّ قَليلاً، وتصغرُ أعمارُهنَّ قَليلاً .
وترقص أثداؤهن ابتهاجاً كزهرِ الحُقولْ
أقولُ كلاماً كثيراً، أقولُ كلاماً خطيراً
فإياكِ أن تقبضي ما أقولْ
فإني -بحكمِ اعترافِي - أحوِّلُ أيَّة أنثى غزالاً
وأصنعُ مِن كلِّ نهدٍ هِلالاً
وأخلق من أي دبوسِ شَعرٍ جمالاً
فلا تشربي مِن نبيذِ حروفي
فبعضُ القصائدِ يُسكِرُ مثلَ الكحولْ
ومن عادتي أنْ أحرِّضَ ذاكرةَ السَّيداتِ، وأقرعَ مِن أجلهنَّ الطُّبول
فينسينَ أسماءهن، ويقتلن آباءهن، ويكسرن أقفاصهن ..
ويهربن مِن لعنةِ المدنِ المالحةِ إلى مدنِ الماءِ واليَاسمين.
طوق الياسمين كنموذج عن قصص الحبِّ في شعر نزار قباني
هناك الكثير من شعر نزار قباني عن الحب الذي اعتمد فيه على بناء قصة درامية ذات حبكة متقنة، وقد صور من خلالها مشاهد قصيرة أو قصصاً متكاملة، وربما يكون خير مثال على هذا النمط من قصائد الحبِّ في شعر نزار قباني قصيدة طوق الياسمين:
شكراً لطوقِ الياسمينْ
وضحكتْ لي، وظننتُ أنَّكِ تَعرفينْ معنَى سِوارِ اليَاسمينْ
يأتي به رجل إليك، ظننتُ أنَّكِ تدركينْ
وجلستِ في ركنٍ ركينْ
تتسرحينْ، وتنقطينَ العِطرَ مِن قارورةٍ وتُدمدمينْ
لحناً فرنسي الرنين، لحناً كأيامي حزين
قدماكِ في الخفِّ المقصَّبِ جدولانِ مِن الحَنينْ
وقصدتِ دولابَ الملابِسِ تقلعينَ وترتدينْ
وطلبتِ أنْ أختارَ مَاذا تَلبسينْ
أفلي إذن؟ أفلي أنا تتجملينْ؟
ووقفتُ في دوامةِ الألوانِ ملتهبَ الجَبينْ
الأسودُ المكشوفُ مِن كتفيهِ، هل تترددينْ؟
لكنه لون حزين، لون كأيامي حزينْ
ولبسته وربطِّتِ طوقَ اليَاسمينْ
وظننتُ أنَّكِ تعرفينَ معنى سوار الياسمينْ
يأتي بهِ رجلٌ إليكِ، ظننتُ أنَّك تدركينْ
وفي الجزء الثاني من القصيدة يصوِّر نزار قباني الخيبة في هذه العلاقة التي بناها على قبول محبوبته لطوق الياسمين ويعتبر هذا الجزء من أجمل شعر نزار قباني عن الحب:
هذا المساءْ، في حانةٍ صُغرى رأيتكِ ترقصينْ
تتكسَّرينَ على زنودِ المعجبينْ
تتكسَّرينَ وتدمدمينْ، في أذنِ فارسكِ الأمينْ
لحناً فرنسي الرنينْ، لحناً كأيامي حزينْ
وبدأتُ أكتشفُ اليقينْ، وعرفتُ أنَّكِ للسِوى تتجملينْ
وله ترشين العطورَ، وتقلعينَ وترتدينْ
ولمحتُ طوقَ الياسمين في الأرضِ مكتومَ الأنينْ
كالجثَّةِ البيضاءِ تدفعهُ جموعُ الرَّاقصينْ
ويهمٌّ فارسكِ الجميلِ بأخذهِ فتمانعينْ، وتقهقهينْ
" لا شيء يستدعي انحاْكَ، ذاكَ طوقُ الياسمينْ."
من أشهر قصائد الحب لنزار قباني هي القصائد الديكتاتورية
على الرغم من الرومانسية التي اشتهر بها نزار قباني خاصة من خلال انتشار قصائده المغنَّاة التي قام بتلحينها وغنائها كبار الملحنين والمغنيين، إلَّا أن للقباني قصائد كثيرة أقل ما يقال عنها أنَّها ديكتاتورية في الحبِّ، ومنها على سبيل المثال قصيدة حب 1994 من ديوان خمسون عاماً في مديح النساء الصادر عام 1994:
عندما صممتُ أنْ أجعلكِ حبيبتي لم أكن ديموقراطياً كما أدَّعي
ولا حضارياً كما أدَّعي، ولا مُثقَّفاً كما أدَّعي
وإنَّما كُنتُ رَجلاً يحملُ فوقَ جِلدهِ وشمَ القَبائلِ الإفريقية
وميراثَ ألفِ عام مِن البداوة.
إنني لا أؤمن بالحبِّ عن طريق البرلمانات ومجالس الشورى
والاستفتاءات الشعبية.
ولا يمكنني أن أحبَّ امرأةً بالمراسلة، أو بالطرق البيروقراطية .
فأنا الذي أقررُ مَن تَكونُ حبيبتي، وأنا الذي أرسمُ تقاطيعَها كَما أريد
وأُطيلُ شَعرها كَما أريد، وأدوزن خَصرهَا كَما أريد
وأُهندسُ نهدَها بالحجمِ الذي أريد
كذلك تنعكس أقصى درجات ديكتاتورية نزار قباني في قصيدة القرار:
إنيّ عَشقتكِ واتخذتُ قَرارِي
فلمَن أقدمُ يا تُرى أعذارِي
لا سلطةً في الحبِّ تَعلو سُلطتِي؛ فالرأيُ رأيي والخَيارُ خَيارِي
هَذي أحَاسيسِي؛ فلا تَتدخَلي أرجوكِ بينَ البَحرِ والبحَّارِ
ظلي على أرضِ الحيادِ فإنَّني سأزيدُ إصراراً على إصرارِ
ماذا أخافُ؟ أنا الشَّرائعُ كلُّها، وأنا المحيطُ وأنتِ مِن أنهارِي
وأنا النِّساءُ جعلتُهنَّ خَواتماً بأصابعي، وكَواكِباً بِمَدارِي
خليكِ صَامتةً ولا تتكلَّمي؛ فأنا أديرُ معَ النِّساءِ حِوارِي
وأنا الذي أُعطِي مَراسيمَ الهَوى للواقفاتِ أمَامَ بَابِ مزارِي
وأنا أرتِبُ دَولتِي وخَرائطِي وأنا الذي أختارُ لونَ بِحارِي
وأنا أقررُ مَن سيدخُلُ جنَّتِي، وأنا أقررُ مَن سيدخلُ نَارِي
أنا في الهَوى مُتحكِّمٌ، متسلِّطٌ في كلِّ عشقٍ نكهةُ استعمارِ
فاستسْلِمي لإرادَتِي ومَشيئتِي واستقبلي بطفولةٍ أمطارِي.
قصائد أخرى في الحب والرومانسية لنزار قباني
إذا كنت تبحث عن قصيدة اعتراف بالحب نزار قباني فإليك أجمل ما كتب في الحب والرومانسية..
أريدُ أنْ أكتبَ لكِ كلاماً لا يُشبِهُ الكَلامْ
وأخترعَ لغةً لكِ وَحدكِ أفصِّلها على مَقاييسِ جَسدِكِ ومسَاحةِ حبِّي
أريدُ أنْ أسَافرَ مِن أوراقِ القَاموسِ وأطلبَ إجازةً مِن فمي
فلقدْ تَعبتُ مِن استدارةِ فَمي
أريدُ فماً آخر... يستطيعُ أنْ يَتحوَّلَ متى أرَاد
إلى شجرة كَرَزٍ، أو عُلبةِ كبريت
أريد فماً جديداً تخرج منه الكلماتْ
كما تَخرجُ الحُوريَّاتُ من زَبَدِ البَحرِ
وكما تخرج الصِيصَانُ البيضاءُ من قبَّعةِ السَّاحر
خذُوا جَميعَ الكُتبِ التي قَرأتُها في طُفولَتي
خذُوا جَميعَ كَراريسي المدرَسيَّة
خذُوا الطَّباشِيرَ والأقلامَ والألواحَ السوداء
وعلَّمونِي كَلمةً جديدةً أعلِّقها كالحَلَقْ في أُذُن حبيبتي
اعترافات نزار قباني بصفة رجلٍ نرجسيّ
وبعدَ ثلاثينَ عاماً تأكَّدتُ أنيّ أحبُّكِ... بعدَ ثلاثينَ عَامْ
وأنَّكِ امرأتي دونَ كلِّ النِّساء
وأيقنتُ أنَّ جميعَ الذي كانَ قَبلكِ، كانَ سَراباً
وكانَ دخاناً وكانَ احتلامْ
وبعدَ ثلاثين عاماً عرفتُ غَبائِي الشَّديد، وسُخفيّ الشَّديد
وأيقنتُ أنَّكِ شَمسُ الشُّموسِ وبرُّ السَّلامْ
وأنيّ بدونِكِ طِفلٌ أضاعَ حَقيبَتهُ في الزِحامْ
وأنَّكِ أمِّي التي ولدتنِي، ومِنها تعلمتُ كيفَ أمشطُ شَعري
وكيفَ أذاكرُ ليلاً دروسِي، وكيفَ أهجِّي الكلامْ
وبعد ثلاثين عاماً... طلبتُ اللجوءَ السِّياسيَّ للحبِّ
حينَ اكتشفتُ بأنيّ تعبتُ، وأنيّ انهـزمتُ
وأنَّ إناءَ غروري انكَسرْ
حجزتُ مكاناً لحُزنيَّ بكلِّ مطارٍ
وألغيتُ بعدَ قليلٍ حجوزَ السَّفرْ
فلا قَبلتْنِي بلادُ الجَفافِ، ولا قَبلتْنِي بلادُ المَطرْ.
ومن ديوانه "الحبُّ لا يقفُ على الضوءِ الأحمر" وصل نزار قباني إلى أقصى حدود مقدرته في الحب؛ فيقول:
لمْ يَعُدْ بِوسعِي أنْ أحبَّكِ أكثَرْ
وأتوحَّدَ بكِ أكثَرْ
صارَت شَفتايَ لا تَكفيانِ لتَغطيَّةِ شَفتيِّكِ
وذراعايَ لا تَكفيانِ لتَطويقِ خَصرِكِ
وصارتْ الكلماتُ التي أعرِفُها أقلّ بكثيرٍ من عدد الشَّاماتِ التي تطرِّزُ جَسدَكِ.
....
لمْ يعدْ بوسعي أنْ أتغلغَلَ في أدغالِ شَعرِكِ أكثرْ
فمنذُ أعوامٍ وهم يعلنونَ في الجَرائدِ أنَّني مَفقود
ولا زلت مفقوداً حتى إشعارٍ آخر
....
لم يعد بوسِعِ اللغةِ أنْ تقولَكِ، صارتْ الكلماتُ كالخيولِ الخَشبيَّة
تركضُ وراءكِ ليلاً ونهاراً ولا تطالُكِ
أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء
حبُّكِ إشكاليةٌ كبرى
إشكالية جسدية، وإشكالية لغوية، وإشكالية ثقافية .
فذراعي قصيرةْ، وأغصانُكِ مثقلةٌ بالفاكِهَةْ
وأجنحتي مكسورةْ، وسماواتُكِ مَدرُوزةٌ بالعصافِير
ومفرداتي محدودة، وجسدك أكاديمية ملكية
تختزن الشِعرَ وتبتكِرُ اللغاتْ
معكِ لا توجدُ أنصافُ حلول، ولا أنصافُ مواقِف، ولا أنصافُ أحاسِيس.
كلُّ شيءٍ معكِ يكونُ زِلزالاً أو لا يكون
وكلُّ يومٍ معكِ يكونُ انقلاباً أو لا يكون
وكلُّ قُبلةٍ على فَمِكِ تكون جهنماً أو لا تكون
وفي قصيدة "معجبة" تقول المعجبة بنزار قباني:
تقُولُ: أغانِيكَ عِندي تَعيشُ بصدرِي كَعِقدي
وشِعرُكَ هذا الطَّليقُ الأنيِقَ لصيقٌ بِكَبْدِي
فمِنهُ أكحَّلُ عَينْي ومِنهُ أعطِّرُ نَهدي
فبيتٌ بلونِ عُيوني، وبيتٌ بحُمرةِ خَدَّي
يدثِّرُني حِينَ يَقسو الشِّتاءُ، فيذهَبُ بَردِي
"أجمل نصوص نزار قباني"
أنتِ النَّصُ الأجملُ بينَ نصوصِي
أنتِ الجَسدُ الرَّاوي شِعراً، أنتِ الجَسدُ الصَّائغُ أدبا .
أنتِ قوامٌ تاريخي يروي قصصاً، يَعزفُ ناياً، يكتبُ كُتُبا.
ماذا سَوفَ أضيفُ إلى أمجادِكِ يا سَيدتِي؟
أنتِ امرأةٌ تُقلِقُ عَصراً، تُقلِقُ لغةً، تُشعِلُ في الكَلماتِ اللهَبا .
تُطلِع شَمساً مِن عَينيها، تُطلِع قَمحاً مِن إبطيها، تُطلِع من سُرَتِها ذهبا.
أنتِ امرأةٌ ليسَتْ تُنسى .
أنتِ الفَرحُ الآتي مِن أشياءِ الأنثَى
أنتِ القَمرُ الطَّالعُ مِن أعماقِ حَقيبَتِها
أنتِ الحَجَلُ النَّائمُ في طيَّاتِ ضَفيرَتِها
أنتِ السَّمَكُ الرَّاقِصُ فَوقَ مِياهِ أصابِعِها
أنتِ الأصلُ وكلُّ ذكورِ العَالمِ ليسوا فوقَ قَميصِكِ إلَّا زَغَبَا !! .
ختاماً.... لم تكن قصائد نزار قباني من النوع الذي يمرُّ دون أن يثير زوبعة من الانتقادات والمواقف المتباينة، وما تزال لعنَّة نزار قباني تصيب معظم الشعراء المبتدئين عند محاولتهم كتابة قصيدة الحبِّ.
فقد أسس القباني منهجاً مغريَّاً بالتقليد والمحاكاة، لكن أغلب المتابعين للشِعر يرون أنَّ نزار قباني لن يتكرر ليس لأنَّه شاعرٌ متميز وحسب بل لأنَّ قصيدته كانت ابنة زمانها ومكانها، ولهذا الزمان حاجات مختلفة ومتطلبات شعرية مختلفة.