أبيات وقصائد عن ثورة 25 يناير المصرية
This browser does not support the video element.
في كلِّ ثورات العالم كان الشِعر يسير خطوة بخطوة مع نضال الشعوب، والشِعر إذا أردنا إنصافه لطالما دقَّ نواقيس الخطر قبل أنْ يفترش المتظاهرون الطرقات والساحات وقد أعلنوها ثورةً.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ونحن هنا لسنا في صدد تقييم ثورة الخامس والعشرين من يناير المصرية أو الحديث عن إنجازاتها.
وإنَّما سنحاول أن نتتبع الأصوات التي أعلنت اقتراب الثورة قبل بدايتها، إضافة إلى الأبيات والقصائد التي رافقت الثوار في مشوارهم واستمرت بعد انتهاء الثورة. والقصائد الشعرية حول حب مصر والثورة.
الشعر المصري في مواجهة السلطة
كما نعلم جميعاً فقد استقطبت مصر مع بدايات القرن العشرين كلَّ رموز النهضة الفنية والأدبية العربية ومن كل الأقطار، ليبدأ العالم العربي عصراً جديداً مع الموسيقا والفن والأدب عرَّابوه من المصريين والعرب المقيمين في مصر.
وقد شهدت هذه النهضة تحولات كبيرة نتيجة الظروف السياسية المتغيرة.
حيث كانت القصور الملكية ترعى بشكل مباشر الشعراء والفنانين مثل أمير الشعراء أحمد شوقي وكوكب الشرق أم كلثوم وغيرهم، وفي الفترة الملكية كانت الصرخات تعلو في مقاومة الإنجليز من خلال الأغنية والقصيدة.
ثم بدأت النهضة الفنية تتخذ طابعاً مختلفاً مع وصول الضباط الأحرار إلى حكم مصر عام 1952 ووصول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى سدَّة الرئاسة عام 1954.
حيث كان الشعر مكرساً نسبياً لخدمة القيادة التي التفَّت حولها الجماهير، فكان رائد الشعر المصري آنذاك الشاعر الراحل صلاح جاهين.
لكن تحولاً كبيراً شهدته القصيدة المصرية العامية والفصيحة بعد نكسة عام 1967، وبرز في هذه المرحلة اسم أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام كأبرز المهاجمين لسياسات عبد الناصر بالكلمة واللحن.
كذلك كان عصر الرئيس الراحل أنور السادات ملهماً للكثير من الشعراء لما حمله من انقسامات حول السياسات الداخلية والخارجية لنظام السادات.
شعر الثورة قبل 25 يناير
بعد وصول الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك إلى كرسي الرئاسة مرَّت فترة من الاستقرار النسبي، أو ما يمكن تسميته بالهدوء الحذر والترقب.
لكن ذلك لم يدم طويلاً حيث بدأت الهموم المعيشية والهواجس السياسية تطفوا على وجه الحياة العامة بكلِّ أشكالها.
فكانت استجابة الشعر سريعة لذلك، ويمكن القول أن الشعراء المصريين دقوا ناقوس الخطر قبل الثورة، ومنهم الشاعر أحمد فؤاد نجم والشاعر هشام الجخ.
أحمد فؤاد نجم يثور باكراً
عرف المصريون قصائد أحمد فؤاد نجم خاصة التي غنَّاها الشيخ إمام عيسى كنمط مميز من أنماط النضال بالكلمة واللحن طيلة فترة حياتهما.
لكن قصيدة (كأنك مفيش) التي كتبها أحمد فؤاد نجم قبل الثورة بفترة وجيزة، كانت ثورةً على الرئيس الأسبق حسني مبارك بشكلٍ مباشر ومطالبة بإنهاء حقبة من الظلم والفساد:
يا فرحة قلوبنا رئيسنا ظريف .. فُكهي .. ابن نكتة ودمه خفيف
فـي عهدك سيادتك فَرَشنا الرصيف، وآخر مُنانا الغُموس والرغيف
وكل أمَّا تُخنُق ندوَّر .. مفيش !!
مسيِّب علينا عصابة حبايبك
فضايح وسرقة ونهب بسبايبك
ما بين حزب نجلك وهانم جلالتك
وجيش الغوازي اللَّي داير يجاملك
ونملك وقملك وحرسك وأمنك
شبعنا مهانه .. شبعنا لطيش!
وأنت .. مفيش!!.
الثورة على التوريث في قصيدة عم أحمد
بحق اللي بينّا يا ريِّس وبـينك... وحَق اليَمِين والكتاب في يمينك
بحق الشهيد اللي رافع جبينك
وجيش انتصارك في يوم العبور... وجيل حُر طالع وعدته بدور
لملم عيالك .. وجمَّع فِ مالك واسحب "جمالك" وسيبنا وغور
هشام الجخ وقصيدة جحا
لم نتمكن من تتبع التاريخ الدقيق لكتابة قصيدة جحا للشاعر هشام الجخ، لكن من المؤكد أنَّها كتبت قبل اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث يوجد لها تسجيلات مصورة نُشرت قبل الثورة.
وهذه القصيدة تعتبر من أشد الصرخات التي أطلقها الشعراء المصريون تأثيراً، ونذكر منها:
لا شُفت فيكي هَنَا ولا شُفت فيكي ترَفْ
كلّ اللي فيكي قرَفْ
كرامتنا متْهانَة واللّقمة بإهانَة
بتخلفينا ليه.. لمّا انتي كارهانَا؟
يعني إيه تبقي إنتي هِبَة النيل يا (بوبَه) وكلّ يوم الميّة تقطَعْ؟!
يعني إيه لما أشتكي غلوّ الفاتورة.. يقولوا: تشكي.. بسّ تدفَعْ!
لمّا قشّ الرُّزّ ثروة بتتحرِقْ وأمّا نفْط الأمة ثروة بتتسرِقْ
وأمّا جلّادِك على ولادِك بيبطُشْ، وأما علمِك ما يلاقيش يآكل.. فيطفشْ
يعني إيه نرفع إيدينا بالسّلام لأجْل الغُزاة؟
ويعني إيه لما أبقى ماشي فحالي.. وأتشدّ اشتباه؟
يعني إيه لما اتحبِسْ أربع سنين حبس احتياطي؟
حبس اعتباطي!
يعنى إيه مش حاسّة بالعُمر وغلاوْتُه؟
بتصُبّى مُرّ العُمر ليه؟ ده أنا كنت حَ اوهِب لك حلاوتُه!.
قصائد رددها المتظاهرون في ميدان التحرير
كما ذكرنا فإن القصيدة المصرية لم تستيقظ فجأة على أمر جديد، إنَّما كانت مواكبة لانتفاضة الشارع منذ إشاراتها الأولى.
كما أنَّ الثورة المصرية التي بدأت رسمياً في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 2011 كانت فعلياً قد بدأت قبل ذلك بسنوات من خلال سلسلة كبيرة من الاحتجاجات المتعلقة بحوادث معينة.
ومع بداية الثورة استعاد المتظاهرون ذكرياتهم مع الأغاني والقصائد القديمة من أعمال سيد درويش والشيخ إمام وغيرهم، كما ظهرت قصائد جديدة احتفت بالثورة قرأها المتظاهرون في الميدان.
الشاعر فاروق جويدة
كان الشاعر المصري فاروق جويدة واحداً من أكثر الشعراء المصريين صراخاً قبل اندلاع الثورة، وهو القائل:
(يا سيدي الفرعون قل لي، كيف أدمنتَ الفساد؟ وبأي حق قد ورثت الحكم في هذي البلاد؟).
أمَّا عن الثورة فقد قدم قصيدة لشهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير بالعربية الفصحى:
لا تسألي القنـاصَ عن عيني.. ولا قلـبي.. ولا الوجه النحيلْ
ولتنظري في الأفق إنَّ النهر يبكي والخيولُ السمر عاندها الصهيلْ
لا تسأليني عن شبابٍ ضاع منـي
واسألي القنـاص كيف شدوت أغنية الرحيلْ
إني تعلمتُ الحنان علي يديكِ
وعشتُ أحمل وردة بيضاء كالعمر الجميلْ
الشاعر عبد الرحمن الأبنودي
يعتبر الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الأبنودي من أشهر شعراء العامية المصرية، وقد قدم قصيدته هذه احتفاءً بشباب الثورة ودخول البلاد في عهد جديد بعد سنين مظلمة من وجهة نظره:
صباح حقيقي ودرس جديد أوى في الرفض
أتاري للشمس صوت وأتاري للأرض نبض
تاني معاكم رجعنا نحب كلمة مصر
تاني معاكم رجعنا نحب ضحكة بعض
مين كان يقول ابننا يطلع من النفق
دي صرخة ولا غنى وده دم ولا شفق
أتاريها حاجة بسيطة الثورة يا أخوانا
مين اللي شافها كده مين أول اللي بدأ
مش دول شاببنا اللي قالوا كرهوا أوطانهم
ولبسنا توب الحداد وبعدنا أوي عنهم
هما اللي قاموا النهارده يشعلوا الثورة
ويصنفوا الخلق مين عانهم ومين خانهم
مشهد رأسي من ميدان التحرير
كُتبت هذه القصيدة بالتزامن مع أحداث الثورة المصرية ومشاركة الشاعر هشام الجخ في برنامج (أمير الشعراء)، وقد قدمها ضمن المسابقة بعد أن عاد من مصر إلى مقر تصوير البرنامج في الإمارات العربية المتحدة:
خبِّـئْ قصائدَكَ القديمةَ كلَّها واكتبْ لمصرَ اليومَ شِعراً مِثلها
لا صمتَ بعدَ اليومِ يفرِضُ خوفهُ فاكتبْ سلامًا نيلَ مصرَ وأهلَهَا
عيناكِ أجملُ طفلتينِ تقرّرانِ بأنَّ هذا الخوفَ ماضٍ وانتهَى
ويداكِ فدانانِ عشقٍ طارحٍ ما زال وجهُكِ في سَماهُ مُؤَلَّهَا
كانتْ تداعبُنـا الشـوارعُ بالبرودةِ والصَّقيعِ ولم نفسَّرْ وقتَـهَا
كنّا ندفِّـئُ بعضَنا في بعضِنا ونراكِ تبتسـمين ننسى بَرْدَهَـا
وإذا غضِبنَا كشَّفتْ عن وجهِـها وحياؤُنا يأبى يدنِّـسُ وجهَـهَا
لا تتركيهِمْ يُخبروكِ بأنني متمردٌ خانَ الأمانةَ أو سَهَا
إنّي أعيذُكِ أن تكوني كالتي نقَضَتْ على عَجَلٍ وجهلٍ غَزْلَهَا
لا تتْبعي زمنَ الرُّوَيْبضـةِ الذي فقدتْ على يدِهِ الحقائقُ شكلَهَا
لا تتركيهِم يخبروكِ بأنني أصبــحتُ شيئاً تافهاً ومُوَجَّها
فأنا ابنُ بطنِكِ وابنُ بطنِكِ مَنْ أَرادَ ومَنْ أقالَ ومَن أقرَّ ومن نَهَى
صمتَتْ فلولُ الخائفينَ بِجُبْنِهِم وجُمُوعُ مَنْ عَشِقُوكِ قالتْ قَوْلَهَا
محمد حلمي مصطفى
يعبر الشاعر من خلال قصيدته هذه عن حالة الانقسام الشعبي التي بدأت مع الثورة واستمرت معها، فيقول:
25 يناير.. .الشعب معاها حاير !
فيه ناس حسباها ثورة... ويا محلا كل ثاير !
وناس فاكراها نكبة، زادت فيها الخساير !
وناس واخداها كوبري.. لأجل تعلِّي ف عماير !
وناس خلِّيتها حجة.. لموت بعض الضماير !
وع العموم يا شعب.. مالكش إلا رب..
عالم بكل قلب على أي درب ساير !!
25 يناير
لم يساهم سيد حجاب في الثورة بالشعر فقط
كان سيد حجاب من المثقفين الذين احتفوا بالثورة باكراً، وقد دافع عنها وكتب لها وشارك فيها، لكن تغنيه بالثورة لم يقتصر على كتابة الشعر وحسب.
بل كان له الفضل بذكر ثورة الخامس والعشرين من يناير صراحة في الدستور المصري الذي تمت كتابته عام 2014، حيث كان واحداً من لجنة الخمسين وكان معنياً بكتابة ديباجة الدستور:
"وثورة 25 يناير - 30 يونيو، فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق.
وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة، وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية وبمباركة الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لها.
وهي أيضاً فريدة بسلميتها وبطموحها أن تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معاً، هذه الثورة إشارة وبشارة، إشارة إلى ماض مازال حاضراً، وبشارة بمستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها".
نذكر من قصائد سيد حجاب عن الثورة:
آن الأوان بقى نبقى أحرار بجدّ
وناس ولاد ناس بجدّ
وأولاد بلد جمالها مالهش حدّ
وجميلها على كل حدّ وولاد حلال لأغلى والد وجَدّ
خلاص بقى.. خلصنا م اللي استبدّ
ونظرنا بقى أقوى وأشد وأحَدّ
شفنا بعين الحلم والعلم الزمان اللي جَدّ
وآن الأوان بقى نبقى أحرار بجدّ
القصيدة التي كتبها مصطفى حلمي وسجلها الممثل خالد صالح
قام الممثل المصري الرحل خالد صالح بتصوير هذه القصيدة وإلقائها بصوته بمناسبة الذكرة الثانية لثورة 25 يناير، والقصيدة من ديوان الشاعر مصطفى حلمي بعنوان (بتوع الثورة عايزين):
بتوع الثورة عايزين ايه وليه لسه ماخلصتشي
صبرنا كتير وتعبنا كتير ولسه الناس مامشيتشي
شوارع سد .. ميدان مقفول وزادت زحمة علي زحمة
لا حطت زيت في طبق الفول ... ولا رخصت كيلو اللحمة
ولسه كلنا بنشقى ولسه كلنا غلابة
ما نابنا منها غير الغاز وصورة جنب دبابة....
هو احنا ليه مابنشوفش أبداً نصها المليان؟!!
هو انت كنت تتصور السجن للسجان؟!
مفيش مسئول ولا وزير حَ يفلت تاني
بعد الكذب ولو رأيك مخالف قول ده
حتي الكنبة بقي ليها حزب
ما عدش الظلم يخرسنا معدش الخوف يغمينا
مفيش عيل حَ يورثنا يبيع ويشتري فينا
معدش المصري بيطاطي خلاص صوته بقى مسموع
ولو حاكم طلع واطي حَ يصبح عندنا مخلوع
ولو كنا قبلنا زمان نعيش وضهورنا محنية
أنا الثورة جابتلي ميدان يا اموت يا اعيش بحرية!.
ختاماً... ما يزال دفتر الثورة ناضحاً بالقصائد والأبيات، كما أنَّ هناك المزيد من الفنون التي تحتاج لفترات أطول كي تنضج وتعبر عن نفسها مثل الرواية والمسرح وحتَّى السينما.
فليس من الجديد القول أنَّ الشعب المصري والعربي على موعد مع منتجات ثقافية غزيرة ستتحدث عن الثورة المصرية بفصولها المختلفة.