سبب انتشار اللهجة المصرية في الوطن العربي
تعد اللهجة المصرية من أكثر اللهجات العربية انتشاراً في الوطن العربي، وفي هذا الموضوع، سنحاول أن نفسر سبب انتشار العامية المصرية أكثر من غيرها في اللهجات العربية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
اللهجة المصرية الأكثر انتشاراً في الوطن العربي
بغض النظر عن عدد الناطقين بها، تعد اللهجة المصرية من أكثر اللهجات العربية انتشاراً وأسهلها فهماً، بالنسبة للناطقين بلهجات عربية أخرى.
فمصر كانت وما تزال تتصدر صناعة السينما العربية والدراما التلفزيونية، وإن شهدت السنوات الأخيرة صعود نجم الدراما التلفزيونية السورية والتركية المدبلجة باللهجة السورية.
لكن ما تزال الدراما المصرية تحتل جزءاً كبيراً من سوق الدراما العربية، كما تعتبر الأغنية المصرية من أهم عوامل انتشار اللهجة.
حيث شكَّلت الأغنية المصرية النهضة الموسيقية العربية في القرن العشرين، وما تزال اللهجة المصرية في طليعة اللهجات التي تستخدم في القصيدة الغنائية.
هذا الانتشار الذي جعل من اللهجة مفهومة بشكل كبير بالنسبة للعرب، حتى قيل أن المصرية "أكبر من أن تكون لهجة وأصغر من أن تكون لغة".
تطور اللهجة المصرية
منذ آلاف السنين، استخدم سكان مصر لغتهم الخاصة، وكانت في البداية لغة غير مكتوبة، حتى تم تدوينها عبر النقوش الهيروغليفية المشهورة، ثم تطورت هذه اللغة لتصبح أكثر تحرراً في الديموطيقية، وكانت لها أشكال معروفة بين علماء المصريات.
ومع انتشار الثقافة اليونانية في عهد البطالمة، وانتشار الديانة المسيحية في العصر الروماني، بدأت الكتابات الهيروغليفية تتراجع بسبب صعوبة رسمها، وأصبح التوجه السائد حينها تحويل تلك الرموز إلى أبجديات، مثل اليونانية والفينيقية واللاتينية، وبالتالي تأثرت اللغة المصرية بإضافة بعض الحروف اليونانية والرموز الخاصة، كمكمل للكلمات والمفردات والنحو وتصريف الأفعال.
وبعد دخول العرب، استمر أهل مصر الأصليين في استخدام اللغة القبطية بينهم لأكثر من 3 قرون، حتى بداية العصر الفاطمي. وفي العصر الأموي، قرر الخليفة عبد الملك بن مروان تعريب الدواوين، وحظر استخدام أي لغات غير العربية في التعامل الحكومي في الدولة الإسلامية، بما فيها مصر، لكن اللغة القبطية استمرت في الاستخدام في بعض المدن لفترة.
وعلى الرغم من تعلم المصريين للغة العربية، بقي تأثير اللغة القبطية واضحاً في بنية الجمل والمفردات اللغوية، وهنا نشأت العامية المصرية كلغة عربية جديدة، حيث انتشرت بين المصريين على مدى 3 قرون تقريبًا، حتى حوالي سنة 1000م.
وبعد ذلك، انحسر استخدام اللغة القبطية للأغراض الدينية فقط، واندثرت تدريجياً، مع الملاحظة أن العامية المصرية استمدت الكثير من المفردات من اللغة القبطية، كما حافظت على بنية الجمل وتوزيع الكلمات إلى حد كبير.
لغات أجنبية أثَّرت في اللهجة المصرية
يقول الدكتور عبدالوهاب علوب، صاحب معجم (الدخيل في العامية المصرية)، أن اللهجة المصرية خضعت لتأثير 13 لغة أجنبية بنسب مختلفة.
ويضيف الدكتور علوب في حواره مع موقع رصيف 22، أن "30% من الألفاظ الأجنبية في اللهجة المصرية تعود لأصول فارسية".
حيث خضعت مصر لتأثيرات ثقافية كبيرة خلال تاريخها الطويل، وأخذت من لهجات المستعمرين وأعطتهم من لهجتها، كما أن اللهجة المصرية وفق ما يذكر علوب، تستبدل مؤخراً التأثيرات الفرنسية بالتأثيرات الإنجليزية الأمريكية.
كما نلاحظ في كلمة (كراج) التي استبدلت لتصبح (باركينج)، أو كلمة (ماكياج) التي استبدلت بكلمة (ميك آب) الأمريكية.